من المسؤول عن ذلك؟

من المسؤول عن ذلك؟

د. محمود المعلول

كاتب وباحث ليبي

إن ما نراه اليوم في بلادنا مؤلم جداً ورهيب جداً، لماذا لا يتم الإصلاح إن النظام سهل جداً، أمس كنت ماراً أمام أحد المصارف بمدينة طرابلس فرأيت مناظر تقشعر لها الأبدان نساء وعجائز وشيوخ يقفون في طوابير طويلة بدون نظام للحصول على مرتباتهم بينما تجد اللصوص والسارقين بالمئات والآلاف بدون عقاب أو بدون نظام لهذا البلد فأين المسؤولين؟، ولماذا لا يتم الإصلاح، وتنظيم هؤلاء الناس؟

يحز في نفوسنا ما نراه اليوم في بلادنا طوابير طويلة على المصارف من قبل أهلنا نساء وشيوخ وأطفال الطرق مقفلة بسبب ذلك الازدحام، والمصارف بدون سيولة، وفوضى بدون نظام، كان بالإمكان لمن يحكم أن ينظم هؤلاء الناس، وأن يجد الحلول والمخارج لهم.

الحلول تبدأ بالإصلاح والقضاء على الفساد والمفسدين، والحلول تبدأ بإصدار القرارات الرشيدة، واتخاذ بطانة صالحة غير فاسدة، ومحاسبة كل مقصر ومهمل في عمله، لماذا نسمح لهؤلاء المفسدين باختلاس الملايين بدون حساب أو رقابة؟، وكل ذلك يؤخر البلاد ويؤخر التنمية، ويؤثر على الناس.

إن النظام سهل التطبيق ولكن يظهر أن المسؤولين لا يريدون ذلك فيحز في نفوسنا ما نراه من ظلم لهؤلاء الناس البسطاء، أتذكر مرة إني كتبت عن تنظيم الطريق بين ترهونة وطرابلس أو ما يعرف بسوق الخميس حيث كنت أذهب من هذا الطريق إلى طرابلس فأجده مزدحماً بسبب السوق، وبالإمكان تنظيم هذا الطريق بإيجاد مخارج لوقوف السيارات وتنظيف جوانبه من المخلفات والحفر والتراب بالجرافات، فأين رجال مركز الشرطة وأين البلدية؟ والأمر بسيط جداً لو أرادوا الإصلاح، وتساءلت في نفسي لماذا لا نكون منظمين مثل باقي دول العالم؟، ولماذا لا تكون لنا إرادة للإصلاح؟، لأن الإصلاح سهل يحتاج إلى إرادة فقط، فذلك الطريق يمر به الشخص المستعجل الذاهب إلى عمله، وتمر به سيارة الإسعاف، وبها مريض مستعجل يحتاج إلى المستشفى.

والأيام الماضية رأيت مناظر تدخل الشجن والحزن والأسى إلى النفس نساء وعجائز وشيوخ يقفون على قارعة الطريق، يستجدون، ويطلبون المال بسبب فساد الحكومة في هذه البلاد، وعدم وجود نظام وعدل مما خلق هذه الأشياء، وتساءلت في نفسي هل وصل الأمر بالمرأة الليبية إلى هذا الحد؟..

إن قيام العدل والإصلاح سهل فهناك سفراء ومراقبين ماليين بالسفارات في الخارج لا يعملون، ولهم حوالي (10) سنوات بالخارج، ومرتباتهم أكثر من (13.000) ألف يورو بالشهر، فلماذا لا يتم إرجاعهم، وصرف تلك التجاوزات والمخالفات على هؤلاء الناس؟

صحيح أن الغرب مجرم أراد لهذه البلاد الخراب والدمار والتخلف، وهو من وضع الحكام العملاء (الوكلاء) ليحكموا نيابة عنه، وهو يريد تطبيق الديمقراطية والعدل والمساواة ببلاده فقط، ولا يريد تطبيقها ببلادنا، فالغرب لديه ازدواجية في المعايير.

ولكن الغرب لا يفرض عليك أن تكون متخلفاً وجاهلاً، الغرب يحترمك إذا كانت لك إرادة للإصلاح، والغرب لا يتحكم في تنظيم حياتك أنت المسئول عن ذلك، فالغرب لا يمنعك أن تعلم أولادك الأخلاق والنظام والقيم والمثل العليا، وأن تبني الصحة والتعليم وأن تكون منظماً في حياتك، وصدق المفكر الجزائري مالك بن نبي (1905 ـ 1973 م) إذ يقول: “نحن شعوب لديها القابلية للاستعمار”.

ونحن ضعاف ومتخلفون بسبب حكامنا أو بسبب من كان يحكمنا لأنه لم يعلمنا ولم يثقفنا، وجعلنا متخلفين لكي يحكمنا، وذلك بعلم ومباركة من الغرب نفسه فالغرب حاقد وعنصري فمثلاً الغرب ينصب في بعض الدول الإفريقية حكام عملاء خونة مرتبطين بالغرب لسرقة مقدرات الشعوب الأفريقية ونهبها.

وأتذكر مرة أني قرأت عن صموئيل زويمر (1867 ـ 1952م) وهو من أساطين التنصير ودعاته في العالم حيث قال: إن الغرب لا يسعى لتنصير المسلمين وإنما يسعى لجعلهم بلا دين لأن الدخول في النصرانية شرف لا يستحقونه.

والله المستعان.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. محمود المعلول

كاتب وباحث ليبي

اترك تعليقاً