لا أحد يزايد.. فنحن نعيش الوهم ونتنفسه

لا أحد يزايد.. فنحن نعيش الوهم ونتنفسه

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

لا أدرى الى متى يستمر البعض يتنفس الوهم وينطق بما يخالف الحقيقة؟! اكاد أجزم ان اغلب الليبيين مصابون بداء غريب وهو داء وهم الاعتداد المزيف بأنفسهم!، اذ في الواقع لا يوجد ما يدل على ما يتوهمونه الا في مخيلاتهم! ليس تجنيا على الليبيين – وانا واحد منهم-  لكنها الحقيقة الساطعة التي تدمغ كل ذي بصيرة! للأسف الكثير منا يحسب انه مميزا عن غيره ويعيش حالة وهم حقيقي متجذرة في سويداء القلب! الكثير منا يشعر بأنه الأكثر وطنية وهو سيد الزمان والمكان المبجّل على من سواه من شعوب الأرض قاطبة.

لنسأل أنفسنا ونتحرر من كبرياء غرورنا المزيف، هل فكرتم معي، لماذا نحتقر الآخرين من شعوب الأرض الذين ينتمون الى دول فقيرة؟! فهل نحن من صنعنا الثروة التي في ليبيا ام وهبها الله لنا؟! ألسنا نحن الواهمين الغافلين الذين نعيش خارج دائرة الفعل، عالة على غيرنا من شعوب الأرض كافة! لا تستغربوا فنحن الحقراء وهم النبلاء! فأي شعب مستهلك مبذر نحن؟! ألسنا نحن المسرفين المستهلكين حين نملأ الأرض قمامة؟! ثم ننتظر في بلاهة من ينظف لنا قمامتنا من ذوي البشرة السوداء والصفراء؟!

أي صنف من البشر نحن؟! ألسنا من يأكل لحم بعضنا سرا وجهرا؟! ونتلذذ بموائد السحت من ارزاق لم نبذل فيها حبة عرق واحدة! السنا نحن من ينتظر مرتباتنا كالمنحة التي يتقاضاها العجزة نهاية كل شهر!؟ ونغضب ونقيم الدنيا لو تأخرت عنا في المصارف، ونحن ندرك اننا نتأخر عن اعمالنا دائما، او لا نأتي اليها مطلقا! فأي صنف من البشر نحن؟! اليس منا المزايدين الراكبين في قوارب السلبية وتيار قلة الحياء؟!، المتاجرين بالشعارات الجوفاء اما تزلفا للحاكم او طمعا في مكرمة منه، او خوفا يبعدنا عن شرف التعفف عن الفتات!

أي صنف من البشر نحن؟! حين يكون منا المزايدون الذين عندما يتقلدون مناصب الحكم، ينسون غيرهم وتضيق دائرة تفكيرهم الا على اقاربهم ومعارفهم وقليل من قبيلتهم، المزايدون عندما يتمكنون من كراسي السلطان يتجاهلون وطنا وشعبا بأكمله وينكمشون على أنفسهم ككومة قش واهية! ثم يرمون أنفسهم عبثا في وحل الفساد المشين، ويعودون الى جاهليتهم القديمة متمترسين خلف سواتر الجهل والقبيلة النتنة والقبلية المقيتة.

أي شعب هذه بعض من صفاته؟! أي جنس من البشر أنتم أيها المزايدون في غير انتظام، واي عار تكتبونه في تاريخكم المزيف؟! فأنتم لم تبنوا بلدا ولم تعمروه، وانتم حين تتاح لكم الفرص لا تجيدون غير سبيل الهدم والتخريب، فاستحققتم بامتياز ان تكونوا معاول هدم ودمار وتشهد على ذلك مسيرة 7 سنوات كاملة، من الفوضى والفوران اللامسئول بعد ان اسقط سيدكم وكنتم تهللون وتكبرون! ثم انقلبتم على بعضكم تتقاتلون ودمائكم تسفكون وثرواتكم تنهبون وكرامتكم في وحل الفوضى تمرّغون!

كفى مزايدات فلا تاريخ يقبلنا لأننا مجرد شتات لا قاسم مشترك بيننا فيه الا حب ذواتنا، والتحيّز للقبيلة التي هي نقيض الديمقراطية والدولة المدنية، علينا ان نعترف بأننا لا زلنا نتأخر عن العالم بمئات السنين! هل نقول اننا لا زلنا في منتصف القرون الوسطى، لا ندرك قيمة الوطن ولا معنى الدولة المدنية المتحضرة! نحن مجرد غثاء اجوف، فحتى القبيلة التي نحاول التمسك بها رغم ان العصر تجاوزها! لا نجيد ونحسن الانتماء اليها بعد ان قفزنا على ابجدياتها ان يكون لها شيخا، له الأمر والنهي فنحن لا آمر ولا ناهي! قبيلتنا الجديدة صارت حاضنة لأبنائها القتلة وقاطعي الطريق والذين يخطفون الأبرياء لغرض الابتزاز! او الذين يقطعون عنا الماء او الكهرباء او النفط او الغاز! القبيلة التى صارت مجرد جلباب اسود تختفي تحته كل مظاهر الفجور والفتنة!

إذا لا أحد يزايد …وكفى غرورا زائفا! لنعود الى عقولنا ونعترف بأننا واهمون عابثون سلبيون مستهلكون لا منتجون! هيا نعرف قدر أنفسنا ونعترف على رؤوس الاشهاد اننا “القاصرون” عاجزون عن حكم أنفسنا، ولذلك ها نحن نتخبط في فوضى عارمة لا تبقي ولا تذر! هيا نعترف اننا في حكم القصر حتى اشعار اخر! فنحن لم نبلغ بعد نضج العقول، ويكفينا اليوم ان نحمد ربنا بأنه لا يزال هناك في هذا العالم من يقبل ان يكون لنا وليّا ووصيّا! لنعترف ونشكر الله ونعلن دون تردد ان الأمم المتحدة هي ولي امرنا والوصي علينا حتى اشعار آخر!

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً