تهاوي أسعار العملة يطيح باحتياطات المغرب

احتياطات المغرب تبلغ في الوقت الراهن حوالي 21.5 مليار دولار

وكالات

يعتقد مراقبون أن فقدان المغرب أكثر من 15% من صافي الاحتياطات الدولية، راجع بالأساس إلى المضاربات التي حصلت بين البنوك حين علمت أن الدولة تستعد لتحرير سعر الدرهم.

ولا يستبعد المتابعون للشأن الاقتصادي استمرار المضاربات لكونها من مستلزمات اقتصاد السوق، غير أن الإعلان عن تحرير الدرهم قد تأجل بالفعل، ويتوقع البعض أن تتأخر الحكومة في تنفيذه لفترة أطول أو تتخلى عن الفكرة كليا بسبب آثارها المحتملة على القدرة التنافسية للاقتصاد المغربي.

وتضمن التقرير السنوي الذي عرضه والي بنك المغرب (البنك المركزي) عبد اللطيف الجواهري أمام ملك البلاد الأسبوع الماضي، معطيات حول صافي الاحتياطات الدولية تفيد بأنها بلغت في 21 يوليو/تموز 2017 ما قيمته 203.5 مليارات درهم (حوالي 21.5 مليار دولار)، أي أنها انخفضت بنسبة 15.4% مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية.

ويرى أستاذ المالية بجامعة محمد الخامس في الرباط عمر العسري أن تراجع الاحتياطات قد يؤثر على التنافسية الاقتصادية للمغرب على المستوى الدولي.

تحرير الدرهم
وتوقع العسري أن يؤدي انخفاض الاحتياطات أيضا إلى عرقلة مسألة تحرير سعر الدرهم، مما سيدفع الحكومة إلى الاستمرار في تأخير الإعلان عن تحرير العملة لمدة سنة على الأقل أو التخلي عن الفكرة برمتها.

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن مسألة الاحتياطات في جوهرها ترتبط بتفاقم العجز التجاري لدى المغرب وعجز ميزان الأداءات (ميزان المدفوعات)، كما أشار إلى تأخر إصدار قانون الموازنة لسنة 2017.

من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي أن الوضع الذي تعرفه الاحتياطات الدولية ليس سوى تحصيل حاصل، نتيجة للمضاربات التي جرت بين البنوك المغربية بعد علمها بعزم الدولة على تحرير الدرهم.

وقال “لا يمكن أن نتصور أن المضاربات ستتوقف في ظل تحرير العملة، لأن هذه المضاربات هي من صميم نظام الصرف واقتصاد السوق”.

وانتقد أقصبي التوجه نحو تحرير العملة الوطنية باعتباره من الأسباب الرئيسية التي ساهمت في فقدان ما يفوق 15% من احتياطي العملة الصعبة، وذلك بالرغم من أن عملية التحرير لم تتم بعد مباشرة بصفة فعلية.

ضغوط العجز
ويعتبر أقصبي أن تفاقم العجز على مستوى الميزان التجاري وعلى مستوى ميزان الأداءات نتج عن وضعية بنيوية لا تسمح بالذهاب بعيدا في تحرير الدرهم، “لأن ذلك سيضغط بشكل رهيب على مخزون العملة”.

ويقول الخبير الاقتصادي إنه بالرغم مما يمكن توجيهه من انتقادات لنظام الصرف المغربي الحالي في رأيه، فإنه يبقى أقل سوءا مما يمكن أن يكون عليه بعد تحرير العملة، “فهذا النظام القائم منذ عشرين سنة، والذي يعتمد على سعر مرجعي للدرهم (60% لليورو و40% للدولار)، جعل الدرهم في وضع مستقر نسبيا”.

ويضيف أقصبي أن ذلك يدعو إلى التساؤل عن الأسباب التي ستدفع بلدا إلى الاستغناء عن نظام صرف يحقق استقرارا للعملة، خاصة أنه لا يوجد فرق كبير بين السعر الرسمي لصرف العملات الصعبة مقارنة مع السعر المتداول في السوق السوداء.

وسبق لرئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أن أعلن في مقابلة مع التلفزيون الرسمي أن المغرب أرجأ قرار تحرير سعر الدرهم من أجل تعميق الدراسات المتعلقة بهذه الخطوة، موضحا أن الحكومة غير مستعجلة بهذا الخصوص وأنها تنتظر الوقت المناسب لإعلانه.

وبحسب وثيقة نشرها البنك المركزي بعنوان “إصلاح نظام الصرف”، فإن نظام الصرف الثابت يسمح بالاستجابة لجميع حاجيات الفاعلين من العملات دون حدود، وهو ما قد يؤدي إلى ضغوط قوية على مستوى احتياطات الصرف ويؤثر سلبا على قدرة بنك المغرب على الوفاء بالتزاماته الخارجية.

وفضلا عن ذلك تضيف الوثيقة أن التطورات الأخيرة التي شهدتها الظرفية الاقتصادية والاندماج المتزايد للمغرب في الاقتصاد العالمي، تدفع في اتجاه الانتقال نحو نظام صرف أكثر مرونة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً