أهالي تاورغاء، معاناة وخذلان وصمت مشين

أهالي تاورغاء، معاناة وخذلان وصمت مشين

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

بكل حرقة وألم وفيض من مشاعر انسانية جياشة، تخنقنا العبرات وتتجمد في شفاهنا الكلمات، حين تبهرنا شمس الحقيقة الساطعة التي لم تغب منذ 7 سنوات متواصلة، عن مشهد مأساوي يجسد معاناة عشرات الألاف من المهجّرين المشرّدين المبعدين عن ديارهم، في موجة من التهجير الجمعي لسكان مدينة كاملة تقع على شاطيء البحر المتوسط الجنوبي اسمها “تاورغاء”، يعجز اللسان عن وصف ما يعانيه الاطفال والشيوخ والنساء التاورغيات من ويلات التشرد وبؤس العيش وضنك الحياة الذي فرض عليهم طيلة 7 سنوات كاملة في عقاب جماعي يرقى الى جرائم ضد الانسانية من قبل جيرانهم!

لسنا بصدد الدفاع عن من ارتكب جرما، او انتهك حرمات البيوت، فأولئك يستحقون عقابا عادلا عن ما فعلوه من اي منطقة او قبيلة كانوا، لكننا مع الحقيقة الدامغة التي تقول، انه ليس من العدل ولا الانصاف، اتهام الجميع والتعميم في اي جريمة ترتكب، وان الأطفال والنساء والشيوخ من ابناء تاورغاء هم الابرياء الذين صيرّوا ضحايا، فقط لأنهم من ساكني هذه المدينة المنكوبة، لقد صبر التاورغيون كثيرا وذاقوا مرارة الانتقام الرهيب، الذي لم يستثن احدا، ولم يفرق بين بريء ومذنب الى ان حانت ساعة الحقيقة، وكسر العقلاء من مصراتة جدار الصمت الرهيب، واعلنوا عن اتفاق مصالحة مع جيرانهم من تاورغاء لتستمر الحياة.

استبشرنا خيرا، فبعد جولات ماراثونية طويلة بين لجان مصالحة من مصراتة وتاورغاء وبرعاية محلية واممية، تمكن الطرفان من التوصل الى اتفاق مصالحة تحت الاشراف المباشر للمجلس الرئاسي، الذي رعى مراسم التوقيع النهائي وتكفل باتمام كل الاجراءات المتعلقة بالتعويضات وجبر الاضرار، بالاضافة الى جهود توفيرالحماية الامنية وجهود اعادة الاعمار، ولقد حدد يوم 1 فبراير من هذا العام 2018 موعدا لعودة اهالي تاورغاء الى مدينتهم، ومع اكتمال التجهيزات والاعداد لهذا اليوم المشهود، استعد التاورغيون الى يوم العودة وانطلقوا في مواكب مهيبة من شرق ليبيا وغربها وجنوبها وشمالها قاصدين بلدتهم تاورغاء، لكن  ذلك الفرح الموعود عكرته معاول وأيادي لا تريد الاستقرار والسلام، من بعض العناصر المسلحة المحسوبة على مصراتة، والذين وبكل أسف اعترضوا مواكب العائدين وأجبروهم على التوقف والانتظار!.

لقد تفاجأنا جميعا من ذلك التصرف الغير مسئول والذي لا يصب مطلقا في مصلحة ليبيا الواحدة شعبا ووطنا، فبكل الحسابات الاجتماعية والسياسية والانسانية بعد رحلة 7 سنوات كاملة من المعاناة لا يمكن قبول مثل هذه التصرفات الغير المسئولة والتي لا ينجر عليها الا مزيد الاحتقان والغضب المفضي الى اتساع الهوة بين الليبيين، الأمر الذي يستوجب من عقلاء مصراتة سرعة التصرف واحتواء الأزمة وحلحلتها بكبح جماح اولئك العابثين من ابنائهم وثنيهم عن افعالهم اللاإنسانية والسماح لأهالي تاورغاء بالعودة دون ابطاء.

بقدر ما استغرب الصمت المشين من عموم الشعب الليبي في مثل هذه الازمات وهذه السلبية التي يبدو انها قد قتلت كل مشاعر الانسانية والتضامن ونخوة الوقوف مع المظلومين ونصرتهم، نستصرخ بقية من ضمير ان وجدت في الليبيين ان يهبوا لمعاضدة اهالي تاورغاء والخيرين من مصراتة لإتمام مشوار المصالحة ورجوع اهالي تاورغاء الى ديارهم وانهاء هذا الكابوس الطويل، فلا تتركوا اهالي تاورغاء لمزيد المعاناة، ولا تخذلوهم فإلى متى هذا الصمت المشين؟!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 9

  • نعمان رباع

    لا اعرف لماذا تاورغاء يذكرونني بشخصية اسمها راسبوتين والبهلوان في ان واحد والعاقل يفهم

  • عبدالله علي الجلاس

    أما قرأتم قول الله تعالى في سورة القصص ” وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين ” مشكلة مشاكلنا أننا دائما وأبدا نقرأ الأحداث من منظورنا الدنيوي القاصر ونبني على هذه القراءة الخاطئة مواقف أكثر خطئا ونظل خائفين مذعورين ممن هم أقوى منا لأننا فقدنا صلتنا بربنا الأقوى من كل قوي ، أليست هذه النقمة التي نزلت بأهل تاورغاء تذكرنا بما أنزله الله على غيرهم من الأمم التي عصت ربها فعاقبها بالإفناء أو بالنفي أو بسلب النعمة ! اقرأوا كتاب ربكم واعلموا أنه لا يكون في الكون إلا ما يريد وخذوا من الأحداث عظة وعبرة عسى أن تنصلح حالنا ويرحمنا ربنا ويشملنا بلطفه إنه سميع مجيب .

    تفاصيل الخبر على الرابط التالي: https://www.eanlibya.com/archives/157480

  • نعمان رباع

    اخي الفاضل عبد الله الجلاس هل تعلم هؤلاء زنوج تاورغاء يذكرونني بشخص نلقبه بالبهلوان وراسبوتين في ان واحد والعاقل يفهم

  • الشيباني معه هجرو من ديارهم

    كيف تسمح ادارة الموقع بمثل هذه التعليقات الخالية من اي انسانية تفوح منها رائحة الجاهلية و العنصرية ، و الذي يتحدث عن التهجير كانه جزاء وعذاب لهم انسيت ان رسول الله و من معه هجرو من ديارهم ونهبت ممتلكاتهم مع الفارق في القياس ، هل كان هذا عذابا لهم ،، اما ان تعذب اطفال لم يعقلو وشيوخا بجريمة الله وحده يعلم حقيقتها لان لا اثبات عليها كونها عملا منظما وبكل سفاهة تتحدث عن الظلم و العدل ،، اي سفاهة هذه و اي جهل ..

  • عبدالحق عبدالجبار

    أنا لست مع هذا أو داك و لكن لي سؤال … هل الفلسطنيين هجروا من ديارهم كان عذاب من الله ؟ و هل الليبيين الذين هجروا من قبل المحتل الايطالي الي جزيرة في إيطاليا كان عذاب من الله؟ و هل وهل و هل ….. اما بالنسبة لقضية تاورغاء و مصراته سوالي ما ذنب الأطفال و النساء و العجائز و لي سؤال هل هجر أهل مصراته كل نصراني اشتغل مع القذافي؟ ما نوع العلاقة بين السويحلي و أخيه ؟ مثلاً …المفروض ان يكون القضاء هو الحل علي اهلنا في مصراته ان يرفعوا قضية في من اعتداء علي مصراته و اَهلها من أهل تاورغا و غيرهم و علي الآخرين ان يرفعوا قضية في من اعتداء عليهم من أهل مصراته … و نترك القضاء يحكم و ان يكون عدد القضاء بعدد الدول التي تسير ليبيا الان يعني واحد من مصر و واحد من قطر و واحد تركي و واحد اماراتي و واحد إيطالي و واحد فرنسي و واحد مالطي و واحد بريطاني و واحد جزائري و واحد تشادي و واحد سوداني وووووو و الدفع لهم من المصرف المركزي بالعملة الصعبة و بعد ما تموت البقرة تحل المشكلة … شن رائكم؟

  • عبدالحق عبدالجبار

    أنا لست مع هذا أو داك و لكن لي سؤال … هل الفلسطنيين هجروا من ديارهم كان عذاب من الله ؟ و هل الليبيين الذين هجروا من قبل المحتل الايطالي الي جزيرة في إيطاليا كان عذاب من الله؟ و هل وهل و هل ….. اما بالنسبة لقضية تاورغاء و مصراته سوالي ما ذنب الأطفال و النساء و العجائز و لي سؤال هل هجر أهل مصراته كل من اشتغل مع القذافي من أهل مصراته ؟ ما نوع العلاقة بين السويحلي و أخيه ؟ مثلاً …المفروض ان يكون القضاء هو الحل علي اهلنا في مصراته ان يرفعوا قضية في من اعتداء علي مصراته و اَهلها من أهل تاورغا و غيرهم و علي الآخرين ان يرفعوا قضية في من اعتداء عليهم من أهل مصراته … و نترك القضاء يحكم و ان يكون عدد القضاء بعدد الدول التي تسير ليبيا الان يعني واحد من مصر و واحد من قطر و واحد تركي و واحد اماراتي و واحد إيطالي و واحد فرنسي و واحد مالطي و واحد بريطاني و واحد جزائري و واحد تشادي و واحد سوداني وووووو و الدفع لهم من المصرف المركزي بالعملة الصعبة و بعد ما تموت البقرة تحل المشكلة … شن رائكم؟

  • عبدالعزيز المنصوي

    لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
    يقول الله في كتابه العزيز (لا تزر وازرة زر أخرى ) العقاب الجماعي محرم في كل الأديان السماوية و حتى في الشرائع الوضعية وحتى في قوانين حمورابي ، لا يستطيع أحد الدفاع عن من انتهك الحرمات وأفسد في الأرض ولكن هو من يجب أن يعاقب ليس أخوه ولا ابوه ولا أبنه، التاريخ لا يرحم سيجل كل عقلاء مصراتة الذين طالبوا ورعوا عودة اهالي تاورغاء ( وكتبهم في قائمة الكبار ) الذين يدعون للمصالحة وعدم استيفاء الحق باليد وترك الضاء يقول كلمته في كل من أجرم وسيكتب قائمة الصغار الذين حرضوا ضد أهل تاورغاء وصبوا الزيت على النار وأججوا الفتنة في عملية مزايدات رخيصة لا تنطلي على أحد اللهم هدئ النفوس لتعود ليبيا وحدة واحدة وربي يهدي

  • محسن الوهابي

    هذه مشكلة مستعصية وحلها بسيط … حلها المال… مجموعات مصراته المارقة عن اجماع اهلها تريد ابتزاز الدولة بمشكلة تاورغاء … وما دامت ان الدولة عاجزة عن ارغامهم ادفعوا لهم ما يريدون وستحل المشكلة بين ليلة وضحاها …. ليس المال باغلي من معاناة اهلنا التاورغيين . كان الله عونهم
    اذا كانت الحكومة لا تستطيع الدفع نقوم نحن الليبيين بالمساهمة كل بقدر استطاعته … لا يغلي المال على البشر

  • عبدالحق عبدالجبار

    خوي محسن الوهابي السلام عليكم هذه المجموعات المارقة التي هي في جميع أنحاء ليبيا لا تريد موافقة حكومة للحصول علي المال الليبي مباشر أو غير مباشر …التموين لهذه المجموعات كان و سوف يستمر من الداخل و الخارج …لا اعتقد المشكلة مالية ولا اعتقد ان المشكلة في الشباب الذي ينتمي لهذه المجموعات المارقة الذين ياكلون في قشور الغلة و لكن المشكلة في من يترأس هذه المجموعات و من يترأس من يترأس للحفاظ علي المناصب …. يا اخي جذور المشكلة ليس في شباب المجموعات المارقة و إنما في البرلمان و الاعلي و الرئاسي …. هؤلاء الثلاثة يعتمدون علي هذه المجموعات للبقاء علي الكراسي الفرضي خلقت مصدر رزق لهولاء و لكثير من الدول

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً