لمحة من عمق القمة العربية

لمحة من عمق القمة العربية

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

لم تخرج القمة العربية (28) المنعقدة في البحر الميت عن مجرد عرض لأهداف سياسية وإبداء لرغبات وتعبير عن مشاعر لكل دولة عربية وليس اتفاق ووضع حلول ومعالجة أوضاع معقدة أصبحت تضرب أمواجها المدمرة كل الدول العربية.

ولم تكن هذه القمة والقمم التي سبقتها الا عادة من العادات السياسية للعرب ولم تكن متطلبا لأحداث مستجدة في المنطقة العربية ولم تكن الحاحا لأوضاع عربية معقدة ولم يكن هذا الحضور لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي الا حضور بحكم العادة فالعادة هي التي أوجبت الحضور وليس الاوضاع العربية والدليل على ذلك ان القمة العربية لم تخرج عن عاداتها القديمة في عرض الأهداف السياسية في حدود الكلمات والبيانات ولم يجري فيها الا ابداء الرغبات بما لم يؤهلوا لتحقيقها ولم تكن فيها ارادة للتغيير الا ارادة التعبير عن المشاعر.

الذي يحترم مقامه الرفيع بما يضخم به شخصه من اصحاب الجلالة واصحاب الفخامة واصحاب السمو واصحاب المعالي عليه ان يكون بقدر مقامه الذي يتلبسه او يلبسونه إياه وعليه ان يقدم فعلا وعملا وتغييرا ومعالجة وليس تعبيرا عن المكنونات ومجرد بيانات وذلك في حقيقته  اهانة ومعرة لمن يبحث عن احترام وتقدير لمقامه فلا أهمية لمقام رفيع ان لم يكن له عملا رفيع وهو يحط من مقامه عندما يجلس مجلسا امام قضايا عربية معقدة متشابكة  لا يصدر نحوها الا التعابير السياسية والبيانات في حين ان مسؤوليته تحتم عليه التغيير المباشر للوقائع والفجائع المتحركة نحو كل دولة عربية ولو بعد حين.

ان تبقى القمم العربية على ما هي عليه مع فرصة جلوس هؤلاء القادة معا هو انتظار للخسارة دون تجنبها، خاصة ان الخسران العربي يمتد تدرجا ليطوي بعد كل مدة زمنية دولة عربية والامر في ذلك ايها العرب واضح فاضح حيث انعقدت القمم العربية عبر سنوات متراخية على ملف محوري وهو قضية فلسطين ثم انعقدت ليدخل فيها ملف العراق ثم انعقدت ليدخل ملف سوريا ثم اليمن ثم ليبيا وما يبدو في المستقبل ان ملفات اخرى لدول عربية ستدخل للقمم العربية اللاحقة حتى ينتهي امر القمة العربية والجامعة العربية وتصبح الدول العربية مجرد ملفات قد تتداول في الامم المتحدة ولن تجد هذه القمم من وجود ان لم تحافظ على وجودها ووجود دولها بأبطال حيوية المخاطر الداهمة لكل دولة عربية  فالدول العربية تتشابه في انظمتها وطبيعتها وما حدث لدول كليبيا وسوريا والعراق واليمن سيحدث لكل الدول العربية الاخرى ثم ان هناك تأثير مباشر بين البلدان العربية فما حدث في تونس من تغيير حدث بعده في مصر ثم حدث في ليبيا ثم حدث في سوريا وكاد ان يحدث في الجزائر والمغرب واليمن لو لم تظهر النتائج الكارثية لهذا التغيير وما حدث في العراق من تغيير لقيادته تأثرت به كل الدول العربية في انتشار القاعدة ثم تنظيم الدولة الاسلامية وانتشاره من العراق الى اغلب الدول العربية والصفحة التي ستعقب انتشار  تنظيم الدولة الاسلامية هي صفحة العصابات المسلحة الشيعية المدعومة والتي ستنتشر من العراق الى الدول العربية كما هو انتشار تنظيم الدولة من العراق الى الدول العربية، ليس من مسؤولية الطبيب ابداء المشاعر للمريض بل من مسؤوليته معالجة المريض .كذلك الامر فليس من مسؤولية القادة ابداء المشاعر في المخاطر بل من مسؤوليتهم مجاهدة هذه المخاطر.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً