صراع القوي السياسية في ليبيا ومن الضحية… الشعب او ليبيا

صراع القوي السياسية في ليبيا ومن الضحية… الشعب او ليبيا

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

الصراع بين النخب والكتل السياسية بداء مبكرا في ليبيا دون ان يكون هنالك فعلا احزاب تحمل ايدولوجيات ورؤي وافكار. كان هنالك افراد تسارعوا لاستحداث احزاب وتكتلات تحمل فكرة اشخاص معينين فقط.  نتج عن هذا الصراع  استبعاد الخبرات والكفاءات الجيدة واحد بعد الاخر مند انتهاء الانتخابات 7/7/2012 واستحواذ التيارات الاسلامية علي المؤتمر الوطني واستغلال عاطفة الشعب الليبي باستعمال الدين كوسيله لأبعاد القوي الوطنية الأخرى ووصفهم بالعلمانيين.. اتضح فيما بعد ان هذه التيارات الاسلامية بأنها اخطأت اخطاء كبيرة ادت الي نقمة الشارع الليبي عليهم والان الشعب بداء ينقم علي تحالف القوي الوطنية نتيجة بعده عن الاشتراك في أي حكومة حسب تصريحات رئيسه .  هنالك وجوه جديدة من بدأوا  يطلون علي الشعب الليبي  ومن خلال القنوات الفضائية واصبح كل شخص يطل اكثر لديه حظوظ اكثر في الدفع باسمه الي تولي منصب حكومي. بعضهم يفتقر للخبرة السياسية والقيادية وبعض الاحيان النزاهة والوطنية. هذا نتيجة غياب الاحزاب او الكيانات والتي تطرح برامجها ومن سينفدها وكذلك عملية استنفاذ للشخصيات القيادية ايام حكومة الكيب.

لمصلحة من هذا الصراع السياسي بين الافراد وبين الاحزاب ومن ورائه. دخول أي معركة انتخابية لا يمكن ان يتم بدون الدخول في صراع بين المعارضة والفئة المنتصرة. الفئة المنتصرة هي من يستلم الحكم والفئة الخاسرة تذهب وتبدا في مشوار المعارضة. في ليبيا ليس لدينا الكفاءات الكثيرة لقيادة المرحلة القادمة وكثيرا منهم تسرع ودخل دهاليز المؤتمر الوطني العام واتضح ان دورهم تشريعي غير مفيد كثير لتسير هذه البلاد. تحامقوا وتحالفوا وتناصروا من اجل اسقاط افراد ومنعوهم من الوصول لرئاسة المؤتمر والاجدر ان هذه الكفاءات ستؤدي مهمتها احسن ما هو موجود الان. استبعاد الكفاءات كان مصدر احباط كبير للشعب والذي كان يتوقع وصول هذه القوي الوطنية لقيادتهم الي الطريق الصح. تكرر المشهد عند اختيار رئيس الحكومة وفشل رئيس الحكومة مرتين في تكوين حكومته واستبعد من رئاسة الوزراء واحترق معه احسن واكفاء الخبرات الموجودة بليبيا. ماذا بقي في ليبيا وماذا سيفعل المؤثر الوطني بأن اتفق علي ان تكون شخصية رئيس الوزراء الجديد من المستقلين غير الحزبيين ومشهود لهم بالوطنية والنزاهة. من تقدم لهذا المنصب: اشخاص مؤسسي احزاب او اعضاء بالمؤتمر الوطني وهم خبرات وكفاءات ولكن تنقصهم الخبرة السياسية والقيادية ما عدا د علي زيدان.

 لقد تم حرق كل الكفاءات وبروز فكرة ليبيون الداخل والخارج اخد حيز كبير من هذا .  لقد تم تسويق هذه الورقة كثيرا واستغلها الاعلام وبعض المتعصبين ضد من هم ليبيون وليبيات مقيمين بالخارج ايامات المقبور وكل له سبب ولكن كفاءتهم العلمية ونضجهم السياسي والثقافي متميز اسوة بمن هم بالداخل. اعطيت فرصة لهؤلاء ولكن لم يكونوا في المستوي المطلوب لعدة اسباب وليسوا هم السباب لأن كل المؤشرات ضدهم والواقع ليس في صالحهم وكان قبولهم بهذه المناصب في هذا الوقت كان غير محتسب ولكن لا خيار لهم لأنه لم يتقدم احد لشغل هذه المناصب وكذلك وجود خبرات قليلة يمكن ان تسد هذا الفراغ السياسي الكبير في ليبيا اثناء الثورة وبعد الثورة. حان الوقت للقوي الوطنية من داخل ليبيا ان تبرز نفسها وتقود المرحلة القادمة وتستعين بمن هم في الخارج ومن عادوا الي ليبيا. لكن لا اراء ان الكثير من الليبيين والليبيات بالخارج لديهم النية في الرجوع الان او التقدم للمناصب السيادية نتيجة الهجمة الشرسة من بعض النفوس الضعيفة والتي تريد ان تستعمل نفس اسلوب المقبور بأبعادهم عن ليبيا ولكن هذا لن يحدث الا اذا تأخر الليبيين والليبيات بالخارج في الرجوع والمساهمة في النهوض بليبيا والخروج بها من هذا المستنقع والذي صار خطيرا هذه الايام.

ان متأكد بأن الاستاذ علي زيدان هو الانسب لهذه المرحلة وهو سيختار رجال المرحلة القادمة بكل كفاءة ولن يفرض عليه احد أيديولوجياته. لا بأس من المحاصصة والكفاءة اذا وجدت هاتين ولكن لا نجعلها محاصصة بدون كفاءة. الكفاءة السياسية والقيادية والشجاعة في اصدار القرار الصح والذي سيعود بالمنفعة علي كل ليبيا هي من اهم ان يتوصف بها الرئيس ووزرائه. الكفاءة في اختيار الفريق مهم جدا وعدم فرضه علي رئيس الوزراء كما قال د مصطفي ابوشاقور بان الكثيرون حاولوا فرض اسماء عليه وطلب 11 وزارة من العدالة والبناء و9 وزارات من قبل قوى التحالف الوطنية، يوضح مدي الصراع علي الكراسي في ضل انه من المفروض ان تكون هنالك حكومة توافقية مبنية علي الكفاءة والخبرة. فعلا ابوشاقور سجل سابقة ومدخل للديموقراطية الحقيقية ويشكر علي هذا. لا باس في ان تكون هنالك محاصصة اذا توفرت الخبرة والكفاءة، لا نه سيحافظ علي اللحمة الوطنية ووحدة ليبيا وكذلك علي النسيج الاجتماعي داخل ليبيا.

كل هذه الصرعات كان ضحيتها الشعب الليبي وليبيا. الشعب عانا ومازال يعاني ويريد ان يعيش في امن واستقرار وكرامة فقط لا غير. الشعب لم تحترم ارادته عندما صوت للقوي الوطنية ومن يمثلونه في المؤتمر الوطني تأمروا عليه وانتخبوا رئيس حكومة وبعد ذلك سحبوا منه الثقة وتركوا البلاد في فراغ سياسي خطير. لقد اصدر المؤتمر قرارات ربما بعضها جيد ولكن بعضها خطير علي وحدة ليبيا. رئيس المؤتمر يترك البلاد وهي في اشد الظروف ويشد الرحال الي امريكا ولمدة اسبوع تاركا اول رئيس وزراء منتخب في وجه المدفع مع قوي تبحت عن السلطة.  كل هذا ولع صراع قوي بين القوي المتصارعة علي السلطة والمتعطشة للكراسي ومعظمهم حرموا من هذا ولمدة 42سنة. من الضحية الشعب والذي صابته خيبت امل كبيرة في حزبي العدالة والبناء وتحالف القوي الوطنية.

ليبيا تعاني من هذا الصراع والذي بداء يظهر واضح وجلي من خلال تصريحات المسؤولين الاجانب والصحف وتدمر الشارع الليبي. عجلة الحياة متوقفة والمليشيات تسيطر علي البلاد وتتوعد وتخطف في كل من يقول ضدها كلمة حق. ليبيا تعاني من عدم الاستقرار وغياب الامن والامان بها في هذه الايام. عزوف الشركات الاجنبية وعزوف الخبرات في التوجه الي ليبيا واستكمال المشاريع ومساعدة الليبيين في تسير وقضاء حاجتهم اليومية. المدارس بدأت متأخرة شهر تقريبا لعدة اسباب ومازالت غير مستقرة. الصحة وبصفة عامة في أسوء الاحوال واتجاه المرضي للعلاج بالخارج يزداد يوم بعد يوم ويزداد نزيف اهدار الاموال. لا توجد خطط ولا توجد أي اولويات. كل هذا نتيجة هذا الصراع والان ثلاث اشهر وكل شيء واقف والكل مازال يتصارع ومن سيصل الي رئاسة الحكومة. كل يوم نتأخر فيه عن صد هذا الصراع سيجنبنا الكثير وستتمرد مناطق واقليات علي الدولة الليبية. ليبيا كانت تسمي دولة مارقة وثورة 17 فبراير ازالة هذا الاسم ولا نريده ان يرجع مرة اخري. حتما سيرجع اذا تأخرنا كثيرا في الاتفاق علي شخصية سياسية قوية لها روح القيادة وان نبتعد عن الاحقاد الشخصية والتشبث بالراي وان نتحاور من اجل ليبيا فقط.

من ضحوا بكل ما لديهم من اجل انجاح هذه الثورة اصبحوا يصنفون بلجنة النزاهة علي انهم مشكوك فيهم وبأنهم مبعدين عن أي منصب سياسي او سيادي في ليبيا. لجنة النزاهة والتي تنظر للماضي قبل ان تحكم على الحاضر. كذلك المؤشرات تقول بأن معظم الكفاءات الليبية اشتغلت مع النظام السابق حسب وكل  واحد كان في ادارته. عندما قامت الثورة هبوا وانشقوا علي النظام ولو ان الثورة لم تنجح من الممكن كان مصيرهم الاعدام او الخروج من ليبيا الى الابد. لقد نجحت هذه الثورة بفعل الله ثم ثوارها ووقوف العالم معهم وخاصة بعض الدول الصديقة. نأتي اليوم ونقول للدباشي انه اشتغل مع النظام وان النزاهة لم توافق. نستطيع ان نقول هذا للشيخ مصطفي والي غوقه والي النعمى والذي يدرس الفكر السياسي في ليبيا وكان هنالك فكر واحد. نقول هذا الي علي زيدان والذي فتح ابواب اوروبا امام المجلس الانتقالي لكي يعترفوا بنا. كما نقول للكثيرين بأنهم كانوا مع النظام ولولاهم لما نجحت هذه الثورة ووقوفهم مع هذه الثورة وضحوا بكل غالي ورخيص. نحن نبعد في كل الكفاءات نتيجة صرعات وأيديولوجيات واهمة همها الوصول للسلطة. لماذا لا نتوقف عن اتهام بعضنا البعض واعطاء كل دي حقا حقه. لو تبت علي الدباشي او امثاله من الكفاءات انهم تسببوا في قتل ليبيين او سرقوا المال العام او كانوا يحملون فكر المقبور… هنا يجب ابعادهم عن المشهد السياسي الليبي. الحكم عليهم يتم بتطبيق العدالة الانتقالية ثم نتوجه بعدها للمصالحة الوطنية والتي تحتاج الي 7-10 سنوات للوصول اليها. كلنا ليبيون وليبيات وليبيا تسع للجميع وهي في اخطر المراحل الان وتحتاج الي كفاءات تخرجها من هذا المستنقع. معظم الكفاءات انحرقت ايام التنفيذي وبعدها حكومة الكيب ولم يبقي الا قلة ولو حرقناهم، لن تكون هنالك كفاءات تقود ليبيا الى الافضل. خلال 18 شهر القادمة ستبرز كفاءات جديدة ويجب تدريبها وهي من ستقود ليبيا. القادة يصنعون وصناعتهم تحتاج الي وقت والان لدينا قلة منهم وخاصة في المجال السياسي. نسأل الله ان يحفظ ليبيا من كل مكروه وان يوفق اعضاء المؤتمر الوطني في اختيار الشخصية المناسبة والتي ستقود المرحلة القادمة وبفريق جيد.

ليبيا ستبقي حرة ولن يبخل عنه اولادها وبناتها بالداخل والخارج ومستقبل ليبيا في يد ابنائها وبناتها وكلنا متفائلين بأن هنالك ضوء في نهاية الممر سنصل اليه جميعا مع بعض ان شاء الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

اترك تعليقاً