ليبيا.. انتظار ما لا يأتي

ليبيا.. انتظار ما لا يأتي

كل ما يكسبه النشال في موسكو هو تدفئة أصابع يديه بعضاً من الوقت في جيوب الأخرين وعندما تسأل الروسي عن حاله فعادةً ما يجيبك (أفضل من العام القادم).

وعندما تسأل الليبي متى يأتي الفرج وتستقر الأمور وتتحقق العدالة وينال كل دي حق حقه فأنه يجيبك (يوم القيامة)..

ست سنوات مرت على صدمة الثورة نبهت الجميع بفداحة أربعين سنة ونحن نسير وراء الخدعة والسراب.. وهذه العقلية لا زالت تعمل بجد وإصرار فما زلنا نبني أحلاماً فوق أوهام.

إن تسارع الأحداث وغموضها تنبئ بتعقد الأمور أكثر فأكثر فما كان ممكناً ويسيراً صار عسيراً ثم أصبح مع الأيام مستحيلاً.. والمصالحة لم تعد تجدي نفعاً إلا إذا أزيحت بعض الوجوه عن المسرح السياسي الليبي وغادرت المشهد فليبيا أسمى من الأسماء..
فكل ما أراه أجسام ضخمة وكاريزمات جميلة وبدل وربطات عنق فخمة وروائح زكية وعقول قبلية ضحلة صغيرة والعالم يتقدم علينا بعيدا بعيدا..!

أيها الليبيون.. ماذا نريد وما السبيل لتحقيق ما نريد وهل خير لنا أن نسلك الطريق السوي ونبني دولتنا أم نرتاد دروبا أخرى فنهدمها على رؤوسنا..؟ فالأزمة في بعض معانيها السياسية والاجتماعية تعني الفرصة النادرة والسانحة في نفس الوقت فنحن الأن أمام امتحان واقعي عسير والعقلية الليبية على المحك..!

تقف ليبيا اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما فحلول الوسط قد ضاقت بها ذرعاً فلم تعد هناك مسافة بين الابيض والأسود.. فإما حرب أهلية لا هوادة فيها لا تبقي ولا تذر والرابح هو الخاسر وإما سلام وعدل يعم الأرجاء.. إنها الفرصة السانحة إما أن نستغلها ونكسبها أو نتخاذل فنخسرها فأي الطريقين نسلك وعلى أيهما نحن عازمون.؟

الليبيون في موسكو.. (الغلة نضجت والزرع استوى وجنة وفيها الكعك) قد نبهنا في مقال سابق عن فعل الأيام وها نحن الان نستجدي السلام من روسيا.. أفيقوا أيها الليبيون فماذا تستطيع أن تفعله لكم روسيا أكثر مما فعلت في سوريا.. إن الروس متخصصون في صناعة ما يقطع رؤوسنا ويزهق أرواحنا ونحن مرتابون.. فهل يأتينا السلام من موسكو مع ذخيرتهم أم يأتينا الخراب في صناديق صواريخهم..؟ إن روسيا عبر التاريخ ما تدخلت في دولة إلا وكانت وبالا وشرا على أهلها تستنزف خيراتها وتذل مواطينيها فهي كالأفعى الملساء ناعمة الملمس سامة العضة وما أوروبا الشرقية والشيشان وأوكرانيا وسوريا عنا ببعيد فهل هذا ما نبتغي ونريد..؟

إن زيارة وفد البنيان المرصوص إلى روسيا هي بمثابة طلب آخر الدواء وهو الكي.. قيل لنا عبر وسائل الإعلام بأن الزيارة لتوضيح الصورة وكأنها معتمة لديهم وهي في يقيني أوضح وأنقى مما لدى الليبيين أنفسهم فالـ (كي. جي. بي.) ترتع في ليبيا – من زمان – برا وبحرا وجوا ولا أعتقد أن الساسة الروس في حاجة إلى توضيح أو استيفاء معلوماتهم من الليبيين.

خلاصة قولي لكم اعتمدوا على أنفسكم ولا تعولوا على روسيا ولا تعتمدوا عليها ولا تدعوا الدب يدخل بلادنا حتى لا تذهب تضحياتنا ودماء شهدائنا هباءً وحتى لا نبقى دوماً ننتظر ما لا يأتي أبداً..!

وما توفيقنا إلا بالله

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً