اعتصام المعلمين ووعود الرئاسي ووزير التعليم

اعتصام المعلمين ووعود الرئاسي ووزير التعليم

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

إن ما اعلن عنه المعلمون من خلال نقابتهم العامة عن توقيف الدراسة لهذا العام 2017-2018 م ، في المرحلتين الأساسية والمتوسطة ما لم تتحقق مطالبهم، والتي ابرزها زيادة مرتبات المعلمين بثلاثة اضعاف ماهي عليه الآن، ودخولهم في اعتصام مستمر حتى تتحقق مطالبهم، يزيد من تأزيم الوضع الليبي وفي وقت غير مناسب تماما، ولهذا سعى وزير التعليم من اجل إيجاد مخرجا لهذه الازمة، والتي تمس اكبر قطاع حكومي في البلد ناهيك عن علاقتها المباشرة بكل أطياف الشعب الليبي من خلال أبنائهم التلاميذ في هذه المراحل الأساسية للعملية التعليمية.

وفي هذا السياق، عقد وزير التعليم جملة من الاجتماعات مع اداراته وأجرى العديد من الاتصالات مع السيد رئيس المجلس الرئاسي وآخرها اجتماعهما المشترك ، الذي تمخض على اتفاق لحلحلة الموضوع ومعالجة الاشكال وفق ما يراه المجلس الرئاسي ووزير التعليم، واعلن انه من ضمن الاتفاق إقرار مقابل مالي عن كل حصة دراسية فعلية بواقع 12 دينار للفصول الثلاثة الأولى من الأساسي و10 دينار للفصول الباقية من الأساسي، و15 دينار عن كل حصة فعلية في التعليم الثانوي والمتوسط ،والذي صدر بشأنه قرار أخيرا، وقد شمل الاتفاق أيضا الموافقة على زيادة مرتبات المعلمين!!

كان بإمكان الرئاسي ووزير تعليمه، تجنب مثل هذه المواضيع ذات الطبيعة الشاملة، لارتباطها بقطاعات أخرى في الدولة وخاصة ما يتعلق بالجانب المالي، الذي هو مرتبط بوزارة المالية والمصرف المركزي، فوزارة التعليم مثلها مثل أي وزارة أخرى ليس لها الا التصرف وفق ما يتم تخصيصه لها من الميزانية العامة السنوية قل ذلك او كثر. وفي هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلد وخاصة مقدار العجز المالي الكبير الذي تعانيه الميزانية العامة منذ ثلاثة سنوات لأسباب يعرفها الكثير، يكون من العبث زيادة الإنفاق، بل ان الإدارة الحكيمة تقتضي البحث عن سبل تقليص المصروفات وضغطها الى الحد الأدنى الممكن، وسد ثغرات الفساد المالي والإداري الضارب اطنابه.

لقد فاجأنا المجلس الرئاسي بموافقته على زيادة مرتبات المعلمين وباستصداره على استعجال لقانون انشاء صندوق التأمين، وهو القانون الذي ولد ميتا لاعتبارات كثيرة ابرزها انه ليس من اختصاص حكومة مؤقتة استصدار قوانين او قرارات لوضع دائم، بالإضافة الى التسرع في إصداره وبدون دراسات معمقة ومستوفية، ونعتقد ان ذلك جاء فقط لغرض محاولة إرضاء نقابة المعلمين التي وضعت من بين شروط استئناف الدراسة توفير التأمين الطبي للمعلمين!،

انني استغرب بشدة كيف ينظر هؤلاء المسئولين لمثل هذه الأمور الكبيرة بهذه البساطة والسطحية!! هل يعقل ان تزيد دولة مرتبات نصف مليون معلم بمعدل ثلاثة اضعاف، بمبلغ يقارب من 8 مليار دينار سنويا وهي عاجزة حتى على الوفاء بالمرتبات الحالية للقطاع العام، والبالغة حوالي 21 مليار دينار شهريا؟!!! هل يعقل ان تزاد مرتبات نصف مليون من المحسوبين على التعليم في حين ان الحاجة الفعلية للمعلمين في ليبيا وفقا لمعدلات التعليم الدولية لا تتجاوز 200 الف معلم؟! والأغرب أيضا ان ليبيا تعاني من نقص نوعي للمعلمين في بعض المواد! مثل الرياضيات واللغة الإنجليزية واللغة العربية والكيمياء..الخ ؟!

يا سادة ان زيادة المرتبات شأن عام، لا يعني فقط قطاع التعليم ويعني كل من يشتغل في القطاع العام، والذين يصل عددهم الآن الى حوالي مليون ونصف بين عامل وموظف! ولهذا كان جديرا ان لا تورطوا أنفسكم  في هذا الموضوع الآن ، حيث  الوقت غير مناسب مطلقا لمثل هذه القرارات، وان الضرورة تقتضي إعادة النظر في قانون المرتبات على مستوى الدولة، وذلك بالطبع يحتاج الى لجان متخصصة تدرسه في وقت متسع وكاف وليس مجرد صدور قرارات او قوانين ارتجالية كردود فعل عن مطالبات المعلمين، لا تزيد الامر الا ارباكا واختلالا.

يا سيادة رئيس المجلس الرئاسي ووزير التعليم، لا أحد يعارض زيادة مرتبات المعلمين وانصافهم لكن ذلك ليس بالأمر السهل، فهل من ضمانة لتجويد التعليم في ظل فوضى الاعداد الكبيرة المحسوبة عليه!؟  فمثل هذه القضايا لا تعالج بالاندفاع او لمجرد إيجاد مخرج للهروب من مشكلة تعطيل الدراسة، لذا يكون لزاما عليكم  التريث والتركيز و النظر بجدية ومسئولية ، ما يتطلب وقفة جادة ومسئولة من الرئاسي وحكومته لمعالجة الموقف سريعا وان المعالجة الممكنة يجب ان ترتكز على أسس وقواعد علمية مضمونة النتائج ومواجهة الحقيقة بكل شجاعة رغم مرارتها والبعد عن الوعود الوهمية والعمل حثيثا على تجاوز هذه المرحلة الحرجة بكل واقعية.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 2

  • أبوحمزة

    انت تبي الحكومة تسكر رأسها و ماتزيد مرتباتهم والمدرسين مسكرين رأسهم ويريدوا الزيادة …والمدراس مقفلة ماعدا المدراس الخاصة والعام الدراسي مدته محدودة والمنهج يتراكم يوم بعد يوم…!!
    جميع دول العالم بدات عندهم الدراسة إلا نحن..!!
    كما تقول الحكمة عندنا (الذئب جيعان والنعجة مسكينة)
    السؤال الذي يفرض نفسه…بالله عليك كيف سيكون الحل فى نظرك فى ظل هذه الظروف؟

  • عمر المختار

    الحل بسيط عند الهادي الغناي لميمة ياوداده

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً