الخدمات الصحية في ليبيا وصلت تندر بوضع كارثي – من المسؤول

الخدمات الصحية في ليبيا وصلت تندر بوضع كارثي – من المسؤول

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

بسم الله الرحمن الرحيم

يوم 20 اغسطس 2013م، هو الذكري الثانية لتحرير عروس البحر وعاصمة ليبيا طرابلس. لقد كان يوم عسير وبعد الافطار انطلق اهل طرابلس كل في مهمته. انهم اهل وسكان طرابلس هم من ساهموا في تحرير هذه المدينة وبمساعدة الثوار من الجبل والزاوية وغريان وبعدها جاءت مصراته ومدن الشرق. في مثل هذا اليوم اجريت بعض الاتصالات ومن غرفة العمليات ببنغازي بعدد من الاخوة بطرابلس وكان اول اتصال مع د خالد المغبوب وكلفته بالبداء في أنشاء لجنة الازمة واختيار من يقودونها واعطائي تقرير عن المستشفيات في طرابلس كلما امكن. بعد تحرير طرابلس زرت المستشفيات الميدانية في تاجوراء وسوق الجمعة وكان هنالك فعلا عمل قام به اهل طرابلس واطباء طرابلس. هل هذا موثق واتمني ان يكون ذلك. بعد سنتان من تحرير العاصمة والتي هي اسيرة المليشيات الان وهي مستباحة من كل واحد واهلها يستنجدون بكل شريف ان يقف معهم وتخليصهم من هؤلاء. بعد سنتان من نجاح الثورة مازلنا نعاني من عدم اي شيء ملموس وغياب التطوير في اي شيء ولو حتي على الورق. نتهم في قطر ونتهم في الاخوان والعلمانيين والليبراليين والفدراليين ونسينا ان المشكلة فينا نحن. حيث لا نصدق في نيتنا من اجل هذا الوطن الا القلة. كانت تلك الأيام عصيبة وجميلة ولكن ما يحدث هذه الايام يجعلك حزين وكذلك تصاب بالإحباط وخاصة ان من شاركوا في هذه العمليات الان ابعدوا وهمشوا وبدأت عمليات الكيل لهم واقصائهم وسد كل شيء امامهم واتهامهم بالفساد والسرقات ولكن لا يعلمون ما الذي فعلوه هؤلاء الشرفاء طيلة ايامات التحرير. الحمد لله طرابلس وليبيا تحررت من الطاغية وتسير بخطوات بسيطة والكثيرون يعرقلون وصولوها الى الهدف ويحاولون وضعها في نفق مظلم ولكن هذا النفق سيهدم وتري ليبيا النور من جديد.

لقد اشتغلت لجنتي الازمة بوزارة الصحة ببنغازي وطرابلس قبل اعلان التحرير يوم 23/11/2011م، وقامت بأعمال كثيرة ومنظمة وشغل مستمر لتوفير الادوية والدم ونقل وتسفير الجرحى وفك عدة اختناقات بالمدن الليبية كلها. لقد وصل اعضاء اللجنة الى اقصي الجنوب وساهموا مساهمة كبيرة في منع أي كارثة صحية بليبيا اثناء الثورة وحتي بعد تحرير ليبيا وتم تسليم كل شيء الى الوزيرة والتي اول ما فعلته ان فككت هذه اللجنة وبدأت من الصفر دون ان تنظر وتستمر على نفس الطريق وبنفس الاشخاص الى ان تستقر ليبيا. للأسف استعانت بمجموعة وجزء منهم لا يصلح حتي موظف وصارت فوضي وبطاء شديد في الدفع بهذا القطاع ويستمر في معالجة الازمة وانما خلقة ازمات كثيرة والى حد اليوم يعيش هذا القطاع في تخبط واحباط وعدم وجود القيادات الجيدة لتسيره وتنهض به وتعطي نتائج ايجابية للمواطن والذي يعاني من كل شيء. يعاني من الخوف وقلت الامان ومن انقطاع الكهرباء وباستمرار وردأت الاتصالات واكثر شيء هو عدم وجود خدمات صحية راقية تضمن للمواطن الراحة والطمأنينة بأن علاجه سيكون بليبيا وتوفر له الخدمات. لكن لم يحدث هذا وفرحنا بقدوم السيد دوغمان رغم انني من الاول اعترضت عليه بحكم تجربتي معه ايام لجنة الازمة ببنغازي. حيث لا توجد لديه اي روح قيادية وبطاء في اتخاد القرارات وليس لديه فكرة عن الاولويات وخاصة اثناء الاحداث عندما كان عضو بلجنة الازمة ومسؤولا عن توفير الدم ومشتقاته للمستشفيات بالمنطقة الشرقية. دائما ينتظر في التعليمات دون ان يقوم بأي مبادرات وحدثت عدة مشاكل. لا اريد سرد بعض الاحداث وسيأتي الوقت لسردها عن دوره . المهم كما قلت فرحنا واقنعني كثير من الاخوة بأن نشتغل معه وذهبت وقابلته في شهر يناير 2013م وتناقشنا في عدة اشياء وطلب هو والقاضي (النائب الثالث) بأن نسمي له مستشارين وفعلت ولكن لم يفعلها.

لقد اتضح الان وقبل 3 اشهر من الان انه لا يشتغل بخطة عمل وليس لديه اولويات لكي يعمل عليها. لقد قلت له ان اهم الاولويات هي توفير الادوية وصيانة المعدات والاهتمام بالإسعاف وخاصة النساء والولادة. كذلك البداء في استجلاب اطباء زوار لأجراء عمليات المرضي داخل ليبيا واعطيته ثلاث مقترحات وبها الاسعار وكيفية العمل. بخصوص مرضي القلب اطفال وكبار وجراحة التجميل وكذلك جراحة المخ والاعصاب . حيث يأتي فريق كامل ويبقي في ليبيا 10 ايام ويجرى العمليات والتشخيص ويعالج من هو مناسب داخل ليبيا والباقي يذهبون الى بريطانيا. سيوفر حوالي 500الف جنيه استرليني على كل عشرة مرضي تجري عملياتهم بليبيا. لم يعير اهتماما ولم يكون حازم في قراره وخائف من مدراء المستشفيات وخاصة بنغازي الطبي وطرابلس الطبي. كذلك وجود رئيس ادارة والذي يصفه الوزير بأنه الصندوق الاسود للوزارة وهو من يعرقل في هذه المشاريع لأنه يريد ان يجلب هو ناس اخرين ربما يشتغل معهم. نتيجة هذا البطاء وغياب الاولويات وقلة الخبرة لدي بعض مدراء الادارات وابعاد الخبرات الجيدة من الوزارة، صار الوزير يدور في حلقة مفرغة دون نتائج وانعكس هذا علي المواطن المسكين والذي مازال يعاني الى اليوم. عندما تقابل الوزير هذه الايام يقول بأن لديه لجنة من الاتحاد الاوروبي وهي لجنة جل اعضائها من طرابلس واثنان من بنغازي وقليل من الخارج والذين لم يكن لديهم خبرة في مجال التخطيط والتدريب ولا يعرفون الكثير عن هذا القطاع واستعملوا سياسة الاقصاء والعمل بالدكنوني وغياب الشفافية. لم تحقق شيء الى الان رغم انها تأسست في بداية شهر مارس 2013 حسب كلام احد اعضائها.

هنالك كم هائل من القرارات والاصرار علي المركزية في اتخاد القرار وسحب صلاحيات الوكلاء واهمال المناطق وخاصة الجبل الغربي والمنطقة الشرقية. الرضوخ لمصراته والزنتان والزاوية، و صار هم الوزير والوزارة هو تلبية طلباتهم. وكيل الصحة في بنغازي هو سجين سابق وليس لديه خبرة في الصحة وانه صديق احد الاشخاص والذين يملكون شركة استيراد ادوية ومعدات وهو بنفسه صديق مقرب للوزير ومؤثر كبير على قرارات الوزير. ليس كل سجين سياسي قادر على قيادة منصب قيادي وخاصة من قضوا اكثر من 20 سنة داخل السجن. الاخطاء كثيرة والنتائج قليلة والمواطن يعاني ولكن ليس هذا ما نريد سرده كله ولكن هنالك امل مازال يطفو ونريد ان نقترح الاتي:

1- الاسراع بتفعيل لجنة الازمة في بنغازي وطرابلس والتي قادة العمليات اثناء تحرير ليبيا. يجب اختيار 6 اعضاء من كل لجنة واعطائهم الصلاحيات بعد الرجوع للوزير

2- يجب اختيار ثلاث وكلاء جدد ، واحد يترأس لجنة الازمة ببنغازي ويبقي بالمنطقة الشرقية واحسن واحد يقوم بها من عاصروا تحرير ليبيا وكان لهم دور في قيادة وزارة الصحة ايام التحرير. الوكيل الاخر في طرابلس ويقود لجنة الازمة بطرابلس والمنطقة الغربية والوكيل الثالث يكون شخص اداري كفاء يقوم بمساعدة الوزير في الاعمال الادارية بالوزارة والاشراف على كل الادارات بالوزارة. هنالك عدة اشخاص يستطيعون القيام بهذا وهم معروفين

3- يجب ان يكون الوزير الجديد ممن يملكون روح قيادية وجراءة في اتخاد القرار الصحيح ويجب ان تكون له اولويات تنفد خلال 6 اشهر وأولويات على المدي الطويل ستساعد من يأتي بعده لكي يستمر بها ولا يحتاج ان يبدا من الصفر

4- تفعيل كل العيادات المجمعة والمستوصفات بليبيا للتخفيف علي المستشفيات.

5- يجب تطعيم لجنة الاتحاد الاوروبي بخبرات وطنية لها خبرة في التخطيط والتدريب والتعليم والقيادة. هذا برنامج وطني ويجب ان تكون اللجنة من كل ربوع ليبيا وليست مقصورة علي مستشفيات طرابلس وبنغازي وبعض ممن ليس لهم خبرة في تطوير القطاع حيث لم يسبق لهم المشاركة او العمل في مناصب قيادية في الادارة والتدريب والتطوير

6- الاولويات تكون للأدوية والمعدات والاسعاف والعناية بمستشفيات الولادة وتحسين اداء ثلاث مراكز بليبيا لاستقبال الحالات الصعبة للتخفيف من ارسال بالعلاج بالخارج للمرضي والجرحى ودعوة اخصائيين واستشاريين لزيارة ليبيا من الاطباء الليبيين وغير الليبيين للكشف وعلاج هذه الحالات

7- وضع برنامج وخطط طويلة الاجل للنهوض بهذا القطاع واولها تنمية الموارد البشرية وتحسين وتطوير المستشفيات وتطوير مجلس التخصصات وكليات الطب

8- البداء في تطوير الرعاية الصحية الاولية واختيار شخصية قيادية لتقودها وليست الشخصية الموجودة الان لأنه ليس لديه اي خبرة في قيادة اي ادارة.

هذه بعض المقترحات للخروج من هذه الكارثة والتي حلت بوزارة الصحة بعد 30/11/2011م. السيد الوزير لديه اكثر من 7 اشهر بالوزارة وليس هنالك بوادر اي تغير. كل يوم تتغير ادارة ويطرد شخص ويأتي بشخص جديد ومن منطقة معينة. اصبحت الوزارة لا يعتد بها واصبح التهرب من مواجهة المواطن وتردي الاوضاع بالمستشفيات كثير. نتمنى من السيد رئيس الوزراء والمؤتمر الوطني العام اذا مازالت لديهم مصداقية ان يلتفتوا ولو قليلا لهذا القطاع الحيوي والخدمي. نتمنى ان يتم النظر وبجدية في اداء الوزير وتقيم عمله واذا هو قام بأشياء جيدة يساعدوه علي استكمال خطته واذا هو فاشل فيجب تغيره ووضع خطة جديدة مع الوزير الجديد واعطائه وقت محدد لتنفيذها وتوفير الامكانيات له. اصبحت الخدمات الصحية في ليبيا موضوع سخرية امام الجميع. حالات ترسل للخارج وهي ليست جديرة بأن تعالج بالخارج ويمكن توفير الامكانيات بليبيا لمعالجتها. الجرحى يرسلون يوميا للخارج للعلاج وزباده في اهدار الاموال. من الاخطاء الكبيرة والتي ارتكبها وزير الصحة هو ضمه الجرحى للصحة ومن المفروض ان لا يضمهم الان لأن الصحة بها مشاكل كبيرة وتحتاج الي شغل كثير.

الجميع يريد المساعدة ولكن الابواب مقفلة وهنالك من رجع ويريد المساعدة واقفلت الابواب امامهم. وليبيا تحتاج لكل واحد وهذه الثورة تسير الي نفق مسدود ويجب ان يفتح هذا النفق. من يفتحه ومن يساهم في فتحه لكي نري النور من جديد، هم الليبيين الشرفاء والوطنيين ومن وقفوا وساندوا وانجحوا هذه الثورة. هنالك شرفاء اشتغلوا بحماس من اجل الوطن ايامات التحرير والان مهمشين وهم خبرات جيدة ويجب الاستعانة بهم في بعض الادارات وخاصة في انجاح الاولويات.

ليبيا حرة وستبقي حرة ان شاء الله

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

التعليقات: 1

  • الناجى المنفى

    نشهد بالله انك صادق فى كل كلمة قلتها واننى احد المشتغلين فى الازمة والان اناعلى الرف والذى كان نائم هو الان المسؤل الاول

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً