فيلم جيد لبراد بيت في دور {واردادي}

«فيوري» يتصدر إيرادات السينما
«فيوري» يتصدر إيرادات السينما

 

لم يكن هذا النوع من البطولات {ما أردت القيام به، إلا أن هذا ما نفعله}، هذا ما قاله صائحاً براد بيت في دور رقيب جرحته الحرب، شأنه في ذلك شأن مئات رقباء الأفلام قبله.

يشكل Fury أحد أفلام الحرب العالمية الثانية التي اعتادت هوليوود إنتاجها أربع أو خمس مرات في السنة: نظرة قوية قاسية إلى القتال. لكن مشاهد الفيلم أكثر دموية ومصنفة للبالغين فقط، وينطبق الأمر عينه على مصطلات القتال المستخدمة. فتحمل مشاهد القتال فيه إلحاحاً بدائياً غريزياً يذكرنا بألعاب الفيديو. رغم ذلك، يبقى هذا فيلماً تجارياً محدود الميزانية.

ولكن حتى فيلم من هذا النوع قد يثير اهتمام المشاهد، إن كان مليئاً بالعبارات المستهلكة. يأخذنا Fury، الذي كتبه ديفيد آير (Training Day)، إلى المساحة الضيقة المغلقة داخل الدبابة ويشكل أداة جيدة تعزز شهرة بيت، مع أنه لا يشكل مسيرة مميزة في عالم أفلام الحرب العالمية الثانية.
يحمل هذا الرقيب في الحرب لقب {واردادي}، ونتعرف إليه للمرة الأولى فيما ينقل فريقه الذي أنهكته الحرب رفيقاً في القتال قُتل إلى القاعدة. في الأيام الأخيرة لهذه الحرب، تخوض ألمانيا آخر معاركها بقوة انتحارية. فتُضحي بالجنود النازيين المتعصبين، الرجال المسنين، الفتيان، والفتيات في آخر عملية نازية دموية.

دبابة

Fury هو اسم دبابتهم، وهي الناجي الوحيد من مهمتهم الأخيرة. زود الفريق أخيراً ببديل (لوغان ليرمان)، وأعطي مهمة جديدة. تذكرنا اللحظات الأولى من الفيلم أن المدرعات الأميركية كانت أقل قوة من الدبابات الألمانية. لذلك من الممكن لكل مهمة أن تكون الأخيرة.

لكن جنديا ساخراً في الفريق يقول رغم ذلك أن {هذا أفضل عمل حصلت عليه}، عندما يشتد القتال. يتولى بويد (شيا لابوف) مهمة إطلاق النار، وهو شاب يهوى استشهاد العبارة من الإنجيل ويطيل الكلمات. أما غريدي (جون بيرنثال)، فهو ميكانيكي عنيف وقاس يقوم بتعبئة القذائف في المدفع، في حين يتولى غوردو (مايكل بينا)، الذي حصل على لقبه من كلمة {بدين} بالإسبانية، مهمة القيادة. ويعمد هؤلاء الثلاثة كلهم إلى مضايقة الجندي الجديد (ليرمان) والإساءة إليه، علماً أن هذا الجندي خضع لتدريب مدته ثمانية أسابيع فقط وكان من المفترض أن يُعين في وظيفة إدارية في الجيش. وهو إنسان مثالي، على غرار الشخصيات المماثلة كافة في هذا النوع من الأفلام.

يذكر الرقيب الفيلسوف بصوت عميق، مع تفوه بيت بهذه العبارة كما لو أنه يوجهها إلى الأجيال المقبلة: {المثل العليا مسالمون، لكن التاريخ عنيف}.

على طريقة Training Day وSaving Private Ryan، كان على الجندي الجديد أن يرى المجزرة: الدبابات تطحن الجثث، الرؤوس تنفجر، وعمليات إعدام الأعداء السريعة من حين إلى آخر. فيبدو وارداي مهوساً إلى حد ما بقتل الجنود النازيين المتعصبين.

يعطي فيلم Fury بيت خلفية تجعله أقسى وأعنف من أي فرد آخر في فريقه، ما ساعده على البقاء على قيد الحياة منذ حملة شمال أفريقيا. لكننا نحصل على بعض التلميحات إلى أنه يخفي وجهاً أرق داخله.

صحيح أن الممثلين الذين يشاركونه الفيلم يؤدون أدواراً ثانوية، إلا أنها تبقى قوية ومؤثرة.

يُعتبر تصوير آير التاريخ أكثر صلابة ودقة من جهود فاشلة مثل Inglourious Basterds أو U-571. فالدبابة تبدو من نوع {بيرشينغ} النادر، فضلاً عن أن فكرة استنفاد احتياطي القتال كلهم مستمدة مباشرة من تاريخ الحرب العالمية الثانية. فقد ذهب الرجال كلهم إلى الحرب وظلوا هناك حتى النهاية. لذلك لم يبقَ أي بديل عنهم غير الجنود المبتدئين الصغار السن.

هل نرى إحدى لمسات تارانتينو؟ يفرض أعضاء الفريق أنفسهم على نساء ألمانيات يقدمن لهم الطعام، فيما يروح غوردو يتذكر فظائع معركة جيب فاليز خلال حرب النورماندي، حين قُتل الألمان وحيواناتهم بمئات الآلاف.

لم ينجح آير في التفوق على Saving Private Ryan، مع أنه استعان بأجزاء منه. يشبه Fury ذكريات سام فولر عن الحرب في فيلمه The Big Red One: فيلم مباشر، أقل شاعرية، فيه لمحات إنسانية وتاريخية سرعان ما ينساها المشاهد. يُعتبر فيلماً جيداً، إلا أنه ليس مميزاً. ولكن ليست غلطة آير أنه كلما ازدادت الأفلام التجارية المحدودة الميزانية ندرة، توقعنا منها تقديم المزيد.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً