خطابنا الديني هو المسؤول

خطابنا الديني هو المسؤول

حضرنا خطبة لصلاة الجمعة، وإذا بخطيبها يستغل العدد الكبير للجمهور ليشن حملة شعواء على الإخوان المسلمين وبأنهم خطر على الدين والإسلام!!! هذا الخطيب يتقاضى مرتبه من أرزاق الشعب الليبي على فكرة . وعندما يذهب الشباب البسيط المغرر به بهذا الخطاب العاطفي ليذب عن دينه (كما يعتقد) فيعتدي على مقر للإخوان أو يعتدي على أحد أعضائها، بالقتل ربما، من يكون المسؤول بالله عليكم؟! هؤلاء الشباب البسيط المتحمس لدينه أم هؤلاء المحرضين؟!

عندما تخرج علينا دار الإفتاء بالمفتي ونائبه وتقول أن فئة معينة من الليبيين كافرة !! وليتها كانت كافرة فقط، بل تتآمر على الدين والإسلام والمسلمين (طبعاً مصطلح ليبيا والليبيين لا تسمعه في مثل هذه الخطابات)، ماذا يفعل الإنسان البسيط الذي يحب دينه ومستعد أن يضحي بمهجة قلبه من أجل دينه؟ وعندما يفعل ما يفعل من يكون المسؤول بالله عليكم؟! (على فكرة دار الإفتاء تمول من أرزاق الشعب الليبي).

الاعتداء على قناة العاصمة من المسؤول عنه ؟ أتريدون معرفة من ؟ خطاب يشيطن الليبيين ويحرض بعضهم على بعضهم ، و الأنكى والآمر أنه يبرر هذه التصرفات الإجرامية !! يقول الشيخ ونيس المبروك: “… على تلك القناة- وغيرها – أن تفتش عن سياستها الإعلامية…”. وما هي سياستها الإعلامية لمن لا يعرف؟! محاربة الله ورسوله ودينه ونشر الفاحشة والرذائل والتآمر مع أعداء الأمة ضد البلاد والمسلمين!!!!

طبعاً الشيخ ونيس المبروك يمثل أقصى اليسار في الخطاب الديني!! أي أن هذا هو أقصى تجليات التيار المعتدل في الخطاب الديني!!! فلك أن تتخيل أقصى اليمين مقارنة بعقلية وفكر أقصى اليسار الاقصائية المصلحية النفعية التبريرية.

يقول صلى الله عليه وآله وسلم: “سألت ربى ثلاثًا فأعطانى اثنتين ومنعنى واحدة؛ سألت ربى ألا يهلك أمتى بالسنة فأعطانيها، وسألته ألا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها”.

وفي رواية: “إنى صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت الله لأمتى ثلاثًا فأعطانى اثنتين ورد علىَّ واحدة. سألته ألا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم فأعطانيها، وسألته ألا يهلكهم غرقًا فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فردها علىّ”.

سياق الحديث الهلاك، والمعنى أنها لا تهلك من خارجها بل من داخلها أي بيد أبنائها!!! وهي بنظرنا هالكة بما حدث في ماضيها!! وهذا الحديث ليس مدعاة للاستسلام فما تُحدث به قد وقع. بل دعوى للعمل الجاد لرفع هذا الهلاك، وذلك بإدراك الإشكالية، وهي إشكالية ثقافية، رأس الهرم فيها ديني أو سياسي، وان كان من الصعب الفصل بينهما في هذا السياق.

للآسف و رغم نكابتنا ومآسينا منذ انتهاء الخلافة الراشدة مثل التكفير والتشريك والإقصاء و التبديع والشطب والإلغاء وغيرها، يكاد الحس النقدي الديني والتاريخي لتراثنا وثقافتنا منعدما من علماء الدين لدينا سواء في الأصول أو الفقهاء أو الحديث أو التاريخ والسيرة أو السياسة.!!! فنحن كم يريد إعادة إنتاج هذا الماضي الرهيب.

لو أخذنا أهل السنة والجماعة واستثنينا جميع فرق المسلمين الأخرى، والتي هي طبعاً في عقلنا الجمعي السني في النار وأهلها ملاعين فساق زنادقة أنجس من الكلاب!!! فإن القارئ الذي يستغرب من تكفير أو شيطنة البعض في عصرنا الحالي من شباب متحمس سيذهب استغرابه عندما يعلم أن أشهر علماء أهل السنة قد تم تكفيرهم من علماء مثلهم والعكس صحيح!!! البعض يستغرب ثقافة الإقصاء والتكفير والإلغاء المنتشرة بين شبابنا وهو استغراب مخادع، لأن الأصل في ذلك من عديد علمائنا، فهم من كتب ذلك وعلم شبابنا ذلك، ولا يريد من هم أحياء الآن الاعتراف بذلك ونقده و مراجعته.

نعم ثقافة تجيز قتل المبتدع تعزيراً!!!! ومن هو المبتدع؟! كما قال الغزالي كل منا مبتدع الآخر.

ماذا يقول أحد مشائخ تيار معين في ليبيا للشباب (على فكرة يتقاضى مرتباً من أرزاقنا ممثلة في وزارة أوقافنا العزيزة)، والمتحدث عنه هو المبتدع في ليبيا .. كيف تتعامل معه ؟!!! (تفضلوا):

يقول لهم (نقلاً): أنّ أهل السنة اتفقوا على القول بقهر أهل البدع و إذلالهم و إخزائهم و إبعادهم و إقصائهم و التباعد منهم و عن صحبتهم و عن مجادلتهم، و التقرّب إلى الله ببغضهم و مهاجرتهم!!!!

ويضيف : “قد علمنا أن الشرع يأمر بزجره و إهانته و إذلاله ، بما هو أشد من هذا ، كالضرب و القتل”. (الضرب والقتل)

أي: اقهروا، اقتلوا، اضربوا، اذلوا، ابغضوا!!!! ما هذا؟ إلى أين يقود هؤلاء شبابنا وليبي ؟! الأمر لا يحتاج عرافاً أو علم غيب، الأمر واضح إلى حرب أهلية!!!

كتب وكتيبات توزع في مساجدنا بها فتاوى وتقال علنا في مساجدنا علينا تقول مثل هذا الكلام وأكثر.

عندما تخرج علينا دعوات سخيفة ساذجة بعقلية العجائز (مع كامل احترامنا لعجائزنا فو الله فيهن من الخير ما لا يوجد عند كثيرين) دعوات تدعو للضحك عن تشيع وتنصير واستهداف للإسلام من شخصيات معروفة ويُحرض الناس وتستثار العاطفة ويتم الاعتداء على كنيسة أو نصراني أو سفير أو دبلوماسي شيعي أو نصراني من يكون المسؤول بالله عليكم؟

في مدينتا قام رئيس تحرير صحيفة أخبار اجدابيا بنشر آبيات شعرية لأحد الشعراء ، فيها آبيات سخيفة تمس الذات الإلهية والعياذ بالله ، وواضح أن الأمر كان بطريق الخطأ ، فخرج الرجل واعتذر في الإذاعة وكرر اعتذاره، ولكن ذلك لم يعجب البعض فانبرى بعض المشايخ للحديث للناس عن ذلك وتحريضهم باللغة العاطفية المشهورة ، فما كان إلا أن تم الاعتداء على الصحيفة !!! من المسؤول بالله عليكم؟!!

قبلها ، بعض الشباب البسطاء يذهب لشيخ في بلاد الحرمين فينصحهم بعدم إطاعة حكومتهم الشرعية خلافاً للعائلة المستبدة الفاسدة المفسدة التي تحكمه و التي يدعو لطاعتها، ويدعوهم للوقوف بوجه أعداء الدين من ليبراليين وعلمانيين الآن !! وربما لاحقاً الإخوان والجهاديين والصوفيين.

باختصار يدعو الليبيين لقتل بعضهم البعض وتخريب بلادهم!!!ولكن هذا الشيخ لم يحرض أهل بلاده على قتل شيعة بلادهم!!!!! طبعاً حكومتنا عوض أن تستنكر هذه الأفعال الخطيرة على أمن البلاد وتماسك نسيجها، وتطالب النائب العام برفع دعوى جنائية ضد شيخ آل سعود هذا وتحقق في من كان معه من شباب ، لم تفعل شيئاً وكأن الأمر لا يعنيها.

نعم هناك من العقليات والأفكار من لا تستطيع العيش إلا باختلاق أعداء، لا يعرف العيش بدون أعداء، لأن في مثل هذه الأجواء يغتال العقل وتحضر العاطفة، وعندما يغتال العقل وتحضر العاطفة تستثار الغرائز فتطغى على العاطفة، فنصبح مسوخاً بشرية، ولا نقول حيوانات، فالحيوانات لا تأكل جنسها، فهل شاهدتم نمراً أو فهداً يفترس مثيله؟

إلى مؤتمرنا الوطني، إلى حكومتنا، إلى كل شيخ وعالم دين يتقي الله وهذا البلاد الطيبة وأهلها، إلى كل مثقف وحكيم وعاقل، إلى كل من يحب ليبيا وأهلها، أنقذوا بيوت الله ومنابر رسول الرحمة والألفة صلى الله وعليه وآله وسلم من هذا الخطاب ومن الكتب التي ستدمر بلادكم بأيدي أبنائكم وتمزقها شر ممزق، وللآسف الشعب الليبي يمول مرتبات هؤلاء الذين يسعون لخراب بلادهم.

للآسف، بعد كل هذا يخرج علينا خطاب إعلامي وديني، اعتبره خائناً لله ولهذه البلاد وأهلها بسؤال (جبان) من هو المسؤول؟ نقابة المحامين هي المسؤولة!!!

هل لديكم فكرة عن تاريخنا الإسلامي؟ أقرءوا عن كارثة مدينة الري!!

في معجم البلدان لياقوت الحموي، هذه المدينة التي كانت من أبهى وأعظم المدن الإسلامية وأكثرها رفاهية وازدهاراً، اقرءوا كيف تحولت إلى خراب بسبب هذه الثقافة.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً