القصة الكاملة لما حدث في بنغازي من تمثيل وتنكيل بالجثث

كانت صورا ومشاهد صادمة لا يقبلها عقل ولا منطق، تجردت من كل قيم احترام آدمية الإنسان، إعدام لنساء وإلقاء لجثثهن، وقبل ذلك ضربهن وإهانتهن وتمثيل بالجثث وتنكيل بها مروع بعد نبش قبورها التي كانت فيها والتجول بهذه الجثث في سيارات جابت الشوارع في مشهد مرعب بكل المقاييس، مشهد لم تشهده ليبيا من قبل، ولأول مرة يحدث في تاريخها القديم والمعاصر.

كان هذا هو المشهد في بنغازي يوم السبت الثامن عشر من مارس، حيث دخل مسلحو قوات خليفة حفتر إلى منطقة قنفودة غرب بنغازي حيث كان يتحصن مقاتلو مجلس شورى ثوار بنغازي في آخر مواقعهم مع مدنيين عالقين، ونبشوا القبور التي وجدوها داخل المنطقة وأخرجوا الجثث ومثلوا بها بشكل سادي مخيف يلقي الرعب في قلوب من يشاهدون هذه الأفعال من بسطاء الناس والعوام في بنغازي خصوصاً.

ولعل أبرز حادثة شهدتها بنغازي يوم أمس السبت هو نبش قبر جثة القائد العسكري البارز بمجلس الثوار “جلال المخزوم” الذي دفن منذ حوالي سبعة أيام بعد وفاته متأثرا بجراحه، ووضعت جثته على سيارة وتجول بها مسلحو قوات حفتر في بنغازي وسط حالة من هستيريا الفرح وإطلاق الرصاص والصراخ، وكان مسلحو قوات حفتر يضربون الجثة ويبصقون عليها ويسبونها ويشتمونها، وبعد أن تجولوا بها في أرجاء واسعة من بنغازي جلبوها إلى معسكر إحدى كتائب قوات حفتر وهي كتيبة القوات الخاصة المعروفة باسم “كتيبة الصاعقة” وشنقوا الجثة أمام المعسكر تشفيا في صاحبها الذي قام منذ قرابة الثلاثة أعوام مع قادة عسكريين ومقاتلين بمجلس شورى ثوار بنغازي بإطلاق عملية عسكرية سميت وقتها “ادخلوا عليهم الباب” تمكن فيها مقاتلو المجلس من اقتحام معسكرات لقوات حفتر وهدمها وقتل من واجههم في هذه المعسكرات بالسلاح، وكان جلال مخزوم أحد قادة المجلس البارزين الذين نفذوا وقادوا هذه العملية من بدايتها.

ومن قاد حملة نبش قبر جلال مخزوم والتنقل بالجثة في شوارع بنغازي هو النقيب محمود الورفلي وهو قائد عسكري بارز فيما يعرف بعملية الكرامة حيث يقود إحدى السرايا المقاتلة في كتيبة القوات الخاصة التابعة لقوات حفتر، وعرف بأن لديه ميولا إلى التيار “السلفي المدخلي” الداعم لحفتر بتوفير الغطاء الشرعي لعملياته العسكري.

وليست جثة جلال مخزوم وحده هي التي تعرضت للسحل والتمثيل بها وشنقها بل هناك جثث أخرى أخرجت من قبورها ومُثل بها، لكن الحادثة الأبرز والأهم هي التي تتعلق بجلال باعتبار مكانته العسكرية البارزة في مجلس شورى ثوار بنغازي.

https://www.youtube.com/watch?v=UDO2hILH3po

وقد لقيت حادثة إخراج الجثث من القبور والتمثيل بها استهجانا كبيرا وواسعا على مستوى البلاد، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات التنديد والاستنكار لما حدث، واعتبرت ما حدث همجية مخالفة للشريعة الإسلامية ولا تليق بالمسلمين وتضرب بعرض الحائط كل معايير حقوق الإنسان.

دخول مسلحي قوات خليفة حفتر إلى منطقة قنفودة جاء بعد عملية الإخلاء السريعة والخروج الجماعي لمقاتلي المجلس ومن معهم من العائلات العالقة داخل العمارات السكنية المعروفة باسم “عمارات الـ12” في قنفودة التي كانوا محاصرين فيها إلى محاور القتال التي يسيطر عليها مقاتلون آخرون تابعون لمجلس الثوار في منطقتي الصابري وسوق الحوت شمال المدينة.

وتؤكد المصادر أن مقاتلي المجلس خرجوا في سيارات عسكرية متهالكة متجهين إلى منطقتي سوق الحوت والصابري شمال بنغازي حيث معاقل مجلس الثوار وفي مجموعات متفرقة بينها قادة عسكريون وميدانيون بارزون سلكت كل منها طريقا، فمنها من قبضت عليهم قوات حفتر، وقتلتهم، ومنهم من وصل إلى الصابري وسوق الحوت، ومنهم من مازال مصيره مجهولا حتى اللحظة، ومنهم مجموعة كان معها مدنيون دخلت في اشتباكات مع قوات حفتر في إحدى مناطق غرب بنغازي، حيث أسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل أكثر من أربعة وعشرين من مقاتلي مجلس الثوار دفاعا عن أنفسهم وعن العائلات التي كانت بصحبتهم.

وقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر عدة جثث لمقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي ملقاة داخل موقف للسيارات أمام ثلاجة الموتى بمركز بنغازي الطبي، وكان من بين الجثث جثة امرأة وفتاة صغيرة، في حين أكدت المصادر أن عائلة كاملة متكونة من الزوج (وهو مقاتل بمجلس الثوار) وابنته وزوجته الحبلى لقوا مصرعهم في المواجهات المسلحة قبل أن تنقل جثثهم إلى مركز بنغازي الطبي.

https://www.youtube.com/watch?v=cR6kmJrH6LY

كما أظهر أحد مقاطع الفيديو فتاتين شقيقتين كانتا من ضمن الأسر التي كانت عالقة داخل قنفودة، ظهرتا داخل إحدى السيارات وأحد مسلحي قوات حفتر يتحدث معهما وقد ظهرت على وجهيهما معالم الخوف والوجل الشديدين.

وكذلك أظهر أحد مقاطع الفيديو جثثا محترقة داخل إحدى العمارات السكنية التي كان يتحصن فيها مقاتلو مجلس شورى ثوار بنغازي، ولا يعلم سبب حرق هذه الجثث على وجه التحديد.

وأظهرت إحدى الصور ثلاثة من مسلحي قوات حفتر وهم يحيطون بأحد معتقلي مجلس الثوار ممن خرجوا من قنفودة، وأحد هؤلاء المسلحين يشير إلى الكاميرا التي صورتهم أنه سيذبح هذا المعتقل.

وأكدت مصادر محلية من بنغازي أن مسلحي قوات حفتر أسروا أحد مقاتلي المجلس في أحد المناطق غرب بنغازي واسمه ناصر الفيتوري حيث كان مع أسرته المتكونة من زوجته وثلاث من بناته وقد قتلتهم قوات حفتر، في حين بقيت ابنة رابعة من بنات هذه العائلة معتقلة لدى قوات حفتر وعمرها ست سنوات.

وإلى جانب آخر نشرت على مواقع التواصل صور ثابتة للأماكن التي كان يعيش فيها مقاتلو مجلس الثوار مع العائلات العالقة داخل غرفة غير مكتملة البناء بمشروع عمارات الـ12 السكني بقنفودة، حيث كانوا يتعرضون في كل ساعات اليوم تقريبا للقصف المدفعي والجوي من طائرات حربية وأخرى بدون طيار، حيث تبين الصور مأساوية الوضع الإنساني الذي كانت تعيشه العائلات.

  

غرفة العمليات العسكرية لما يعرف بعملية الكرامة في بنغازي أعلنت عما وصفته “تحرير قنفودة” رغم أن مقاتلي مجلس شورى الثوار انسحبوا منها من غير قتال في غفلة من قوات حفتر الذين كانوا يحاصرونها، وبذلك تكون العمليات العسكرية قد توقفت تماما في غرب بنغازي بعد اشتداد وطأتها في العام الماضي وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وخصوصا الضربات الجوية التي كانت تنفذها طائرات حربية مسنودة بطائرات أخرى من دون طيار، قال مجلس شورى ثوار بنغازي في عدد من بياناته إنها “طائرات مصرية وإماراتية” حيث إنه من المعروف أن هاتين الدولتين تقدمان الدعم والمشورة العسكرية لخليفة حفتر وقواته.

ردود الأفعال الرسمية مما حدث في بنغازي من نبش القبور والتمثيل بالجثث والتنكيل بها

موقف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني:

أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ومقره بالعاصمة طرابلس بيانا دعا فيه أعيان قبائل شرق ليبيا والشخصيات السياسية والنشطاء، ووسائل الإعلام ومسؤولي المؤسسات العسكرية والأمنية، إلى استنكار قام به من نسبوا أنفسهم للجيش الليبي في مدينة بنغازي شرق ليبيا، من نبش للقبور وتمثيل بالجثث، ومطالبا بتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم.

وأكد رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج في كلمة متلفزة قائلا إن المؤسسة العسكرية الموحدة لن تكون إلا تحت قيادة مدنية، وأن عهد الدكتاتورية وحكم الفرد قد ولى.

المجلس الأعلى للدولة الذي يرأسه السيد عبد الرحمن السويحلي:

أعلن المجلس الأعلى للدولة ومقره العاصمة الليبية طرابلس أنه بصدد مخاطبة محكمة الجنايات الدولية ومجلس الأمن وبعثة الأمم المتحدة وكذلك اللجنة الرباعية المتمثلة في الجامعة العربية والاتحادين الأوروبي والأفريقي وبعثة الأمم المتحدة لدعم في ليبيا وذلك لفتح تحقيق فيما وصفها بالجرائم التي ارتكبت خلال الأربعة وعشرون ساعة الماضية والتي تمثلت في نبش قبور من قبل قوات عملية الكرامة لمقاتلين وقياديين ينتمون لمجلس شورى بنغازي والتمثيل بجثثهم.

وفي بيان أصدره المجلس أدان أيضا الانتهاكات والاعتقالات التي تعرض لها المئات من أبناء منطقة الهلال النفطي من قبل قوات عملية الكرامة، كما أكد المجلس على ضرورة إخراج منطقة الهلال النفطي من دائرة الصراع السياسي على اعتبار انها تمثل قوت الليبيين وأنه لا يمكن ضمان استقرارها الا بعودتها تحت السلطة الشرعية لحكومة الوفاق الوطني، أيضا طالب المجلس الرئاسي بتفعيل مؤسستي الجيش والشرطة وتعيين قياداتها وتوفير احتياجاتها لبسط الأمن في البلاد.

 

موقف وزارة الدفاع بحكومة الوفاق الوطني وهي الوزارة التي يتولاها العقيد المهدي البرغثي:

وزير الدفاع بحكومة الوفاق الوطني أعلن في كلمة متلفزة أن ما حدث من انتهاكات إنسانية في بنغازي هو شيء “يندى له جبين البشرية” وما هو إلا “نتيجة للحكم العسكري البغيض”.

وقال إن المؤسسة العسكرية لا يمكن اختزالها في شخص “المدعو خليفة حفتر” بحسب قوله، وأن “العودة لحكم العسكر سيكون أول نتاجها الوخيمة من ظلم وذل هو الضابط والجندي قبل المواطن”.

وذكر البيان أن “وزارة الدفاع لا يمكن أن ترضى بان يقود المؤسسة العسكرية أسير حرب مهزوم قاد البلاد إلى فوضى وانقسام ومآس”.

الموقف الشعبي ممثلة في مظاهرة حاشدة خرجت في طرابلس يوم الأحد:

ندد العشرات من الليبيين في العاصمة الليبية طرابلس بما وصفوها “الأفعال الإجرامية وانتهاكات حقوق الإنسان” التي قالوا إن قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر تمارسها في بنغازي في حق مقاتلي مجلس شورى ثوار المدينة، ودعوا إلى ضرورة تقديم القادة العسكريين لعملية الكرامة للمحاكمات.

واستنكر العشرات في مظاهرة نظموها في ميدان الشهداء ما نفذته قوات حفتر في بنغازي من نبش قبور مقاتلي وقادة مجلس ثوار بنغازي العسكريين والتمثيل بجثثهم والتنكيل بها. مطالبين بتقديم من نفذوا هذه الممارسات إلى العدالة.

  

وأعلن المتظاهرون -في شعارات رددوها- عن رفضهم لعملية الكرامة العسكرية التي يقودها خليفة حفتر حيث وصفوها بأنها “قسمت الليبيين وزرعت بينهم الكراهية”.

مواقف كتائب الثوار المسلحة وخصوصا في طرابلس ومصراتة:

ثمة احتقان كبير وتأهب عند هذه الكتائب للدخول في حرب ضد قوات حفتر وخصوصا بعد ما ارتكبه مسلحو هذه القوات من نبش للقبور وتمثيل بالجثث وتنكيل بها، وكذلك بعد أعلن مؤيدو خليفة حفتر عن أنفسهم داخل العاصمة بخروجهم يوم الجمعة الماضية في مظاهرة تجمع فيها العشرات منهم حيث طالبوا خليفة حفتر باستلام زمام أمور البلاد بعد أن يسحق أعداءه ومناوئيه من المليشيات الحاكمة في طرابلس. بحسب قولهم.

اقترح تصحيحاً

التعليقات: 3

  • ميلاد

    هده …أفعال القوات المسلحة العربية الليبية يا ساده يامن تنادون بحفتر وعصابته انطرو مايفعلون في البشر من تنكيل وتمثيل حتى في إسرائيل لم يحدت هدا أين البرلمان المزعوم وأين رئيسه المشؤم ورئيس الحكومة المركون حتى ادنة لايقولون إلى ابن انتم تداهنون أيها الأوغاد لعنة الله عليكم اجمعين ورحمة الله على الشهداء أجمعين .

  • الصنديد حفتر

    القتل هو شريعة الحروب يا أغبياء .. هل تريدون منهم أن يبوسوا راس مخزوم مثلا؟
    عندما دخل مخزوم وعصابته على العسكريين النائمين في معسكر بوعطني ماذا فعلوا بهم في فجر ذلك العيد عام 2014؟ هل أعطوهم ورود وحلوى؟ بل قتلوهم عن بكرة أبيهم ومثلوا بجثثهم والفيديو موجود
    هذا جزاء يسير جدا مقابل ماينتظر هذا المجرم مخزوم من رب العالمين بسبب مافعلوه في أهل بنغازي لمدة 3 سنوات منهن عام ونصف إغتيالات في الشوارع وعام ونصف قذائف هاون ومفخخات وخطف وذبح ومقابر جماعية
    الإخوان المفلسين لا يروا إلا بعين واحدة ونحن لا تهمنا هذه العين العورة .. نحن يهمنا أننا إنتصرنا على الإرهاب وهزمناه في بنغازي وسنهزمه في ليبيا كلها فقط إنتظروا وسترون

  • محمد بادله

    لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على هؤلاء الشردمة الضالة المضلة كلاب النار ورفاق الدواعش فى السر هءلاء الجبناء إن كانوا رجالا حقا فعليهم قتال عدوهم الحقيقى وليس الأطفال والنساء هؤلاء دمائهم حلالة وعلى كل ليبي أن يبحث عنهم ويقتلهم اين ماكانوا وتعتبر شهيدا اذا قتلوه فتعالوا الى الشهادة بقتال جيش الكرامة تدخلوا الجنة

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً