الحقائق المرجحة لحالات الانتحار في ليبيا

الحقائق المرجحة لحالات الانتحار في ليبيا

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

حالات الانتحار في ليبيا أزداد معدل انتشارها من منتصف سنة 2016 م والى هذه الايام التي تطالعنا في أيامها بحالات انتحار جديدة لتصبح ظاهرة من الظواهر بعد ان كانت حالات متفرقة من بداية عهد فبراير البائس بحكامه التشريعيين والتنفيذيين والذين لا يجيدون الا طرح البؤس من أنفسهم البائسة وهي لا تقتصر على منطقة معينة من ليبيا بل بدأت تفيض من مختلف مناطق ليبيا وقد تناولت هذا الموضوع في مقال (شيء جميل عند الاوغاد) والذي نشر من ثلاثة أشهر تقريبا.

ترجع انتشار حالات الانتحار في ليبيا الى التحول المعيشي الخطير بتحول حياة الليبيين الى حياة لا تشجع على الاستمرار فيها ، حياة تثقلها ضغوط مركبة وانسدادات خانقة وتعقيدات معيشية مرهقة بسبب العبث الذي طال الحياة المعيشية والاجتماعية للشعب الليبي طيلة سنوات فبراير والذي تم تحت إشراف اجسام تنفيذية وتشريعية ، أدى ذلك الى حدوث حالات اكتئاب حادة كان من طبيعة حدتها اللجوء للانتحار واضطرابات نفسية ناتجة عن صدمات مفعلة في الحياة الليبية من بداية فبراير والى الأن والتي تحدث لأبناء الشعب الليبي بسبب الترويع المتكرر من الحروب والتهجير وجرائم الخطف والقتل والسطو والتهديد بالسلاح وغيرها .

أولا: حالات انتحار الاطفال.

لا يدرك الطفل معنى الموت  ولا يستشعره رهبة كما يستشعره البالغ ويلجأ اليه كأسلوب هروب من واقعه السيئ عندما لا يتاح له اي اسلوب حياتي للهروب من واقعه السيئ وحالات انتحار الاطفال في ليبيا تحدث اغلبها نتيجة لضغوط تعليمية وتحول المدارس الى معاقل تعذيب* حقيقية بسبب أساليب العقاب العنيفة والتي انتشرت في عهد فبراير من معلمين ومعلمات بدأ ان اجواء التعاسة المعيشية الجديدة تشحن فيهم العنف نحو الاطفال وخصوصا من اصحاب الشهائد المزورة الذين عينوا حديثا وانعدام اساليب التربية السليمة وسيادة المعاملة الجافة التي يتلقاها الاطفال بسبب ادارات المدارس المعينة بعد فبراير دون معايير وشروط وتطرف الوالدين في توقع تفوق الطفل والطفل يعجز عن الاستجابة لتوقع الوالدين بسبب تدني المستوى التعليمي للمدارس وعجزها عن تحقيق التفوق مما يشعر الطفل بضغط نفسي والتفكك الاسري المتمثل في الشجار الدائم بين الوالدين والطلاق وتعرض الاسر الليبية الى التهجير والفقر الفجائي والتجويع بسبب نقص الاموال وهى متمثلات ازدادت في السنوات الاخيرة من عهد فبراير وحرمان الطفل من حاجاته النفسية والبدنية مثل الترفيه واللعب والتغذية .

ثانيا: حالات انتحار الشباب. 

عندما لا تلبي البيئة المحيطة حاجات الشاب الليبي وعندما يدرك ان أمامه مستقبل مسدود مع تورط اسرته في حرمان طارئ أصبح وجها عام لأغلب الاسر الليبية وعندما يشعر بعجز يقهره عن إنقاذ اسرته من وضع الحرمان فان ذلك يلطمه بالاكتئاب الذي يدفع الى الانتحار مع ما يدفع بعض الشباب الى سلوك الجريمة بالسرقة والسطو والخطف والهجرة غير الشرعية الى أوربا عبر قوارب الموت.

ثالثا: حالات انتحار الفتيات والنساء. 

النفس البشرية اشبه بالمرآة تعكس على صفحتها الباطنية الواقع المحيط فاذا كان هذا الواقع مشوه فان صورة هذه المرآة تتشكل مشوهة في الباطن النفسي في صور اضطرابات نفسية مؤدية الى حالات مرضية نفسية خطيرة كالاكتئاب.

عند الفتيات يتكون اتجاه نفسي (يمكن تسميته اتجاه عاطفي)  أساسي غايته المأمولة هو الزواج وتكوين أسرة وهو اتجاه طبيعي له ارتباطات بدنية غير الارتباطات النفسية  عند الفتيات وعندما يكون الواقع المحيط بالفتيات واقع يسد ويغلق هذا الاتجاه النفسي نحو الزواج وتكوين الاسرة فان الاحباط والاكتئاب يسودهن ويدفعهن للانتحار ومن السدود والإغلاقات في الحالة الليبية هو الحالة المعيشية المستجدة في الحياة الليبية المتمثلة في نقص السيولة والفقر ونضوب المدخرات والحروب مما تعطل الاتجاه النفسي للفتيات نحو الزواج وتكوين الاسر وهي أمور مدركة عند الفتيات تؤدي الى الانتحار  وفي سبيل هذا الاتجاه تختار بعض الفتيات اي شخص حتى ولو كان غير مؤهل للزواج ولتكوين اسرة فيمنع الوالدين هذا الزواج حرصا على مصلحة فتياتهم فيكون ذلك صدمة لهذا الاتجاه الاساسي يؤدي الى الانتحار.

رابعا: انتحار ارباب وربات الأسر. 

تعرضت اغلب الاسر الليبية الى ما يشبه الصدمة النفسية العامة بتعرضها الى حالات من الفقر الفجائي والحرمان الطارئ من ابسط الحاجات الاساسية على غير ما اعتادت الاسر الليبية بتحولها الى فقر فجائي تمثل في تجويع حقيقي لأسر كاملة ولم يكن ليحدث هذا الفقر الفجائي لولا استحواذ الاجسام التنفيذية والتشريعية المتعاقبة والحالية واصحاب المناصب  على ثروات الشعب الليبي عبر معاشات شهرية شاهقة ومزايا هي سفه مالي حقيقي ولم يكن ليحدث لولا مجاملة الحكومات الخاملة المتعاقبة والحالية للعصابات المسلحة في اغلاقها للحقول النفطية والتهريب ومنحها الاموال والمزايا بإهدار مفرط على الحساب العام (والفقر الفجائي الطارئ من اكبر الظواهر المدمرة للإنسان لعدم اعتياده عليه وهي ظاهرة تجعل المواطن في حالة من الاحراج النفسي امام افراد أسرته التي اعتادت على وضع وانتقلت الى وضعا اخر، مما يجعله يشعر بمرارة يخالطها القهر والنبذ لنفسه وقد تنقله الى اقتراف ما هو غير متوقع من افعال أولها الانتحار، فالفقر الطارئ غير الفقر الذي له اصل معيشي لان الانسان قد اعتاد عليه وكيف نفسه وافراد أسرته معه وعرفوا اجتماعيا انهم فقراء من اصلهم بينما الفقر الطارئ لا يستطيع ان يتكيف معه الانسان وسيشعره بالنبذ الاجتماعي لأنه يكون إدراكا عكسيا بعدم القبول الاجتماعي له على غير ما كان في مستوى معيشي مقبول ويكون سلوكا اجتماعيا مضطربا بسبب تغير وضعه المعيشي الطارئ لان القاعدة لأي سلوك اجتماعي هو الوضع المعيشي ومتى تغيرت القاعدة اي الوضع المعيشي يتغير السلوك الى حالة من الاضطراب تتفاعل معها مشاعر النبذ والحرمان).

[su_divider top=”no” size=”1″]

* هذه الحقائق تستند على أسس علمية نابعة من بحوثي ومؤلفاتي ومنها سلسلة كتاب الحقيقة.

* ما بين القوسين، حول الفقر الفجائي هو من مقال لي سابق عنوانه صفحة من صفحات البؤس في ليبيا منشور في أكتوبر 2015 م .

* معاقل تعذيب: أرجو الاطلاع على مقالات:

  1. معاقل تعذيب الاطفال في ليبيا.
  2. لمحات عن تعذيب الاطفال في ليبيا.
  3. تدمير متفحش متوحش للأطفال في ليبيا.

حتى تعلموا من خلالهم حجم الضغط النفسي الذي يتعرض له اطفال ليبيا وهو دافع من دوافع الانتحار.

*الرجاء ذكر اسمي واسم الموقع الناشر عند الاستعانة ونقل هذه المعلومات ومعلومات المقالات السابقة حفظا للحقوق.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 3

  • ابومالك ليبيا السنية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ….سامحني المجتمع في وادي وانت في وادي اخر…. يااخي اﻻماكن التي حدثت فيها اكثر هذه الحاﻻت لم تتاثر بفبراير كثيرا …..الواعز الديني مفقود بين اﻻسر اﻻب واﻻم ﻻيصلون …النت مفتوح على مصرعيه بطون رقيب العﻻقات المشبوهة بين الذكور واﻻناث

  • العابر_2017

    السيد الكريم لقد قسوت فى تعليقات سابقه عليك فسامحني على ذلك هذا ما انتجه بيادق فبراير المشوهه من برلمان وحكومات كرتونيه متعاقبه ليس لهم هم الا مايتقاضونه من مرتبات عاليه وسفريات مدفوعة الاجر وفنادق وطعام وشراب “مطرح مايسري يهري” وامراء حرب لايعرفون معنى الاختيار الا كلمة “داوم” مسلوبي الارادة الا من مطامعهم وهمهم الاوحد المكاسب الشخصيه وشخصيات محسوبه على الدين لحاهم الى اقدامهم وازارهم الى ركبهم وهم لايعرفون من الدين الا كلمة واحدة وهى “حرام” وسماحة الدين منهم براء وكأن النت والاختلاط هو السبب فى هذه الحالات واود هنا ان اذكر بأن كل مايدعون كان متاحا “النت المفتوح على كل شئ والاختلاط بين الجنسين فى المدارس والجامعات ” دون قيود فى النظام السابق ولم نكن نرى هذا البلاء اذا الاحرى بنا اليوم النظر لما استجد علينا من بلاء من جراء القتال الذى لايريد ان ينتهى والغلاء الفاحش والفقر المدقع ولعب سياسيين لايفقهون شيئا مما يدعون وتكالب على المصالح الوضيعه دون الاحساس بالضعفاء اذ نزعت الرحمه من قلوب العباد حتى من يدعي الدين “واستميح عذرا الاتقياء الحققيين” فنرى فتاوى هنا وهناك من تحريم 400 دولار وفتاوى للقتال هنا وهناك وصكوك الجنه يوزعها رجال دين بالجمله ولم نسمع ولو كلمة واحدة بشان الحكم الشرعي لما يحدث من نهب المال العام وتفحش الفجار “التجار” فى الاسعار ومهربي كل شئ الوقود والخضراوات والحديد والسيارات والاغنام وحتى البشر ومرابي المضاربة فى العملات الاجنبيه لم نسمع حكما شرعيا واحدا من رجال يتصدرون الفتوى فما سبق ذكره كل هذا كا سببا فى ما نراة من بلاء هذه الايام .
    نسال الله ان يجنبنا البلاء لكافة الشعب الليبي البسيط وان يهدي العباد الى ما فيه الخير.
    اكرر سامحني على ما بدر مني سابقا وكلنا نحب ان نرى ليبيا حره ابيه وشعب ينعم بالرخاء .

  • محمد علي المبروك

    الى اخي العابر _2017
    لابأس عليك اخي ، الاختلاف وارد لاجل الوطن ولأجل صالح شعبنا ، وتبقى اخي وابن وطني

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً