كل يوم في مدينة ليبية.. (2) مدينة يفرن

كل يوم في مدينة ليبية.. (2) مدينة يفرن

يفرن مدينة تقع في جبل نفوسة غرب ليبيا على بعد 130 كم جنوب طرابلس وتعتبر ثاني أكبر المدن بعد مدينة غريان ويتكلم أغلب السكان اللغة الأمازيغية.

تعتبر يفرن من أهم مدن جبل نفوسة وهي ثاني أكبر مدينة في الجبل بعد غريان من ناحية الحجم والسكان. كانت مدينة يفرن مقرا للمجاهدين ضد الطليان إذ اتخذها زعيم المجاهدين سليمان الباروني مقرا له واتخذها عاصمة لأول حكومة مستقلة في العصر الحديث عام 1912 وقد كانت يفرن قبل ذلك مقر متصرفية الجبل أيام الدولة العثمانية حيث كان هناك خمس متصرفيات في (ليبيا: هي طرابلس ويفرن والخمس وفزان وبنغازي).

السكان

يبلغ عدد سكان يفرن حوالي 45 ألف نسمة حسب إحصاء .2012 ويتكلم أكثر من نصف سكان المنطقة الأمازيغية ماعدا بعض القبائل العربية مثل أولاد عطية والمساعيد وأولاد يحيى وأولاد محمود والخضارة والرومية والغنائمة وقبائل مستعربة مثل البراهمة ومرجريسان والزرقان مع إتقان كل أهالي يفرن التكلم بالعربية. كلمة يفرن كلمة أمازيغية وأصلها «إفران»، ومعناها بالأمازيغية «الكهوف» وقد يكون هذا لكثرة الكهوف في يفرن التي تعرف محليا باسم «تيريت» أو لعلها نسبة إلى بني يفرن الذين سكنوها.

السياحة

يوجد بيفرن فندق سياحي في موقع ممتاز وبه مطعم ممتاز ومقهى. أيضا يوجد عدة مقاهي ومطاعم وأماكن أثرية وطبيعية جديرة بالزيارة مثل الأثر الروماني (قصبة صفيت) والقرية الأثرية بتقربست وقصر ماجر بتاغمة والقرية الأثرية بالقصير والشقارنة والجوامع القديمة مثل تيواتريوين وجامع الشيخ عامر الشماخي الذي بني حوالي سنة 165 هجري وكذلك القلعة الوادي وتامديت التي تشتهر بمياه الطبيعية من الجبل وبكثرة نخيلها وقمة تاملولت والظاهر والرومية وكذلك بيت إسليين التراثي بيت الشيخ سالم بن مادي ومن ثم ابنة على وابنة الفقة عيسي بن مادي الذي يقع بقصبة اولاد مادي بالشقارنة الذي يزيد عمره عن 200 سنة، بالإضافة إلى المدينة الأثرية القديمة بأم الجرسان والتي أغلبها موجودة تحت الأرض والتي بنيت منذ أكثر من 200 سنة. تشمل يفرن عدة قرى منها: المعانيين، والبخابخة، والمشوشيين، والقراديين، وقصبة مادي، وآت غاسروا (القصير حالياُ)، وديسير (الشقارنة حالياُ) وتاقربوست، وتازمرايت، وتاغمة، والقلعة.

شخصيات

برز من يفرن الفقيه الشيخ (خليفة بن امحمد بن إبراهيم بن زائد) وأبو ساكن عامر بن علي بن يسفاو الشماخى الذي عاش من 700 إلى 792 هـ والمؤرخ أبو العباس بدرالدين أحمد بن سعيد الشماخي الذي توفي في 928 هـ.والشيخ امحمد أبودرنه وهو أحد شيوخ وفقهاء الدين في منطقة أم الجرسان وله مؤلفات عديده تتعلق بالفقه والعبادات وكذلك عدة شعراء منهم الشاعر المعروف موسى ساسي التقربستي والشاعر إمحمد قرادة والفقه عيسى الشيخ على سالم مادي الذي درس الفقه الاسلامي الازهر الشريف عند بداية القرن العشرين.

قيل عن يفرن للشاعر: امحمد ساسي قرادة

يفرن عروس الكاف يازايرها

يسرك هواها ويعجبك منظرها

يفرن بلاد فلاحة

بلاد التين والزيتون والتفاحة

وفيها مناظر يجلبوا السوّاحة

جبال شامخة مضّبطات شجرها

تقول أم ضمّت ولدها مرتاحة

بكل عطفها وحنانها ونظرها

جبال عالية وحنونة

ترضّع شجرها في الجذب وتصونه

من كل حرّ وريح عاصف عونة

مهما عليها هب ما حيرها

وتشهد بهذا شجرة الزيتونة

ثلاثين قرن وكامشة موكرها

يفرن مليح هواها

دوم جافّ ديما في صيفها وشتاها

خسر كان من لا زارها ولا راها

ولا عرف منها ناس ولا عاشرها

ولا دار في وديانها بنباها

ولا جال جولة صيف في ظاهرها

ليا زارها بالنية

وبقلب واعي من شعوره حيّا

وبات كودجات وقيّل الرومية

وشرب من اميتهم إجيب خبرها

وهيّف على القطّار ضيف عشيّة

يشوف الطبيعة وعزّ من صوّرها

هيّف على الشرشارة

سوا في صبح ولا في عقاب نهاره

يلقى الجبل يسكب دموع غزارة

من كل حنيّة دمعته قطرها

تقول كان فاقد حد من زوّاره

ولا فرح لن دمعته حدّرها

يفرن هواها هايل

وسكانها من ليبيا الأوائل

على وطنهم لا حد فيهم حايل

في عركة الهاني كان تتصورها

هافوا شباب وشيب فوق ضوايل

نار شاعلة بيطفّوا لهيب شررها

مع خوتهم زي الغدير السايل

ضربوا العدو ضربات يتفكرها

سكانها بتباته

نفوسة وبعض صنهاجة وزناتة

اللي شيّدوا فيما مضى صبراتة

منها مشوا بعد الزمان غدرها

عليهم هجم الروم بقواته

وجملة شمال أفريقيا كسرها

قديم عهدها يفرنا

من قبل رومة وقبل قرطاجنة

منين في جبل تيريت سكنو هلنا

وفي تامديت وغارها وصبرها

مدينة يفرن تتمتع به هذه المدينة من إمكانات سياحية طبيعية وتاريخية وموروث إنـساني جدير بـالزيارة والاكتشاف ان الاطلاع على معالم مدينة يفرن عديدة ومتنوعة، تنتشر على مساحات واسعة، وتتيح لزوارها فرص لاستكشاف مطاحن الحبوب القديمة، ومعاصر الزيتون التقليدية، بالإضافة إلى زيارة مسجد عامر الشماخي الذي شيد قبل نحو 400سنة، بمنطقة “المعانيين”.

أن (هنشير صفيت) الواقع شرق مدينة يفرن، من بين أقدم الشواهد الأثرية، حيث يعد الضريح المشيد في العصر الروماني، أحد المعالم الأكثر قدما في المنطقة، وبالقرب منه تبرز أطلال مزرعة محصنة، تنتمي إلى نفس الفترة. ولعل من أبرز معالم يفرن، تتكشف آثار الكنيسين اليهوديين “الكنيس القبلي” و“الكنيس البحري”، اللذين يعود تاريخهما إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام.

إن مرتفعات سلسلة جبل نفوسة، بمفردات طبيعتها الساحرة، من بعيد، حتى تتفتح صفحات المكان على مناظر مشهدية تتمازج فيها ألوان الصخور، وتباين أشكالها ، مع اخضرار الأراضي المنبسطة، الذي يصاحب رحلة الصعود عبر الطريق الجبلي الصاعد إلى مدينة يفرن، على خرير مياه عين (تامديت) الواقعة أسفل فندق يفرن السياحي على قمة جرف جبلي، بإطلالة رائعة على الأراضي والسهول المنبسطة أسفل الجبل.

إن إطلالة على تراث المنطقة، وفهم معانيها ودلالاتها، يتيحها (بيت آسلين) لزوار قرية الشقارنة القديمة، فهذا البيت التاريخي يجسد مظاهر الحياة السائدة قبل 200 سنة في المنطقة، وما اشتهرت به من ألوان متعددة من موروثات ثقافية وفنية شكلت لوحة فسيفساء جميلة تبرز التراث الشعبي القديم، حيث تشمل الدار حجرة للمخطوطات القديمة، وحجرة لمكونات الأعراس، وأخرى خصصت للمقتنيات، بالإضافة إلى خيمة تراثية، وحجرة عرض الأفلام الوثائقية عن المعالم السياحية، ومقهى يقدم الوجبات الشعبية، ومطعم، ومطبخ، كما يوجد بالدار خدمات التصوير للمناظر والآثار والمعالم السياحية والتوثيق المطبوع والمرئي وخدمات التصوير الخارجي، وتقوم الدار بتوفير المعلومات السياحية، والإرشاد السياحي، وتنظيم رحلات للسياح المحليين والأجانب، كما يوفر أماكن للإقامة والاستراحة للزائرين.

و أطلال قرية (تاقربست) القديمة ببيوتها ومسجدها العتيق، وساحاتها الفسيحة، وشوارعها وأزقتها الضيقة، عبر الأراضي الزراعية الفاصلة بين قرى الشقارنة، والقصير، والبخابخة، والمشوشين، وتاملوت، وأم الجرسان، والقلعة، المشيدة أسفل المرتفع الجبلي، بمعالمها التي تسترعى الانتباه، من جامع (تيواتروين) أو (نانا زورغ)، المشرف من فوق تلة على طريق يفرن القلعة، وجامع أبى ساكن عامرالشماخ، إلى جامع (أرنون)، و(أمرصلون)، و(تعيزبت) والمسجد التركي المشيد خلال العهد العثماني، وعلى أحد أركان المكان تنتصب شواهد برج فندق يفرن (تيقسبت) أحد شواهد معارك الليبيين ضد الجيش العثماني الذي استهدفت قواته مدن المنطقة، ودمرت أغلب قصور الخزين التي طالها الخراب وأصبحت أثراً بعد عين، مثل قصر (ديسير) الأكبر والأضخم، و(أترار)، و(أقديم) التي دمرت خلال هجمات القوات التركية على مدن جبل.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً