سكاي نيوز: ليبيا.. أوضاع أمنية خارج السيطرة

LIBYA-POLITICS-UNREST-BENGHAZIلا تزال ليبيا تبحث عن الاستقرار، رغم مرور عامين على سقوط نظام العقيد معمر القذافي. فمنذ ذلك الحين، اختفى الأمن من شوارع البلاد، التي باتت مسرحا للمليشيات التي تفرض سيطرتها حتى على الحكومة، وغابت عنها كثير من مظاهر السيادة الطبيعية. وجاءت حادثة اختطاف رئيس الوزراء علي زيدان، الخميس، من قلب العاصمة طرابلس، لتجسد ما بلغه حال ذلك البلد الثري بالنفط، المبتلى في أمنه وهيبة نظامه. والمفارقة أن رئيس الوزراء المختطف كان قد ناشد، قبل أيام، المجتمع الدولي من أجل مساعدة بلاده على استعادة الأمن، مع السعي لإنهاء الفوضى السياسية واستئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب احتجاجات تضيّع على البلاد إيرادات قدرها 130 مليون دولار يومياً. وكان زيدان أعلن عن مبادرة للحوار الوطني طرحتها الأمم المتحدة، تشمل قضايا عدة أبرزها المصالحة الوطنية ونزع السلاح، لكن على الأرض لم ترتق الصورة لتوازي المطالب الشعبية بالاستقرار. وأشار رئيس الوزراء إلى أن جموع الشعب الليبي الراغبين في الحوار سينسجون خيوط هذا الحوار حتى يستطيع الجميع بناء الدولة، إلا أن بعض الجماعات والميليشيات المسلحة التي لا تزال مصرة على الاقتتال في ما بينها، ترفض الحوار وترك السلاح إلا بشروط تصعب على الحكومة الليبية ضم الأطراف تحت سلطتها.

ومنذ سقوط نظام القذافي وبدء العملية السياسية، والميليشيات تتحكم أكثر من القوات النظامية. ولأن ليبيا لم يكن بها جيش قوي، فقد وجدت الميليشيات، ومن بينها جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة أرضا خصبة للعمل. ولا يكاد يمر يوم لا يستهدف فيه عسكري ليبي من قوات الجيش سواء العاملين حاليا أو من تركوه. وتتوجه أصابع الاتهام دوما إلى المليشيات المسلحة، التي يبدو أن تصول وتجول في البلاد دون حسيب أو رقيب. ولم تتمكن أي حكومة ليبية حتى الآن من كبح جماح هذه المجموعات المسلحة، التي لا يدري كثير من الليبيين ما هي أهدافها أو توجهاتها، ولماذا تلقى هذا الحجم من المهادنة من سلطات البلاد. وتتنوع الجماعات المسلحة في ليبيا إلى ميليشيات قبيلة، وأخرى فكرية، وثالثة تعود لأشخاص ذوي نفوذ سياسي أو مالي. وتتمركز هذه الجماعات في المنطقة الشرقية والغربية والجنوبية من البلاد، ومجموعة أخرى في الجنوب. ويصعب هذا الانتشار الجغرافي الواسع للميلشيات على قوى الأمن الحكومية بسط سيادتها على ربوع البلاد.

وأثار انتشار الأسلحة في ليبيا مخاوف وقلق الكثيرين، لا سيما بعد الهجوم على السفارة الأميركية في طرابلس والذي راح ضحيته السفير الأميركي وثلاثة من موظفي السفارة في سبتمبر 2012. وعلى إثر هذا الهجوم، نظمت الحكومة حملة لجمع السلاح أسلحتهم ليوم واحد بالتعاون مع منظمات أهلية، إلا أن هذه الحملة على ما يبدو لم تؤت أكلها، إذ تلاحقت أعمال العنف في البلاد، وأبرزها استمرار اقتحام المؤسسات الحكومية ومحاصرة أخرى. ويفتح وقوع الأسلحة الثقيلة في أيدي جماعات غير منضوية تحت لواء الدولة، الباب واسعا لمزيد من العنف. ويقول سكان في مدينة طرابلس “إن الأسلحة في متناول الجميع، وهي منتشرة بكثافة في السوق السوداء وبأسعار زهيدة”. ويجوب شوارع العاصمة الليبية شبان مسلحون بالرشاشات ومدافع آر بي جي.

من جهة أخرى، كشفت منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان، قبل أسابيع، أن هناك تحركات مكثفة “لعناصر الجهاد الإسلامي والقاعدة من الشرق الليبي”. وأضافت أن “هناك آلاف المسلحين ممن عادوا إلى ليبيا بعد سقوط نظام القذافي من دول مثل باكستان وأفغانستان استقروا في الموانئ الليبية ومدينة مصراتة التي تحولت إلى معقل لعناصر القاعدة والميليشيات”. ولا عجب إذن أن ينزل الالاف إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم إزاء ما آلت إليها الأوضاع في ليبيا، خاصة تفشي ظاهرة انتشار السلاح، واستخدامه من قبل بعض الجماعات والأحزاب لتنفيذ أجنداتها الخاصة.

 

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً