حديث الروح

حديث الروح

ليبيا حضن الجميع وغاية شريفة وهدف عظيم يجب أن يجمعنا للخروج من هذا المأزق اللعين لتبقى ليبيا وطن وتاريخ شعب أصيل كريم ونضال شريف شارك فيه كل أبنائها بولاء للوطن وبإرادة صادقة جمعت كلمتهم ووحدت صفوفهم لمواجهة كل ظلم وعدوان وطغيان تعرضوا له عبر الزمن وهذا الولاء للوطن وحده من سيجمع الليبيين لصنع حاضر أفضل لهم ومستقبل زاهر للأجيال.

وعندما أؤكد بأن يكون الولاء للوطن هو زادنا في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ شعبنا فان ذلك يحثم علي دعوة الليبيين لتغليب لغة العقل ومصلحة الوطن على لغة الاحتكام للقوة وللمصالح الشخصية والحزبية القزمية ولاستنهاض همم الرجال وتحريضهم بضرورة الحرص على عدم بناء مؤسسات الدولة الوليدة وأجهزتها التنفيذية المتعددة على الولاء لأفراد بل على الولاء للوطن لأن الافراد بشر ماضون لا يملكون الخلد في هذه الحياة الدنيا ..لا اقصد من ذكر هذه الحقيقة التقليل من قيمة الفرد ومن الدور الذي يؤديه في حياة المجتمع بل على العكس من ذلك .لان الفرد هو أداة التغيير ومحرك المجتمع وصانع مستقبله ولا يخلو تاريخ المجتمعات البشرية من ذكر أفرادا كانت لهم رسالة أحدثوا تغييرا في حياة مجتمعهم وفي العالم أيضا بغض النظر عن ماهية وغاية ووسيلة وأهداف التغيير وكيف كانت نتائجه وعواقبه وتأثيراته في حياة المجتمع!

ولكن لا يحق للفرد بأن يتأله ويعلو في الأرض ولذا فلابد من العمل بقوة من اجل ضمان استقلالية الأجهزة الرقابية والقضائية وتحررها من سيطرة أي قوى سياسية لضمان عدم طغيان الفرد من خلال ممارسته السلطة وتدرجه في مراتبها بمؤسسة الدولة..

فالله وحده من لا يشرك في حكمه أحد وهو الفعال لما يريد ولا يسأل عز شأنه عما يفعل وهم يسألون!!! ولذا يجب ان تتغير مفاهيمنا عن الدولة ورموز السلطة فيها هي ذلك الغول السياسي والالة الضخمة التي تفرض سيطرتها بالقوة على البلاد والعباد وتصبح الطاغوت في الأرض بل على العكس من ذلك لأن الدولة كمؤسسة لا تكون الا بالفصل بين السلطات فيها وهي مجرد مؤسسة خدمية للشعب ورموز السلطة فيها هم موظفون خاضعون للقانون ومعرضون للمسألة والمثول أمام القضاء أسوة بكل أفراد المجتمع.. هذا ما تؤكده مفاهيم الانسانية والعقل البشري عن الديمقراطية هذا إذا أردنا تأسيس دولة المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون.

أهم قواعد الديمقراطية تؤكد بأن الشعب هو صاحب الأرض والمالك الشرعي لثرواتها وهذا يدعونا بلغة العقل الى فصل المال عن السياسة ورفع صلاحيات مؤسسة الدولة والسلطة السياسية عن أموال الشعب كخطوة صحيحة سليمة نحو دولة الديمقراطية لأن المال في الأساس للشعب صاحب الأرض وليس للدولة!

الفرد بوعيه السياسي والوطني والثقافي والعلمي رقم صحيح في المعادلة وهو عامل جوهري في صنع التغيير بأي مجتمع وعدم تأسيس وبناء الدولة ومؤسساتها الخدمية العامة على هيمنة النخبة واستحواذ القلة وعلى ثقافة الاحتكار للسلطة والمناصب القيادية ليس الا تأكيدا لحق الفرد في الحصول على الفرص السياسية والاقتصادية أسوة بالأخرين من أبناء مجتمعه وهو انحيازا لقيم العدالة الاجتماعية ولحق لجموع التي أرادت الحياة وخرجت من أجل احداث التغيير الى الأفضل في حياتها وحياة مجتمعها.. لذا فلابد من أن تكون معايير امتلاك الشرعية وممارسة السلطة وفق احترام القواعد العادلة للديمقراطية كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية دون تمييز أو تفريق لكل أفراد المجتمع على أسس وضوابط سليمة وبوسائل شريفة وفق ارادة الشعب دون السماح باحتكارها لأحد. لأن الاحتكار وثقافته هو العدو المشترك للشعوب على مر العصور!

ويبقى الانحياز للعدالة الاجتماعية هو السبيل الوحيد لتحقيق الحرية والكرامة للشعب الليبي الكريم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً