فقر ليبيا اصبح واقع

فقر ليبيا اصبح واقع

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

عاش الشعب الليبي بين شعوب العالم على الحد المعيشي الأدني قليلا من المتوسط وبقي معلقاً يعيش بين الطبقة الوسطى والطبقة الدنيا مع حالة متفاقمة من قلق اكتئابي معيشي وذلك من عهد القذافي والى عهد فبراير وعاش الشعب الليبي حالة من القهر المعيشي في عهد القذافي ويعيش إضعافها في عهد فبراير، شعبا كان ينتظر من عهده الجديد مستوى معيشي كريم فيجد عيشه الكريم يسرقه كل من اصبح وزيرا اوعضو مؤتمر او مجلس نواب او .. او .. وذلك بسلب مبالغ شهرية مرتفعة ارتفاع شاهق عن اي مرتب مرتفع لأي مواطن عادي وهو في الحقيقة لايعني من الناحية الاقتصادية العادلة و في الحالة الليبية خاصة مرتبا او مكافأة بل هو تخصيص ثروة وطنية لهذه الطائفة من الحكام دون الشعب الليبي ، يحدث هذا التخصيص تحت أسنة قوانين ظالمة وعلى ذلك يزيد هؤلاء الوزراء وأعضاء المؤتمر و مجلس النواب من الجناحين الحكوميين الغربي والشرقي فسادا على الفساد الذي عليه يتناطحون فمع هذه المبالغ العالية لعضوية مجلس النواب اوالمؤتمر الوطني او عضوية الحكومة فهم يتقاضون مرتباتهم من أعمالهم السابقة بل ويحرصون على سحبها من فور إيداعها في المصارف ويحرصون على مبالغ مالية مرتفعة أسموها بدل سكن مع ان لهم مساكن بل ان لبعضهم فنادق.

ومع المبالغ الشاهقة الشهرية الأنانية التى يتقاضونها ظلما والتي ما اكتفوا بها والتي ما سبقهم بها رجال وأعوان القذافي على الأقل ظاهريا فان حكام فبراير أرادوا إسقاط هذا الشعب من علقته المعيشية البائسة التي فيها علق الى الحد المعيشي الأدني ، حتى الوضع البائس الذي يعيشه ماارادوه له فيريدون له وضعا معيشيا اعظم بؤسا وهو نفق معيشي مظلم ادخل اليه الشعب الليبي بدفع من حكام ليس لهم الا اهمية ذاتية شخصية وليس لهم أهمية وطنية ولا اعلم من اي كوكب من كواكب النحس هبطوا هؤلاء على الارض الليبية ،قتل ، تهجير ، خطف ، اغتصاب ، سرقة ، وأخيرا افقار للشعب الليبي فليبيا دخلت الى حالة فعلية من الفقر المجرد وعجز مالي حقيقي وضعها على الإفلاس الحرج وهو تتعيس لأبناء الشعب الليبي على تعاستهم ولاعجب في ان تتحول العائلات الليبية الى عائلات متسولة وحافية وعارية وجائعة مشاهد قريبا تشاهد في ليبيا ونحن نشاهد هؤلاء حكاماً على الارض الليبية ، بئس اليوم الذي عرفنا هؤلاء حكاماً وبئس لثورة فبراير ومن تعلق باوهامهما وقد أوصلت الشعب الليبي الى الفقر والفاقة بما صنعت أيادي هؤلاء الحكام من المهلكات الآتية:-

1- أضخم إهدار مالي حدث عالميا في عهد فبراير وهو إهدار يصب في حسابات هؤلاء الحكام او أشباههم
2- فساد من أوائل الفساد المالي العالمي الذي حدث في هذا العهد والذي هيئته خلق مصاريف عامة وهمية لا تصب الا في جيوب الفاسدين
3- اكبر تهاون وإهمال وإغفال على مستوى العالم في الحفاظ على الإيرادات النفطية التي تعتمد عليها البلاد كليا حيث أصبحت هذه الإيرادات تحت سلطة العصابات

لقد حدث هذا الفساد وهذا الهدر وهذا التهاون من منظومات فبراير الآتية:-

1- حكومات فبراير المتعاقبة
2- المؤتمر الوطني ومجلس النواب
3- قادة وكتائب الثوار واشباهههم

تحسبا لهذه المرحلة الخطيرة نبه مصرف ليبيا المركزي الى هذه المرحلة الخطيرة ونبهت بعده في مقال سابق عنوانه ( ليبيا بعد التعنت والإهدار ، فقرا وانهيار ) ، ( الرجاء مطالعة المقال ) ولا احد من حكام ليبيا تدارك او احتاط لحالة الفقر التى دخل اليها الشعب الليبي فعليا رغم ان لها مؤشرات وملامح سابقة ورغم ما نشره مصرف ليبيا من تقارير رسمية تضمنت صرخات فكل حاكم مهتم بمصالحه الذاتية وهاهو الآن مصرف ليبيا المركزي يصرخ آخر صرخاته الوطنية عبر بيان* مرعب بتاريخ 8- 12 – 2014 م ثم بيان* مرعب آخر بتاريخ 15-1-2015 م والى هذه اللحظة التي داهم فيها الفقر ليبيا وشعبها لا يوجد اهتمام من مجلس النواب او المؤتمر الوطني او الحكومتين ولافائدة من توجيه النصائح اليهم أوحتى استفزازهم بكلمات حادة فهم أموات في مقابرهم والنصائح لاتكون الا للأحياء ومن هؤلاء الاحياء هو مصرف ليبيا المركزي الذي اثبت انه حي وحريص على اموال الشعب الليبي وهو الذي يجب ان أوجه له نصائح وطنية ضرورية هى الآتي:-

– يجب ان يتحول مصرف ليبيا المركزي في هذه المرحلة المالية الحرجة الى جسم وطني وان يفني مؤقتا جسمه الحكومي وذلك بتحمل مسؤولياته الوطنية وتجميد مسؤولياته الحكومية بان يتقيد بالمصالح الوطنية وان يفك الارتباط بالمصالح الحكومية والتى تبث بأنها مصالح ضارة بالمال العام.
– على مصرف ليبيا المركزي وللصالح الوطني عدم الاستجابة ماليا لأي جسم تشريعي او تنفيذي فلايوجد على الارض الليبية في هذه الفترة جسم وطني يعول عليه بل ان كل الأجسام القائمة الآن هى خطر على ليبيا وثروتها.
– على مصرف ليبيا المركزي حماية حقوق الاجيال اللاحقة وعدم اللجوء الى مدخراتهم ( المجنب ) تحت اي ضغط حتى لو اضطره الى اللجوء الى ابناء الشعب الليبي او هيئة الامم المتحدة لحماية هذه الأموال وحمايته.
– على مصرف ليبيا المركزي اللجوء الى القضاء الدولي لحماية الإيرادات النفطية وغيرها وان لا تحصل الا عن طريق المصرف الليبي الخارجي والذي يتبع الى مصرف ليبيا المركزي فلا يوجد جسم قانوني غير جسم مصرف ليبيا المركزي عبر مصرفه الخارجي وتحصيل الإيرادات النفطية بتكوين جسم جديد من اي حكومة هو سرقة وإهدار لأموال الشعب الليبي.
– يجب ان يقتصر اي صرف على مصرف ليبيا المركزي وان يكون مباشرة منه وله الحق في إيقاف او حظر اي صرف لا يتوافق مع هذه المرحلة المعيشية الحرجة.

ان هذه المرحلة حرجة وشديدة الخطورة وتتطلب التمسك بالمصلحة الوطنية قبل المصلحة الحكومية وهو تمسك لن يعجب الكثيرين ولكنه تمسك يمنح البطولة لصاحبه ويمنحه التقدير والاحترام الوطني.

تأكدوا ان دخول ليبيا الى مرحلة الفقر والعوز هو مصنوع صناعة من حكام فبراير وذلك عن جهل اوغفلة او قصد ، لاحظوا الاهدار المالي المقصود على مدى اربع سنوات .. لاحظوا الفساد الذي بلغ كل مبلغ .. لاحظوا التهاون والتخاذل في حماية الإيرادات النفطية من اللصوص وترك الموانئ والحقول النفطية في يد العصابات والمجرمين .. لوان هؤلاء لم يهدروا اموال الشعب الليبي .. لو انهم كافحوا الفساد وكانوا أمناء .. لو انهم ماتهاونوا وماتخاذلوا مع عصابات المؤاني والحقول النفطية ، لوجد الشعب الليبي مدخرات فائضة يجتاز بها هذه المرحلة الى حين تحسن الوضع المالي لليبيا ولكن الان لن يجد هذا الشعب الا الفقر والعوز في هذه المرحلة.

اعضاء المؤتمر الوطني .. اعضاء مجلس النواب .. حكومة الحاسي .. حكومة الثني .. قادة الثوار .. مدراء الإدارات العامة:-

ان لم تستحوا فاصطنعوا الحياء اصطناعا و اتركوا الشعب الليبي حيث هو فالشعب الليبي لوحده قادر على إصلاح نفسه وما بعد هذه المصائب المتعاقبة على ليبيا صرتم اجسام اكثر قرفا من الأجسام التى كتم بها عهد القذافي على صدورنا، لقد عبث بمصير ليبيا ومصير شعب بما يكفي وزيادة فاستقيلوا واتركوا الشعب الليبي فمن الشرف ان يرحل الانسان عندما يكون غير مرغوب فيه ان يكون حاكما.
_______________________________________________________________
* بيانا مصرف ليبيا المركزي الاخيران معروضان في الموقع الرسمي لمصرف ليبيا المركزي

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً