حكومات إنتقالية مُسيّرة وليست مُخيّرة والحال لم يتغير!

حكومات إنتقالية مُسيّرة وليست مُخيّرة والحال لم يتغير!

فى سنة 1969م وفى صباح يوم أغبر ضبابى الملامح من الأول من سبتمبر قفز ضابط صغير الرتبة لا يتعدى عمره 27 سنة ميلادية كان يُخطط للإستيلاء على ليبيا بحجج واهية ومعه مجموعة من الضباط الصغار الجهلة ليُعلنوا بياناً عن ما أسموه (ثورة عسكريه) على الرجعية والملكية وإستطاعوا أن يخدعوا أبناء الشعب الليبى وهذه حقيقة لا ينكرها أحد وإستغلوا بعض الشخصيات الإعتبارية المتميزة فى الوطن ليجعلوا منها رموزاً فى الصفوف الأمامية ليعبُروا من فوقها لما سمّوه الثورة فى تلك الفترة وأنهم جاءوا من أجل التنمية والعدالة والبناء والخلاص والتقدم ورفع الظلم عن الليبيين هذه الشعارات خدعت الشباب فى ظل المد القومى والوحدة العربية التى ينادى بها التيار الناصرى على مستوى الوطن العربى وتحرير فلسطين وغيرها من الشعارات أن ذاك ، تلك الشعارات تحولت إلى غناوة  كانوا يرددونها علينا فى كل سنة ويسمونها قصة الثورة التى إستولوا فيها على نظام آمن حضارى متقدم بحكومة مختارة ديمقراطياً وبجيش وشرطة وأجهزة أمنيه تحمى المواطن لا أن تتسلط عليه ، فهذه المُسميات كلها وقفت عاجزة عن حماية النظام الملكى السلمى الآمن الذى كان يُعد ويُجهّز للمستقبل الزاهر الواعد لرفاهية المواطن الليبى حيث لم يتجاوز آن ذاك تعداد سكان ليبيا الثلاثة ملايين نسمة وقد هيئوا لدولة برلمانية دستورية ديمقراطية تحترم المواطن وترفع قدره إلى السماء فلا سجون إلا للمنحرفين ولا إبعاد إلا لمن يُشكلون خطراً على المجتمع ولا إقصاء ولا تهميش فالدين لله والوطن للجميع.

فمنذ ذلك التاريخ الذى خُطفت فيه ليبيا من بين أيدى ساستها وهم نائمون فى بيوتهم يظنون أن العدل والمساواة والديمقراطية كافية للتصدى ليد الغدر فقد كان المواطن يظن أن الدولة الليبية قوية  ولم يكن يظن أحد أنها ستسقط فى ساعات فى أيدى الخاطفين ولم يدافع عنها حُماتها فى الجيش والشرطة والشعب أولاً وأخيراً ولا ننسى تلك العبارة التى قالها أحد الساسة فى النظام الملكى عندما جاء البعض لزيارته فى السجن (لو ان الملك قام بتربية كلاب لنبحت دفاعاً عنه) هذا تاريخ سيُلاحق تلك الرموز الذين كانوا أصحاب القرار فى حكومة المملكة الليبية أينما كانوا وحيثما وجدوا ، وبمجرد نجاح ذلك الإنقلاب  فى 1969 م حتى بدأت ملامح الوطن فى التغيير وإسودّت الوجوه عندما شعر الليبيون بأنهم كانوا ضحية مؤامرة وخصوصاً أولئك الضباط الذين ساندوا الطاغية فى الإستلاء على الحكم عندما بدأ فى تصفيتهم وإغتيالهم واحداً بعد الآخر إلا الذين إنبطحو له وسلموا له فى كل شئ حتى أعراضهم !! ثم أنقلب على الشعب الليبى لتركيعه وجعله إمعة لا رأى له ولا قيمة سياسية ولا إجتماعية فإنتشر الفقر والجهل والأحقاد والكراهية  والمرض وضاق الحال على الليبيين وتعرضوا إلى أبشع أنواع الظلم والإستبداد والتعذيب فى السجون والإغتيالات فى الداخل والخارج ، حتى أصبحت مقاليد الأمور فى يد شخص واحد هو الآمر والناهى والمُسيطرعلى كل شئ وتحوّل إلى طاغية لم يعرف له التاريخ مثيلاً.

ولكن لكل طاغية نهاية هكذا هى سنة الحياة فقد كان الفرج فى إنتفاضة فبراير التى أطاحت برأس الظلم وأتباعه بمساعدة المجتمع الدولى الذى هبّ لنجدة الليبيين من المذابح التى كان يُعد لها الطاغية وأبنائه وكتائبه المُجرمة ولم يتخلى الليبيون الشرفاء عن وطنهم فى المحافل الدولية الذين لعبوا دوراً حقيقياً وبشهادة العالم أجمع و كذلك البعض من الليبيين الذين دعّموا الثوار بالدعم اللوجستى من الخارج فمن حقهم علينا جميعاً أن نحترمهم ونوفيهم حقهم لمواقفهم المشرفة ودموعهم التى عجلّت من صدور قرار حماية المدنيين من الأمم المتحدة ، وهنا إنتصرت الثورة بفضل الله تعالى والثوار الأشاوس الذين ضحوا بدمائهم من أجل تحرير الوطن … ولكن ……. أقول … (رضينا أيها السادة بالهم والهم موش راضى بينا) كما يُقال فى المثل الشعبى … فبداية من المجلس الإنتقالى الذى جاءت به الأقدار صدفة وربما تدخلات خارجيه وتوجيهات إستخباراتيه ، والمواطن الليبى بين مصدّق ومكذّب لما يُقال عنه فى الإعلام منذ اليوم الأول .. وقلنا يومها فالنترك السفينة تسير فربما هناك أمواج تُعرقلها وتحد من تقدمها وللأسف كان كل ما قيل عنه أقرب إلى الحقيقة وما يعانيه الشعب الليبى اليوم كله بسبب ذلك المجلس الإنتقالى الضعيف ، وهذا ليس خافياً عن أحد … ثم جاء المكتب التنفيذى حكومة الفلاسفه واللقاءات على القنوات الفضائية وتلميع المُريدين من أتباع دكاكين الأحزاب ، ذلك المكتب  أو الحكومة سمّها كما شئت ــــ لم تدم  طويلاُ  وقالوا ما قالوا فيها والشعب الليبى بين مؤيد ورافض ولكن عين الشمس لا تُغطى بالغربال وقد ظهرت حقائق كثيرة تم إخفائها على الشعب وكلام الليل مدهون إبزبده كما يقال ، وللأسف تكشّفت الأمور بواسطة أعضاء تلك الحكومة الذين باشروا فى الطعن فى بعضهم وكشف أسرارهم … وقبل الأخيرة كانت حكومة الكيب التى (لا تسر عدو ولا حبيب) الحكومة المحمية بالمليشيات كل وزير (ومليشيته) ، حكومة الإبتسامات العريضة وأكبر ميزانية عرفتها ليبيا فى تاريخها (68) مليار لا حس ولا خبر وطار الحمام وصفقى يا وزه !! وها نحن اليوم فى حكومة لا زالت فى أول الطريق إستلم البعض من وزرائها والباقى لا زالوا يُراوحون فى ما يسمى النزاهة والشفافية . حكومات مُسيرّة وليست مُخيرة أقولها وأتحمل أعباء ذلك وأقول أن أمرنا ليس فى يدنا بل فى عواصم أخرى غربية وعربية فقد جمّدوا أموالنا لديهم وبقينا تحت رحمتهم ويتجمّلون علينا بوقفة كنا نظن أنها إنسانية أخوية  ولا حول ولا قوة إلا بالله.

هنا أيها السادة أود أن أتحدث بمرارة وحُرقة فلم يكن أحد يظن أن أصحاب الحق من الثوار الحقيقيين يصبحوا فى الصفوف الخلفية مُهمشين وأن المتطفلين يتحولوا إلى ثوار وأبطال ويستولوا على مقاليد الأمور فى الوطن بكل سهولة بدعم من جهات خارجية تدعم أحزاب مشبوهة عُرفت على مدى التاريخ بإستكانتها وإنحنائها وعمالتها لآى حاكم  أينما حلت ضيفاً ثقيلاً غير مرغوب فيها ، لقد أطلقت عليها شخصياً (دكاكين الأحزاب) تلك الدكاكين التى إنطلق أصحابها فى الأشهر الأولى للثورة يتجولون فى المدن والقرى الليبية برفقة مريديهم يُحاضرون ويتفلسفون أمام المواطنيين الطيبين الذين لا يفهون فى السياسة شئ فما أن طل عليهم بضع من الإخونجبا بلحاهم والمدعومين من قطر وغيرها حتى ردد البعض أن هؤلاء أولياء الله أمسكوا فى جلابيبهم وبدلهم وكرفتاتهم المزركشة سيُخرجونكم من الغريق ومن سنوات القهر والذل والعازة ، ويومها رُفعت بعض أصوات قائلة هؤلاء منهم من كان فى السجن (يعنى مناضلين ) ونسوا أن منهم من حاور الطاغية وإبنه وإستلم التعويضات بمئات الآلاف وعاهدوه وإستفادوا من الإمتيازات التى أهداها لهم إبن الطاغية سيف وهى إيفاد أبنائهم للدراسة بالخارج على حساب الجمعية المُسماة وإعتصموا وغيرها وإرجاعهم إلى سابق عملهم ومنهم من عديمى القناعة لم يكتفوا بقيمة التعويض وقاموا برفع قضايا  فى النظام السابق قبل ثورة فبراير مطالبين  بزيادة التعويض … أليس هؤلاء ماديين بدرجة إمتياز لا يهمهم الوطن فى شئ على الإطلاق ، وللأسف اليوم يتربع منهم الكثير فى المجلس الوطنى العام ويتطلعون إلى مناصب فى الدولة الجديدة  وكنت قد طالبت السيد محمد المقريف ولا زلت أطالبه بالكشف عنهم وفضحهم علناً بالإسم حتى يتعرّف عليهم الشعب الليبى الذى خدعوه فى بداية الثورة من فوق منابر المساجد دون حياء ولا خجل وبمخططات مدروسة جيداً.

أيها الوطن الغالى نستميحك عذراً فقد وقعنا فى الفخ حقاً وأصبنا بالإحباط نتيجة الخطأ الكبير الذى إقترفناه فى حقك يا وطنى ، لأن الثوار الحقيقيين غادروا الساحة وسلّموا الأمور لهؤلاء الذين هبطوا علينا من كل حدب وصوب يتغنون بتضحياتهم وبطولاتهم الوهمية الكاذبة وكأنهم هم من حرّر ليبيا ، لا وألف لا  فأنتم لم تأتوا إلابعد إن إستقرت الأمور وتركتم عائلاتكم بالخارج بجوازاتهم الأخرى الغير ليبية واليوم وبكل (نذالة) تضغطون على حكومتكم (طبيعى زيتكم فى دقيقكم) بأن تتضمن قرارات الإيفاد أبنائكم الذين لم يعرفوا ليبيا إطلاقاً وكأن ليبيا بالنسبة لكم ولهم (ياغمة نهيبه) .. أيها السادة لقد إطلعت على القرار وقرأت القائمة فى قرارات الإيفاد فكلها من أبناء الوزراء ووكلاء الوزرات والسياسيين الجدد والعسكريين الكبار الذين كانوا فى قطر وأمريكا وغيرها .. فهل هذا يجوز(أيها الكيب ووزير التعليم العالى)  فأين الثوار أليسوا هم أحق من أبنائكم وأين أبناء الذين ناضلوا فى الداخل لسنوات وحاربوا نظام الفساد وتعرضوا للكثير وليس أنتم يا من كنتم فى مرابيع قطر والإمارات ومكاتب الشركات والإدارات الأمريكية والكندية والإيرلندية .. ليس لدى ما أقول سوى لك الله يا ليبيا من حكم طاغية إلى حكم طغاة من جميع الأشكال والألوان إخونجيا وليبراليين وعلمانيين وبقايا شيوعيين وملحدين وربما حتى ممن يعبدون  قطر وأمريكا  ، كلكم تظنون أن الليبيين رضخوا وسيرضون بالأمر الواقع لا يا سادة فمن كانوا يتصدون للطاغية وفساده لن يتوقفوا عن الكتابة ومهاجمتكم فى عقر داركم إعلامياً وتحريضياً أينما كنتم حتى ولو كنتم فى حمامات ريكسوس تختبئون من إقتحام الثوار عليكم قاعتكم ولتعلموا أن ثورة التصحيح قادمة بعون الله قريباً ولن تتأخر وستُقيّم الأمور وستضع القطار على السكة وتقذف  من عرباته تلك الشوائب العالقة فى غفلة منا خارجها إلى غير رجعه .. فثورة التكبير محمية من الله تعالى ولن تستولوا عليها أبداً شئتم أم أبيتم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً