أزمة البلدي مصراته.. وضرورة استشارة هيئة الناخبين (الشعب) بالبلدية

أزمة البلدي مصراته.. وضرورة استشارة هيئة الناخبين (الشعب) بالبلدية

قد تمر المؤسسات العامة المنتخبة في كل دول العالم بأزمات كثيرة، قد تكون هذه الأزمة بين الحكومة والبرلمان أو بين البرلمان ورئاسة الدولة، وقد تكون بين هيئة الناخبين (الشعب) ورئاسة الدولة أو رئيس الولاية أو رئيس وأعضاء المجلس البلدي أو المحافظة.

وهذه الحالة الأخيرة هي مناط حديثنا، حيث خرجت أغلبية من هيئة الناخبين في مصراته مطالبة المجلس البلدي بالنتحي والاستقالة وذلك لخروجه عن الغايات التي انتخب لأجلها وتركه شؤون المدينة والاشتغال بالسياسة وأمور خارج اختصاصه، متمسكين بالحالة الثانية التي نصت المادة عليه (48) من القانون رقم 59 لسنة 2012 بشأن نظام الإدارة المحلية على أنه تسقط العضوية بالمجلس في إحدى الحالتين التاليتين:

الأولى: فقد شرط من شروط العضوية المنصوص عليها في القانون وهذه اللائحة.

والثانية: إخلاله بواجبات العضوية أو مقتضياتها.

فقامت هذه الأغلبية بإقفال الطرق وسيطرت على كافة المؤسسات السيادية في البلدية كالإذاعة المرئية والمسموعة ومبنى البلدية والطريق الذي يؤدي إلى مقر البلدية نفسها، وفي المقابل دافع المجلس البلدي عن نفسه وطالب الجميع بالتمسك بالخيار الديمقراطي ومؤسسات الدولة المنتخبة والحفاظ عليها والتمسك بشرعيته …

وفي واقع الحال فأن المجالس البلدية ملزمة وفقا للقانون رقم 59 لسنة 2012 بشأن نظام الإدارة المحلية بالنظر وجوبا في مطالب أي متظاهرين أو معتصمين حيث نصت المادة (20) ” ينظر المجلس، وجوبا، في مطالب المظاهرات، والاعتصامات، وعرائض منظمات المجتمع المدني التي تحيلها البلديات، مع توصيات مجالسها البلدية بشأنها ويتخذ التوصيات اللازمة بالخصوص “.

ولنتأمل كيف يتم الخروج من هذه الأزمة بأقل خسائر وبشكل يحفظ النظام الديمقراطي ويحافظ على مؤسسات الدولة المنتخبة وذلك باستحضار حالات من الأمثلة المقارنة بالقياس عليها، ولو أخذنا أزمة مشابهة في أكثر الديمقراطيات استقرارا في العالم وهي بريطانيا.. حيث لا يوجد مؤسسة منتخبة وشرعية كمجلس العموم البريطاني وهو السلطة التشريعية حيث يتم حل هذا المجلس بغية استطلاع رأي هيئة الناخبين (الشعب) في بعض الأمور العامة، ويفسر فقهاء القانون العام في انجلترا اللجوء إلى حل مؤسسة منتخبة بغية استطلاع رأي الشعب بفكرة الوكالة التي استعارها فقهاء القانون العام من فقه القانون الخاص، والتي تقضي بأن أعضاء المؤسسات المنتخبة يعدون وكلاء عن الأمة (البلدية)، الأمر الذي يفرض عليهم الالتزام بحدود تلك الوكالة، وذلك باحترام إرادة الشعب والامتثال دائما لتوجهاته ورغباته. فإن فقدت تلك المؤسسة المنتخبة القدرة على التمثيل الصحيح لإرادة هذا الشعب، وأصبح متنكرا لرغباته وميوله بوصفه صاحب السيادة، فالأمر يقتضي في هذه الحالة حله لاستطلاع رأي موكله – الشعب – لمعرفة حقيقة موقفه، طالما أصبح وكيله منقطع الصلة به لأي سبب كان، وقد حل مجلس العموم في انجلترا سنة 1886، حينما خسرت حكومة غلادستون ثقة مجلس العموم وذلك بمناسبة مناقشة مشروع قانون يتعلق بالمسألة الإيرلندية، حيث فضلت الحكومة أن تلجأ إلى حل البرلمان على الرغم من أنه لم يتبقى سوى 6 أشهر فقط على انتهاء مدته التشريعية، وأفصحت حكومة غلادستون في خطابها إلى الملكة في 8 يونيو من أن سبب الحل يكمن في استشارة الجهاز الانتخابي في هذه المسألة المصيرية الهامة، ليسري هذا العرف الدستوري ليكون حلا لمعظم الأزمات فيها .

إذا حل أي مؤسسة منتخبة دخلت في أزمة مباشرة مع الشعب أو مع مؤسسة أخرى هو حل سياسي ناجح، وقد جعل قانون نظام الإدارة المحلية في المادة 9 مدة مجالس المحافظات والبلديات أربع سنوات ما لم تحل قبل ذلك.. وهنا يكون حلها ذاتيا أو بقرار من الحكومة هو الأفضل، ليتم الرجوع إلى هيئة الناخبين (الشعب) لتختار من تشاء وتقول كلمتها وتختار حتى أعضاء المجلس البلدي الحالي مجددا، وفي حال تم اعتماد هذا الحل سنقوم بفتح المجال لنشر ثقافة العودة إلى الناخبين (الشعب) واستشارتهم والالتزام برأيهم بدل الالتجاء للقوة أو تقسيم البلدية أو الدخول في نزاعات مسلحة.

[su_note note_color=”#ecebc8″ text_color=”#000000″]هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً