تقرير.. الإمارات تسعى لإزاحة السعودية عن قيادة الخليج والمنطقة

عين ليبيا

تستعد منطقة الخليج العربي لاستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وقع تصاعد تنافس خفي بين دولة الإمارات والسعودية في أكثر من ملف، رغم جهود الدولتين نفي وجود تباينات أو خلافات.

وتحدثت صحف غربية عن ملامح التنافس والصعود الذي تواصله دولة الإمارات على حساب جارتها الكبرى السعودية، وصولا لوصف هذه الدولة الخليجية بـ”إسبارطة الصغيرة”، وهو تعبير لم تجترحه من فراغ، بل اقتبسته من تصريح لوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي استشهد بالتاريخ للحديث عن الانتشار الأمني والعسكري لهذه الدولة.

ويعود ماتيس ذاته بعد شهرين من هذا التصريح ليعلن عن تفاصيل اتفاقية دفاعية جديدة مع أبو ظبي لتحل محل اتفاقية العام 1994 “بما يعكس بشكل أفضل النطاق الواسع للتعاون العسكري بين الإمارات والولايات المتحدة في الوقت الحالي”، وهي اتفاقية كشف عنها في السادس عشر من مايو الجاري، علما أن توقيعها تم في الثامن من ذات الشهر.

وكشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية في الشهر ذاته خبرا يفيد بأن الإدارة الأميركية وافقت على بيع أسلحة متطورة للإمارات بقيمة ملياري دولار تتضمن عشرات الصواريخ من طراز باتريوت.

غضب سعودي

رسميا، من الصعب التقاط تصريح أو موقف رسمي سعودي يعبر عن حالة عدم الرضا من الدور الإماراتي المستقل عن الرياض أو المنافس لها، لكن ذلك يبدو سهلا في قراءة سريعة لمواقف أكاديميين أو إعلاميين سعوديين لا يخفون التبرم من دور أبو ظبي في أكثر من ملف.

وتساءل سياسيون وأكاديميون سعوديون عن خلفيات وضرورات الزيارة، لا سيما وأن قادة الإمارات هم من جملة المدعوين سعوديا للقاء ترامب، وهو ما دفع بإعلامي سعودي بارز إلى وضع الزيارة في إطار “محاولة إماراتية لتوجيه ضربة استباقية لقمم الرياض الثلاث”.

ملفات التنافس 

ويمكن ملاحظة التنافس الإماراتي السعودي في السنوات الأخيرة حاضرا في أكثر من ملف، دخلته الرياض بصفتها قائدة لدول الخليج من جهة وما تروجه من أنها على رأس زعامة العالم الإسلامي، قبل أن تسعى أبو ظبي إلى تقديم نفسها للغرب وتحديدا الولايات المتحدة، كلاعب يمتلك القدرة الأكبر على الحركة والمناورة وإحداث الاختراقات في هذه الملفات.

ولعل ساحات التنافس بين الدولتين بدأت بالوضوح بعد انطلاق موجات الربيع العربي، والتي طالت فيما طالته حلفاء مهمين للرياض و أبو ظبي، والحديث هنا بشكل مركز عن الأنظمة في مصر واليمن.

مصر 

حرصت كل من السعودية والإمارات على إظهار موقف موحد في مصر بعد أن نجح المصريون بخلع الرئيس السابق محمد حسني مبارك، حيث كشف لاحقا عن عروض قدمت لمبارك وأسرته باللجوء إلى الرياض أو دبي كما حصل مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.

واتضح الدور السعودي الإماراتي في مصر من خلال تعاطيهما مع انتخاب أول رئيس مدني للبلاد وصولا إلى الانقلاب عليه عسكريا ودعم هذا الانقلاب ماليا وسياسيا، وصولا لحالات التباين في المواقف بين الطرفين نسبيا بعد إخفاق السيسي في التعامل مع أزمات البلاد.

وبالاطلاع على تعاطي الإعلام المصري المؤيد للسيسي مع الدور الذي لعبته السعودية والإمارات، يمكن ملاحظة حجم الحملات التي شنها هذا الإعلام ضد الرياض، فيما يندر أن نجد موقفا معاديا في ضد أبو ظبي في ذات وسائل الإعلام.

اليمن

ألقى الدعم الإماراتي غير المحدود لدعاة انفصال جنوب اليمن عن شماله بثقله في مشهد التنافس السعودي الإماراتي، ففي حين أن الموقف الرسمي السعودي هو في دعم وحدة اليمن تحت مظلة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي، يظهر الموقف الإماراتي مختلفا بدعم قيادات سياسية وعسكرية مناوئة لهادي ولا تخفي دعوتها لاستقلال جنوب اليمن.

ولا يجد المتجول في شوارع عدن اليوم صعوبة في ملاحظة حجم الوجود الإماراتي في هذه المدينة الإستراتيجية، في حين تبذل الرياض جهودا مضنية لمحاصرة هذا النفوذ، والذي تجلى مؤخرا في أزمة إعلان المجلس الانتقالي بقيادة حليف أبو ظبي عيدروس الزبيدي.

ليبيا

في ليبيا البعيدة جغرافيا عن الخليج العربي، تظهر اليد الطولى للإمارات متقدمة عن السعودية عسكريا وأمنيا وحتى سياسيا، وما القاعدة العسكرية الإماراتية التي كشفت عنها مجلة تايم الأمريكية في التاسع من الشهر الجاري إلا مؤشر على ذلك.

وبينما تظهر السعودية حريصة على دعم التسوية السياسية في البلاد، اتهمت تقارير غربية أبو ظبي بشكل مباشر بالسعي لإطالة الحرب الأهلية بدعمها اللامحدود للواء المتقاعد خليفة حفتر عسكريا وسياسيا.

القرن الإفريقي

اختارت الإمارات في منطقة القرن الإفريقي العمل منفردة بعيدة عن منظومة العمل الخليجي الموحد، وهذا ما يشير له بوضوح تقرير لـ” واشنطن بوست” في مايو من العام الماضي، حيث المنافسة العسكرية والاقتصادية بين الرياض وأبو ظبي، والذي توجته الأخيرة بقاعدة عسكرية كبيرة في إقليم أرض الصومال غير المعترف به دوليا.

ويشير التقرير إلى السعودية التي تلجأ إلى المؤسسة الدينية لتعزيز دورها في هذه المنطقة، تعتمد أبو ظبي غطاء الأعمال الخيرية في مواجهة الدور السعودي في كل من الصومال وجيبوتي وصولا إلى كينيا.

ويرى مراقبون أن أفق التنافس بين الدولتين الجارتين لا يمكن التنبؤ به، خاصة في ظل سعي إماراتي إلى ممارسة دور أكبر من حجمها، أو كما يقول الإعلامي المصري ورئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان “تضع نفسها دائما في عباءة أوسع من حجمها وقدرها، وتتصور أنها تقود وتوجه السعودية و مصر كمحور للاعتدال العربي”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً