المصالحة الوطنية الشاملة المخرج الوحيد لإنقاذ ليبيا من محنتها

المصالحة الوطنية الشاملة المخرج الوحيد لإنقاذ ليبيا من محنتها

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

الآن بعد مضي ست سنوات كاملة وبالنظر الى حقيقة الأوضاع في ليبيا اليوم، لا يمكن لأحد نكران انحراف انتفاضة فبراير التي يسميها البعض ثورة ويسميها البعض الآخر مؤامرة أو نكبة! انحرافها عن المسار الذي كان ظاهرا للعيان في اهدافها وطموحات الشباب المتمثلة في أحداث تغيير نوعي في حياة الليبيين، وبالذات في الجانب الاقتصادي والمعيشي، وكان اقصى الطموح فيما سوى ذلك المطالبة بحق التعبير والصحافة الحرة وكل ما من شأنه دعم حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، وذلك من خلال مرجعية دستورية متفق عليها من الجميع، بما يرسخ الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.

الا انه وبكل أسف لم يحدث ما كان مأمولا، واتجهت الأوضاع الى ما هو أسوأ، حيث انقسم الليبيون على انفسهم بين مؤيد للانتفاضة ومؤيد للحكم القائم، واندلعت شرارة الحرب الاهلية بين الاخوة، فسالت الدماء وازداد الامر تعقيدا وتلبيسا بعد ان تدخل الناتو داعما أساسيا عسكريا، وانطلق يساهم فعليا بالمشاركة الميدانية في ساحات المعارك عن طريق الطيران الحربي المتطور، الذي وجه ضرباته المحكمة لكل المواقع العسكرية الليبية، وتكفل بتدمير شبكات الدفاع الجوي منهيا أي دور لقوة الدفاع الجوي والسلاح الجوي والبحري، ثم استهدف أيضا القوات البرية التي كان يلاحقها ويتتبع تجمعاتها موجها لها الضربات تلو الضربات حتى انهكها وشلّ حركتها تماما، ومنذ ذلك الحين تفسخت عرى النسيج الوطني وبدأت تسود ثقافة الحقد والانتقام بين الليبيين وهو ما زلنا نعانيه حتى الآن.

لقد كان ممكنا الانطلاق في إعادة رتق النسيج الاجتماعي منذ اللحظة التي أعلن فيها عن انتهاء نظام القذافي، لكن الايدي الشريرة العابثة ابت الا ان تذكي الصراع الأهلي، فزادت وتيرة الحقد ودوافع الانتقام من خلال عمليات تقاتل اهلي شملت أغلب المناطق الليبية، وبلغت الأمور ذروتها عندما انقسم الفبرايريون من ذوي الاجندات عن أنفسهم!، فحاربوا بعضهم ولا تزال المعارك قائمة بينهم حتى الآن.  لقد انتج الوضع الليبي بعد فبراير معطيات جديدة فرضت نفسها ، لذلك يستوجب التعامل معها بواقعية، والجدير هو الاعتراف بذلك، والنأي عن عبث الاقصاء والعناد الدافع الى أحقيّة وهميّة بسيطرة هذا الطرف او ذاك! ، علينا ان نعترف ان الشعب الليبي انقسم على نفسه بين مؤيد للنظام السابق ومؤيد لفبراير، وان حجم الطرفين ليس بالسهولة تجاهله او اقصائه كما يتوهم البعض!، فلم يعد ممكنا عودة نظام القذافي بعلمه الاخضر ونشيده فهو قد صار ماضيا وانقضى! ، ولم يعد بمقدور مؤيدي فبراير حكم الشعب الليبي بعلمهم ونشيدهم وان كان مرتبطا بالاستقلال! ، فما حدث من اقتتال اهلي بين الاخوة الاشقاء خلال احداث فبراير وما بعدها ، طمس كل معالم ثورة فبراير وعلمها ونشيدها! ، كما طمس ايضا جماهيرية القذافي العظمى وعلمها ونشيدها!

بعيدا عن سياسة المغالبة والإقصاء وشعورا بالمسئولية الوطنية، لم يعد ممكنا الا القبول بوضع توافقي يشمل كل الليبيين بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، واحتوائهم في مشهد سياسي شامل، يستوعب الجميع دون تمييز من منطلق الشراكة الوطنية والمواطنة، فلا مجال اليوم للتشبث بأي رموز لهذا الطرف او ذاك! فالخطر الداهم الذي يواجه ليبيا اليوم لا يستثني مريدوا علما اخضرا أو مخططا! فهو أكبر من اعتبارات الرمزيّة لقطعة قماش أو نشيد تردده الألسن! انه الخطر القادم من خارج الحدود الدينية والسياسية والوطنية، انه التطرف والغلو والتشدد الذي لا يميز بين غث او سمين انه وحش السماسرة ومستغلي الازمات الذي لا يفرق بين سبتمبري وفبرايري!

انه لا مندوحة امام الليبيين اليوم، الا التصالح الفوري وبدون شروط، فهو الكفيل بإنقاذ ما تبقى من ليبيا، التي تتآكل مطلع كل يوم جديد!، المصالحة هي البلسم الذي يضمّد الجراح، والاكسير الذي يبعث الحياة في جسد انهكته الخطوب حتى قارب عن الاندثار! المصالحة التي تأتي امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى (… والصلح خير … وقوله … فمن عفي وأصلح فأجره على الله)، المصالحة التي تطوي صفحة سوداء قاتمة من تاريخ ليبيا المعاصر، فرضها علينا المتربصون بنا قتلا وتشريدا وتهجيرا، مظلمة كظلام عقولهم الدامس البهيم!

ان المصالحة الوطنية الشاملة أضحت مطلبا مصيريا وواجبا وطنيا ، فما احوجنا اليها لنطوي صفحة هذا الواقع المؤلم، ونفتح صفحة جديدة تبدأ بتغليب مصلحة الوطن العليا، انها المصالحة التي توجب التنازل بشجاعة من كل الأطراف، عن جملة من المظالم التي ارتكبت من هذا الطرف او ذاك، لصالح الالتقاء حول نقاط توافق وطني تجمع ولا تفرق تلم ولا تشتت ، بؤرتها وطن واحد اسمه ليبيا، ليس لدينا من مخرج سوى ان تلتقي القيادات الفاعلة من كل أطياف الليبيين بمختلف مكوناتهم الاجتماعية والسياسية دون تمييز تحت سقف الوطن وفوق بساطه، لتقرر جماعيا العفو العام، وننطلق جميعا نضمّد جراحنا النازفة ونكفكف دموعنا المنسكبة، فكفانا قتلا وتشردا وتهجيرا! كفانا اهدارا لثروتنا ونهبا لخيرات وطننا، كفانا صمتا وسلبية! كفانا فتنة وحقدا وانتقاما! ايها الليبيون لم يبق من الوقت متسعا فسارعوا الى التصالح قبل ان تبكوا على اطلالها!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • جريدة النهار اللبنانية

    لبنان دولة اغلب شعبها غجر وتعيش فيها جالية ارمينية وهي بلد اقتصاده بشكل عام قائم على التسول من دول الخليج وبالنهاية لا يقول كلمة شكرا كما ان قنوات لبنان من تمويل خليجيين الا انهم يشتمون الخليج وبالذات السعودية في اغلب برامجهم كما انها لا تستطيع اقامة مؤتمر اقتصادي بسبب الفقر الذي تعانيه وان قامت بعمل ما فاعرف انه من اموال الخليج كما انها تعاني من ازمة المياه وازمة النفايات التي لم يتخلص منها للان وتعاني من جفاف نهر الليطاني كما ان اغلب اللبنانيون مصابون بالايدز واغلب مباني لبنان ايلة للسقوط ووسيلة التنقل عندهم ليست القطارات ولا السيارات و انما السيرفيس كما ان لبنان تدعي انها اكثر تطورا من المانيا في الطب الا انهم نسوا ما حدث لايلا طنوس حيث بترت اطرافها الاربع بسبب خطا طبي حيث كانت تعاني من الالتهاب كما ان لبنان تعج بالجرائم فالامن غائب هناك والاغتصاب موجود هناك كما انها تعاني من القنابل العنقودية والالغام وتعاني من كثرة حوادث السير بسبب رداءة طرقها وجرائم القتل منتشرة و المخدرات منتشرة في لبنان كما انها هي من دعم الشيعة وسعى لازالة حزب الله من قائمة الارهاب رغم تعرضها للاذى من قبلهم كما ان فلسطين مباعة و ليست محتلة فعندما كانت فلسطين تابعة للدولة العثمانية و كانت الدولة العثمانية تعاني من مشاكل اقتصادية عرضوا عليها مبلغ مالي مقابل فلسطين الا ان السلطان عبدالحميد الثاني قال عبارته الشهيرة انها ليست ملكي بل ملك شعبي و بعد خيانة الغجر و ليس العرب للدولة العثمانية بقيادة الشريف حسين سقطت الدولة العثمانية و اصبح لها حاكمها الخاص الذي قام بدوره ببيع فلسطين بثمن بخس (اللبنانيات و الكويتيات منحلات اخلاقيا )

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً