من يُحاسب سماسرة استيراد الأضاحي بالدولار؟

من يُحاسب سماسرة استيراد الأضاحي بالدولار؟

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

البلد تعيش أزمة اقتصادية ومالية مستحكمة الأطراف، وتكاد تطبق على كل شيء، حتى وصلت في قوت المواطن الليبي وضروريات معيشته! لا أحد يمكنه إخفاء حالة البؤس والشقاء وحجم المعاناة التي يعيشها الشعب الليبي اليوم العاجز حتى عن الحصول على الحد الأدنى من السيولة النقدية لتصريف شئون حياته، ناهيك عن معاناته مع الارتفاع الجنوني لغلاء الأسعار، وليس اشد بؤسا من عدم توفر ابسط المعدات الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية مثل الحقن والشاش والمطهرات فما بالكم بما هو أكبر!؟

وهذه الحال يفاجئنا المصرف المركزي ووزارة الاقتصاد بقرارات لا أجدها الا عبثية قياسا على ظروفنا المالية والاقتصادية الصعبة الحالية، وما قرار السماح باستيراد اضاحي العيد بمبلغ حوالي 100 مليون دولار الا واحد من هذه القرارات العبثية الغريبة! اذ كيف يمكن تبرير ذلك “الترف اللحمي” وبهذا المبلغ الكبير من العملة الصعبة والذي يكفي لتزويد كل مستشفياتنا ومراكزنا الصحية بالمعدات الطبية اللازمة خلال سنة بأكملها! أنه زمن الانتهازية واستغفال المواطنين في حاجاتهم الثانوية بدلا عن الضرورية بما يعود على السماسرة بالربح الوفير وعلى الشعب بالوهم والتقتير!

كنت أتوقع وهذه الحال أن يتكرم المفتي في الغرب الليبي واللجنة العليا للإفتاء في الشرق بإتخاذ موقف يرفع العبء على المواطن البسيط ويكتفون بتقديم الأضحية هذا العام نيابة عنه ويعلنون اعفاء الليبيين من تقديمها هذا العام كما فعل الملك الحسن الثاني في المغرب عندما كان العام شديدا شحيحا، لكن ان تكلف مجموعة من الشركات بجلب الاضاحي من اسبانيا وبأسعار عالية في ظل ظروفنا الحالية وبالعملة الصعبة هو مثار سؤال كبير!!

والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه وبقوة: هو ما مدى استفادة المواطن البسيط من هذه الصفقة؟! وأني لأشك كثيرا في أن تصل المواشي قبل عيد الأضحى خاصة وانه صار يفصلنا عنه بضع أسابيع، بالرغم من اشتراط المصرف المركزي ان تصل البضاعة قبل يوم 20/8/2017 وهو ما اراه غير ممكن عمليا! كما أن فرصة التلاعب تبدو كبيرة في الكيفية التي يمكن بها توزيع الاضاحي في وقت مضغوط!

خلاصة القول أن مثل هذه الإجراءات لا تخدم مصلحة المواطنين فهي مجرد وسائل لإقتناص الفرص بغرض التكسب السريع والربح المجزي على حساب الشعب، وهي في الواقع حلقة من حلقات مسلسل هدر المال العام في ظل فوضى إدارية ومالية ضاربة اطنابها، لقد كان جديرا ان يصرف هذا المبلغ الكبير لشراء الدواء ومعدات الطب الأساسية وحليب الأطفال ليخفف شيئا ولو يسيرا من أعباء ارهقت كاهل المواطن الليبي المحروم من ثروته وأمواله، الا لكم الله أيها المواطنون البؤساء، وعلى السماسرة وتجار الأزمات مزيدا من الغضب واللعنات!

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً