بيان إلى الرأي العام

بيان إلى الرأي العام

على الرغم من أنني لم أكن مطمئناً تماماً إلى نوايا المؤتمر الوطني من وراء تشكيل لجنة فبراير، لعدم وضوح المهمة الموكلة إليها، وما إذا كان رأيها سيعمل به أم يخضع لأساليب المراوغة والمساومة التي اعتدنا عليها في المؤتمر الوطني، وعلى الرغم من أنني أعلنت في بيان عام عدم استعدادي للعمل في هذه اللجنة ما لم يكن واضحاً تماماً أن مهمتها تتم في إطار تبني الخارجة (ب) التي تتحدث عن تعديل الإعلان الدستوري في اتجاه استحداث مؤسستين للحكم: تشريعية تتمثل في مجلس النواب، وتنفيذية تتمثل في رئيس الدولة، إلا أني، تحت إلحاح العديد من الأصدقاء من أعضاء المؤتمر الوطني ومن غيرهم، وما عبروا عنه من ثقة في قدرتي على المساهمة في القيام بعمل جيد، وأن عدم مشاركتي في هذه اللجنة سوف يمثل تخلياً عن المسؤولية الوطنية التي علينا جميعا أن نتحملها، فقد تراجعت عن قراري، وذهبت للمشاركة في أعمال اللجنة، وأحسب أني أسهمت في عملها بشكل إيجابي.

ولقد تبين لي منذ بداية التحاقي باللجنة ومباشرة العمل فيها أن ثمة نية مبيتة لدى بعض أعضاء اللجنة ممن تبين أنهم يمثلون كتلة أو تياراً معيناً داخل المؤتمر لإجهاض المسعى الأساسي الذي كنت أحسب أنه المقصود أصلاً بتشكيل اللجنة، وهو مسألة انتخاب رئيس الدولة، فقد أصر عدد من أعضاء اللجنة على رفض فكرة الانتخاب المباشر لرئيس الدولة، وأخذوا يحاولون الترويج لتبني فكرة انتخاب الرئيس بطريقة غير مباشرة، أي من خلال البرلمان (مجلس النواب).

ولقد تبين لي بوضوح أن هذه النقطة بالذات سوف تكون نقطة الخلاف الجوهري، وسوف تؤدي إلى إجهاض مقترح لجنة فبراير من أساسه، إذ عبر عنها بدون أي لبس أعضاء اللجنة الذين صوتوا في النهاية ضد خيار الانتخاب المباشر لرئيس الدولة.

وهذا ما حدث، للأسف الشديد، في تلك الجلسة التي طرح فيها مقترح لجنة فبراير على التصويت؛ إذ تم التلاعب بالمقترح وإفراغه من جوهره ولبه، وضرب بعمل اللجنة عرض الحائط، في استهانة واضحة بكل ذلك العمل المخلص الذي قمنا به، إخواني في اللجنة وأنا، وأصرت تلك الفئة المتغلبة في المؤتمر الوطني على فعل ما يريدونه، ولو بأساليب التلاعب والتزوير والإرهاب.

وفي ضوء هذا، وما شعرت به على الصعيد الشخصي من إهانة، فإني أعلن على الملأ انسحابي من لجنة فبراير، ورفضي التام والمطلق للصيغة التي صوت عليها المؤتمر الوطني.

لقد تأكد لي من هذه التجربة المباشرة ما كنت قد انتهيت إليه من قناعة بأن هذا المؤتمر لم يعد صالحاً للقيام بالمهمة الوطنية المناطة به، وأنه بات رهينة في أيدي فئة باغية متعنتة تحركها مصالح خاصة وشخصية، لا أرى أنها تمت بصلة إلى مصلحة الوطن العليا.

حفظ الله بلادنا، ووقاها من الشرور والمخاطر.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً