ليبيا.. الأخطاء المميتة واغتيال الشرعية

ليبيا.. الأخطاء المميتة واغتيال الشرعية

ست سنوات اعتدت وانتهت تحررت فيها ليبيا على ورق رسمي أمضاه تلة من السياسيين الجدد معتقدين بذلك إنقاذ الوطن من براثن القذافي وأزلامه.. وهيهات أن يكون ذلك كذلك.. ست سنوات تورطت فيها ليبيا في أزمة لم يسبق لها مثيل نتيجة أخطاء لا تغتفر وغير مبررة ارتكبها الساسة الجدد بقلة خبرتهم وعنادهم فاغتالوا الشرعية في مهدها وحفروا قبورهم بأيديهم.. ولئن كانت الأخطاء ثلاثة.. العفوية التي منها يتعلم المرء وهي لا شيء عليها بشرط ألا تتكرر.. المتعمدة وهي ممقوتة يجرم ويعاقب صاحبها.. وأخيرا أخطاء أشد خطورة على مرتكبيها وهي القاتلة التي تقضي على فاعلها في الحال..

فبراير.. شهر لن يمحى من ذاكرة ليبيا فقد كتب بأحرف من نور وعُمد بالدم.. عندما كان اَخر وميض للوطنية يحترق على الجبهات كان هناك من يفكر فيما بعد (الغنيمة والسلطة) ارتكب الساسة الليبيون المنتخبون الجدد جملة من الأخطاء المميتة ظلموا بها وطنهم وشعبهم الذي منحهم الثقة وكانت وبالا وشرا طال الجميع..

أول هذه الأخطاء وأشدها حماقة واعمى بصيرة هي إهانة حكم القضاء وهتك شرف العدالة في عقر دارها وأعلى مراتبها وقمة بنيانها (حكم الدائرة الدستورية) ولا يفوتنا التنويه إلى أن الاستخفاف وعدم الامتثال لحكم القضاء يعد جريمة في حق الله والوطن والتاريخ ربما ترقى إلى مستوى الخيانة يعاقب عليها القانون..

ثاني الأخطاء المميتة التي ارتكبها أعضاء المؤتمر ومجلس النواب على حد سواء هي نسيانهم أو تناسيهم كونهم منتخبون لفترة مؤقتة ومحدودة (المرحلة الانتقالية) فنصبوا أنفسهم مشرعا وحكما في نفس الوقت وشرعوا لأنفسهم مالم يشرعوه لغيرهم (الرواتب والمزايا والحصانة.. الخ)

ثالث الأخطاء المحيرة التي لا تغتفر هي الزج بليبيا في سوق السياسة الدولية وتدويل الأزمة الليبية وهذا ما يجعلنا جميعا بضاعة معروضة على المزاد والمزايدات وإطالة أمد الأزمة إلى مالا نهاية حيث كان في الإمكان الوصول إلى تفاهمات بين الأشقاء في الداخل ولكن ذاك لم يكن…!

ونحن إذ نستعرض قليل من كثير من أخطاء تعالج أخطاء نؤكد اغتيال الشرعية في مهدها فلم يعد هناك أي جسم أو مؤسسة تحمل صفة الشرعية سوى البندقية والمدفع.. برلمان منحل بحكم القضاء ومؤتمر منتهي الصلاحية ودستور يعانق السراب وحكومات مولودة ميتة وشعب تائه يحيط به الرعب ويتخطفه الموت من كل مكان.. وإلى أن تضع الحرب أوزارها ربما تولد شرعية جديدة يحسب لها ألف حساب.

وما توفيقنا إلا بالله

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً