خارطتنا وليست خارطة الأمم المتحدة

خارطتنا وليست خارطة الأمم المتحدة

كتبت نسرين عامر ما يلي: (اعلان دستوري جديد يمدد للمؤتمر 4 أشهر جديدة، وانتخابات لمجلس النواب ورئيس للدولة. من سمح لكي يا بعثة الامم المتحدة تقرري مصير ليبيا والليبين. لكي الله يا ليبيا، لكي الله يا ليبيا. أرفض هذا الاعلان الدستوري الجديد وخارطة الطريق اللي وضعتها بعثة الامم المتحدة التي سيعلن عنها يوم 24ديسمبر).

ومع احترامي للأستاذة نسرين، وتقديري أنها تقول هذا الكلام بناء على كلام سمعته من بعض الناس، أي بحسن نية، فإني أرى أن الكلام أصلاً بعيد كل البعد عن حسن النية.. فالزعم بأن الحديث عن خارطة طريق جديدة، هو من إبداعات، أو بالأحرى تدخلات الأمم المتحدة في الشأن الليبي، هو كلام عار تماماً عن الصحة.. بكل بساطة لأننا الحديث عن حاجتنا إلى إعادة النظر في خارطة الطريق، ليس وليد أمس أو أول أمس، بل بدأ منذ عدة أشهر، عندما أخذنا (عدد من المحسوبين من النشطين في المجال السياسي وأنا من بينهم) نتحدث عن تقديرنا لمدى تأزم الأوضاع التي انتهت إليها بلادنا وثورتنا، وحاجتنا من ثم لإعادة النظر في الطريق التي سرنا فيها، على ضوء الإعلان الدستوري، منذ 3/8/2011، للبحث عن بديل عن الطريق التي تبين لنا أنها مسدودة، وأنها لن تفضي بنا إلى أي أفق في سعينا لبناء الدولة (انظر مقالتي “البحث عن بديل عن الطريق المسدودة (25/7/2013)” على الرابط التالي (إضغط هنا).

وبعد نشر هذه المقالة بأقل من شهر، أردفت بنشر مقالة أخرى تحدثت فيها عن فكرة العودة للشرعية الدستورية، كأحد الحلول الممكنة للمأزق الذي نعانيه، وأردفت تلك المقالة بتصور محدد لخارطة طريق، يفصل خطوات تنفيذها وفق جدول زمني. (انظر المقالة على الرابط التالي (إضغط هنا) مبادرة استئناف الشرعية الدستورية نحو خارطة طريق جديدة (4/8/2013).

ومنذ عدة أيام نشرت مقترحاً بتعديل للإعلان الدستوري، يتضمن فكرة الدعوة لتنظيم انتخابات برلمانية (مجلس نواب) ورئاسية (رئيس دولة)، مع توصيف وتحديد دقيق لصلاحيات واختصاصات كل من السلطتين، والعلاقة بينهما، والدعوة لتبني هذا الإعلان المعدل كدستور مؤقت لمرحلة انتقالية جديدة، قد نتفق على أن تحدد مدتها ما بين سنتين إلى أربع سنوات.. (انظر هذا المقترح على الرابط التالي (إضغط هنا).

وإني لا أرى أني بحاجة لأن أقول إني لا أتحدث باسم الأمم المتحدة، أو أني لا علاقة لي مطلقاً بها ولا بممثلها في ليبيا.. كما أني على علاقة وثيقة بالعديد من أبناء الوطن الذين تحدثوا مثلي وقبلي وبعدي عن الحاجة إلى خارطة طريق جديدة، نشروها وتحدثوا عنها في وسائل الإعلام، وقدموها إلى لجنة خارطة الطريق التي شكلها المؤتمر الوطني، قبل أن يظهر أي حديث عن علاقة للأمم المتحدة بهذا الأمر.

فما الذي يجعل هذه الحديث يبرز الآن وفي هذا التوقيت؟ وليسمح لي من رددوا هذا الكلام، ومن بينهم الأستاذة نسرين عامر، بأن أعبر عن شكوك قوية في أن وراء الأمر غاية أخرى، غير ما يراد أن يلبس لهذا الكلام من غاية تبدو شريفة ونبيلة، وهي الحرص على استقلالية قرار ليبيا والليبيين، واستهجان أن تقرر لهم الأمم المتحدة ما يتعلق بدولتهم ومصير ثورتهم، بينما هي في الحقيقة غاية أخرى.. أسمح لنفسي بأن أقول بكل صراحة إني أشم وراءها أيدي عدد من إخواننا في المؤتمر الوطني، ممن يخوضون حرباً عنيدة وشرسة لتكريس فكرة التمديد للمؤتمر الوطني لمدة عام أو عام ونصف آخر.. فسربوا هذه الفكرة، لدغدغة مشاعر الليبيين الوطنية، وحساسيتهم الفائقة من فكرة التدخل الأجنبي، ليدفعوهم إلى رفض فكرة المطالبة بتعديل دستوري، يقوم على فكرة عدم التمديد للمؤتمر الوطني، اللهم إلا لبضعة أشهر، يسلم بعدها السلطة إلى مؤسستين منتخبتين انتخاباً مباشراً من الشعب هما: مجلس نواب ورئيس دولة.

وليعلم هؤلاء أن أبناء وطننا ليسوا غائبين عن الصورة وعن المشهد.. فهم يتابعون منذ زمن ما نكتب وما نتحدث به في وسائل الإعلام… ولقد قلنا مراراً وتكراراً إننا ندعو إلى تبني خارطة طريق جديدة، تشق لنا طريقاً جديدة نحو بناء الدولة، بدلاً من تلك التي جربناها منذ انتخاب المؤتمر الوطني العام، وتبين لنا فشلها وإخفاقها الذريع في إنجاز أي شيء، بل تبين لنا أنها أودت بنا إلى الانزلاق في مهاوي الانفلات الأمني، وانهيار هيبة الدولة وسلطانها، والعجز عن الخطو ولو خطوات محدودة في اتجاه بناء مؤسسات الدولة.

وإذا كانت بعثة الأمم المتحدة قد بادرت برعاية جلسات للحوار والتشاور بين نخبة من أبناء الوطن ونشطائه السياسيين، فهذا لا يعني مطلقاً أنها هي من يقف وراء المبادرات المطروحة للبحث عن خارطة طريق، ولا يعني أنها تمارس في مثل هذه الجلسات إملاءات أو وصاية من أي نوع.

فليعِ إخواننا من أعضاء المؤتمر الوطني الذين يسعون للترويج لفكرة التمديد للمؤتمر الوطني بعد السابع من فبراير 2014، أن هذه المحاولة التي يبذلونها هي محاولة مفضوحة، وأنها لن تنطلي على الليبيين، الذين سيظلون يبحثون عن خارطة طريق تنقذهم مما أوصلهم إليه المؤتمر الوطني وحكومته، وقد تفتح لهم أفقاً للتمكن من وضع أسس لبناء دولتهم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً