إعلامنا: إذا خاصم فجر

إعلامنا: إذا خاصم فجر

الإعلام رسالة تثقيفية نبيلة هكذا هي. فهل إعلامنا اليوم يقوم بهذه الرسالة؟ هل همّ إعلامنا ومالكيه هو تثقيف الناس والرفع من مستواهم الثقافي والمعرفي؟ لا شك أننا مررنا ونمر اليوم بمرحلة عصيبة منحذرة في الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فهل إعلامنا مواكب لما نحن فيه من هموم الجوانب الثلاثة أم أنه يغرّد خارج سرب ما نعاني كما كان يغرد من قبل؟ هل إعلامنا يغرد لمن يصنعه دون قيم ودون النظر لرسالته السامية؟ هل يعي المسئولين والعاملين في الإعلام مسئولياتهم ورسالتهم؟ هل يعي هؤلاء أنهم نافدة للمجتمع وعليه، لدينه وأخلاقه وقيمه؟ هل يدعوا إعلامنا إلى التسامح والتقريب أم إلى الكره والحقد والتبعيد؟ هل نحن منفتحون ومستعدون لتشخيص واقعنا الإعلامي والإقرار بمستواه الهزيل الغريب..؟!

ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن من آيات المنافق إذا حدّث كذب وإذا خاصم فجر، أيقوم إعلامنا اليوم بنشر الكذب والفجور؟ أهذه هي رسالة إعلامنا التي يقوم بها اليوم؟ المتابع لإداعاتنا خاصة المرئية منها يرى تقريبا ذلك بوضوح في أغلب الإداعات!!! يبدوا أن المسئولين عن هذه الإداعات يفتقدون إلى كثير من القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية. فهم إما أنهم يقومون بذلك عن تعمّد وإصرار لإفساد العباد والبلاد في عمالة أو عدم وعي وقلة فهم لا تخفى على صبيّ ناهيك عن عاقل أبيّ، وإما لمعاناتهم من عقد في تكوين شخصياتهم من النواحي الاجتماعية والأخلاقية والعقلية، أو لارتباطهم الأعمى بأنظمة سياسية هزيلة هشة لا قيم لها؟

إن ما يقوم به الإعلام اليوم من توجيه رسائل بعينها وحشد الجماهير لفكرة واتجاه معين نتيجة سيطرة قوى سياسية أو ماليه دون مراعات للرسالة الأساسية للإعلام ولا لقيم المجتمع ولا لمصلحة الوطن والمواطن ينتج عنه عدم المبالاة عند المواطن وانهيار الأخلاق والانقسام داخل المجتمع وهذا هو الإعلام المضلل. إن ما نعانيه من أزمات في ليبيا خاصة وغيرها من الدول العربية وما تقوم به قنواتنا لا يتوافق أبدا مع ما نعاني فأنت ترى في كثير من القنوات خطاب الكراهية ضد مدينة أو منطقة أو فئة بعينها مما يزيد من الاحتقان والتفرق والبغضاء بين الناس!! ومنهم من يمجّد شخص بعينه فيزوّر الحقائق من أجله ولا يبالي بأي عمل يقوم به!! ومنهم من يتغنى بأشياء ليس لها وجود ليوهم الناس ويحيدهم عن الحقائق الدامغة!! والأمثلة على ذلك كثيرة في مجتمعاتنا لمن ألقى السمع، فإلى أين وإلى متى؟

نرى اليوم قنوات وأقلام تعمل على إذكاء الفتن وترويج الإشاعات وقلب الحقائق وامتهان الكذب والتلفيق عوضا عن وقوفها مع المجتمع لتعبُر به نحو التنمية والرقي!؟ إن ما نراه في وسائل إعلامنا من تخلف وجهل وانحدار بل وانحطاط في نوعية الأفكار وطرحها ويشمل ذلك الإعلاميين وأصحاب القنوات التي لا تكاد تُحصى من رؤوس الأموال والسياسيين لمدعاة لمراجعة ما يقدمونه والتفكير بجدية في تأثيره السلبي الغير محدود على انحراف الناس فكرا وسلوكا، فافعلوا ما شئتم إنكم ملاقوه وافعلوا خيرا تجدوه. فمتى يرتقي ويفهم الإعلاميون والمالكين لوسائل الإعلام معنى الأخوة فيشتغلوا لتحقيق أهدافهم في إطارها؟

فالإعلام يجب أن يكون عاملا مهما لرص صفوف أبناء الوطن وتقاربهم ومواخاتهم وعرض قضايا المجتمع الهامة بكل صدق وأمانة ومحاربة الفساد والانحراف والابتعاد عن التأثير السلبي والانحياز لطرف معين. فمتى وإلى متى؟! يا من له علاقة بالإعلام يقول أبو العتاهية:

خالِف هواكَ إذا دعاك لريبةٍ … فلرُبَّ خيرٍ في مخالفةِ الهوىْ

[su_note note_color=”#ecebc8″ text_color=”#000000″]هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

نوري الرزيقي

كاتب ليبي

اترك تعليقاً