مساوئ المربع الأول وعواقبه الوخيمة والمخرج الحتمي

مساوئ المربع الأول وعواقبه الوخيمة والمخرج الحتمي

لعنة المربع الأول التي اعتقدنا أنها قد أصابت القذافي فجعلته يصدق ويزعم الأخرين بأنه ليس بحاكم ليبيا مستغلا أفكارا انسانية نبيلة للتستر خلف وجوده في أعلى هرم السلطة واحتكارها لعقود مخادعا الجموع التي خرجت تصدقه ببراءة وعفوية صادقة بأنه لا يملك السلطة والثروة والسلاح  وأنها بيد الشعب , هذه اللعنة * ثقافة احتكار السلطة *  أصابت العديد ممن نراهم اليوم تصدروا المشاهد بعد أن استولوا واستحوذوا في غفلة من الشعب على مصادر القوة من أموال وسلاح واعتلوا عبر أحزاب وهمية كراسي السلطة بها وبالمجالس وتقلدوا المناصب بمكر وعهر سياسي وبسم الديمقراطية الوليدة في دولة فاشلة لا تملك أدنى مقومات وأسباب ومتطلبات وجودها الشرعي وأمنها وسلطاتها و سلامة مواطنيها واستقرارها على أرض الواقع!

التحرر من ثقافة احتكار السلطة مسألة مرهونة بقضية تحرير عقول وبولادة ثقافة بديلة وبتوافر ظروف مناسبة وتوقيت مناسب ونوايا صادقة باحترام ارادة الشعب واحترام ميثاق شرف المهنة وبالالتزام الأدبي بأخلاقيات العمل السياسي ومن خلال الوصول الى رؤية مشتركة وفق ثوابت وطنية ودينية لحل الخلافات والتوافق على رسم معالم المستقبل القريب ومعالم الدولة التي يريدها الشعب بكل مكوناته السياسية والاجتماعية والثقافية.

فاذا كانت أهداف القوى من التنظيمات والجماعات التي تدعي الوصاية على الاسلام هو تطبيق الشريعة في المجتمع الليبي فذلك لا يقودها الى استخدام السلاح والعنف والقتل والتدمير  لفرض هذا الاتجاه على الشعب العربي المسلم الليبي لأنه مسلم منذ مئات العقود دينه الاسلام  ومذهبه مالكي ولا وجود لمسلم  بين الليبيين  يعارض تطبيق شرع الله في حياة مجتمعه أو يعارض اتباع سنة نبيه العظيم .وتطبيق الشريعة في المجتمع الليبي لا يقودها بالضرورة للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح  واحتكارها من أجل تطبيق شرع الله وما من سبيل آخر متاح لمن يدعو ويسعى الى تطبيق شرع الله عبر سبيل اتباع هدى الرسول الكريم في دعوته لهذا الدين العظيم . فرسول الله لم يكن قاتلا ولم يستولي على أي أموال ولم يسعى لسلطة أو جاه وسلطان ومنصب وتمكن بخلقه العظيم من أداء هذه الأمانة العظيمة الى العالمين فنصح الأمة وكشف الغمة!

أما إذا كانت أهداف هذه القوى التي تدعي الوصاية على الاسلام وتتخذه ستارا وذريعة وتزج به في المعترك السياسي هو الوصول الى السلطة وسدة الحكم فذلك لا علاقة له بتطبيق شرع الله. وعليهم أن يدركوا بأن تأسيس دولة مدنية للعدالة الاجتماعية وللمؤسسات الديمقراطية ولسيادة القانون هو الطموح النبيل للشعب الليبي الكريم وهم يملكون حق الترشح والانتخاب أسوة بكل أفراد المجتمع، فالوصول الى السلطة وتحمل أمانتها ومسؤولية ممارستها حق لكل مواطن شريف وهناك بالهيكل التنظيمي لمؤسسة الدولة متسع وعدد كبير من المناصب وكراسي السلطة ومن الوظائف القيادية ما يتيح لهم ممارسة حقهم أسوة بالأخرين وفقا لإرادة الشعب واختياره لأنه وفقا للقواعد العادلة هو صاحب الشرعية الدائمة ومصدر السلطات وقد اختار الليبيون نظام الديمقراطية وصناديق الاقتراع وسيلة لامتلاك الشرعية وتملك السلطة وممارستها لأجل معلوم وزمن محدود تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن!!

واذا كان لهذه القوى تصور أخر لنظام حكم  رشيد  فليبادروا ببيانه و بطرحه على الشعب الليبي وقواه السياسية والاجتماعية والثقافية وليتركوا  الشعب بإرادته الحرة يقرر قبوله من عدمه فان كان أفضل من نطام الديمقراطية المعاصرة والسائد في العديد من دول العالم حولنا اليوم فان الليبيين لن يترددوا في قبوله والعيش وفق مفاهيمه واحترام قواعده .فلم يعد أحد من الليبيين خارج دائرة الصراع يجهل حقيقة الصراع  الدائر في ليبيا اليوم الذي كان ولا زال من أجل الوصول الى خزائن الدولة والاستيلاء عليها ..رغم الحجج الواهية والوعود الكاذبة والشعارات المزيفة التي تبجح بها كل هؤلاء الساعون لاحتكار السلطة والاستئثار بالحكم  نيابة عن الشعب فقد صدق رسول الله محمد في قوله أن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي في المال.

نعم أقولها بصوت الحق على لسان معاناة الجموع اليوم لم يعد عامة الليبيين يملكون ثقة في هؤلاء الساسة الذين تصدروا المشاهد وسرقوا ونهبوا أمواله دون وجه حق وعلى هؤلاء اللصوص إدراك هذه الحقيقة جيدا في هذا الوقت الحرج الذي تقف فيه البلاد على عتبة انتخابات قادمة وعليهم المبادرة بتحرير أنفسهم من الأحقاد والضغائن وتحرير عقولهم من ثقافة الضلال والطغيان ومن المربع الأول وبإرجاع ما سرقوه من أموال الى خزينة الشعب وبإرجاع السلاح الى معسكرات وثكنات الجيش لأن حامل لواء الديمقراطية لا يحمل السلاح.

واذ أشير الى مساوئ المربع الأول والى رموز الديكتاتورية وأنظمة الطغاة وحقيقة استبدال ثيابها ووجوه رموزها  اشير الى هذه الاوضاع المهينة التي وصلت لها ليبيا والليبيون اليوم بسبب هذا الصراع السلبي من أجل احتكار السلطة وأدعو الى ادراك أهمية وضرورة والفائدة العظيمة للتحرر من ظلام المربع الأول  فقد ضاق صدري وصدر كل ليبي غيور من أزمة الوطن ونكبته واستمرار معاناة الجموع من أبناء وطني ومن مشاهدة مهازل العبث السياسي ومن تواصل الأحداث الأليمة التي تنال من مقدراتنا المادية والمعنوية في الحياة  ومن استقرارنا ومن سلمنا الاجتماعي ومن أمننا القومي وتقف عائقا وحائلا دون بناء دولتنا الجديدة التي نريدها دولة للعدالة الاجتماعية وسيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية لا أريد اطالة الحديث عن عواقب البقاء  أسرى (ثقافة احتكار السلطة) وتأثيراتها السلبية على حياة المجتمع والتي أصبحت واضحة للعيان ولا أريد تحليل معطيات واقع الحال الذي يعيشه الليبيون اليوم  بقدر ما يهمني  المخرج السليم من هذا الصراع  الذي قادنا الى نفق مظلم وأوصلنا الى أوضاع مزرية ومهينة للعباد والبلاد بسبب هذه الثقافات المظلمة * ثقافات التبعية واحتكار السلطة *  التي هيمنت على عقول العديد ممن تصدروا ويتصدرون المشهد السياسي والمليشياوي في ليبيا اليوم بعد انهيار نظام قمعي رفض الليبيون استمراره في السيادة عليهم وعلى الوطن . واذ تلعب وسائل الإعلام دوراً رئيساً وفاعلاً في تشكيل سياق التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي في المجتمعات المختلفة، حيث تعكس طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين النخبة والجموع فان الحاجة أصبحت ملحة لوجود مؤسسة وطنية اعلامية مستقلة تمارس دورها الحضاري و الارشادي والتوعوي في حياة المجتمع  من اجل القضاء على ثقافات الاستبداد واحتكار السلطة والتبعية ..فالاستبداد السياسي الجاثم على صدر الشعب، هو الذي يعرقل انطلاقته الحضارية الجديدة، وهو الذي يكبله بالمزيد من الكوابح التي تحول دون التقدم والتطور السياسي والحقوقي والحضاري. من هنا تتشكل الحاجة الماسة إلى تفكيك ثقافة الاستبداد والديكتاتورية والتبعية في الفضاء الثقافي والسياسي، وبناء فكر وطني وثقافة سياسية جديدة، قوامها العدالة الاجتماعية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وقواعد الديمقراطية.

فالمسؤول الأول عن إخفاقاتنا المتتالية هو الاستبداد والاستئثار بالرأي والقرار والاستفراد بالسلطة واحتكارها.. وذلك لأن الاستبداد بمتوالياته العديدة والخطيرة، هو الذي يؤسس للفشل والإخفاق، ويشرع للهزيمة والانكسار. فحيثما كان هناك استبداد سياسي. توافرت كل موجبات الإخفاق والهزيمة. بل لا يكتفي فعل الاستبداد بذلك، بل يحاول إسقاط كل عناصر القوة في الشعب ذلك من أجل ضمان ديمومة استبداده واستمرار ديكتاتوريته. لذلك فإن الخطوة الأولى في المخرج السليم لأزمتنا هذه هو نبذ الاستبداد وتفكيك ثقافية وموجباته، ودحر مبرراته، ومقاومة رموزه ومؤسساته. وبدون إزالة الاستبداد السياسي، ستبقى كل التطلعات مجردة، وكل الأعمال والأنشطة بدون أفق حقيقي.

ومن هنا ينبغي أن تتجه كل الجهود والطاقات لمقاومة ثقافة الاستبداد واحتكار السلطة، وإرساء معالم ثقافة بديلة وحقائق سياسية واجتماعية جديدة تستند إلى قيم العدالة الاجتماعية والديمقراطية والشورى والتداول السلمي للسلطة. وهذا بطبيعة الحال، بحاجة إلى ثقافة سياسية جديدة، ثقافة بديلة تتجه إلى صياغة العقول وبناء الحقائق على هدي هذه الأسس والمرتكزات. فالاستبداد هو أم الرذائل كلها، ولا خيار أمامنا إذا أردنا الأمن والتنمية والاستقرار، إلا التحول نحو الديمقراطية وبناء نظامنا السياسي والتربوي والثقافي على أسس العدالة الاجتماعية والديمقراطية والمشاركة واحترام حقوق الإنسان. وإن عملية تأسيس ثقافة سياسية جديدة بديلة وبنائها، تتجاوز رواسب الانحطاط وموروثات الاستبداد السياسي، ترتبط بطبيعة الأهداف النبيلة والمتوخاة من هذه العملية. وعليه فإن الغاية المتوخاة من الثقافة السياسية الجديدة، هي إشاعة النمط الديمقراطي في الحياة العامة للشعب. بحيث تكون الديمقراطية كثقافة وآليات ووسائل ونظم متكاملة، هي السائدة في الحياة السياسية وإدارة شؤون الدولة والسلطة، كما هي جزء حيوي في النسيج الاجتماعي والثقافي. فالثقافة السياسية الجديدة التي ننشدها ونتطلع إليها هي ثقافة بديلة، تلك الثقافة التي تعزز التطور الديمقراطي والحقوقي في مجتمعاتنا، وتحول دون ظهور السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تقودنا إلى الديكتاتورية والاستبداد.

إننا بحاجة إلى ثقافة سياسية بديلة تعزز الخيار الديمقراطي في صفوف المجتمع، وتعمل على تهيئة المناخ لرفض كل محاولات تكميم الأفواه والعودة بالمجتمع إلى الأنظمة الشمولية التي تلغي الإنسان وحقوقه، وتحارب كل محاولاته للتحرر والانعتاق من ربقة الاضطهاد والقهر السياسي والاجتماعي.

إن الذي ساعد بشكل مباشر في تغول الأنظمة الاستبدادية – الشمولية في العديد من دولنا ومجتمعاتنا، هو الوعي الاجتماعي والسياسي المشوه، الذي لم يتعامل بفعالية وصدق مع مشروع الديمقراطية وحقوق الإنسان. إن هذا الوعي الممسوخ الذي يرحب بالاستبداد السياسي ما دامت السلطة في يده، ويتجاوز عن كثير من الانتهاكات التي تتعرض لها الحريات السياسية وحقوق الإنسان، هو أحد المسؤولين المباشرين عن تردي أوضاعنا وتدهور استقرارنا السياسي. وحاجتنا إلى الثقافة السياسية الجديدة، تنبع من حاجتنا إلى بناء وعي اجتماعي وسياسي جديد، يمارس القطيعة بكل مستوياتها مع ثقافات الديكتاتورية والاستبداد والتبعية ومع كل مسوغات تعطيل مشروع الحريات السياسية والديمقراطية الشاملة. ويبني هذا الوعي الجديد بحقائق العدالة الاجتماعية والمساواة وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة واحترام حق التعبير والاختلاف، وصياغة واقعنا كله وفق مقتضيات الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذه الثقافة السياسية الجديدة التي تفترضها استراتيجية الانتقال الديمقراطي هي – باختصار – الثقافة التي تحمل النزعة النسبية في وعي السياسة والمجال السياسي محل النزعة الشمولية (أي التوتاليتارية)، وتحمل التوافق والتراضي، والتعاقد، والتنازل المتبادل، محل قواعد التسلط، والاحتكار والتبعية، والإلغاء…

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 3

  • منير

    كلام كثير وفيه كثير من التكرار والخيالية والدعوة لمثالية غير موجودة حتى في المجتمعات التي يبني الكاتب تصوراته للديمقراطية بناءاً على ايدلوجيتها ، ايضاً لا يخفي حقداً على القذافي في صورة ما ساقه من تصوير لحالة اضطهاد عاشها الليبيون وديكتاتورية منعت كل اشكال الحرية وكأنه هو وحده من عاش ليبيا القذافي طيلة 42 سنة حتى يصور ان ما حدث من تجاوزات هي موروث بسبب القذافي وهذا تجني لا يصدر عن مثقف بل عن خصم او عدو .. كلام كثير تناوله المقال وكان يمكن ان تكون الدعوة في هذا المقال صادقة لو كانت متجردة لكنها شابها التجني عن حقبة لم يرد ان يخرج منها اغلب الليبيين ويحت اليها اليوم اكثرهم بل يريد اكثرهم العودة لها فالبرغم مما فيها من سلبيات فهي الاقرب إلى النموذجية من غيرها ومن حرية الغرب الزائفة التي لا تطبق الا في الخروج عن الاديان او مخالفة الطبيعة واباحة الانحطاط.. والتاريخ خير شاهد على ذلك ..

  • حسني ناجي

    الديمقراطية وسيلة وليست غاية في حد ذاتها بل القاية هي العدالة الاجتماعية وفي تحقيقها ليس خروجا عن الاديات ايها المثقف !!!وثق في أن الليبيون يرفضون العودة للنظام الشمولي ولحكم الفرد ويعلمون جيدا ان ثقافة احتكار السلطة هي العدو المشترك للشعوب وهي الخصم اللدود للعدالة الاجتماعية …
    أما اتهامك لي لأنني أحمل حقدا على القذافي فهذا اتهام باطل لا اساس له من الصحة بقدر مت تشير الى حقيقة حقبة من الزمن عاشها الليبيون في طل بطش وطغيان حكم الفرد الشمولي وأكرر بأن الوعي الممسوخ الذي يرحب بالاستبداد السياسي ما دامت السلطة في يده، ويتجاوز عن كثير من الانتهاكات التي تتعرض لها الحريات السياسية وحقوق الإنسان، هو أحد المسؤولين المباشرين عن تردي أوضاعنا وتدهور استقرارنا السياسي

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً