كم هو جميل.. كم هو قبيح.. يا ليبيا

كم هو جميل.. كم هو قبيح.. يا ليبيا

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

– كم هو جميل عندما تنزل الى بلاد من بلدان العالم وتجد رجال الشرطة والمرور ينظمون حركة العبور والوقوف في الطرقات ويردعون مجانين السرعة حتى لا يسببون مآسي الصدم والدهس للأبرياء وكم هو قبيح عندما تكون في بلادك ليبيا ولا تجد رجال شرطة المرور الا تظاهرا وتجد حركة السير والوقوف في الطرقات مشوشة تمور في الفوضى لا تعتمد على ادني قاعدة مرورية وتجد مجانين السرعة يصدمون السيارات ويدهسون الابرياء في صورة منفلتة غير معقولة صنفت فيها ليبيا اول دولة في العالم في حوادث الطرق ولا جدير بهؤلاء الا قيادة البغال والجمال والحمير وليس قيادة السيارات .

– كم هو جميل ان تنتقل في بلاد من بلدان العالم في طرقاتها وساحاتها وربوعها وتخترق مجاهلها مطمئنا امنا وفي بلادك ليبيا تنتقل متوترا قلقا تنتظر ان يقطعوا عليك الطريق ويسطون على سيارتك وما تملك ويسطون حتى على روحك وفي وضح النهار وامام اعين الناس وامام اعين الشرطة والجيش المزيفين.

– كم هو جميل ان تجد مشافي الدول الاخرى تستقبل المرضي وتحوطهم بعناية طبية كاملة وفي بلادك ليبيا لا تجد مشفى يستقبل المرضى وإذا استقبل المرضى فتوقع ان يكون الموت هو الشافي لهؤلاء المرضى فسبل الموت هي المتاحة أكثر من سبل الحياة لانعدام الادوية ولرحيل أفضل الأطباء الليبيين من هذه المشافي الى الدول الاخرى حيث كم الجمال.

– كم هو جميل ان تجد مدارس الدول الاخرى مدارس للعلم والدراسة وفيها مراعاة للمشاعر وتكريم لقيمة الاطفال وكم هو قبيح ان مدارس ليبيا معاقل لتعذيب الاطفال ولتكريس الجهل وقد وصل حد تعذيب الاطفال في هذه المعاقل التي تسمى مدارس الى كسر عظام ايادي الاطفال والى ضرب رؤوسهم على الجدران ورج أدمغتهم.

– كم هو جميل ان تجد بلدان العالم الاخرى مانحة بمسؤولية لحقوق مواطنيها وكم هو قبيح ان يكون الليبيين محرومين من ابسط حقوق المواطنة لا يستخرجون مستند رسمي او جواز السفر الا بعد دفع رشوة او بعد التوسط.

– كم هو جميل ان تشعر وانت في مصرف من مصارف الدول الاخرى أنك سيد من السادة وكم هو قبيحا ان تشعر أنك عبدا من العبيد امام مصارف ليبيا تتسول بين زحمة المتسولين وتتعرض للشتم والركل والصفع وحتى القتل وتبكي بمرارة إذا لم يفضلوا عليك بفضلات الدنانير ولا احد يحس ببكائك وكأنهم يقولون لك مت بكاءً.

– كم هو جميل ان تجد بلدانا تحمي غذاء ودواء وكساء شعوبها من الغلاء المتفحش ومن الغش وكم هو قبيح ان يكون غذاء ودواء وكساء الشعب الليبي في مهب الغلاء ومهب الغش والتلوث.

– كم هو جميل ان تجد بلدانا تعاقب من سرق دينارا اومن اراق قطرة دم او من سبب ألما في النفس ودمعة من عين وكم هو قبيح في ليبيا ان يفلت من العقاب من سرق ملايين الدينارات ومن اراق انهار من الدماء ومن سيل دموعا بل يكافئ ان يكون حاكما.

– كم هو جميل ان تجد حكام بلدان العالم لديهم ارادة النهوض ببلدانهم ولا يبالون بالعواقب في مجاهدة التعقيدات لأجل صالح شعوبهم وكم هو قبيح ان تجد حكام ليبيا تشريعيين وتنفيذيين ليس لديهم الا ارادة النوم والانغماس في الملذات في القصور وفي فنادق الدول الاخرى على واقع ليبي يتطلب بدل المساعي وطواف المراعي والمجاهدة الحازمة دون دواعي.

ان كم الجمال في البلدان الاخرى هو مفخرة وعزة لحكامها مهما كانت ظروفها وكم القبح في ليبيا هو عار وخزي على حكام ليبيا رغم ان ظروف النهوض من القبح بليبيا متاحة ولكن القبيح لا يعطي الا قبحا وما قبح امور البلدان الا من قبح حكامها وما جمال امور البلدان الا من جمال حكامها ويبقى القبح في ليبيا ما بقي الصمت وما بقي السكون وسيبقى الصامت الساكن متمتعا بالقبح ففي العالم الانساني هناك من يتمتع برؤية وسماع القبح وأولئك هم الخارجون عن منظومة الانسانية وعن منظومة الحضارة.

[su_divider top=”no” size=”1″]

* السادة القراء الأعزاء ممن يتابع مقالاتي وممن اراد الاطلاع على افكاري حول مستقبل ليبيا مابعد يوم 17- 12- 2017م وما قد يعقبه من احداث فبأمكانه الاطلاع على تصريحاتي في صحيفة القدس العربي او على الرابط الآتي:

http://www.alquds.co.uk/?p=846271

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 2

  • فتحية

    صحيح ان العهد الفوضوي ضيق علي الشعب الخناق وقيده وحاصره ولم يكف عن خلق المنغصات له في كل مناحي الحياة ومن لم يقتنع بفكره وكتابه سوف ينعث بالجهل و ينبد ويطارد ويشرد وربما يقتل … ولكنه في المقابل لم يمنع الاسرة من تنشئة ابنائها التنشئة السليمة والمهدبة وهي اللبنة الاولى التى تؤثر في الفرد وفي سلوكه وفي تعامله مع محيطه , يرجع السلوك اللاحضاري والانحلال الاخلاقي الى تدني مستوى الوعي الثقافي لدي شريحة كبيرة من افراد المجتمع الليبي والدي يعتبر فيه الفرد الكسب المادي هو المكسب الوحيد في الحياة وفي سبيل الوصول اليه مستعد ان يدوس على كل القيم والمبادئ الاخلاقية . المجتمع لم يتغير بالتعليم وانما جعل التعليم ينصاع اليه والى عاداته وما ورث من فكر متخلف وهمجي .

  • محمد علي المبروك

    لك بالغ تقديري سيدة فتحية ، وليس لي من قول الا ان اقول ان كلامك هو اضافة قيمة على المقال لايقل قيمة عن كل المقال ، حفظك الله

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً