تعديل اتفاق الصخيرات أوجب من متاهة الانتخابات

تعديل اتفاق الصخيرات أوجب من متاهة الانتخابات

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

الكثير صار هذه الأيام يدعو الى اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية سريعة بما في ذلك عقيلة رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الرئاسي السراج، حيث سبق لهما ان دعيا الى اجراء انتخابات رئاسية ونيابية خلال النصف الأول من العام القادم 2018م، لا أحد ينكر انسداد الوضع السياسي في ليبيا وتأزمه منذ عام 2014 حينما انقلب البعض في المؤتمر الوطني العام على مخرجات الانتخابات النيابية التي اقرها واشرف عليها المؤتمر نفسه! في سابقة غريبة تخالف كل الأعراف واللوائح القانونية في مثل هذه الحالات، الا انه ينبغي الوقوف عند جدوى اجراء انتخابات جديدة في مثل هذه الأوضاع المأزومة حيث الانقسام السياسي لا يزال على اشده والانفلات الأمني كذلك.

ان الدوافع الكامنة وراء تلك الدعوات بإجراء انتخابات جديدة، أملا في إيجاد مخرج لحالة الانسداد السياسي الذي تعيشه البلد حاليا، قد تبدو منطقية ولها ما يبررها بعد هذه المدة من التخبط،  اذا ما سلمنا بانها توفر مخرجا ممكنا لحالة الانسداد والجمود السياسي التي عليها الوضع الليبي، وبما يؤدي الى تحريك العملية السياسية في ليبيا، واحداث التغيير المطلوب الذي ينقل البلد الى شاطئ الأمان، بعد ان ترنحت المركب واضطرب الحال منذ حوالي 7 سنوات كبيسة!

لكن من وجهة نظر أخرى، مبررات الدعوة للانتخابات لا تبدو مقنعة في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلد، والمتمثلة في حالة الانقسام السياسي وحتى الإداري بين الشرق والغرب الليبي بالإضافة الى حالة الانفلات الأمني في المنطقة الغربية والجنوبية على وجه التحديد، انه انطلاقا من ضرورة توفر الضمانات الأمنية والقانونية الواجبة للعملية الانتخابية لكي تنجح في نتائجها وما يترتب عنها من تسليم واستلام للسلطتين التشريعية والتنفيذية بسلاسة ويسر يكون من الصعب الوثوق في اجراء انتخابات وعلى هذه الحالة الخلافية بين الأطراف اذ ليس الهدف مجرد التصويت وإظهار النتائج انما الهدف الاسمى هو مدى التزام الأطراف المختلفة بنتائج هذه الانتخابات وعدم عرقلة انتقال السلطات كما حدث في عام  2014 والذي مازلنا نعاني نتائجه حتى الآن.

انه قياسا على معطيات الوضع الليبي والذي لا يزال مضطربا مشوشا يكون الاتجاه الى اجراء انتخابات مجرد زوبعة في فنجان بل انه ربما سيزداد الوضع تعقيدا وتكون الفرصة قد فتحت لوجود حكومة وجسم تشريعي ثالث إضافة لما لدينا الآن، اذا من المنطق والتعقل ان نحرص على توفير ظروف نجاح ممكنة ولو بالحد الأدنى وهذه لا يمكن ان تكون الا في ظل احداث توافق ولو محدود بين اطراف النزاع الآن وليس امامنا الا الرجوع الى القناة الوحيدة المتوفرة الآن وهي اتفاق الصخيرات، ما يعني ضرورة قصوى لتحقيق حد ادنى من التوافق وفقا لاتفاق الصخيرات وتفعيل ذلك بإجراء تعديلات ممكنة بما يتوافق عليه الفرقاء وهو الممكن الآن بعد جهود مضنية قامت بها بعثة الأمم المتحدة من خلال مبعوثيها لليبيا لتفعيل الاتفاق.

اذا التفكير في اجراء انتخابات قبل ان يحدث توافق ولو بالحد الأدنى وفقا لاتفاق الصخيرات قد يكون نوعا من العبث السياسي ويفتح طريقا آخر من متاهات الوضع الليبي  فالضرورة تقتضي ان تجرى الانتخابات على أرضية توافقية تحت مظلة جسم تشريعي موحد وسلطة سياسية متوافقة والحاجة ملحة حينئذ لإجراء بعض التعديلات الضرورية التي يمكن بها تجاوز الخلافات والعبور الى شاطئ الأمان والانتقال بالبلد الى مرحلة جديدة على طريق تأسيس الدولة الراسمة الموحدة، فهل نتأنى وندخل لانتخابات نيابية ورئاسية تحت مظلة موحدة توافقية مضمونة النتائج والتفعيل، ام نكرر نفس الخطأ الذي وقع فيه المؤتمر الوطني عام 2014؟!

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً