الحوار والإختيار الصعب لليبيين والليبيات

الحوار والإختيار الصعب لليبيين والليبيات

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

في البداية نترحم على شهداء القبة ونعزي أهلنا بالقبة والشعب الليبي والذين قتلوا بدم بارد من قبل الجماعات المتطرفة لأرباك المشهد السياسي بليبيا والذي أصبح أكثر تعقيداً هذه الأيام. كما نشجب تدخل أي دولة واعتدائها على الأراضي الليبية وباي حجة كانت وعليهم أن يساعدوا الليبيين في الالتقاء عند نقاط الاختلاف والابتعاد عن زرع الفتن بين الليبيين.

لقد مر علينا العيد الرابع لثورة السابع عشر من فبراير والتي قادها الثوار الحقيقيون ومنهم من استشهد فداء لهذا الشعب والوطن ومنهم من سلم سلاحه وعاد الى حياته الطبيعية كما كان. في هذه الايام تمر ليبيا بمرحلة خطيرة من عمرها وهي الحرب الاهلية والغزو الخارجي وسيطرت بعض المحسوبين على التيار الاسلامي  والجماعات المسلحةعلى الكثير من ليبيا. الثورة عندما قامت كانت تهدف الى ان يعيش الشعب الليبي في حرية وكرامة وعزة وأن ينعم بثروة بلاده وتتقدم وتزدهر ليبيا اسوة بدول العالم. لكن هذه الاحلام تلاشت بمجرد اعلان التحرير وتسلم حكومة الكيب والمؤتمر الوطني ومن بعدها حكومة زيدان والان البرلمان. احداث كثيرة تحدث بليبيا ولكن لن ننسي هذه الثورة والتي انطلقت بالبيضاء يوم 15 من فبراير 2011م وبعدها كانت بمدن ليبيا يوم 17 فبراير حيث بنغازي والزنتان وغريان وطرابلس وطبرق انتفضت هذه المدن في يوم 17 فبراير 2011م وقالت للقذافي (الشعب يريد اسقاط النظام). الان هذه المدن جميعها تتحكم فيها مليشيات وجماعات مسلحة والحرب تأكل في خيرت ابنائها ولا نعرف متي تنتهي. هذه الأيام تداخلت مصالح دول غربية مع مصالح الليبيين وبات واضحاً أن هذه الدول ترجح كفت مجموعات معينة على رغبة أبناء الوطن.

الحوار بداء بين الليبيين وبرعاية الأمم المتحدة وكانت لقاءات عديدة سوء على مستوي الافراد أو المجموعات. تمت تسوية الحكومة والبرلمان الشرعي بالمجموعات المسلحة وكذلك بالحكومة والمؤتمر غير الشرعي. أي أن الأمم المتحدة قامت بخلط الأوراق جميعها وأصبحت تعامل الجميع على أنهم خارجين عن شرعية الدولة وعليهم الجلوس مع بعض واستحداث حكومة جديدة تحت شرعية الأمم المتحدة. جميع من حضروا الحوار يقولون بأنه كان جيد وكل الفرقاء كانوا على طاولة واحدة أو تقابلوا خارج الطاولة. كل هذه الاخبار تندر بأن الخلاف سيزول أذا توحدت الصفوف من أجل الوطن. جميعنا يعلم أن الأمم المتحدة لن تحل مشكلة ليبيا ولكن ستساعد في تقريب وجهات النظر تم تأتي مجموعة من الدول العظمي وتطرح مشروع ويفرض على الجميع. ÷ذا المشروع به كل شيء من مخرجات الحوار وارضاء مجموعة معينة على حساب الأخرى. هذا كله جميل أذا كان الهدف هو الحفاظ على وحدة ليبيا والخروج من هذه الفوضى السياسية والقتل والخراب لهذا الوطن. ما احوجنا الى أن يكون لنا مشروع مثل مشروع دايتون والذي جعل الفرقاء في صربيا والبوسنة وكرواتيا ينسوا خلافاتهم من أجل السلام والعزة والكرامة وبناء دولهم الجديدة. فعلا استعملت العصا والجزرة ونجحت الدول الكبرى في هذا وساهمت الأمم المتحدة في استمرار كل هذا. ما احوجنا الي هذا بليبيا الان وخاصة المرحلة الحالية قد وصلت  ليبيا الى أسوء الأوقات.

كما قلت الحوار سار بخطوات جيدة وتوافق الكثيرون على استمرارية الحوار ولكن بمجر ارتكاب جماعة داعش الجريمة البشعة بذبح 21 مصري وتدخل مصر في ضرب الأراضي الليبية، تحول جزء كبير من الشعب الليبي والمطالبة بعدم الاستمرارية في الحوار مع من يصفونهم بالقتلة سوء من مجموعة الكرامة أو مجموعة فجر وشروق ليبيا. انقسم الوطن الى قسمين وذهبت الحكومة في صف مصر والامارات وفجر وشروق ليبيا في صف قطر وتركيا وهم من  يدين هذا العمل. يأتي بعدها قتل 44 ليبي بدم بارد في القبة والذي أربك موازين الحوار وربما هي القشة التي ستقسم ظهر الحوار.  كل هذا في صالح مشروع أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الأخرى الهادف الى تمكين التيار الإسلامي بقيادة الاخوان من فرض سيطرتهم على ليبيا أو بالأحرى على غرب ليبيا حيث شرق ليبيا خارج سيطرتهم وطردوا من هناك.

جميعنا يعرف بأن الحوار هو الطريق الصحيح ولكن لغة هذه الدول اتجاه الحوار ومطالبة الاخوان والتيار الاسلامي بأن يكون كل شيء مناصفة عند الاتفاق على مخرجات الحوار. يطالبون بالمناصفة ولكن سيتحقق لهم الربع أو أكثر.  لا يهم هذا أذا توقف القتال واستمرت ليبيا دولة واحدة وترسم العدالة الانتقالية طريق الوفاق والتسامح خلال العقدين القادمين. هذه الدول تقف وبكل قوة مع الاخوان ومن يؤيدهم وتريدهم أن يكونوا الرجل الرابعة في أي طاولة جديدة في ليبيا. لا باس ولكن الليبيين هم من يقود ويقرر مخرجات الحوار. أم الدول الأخرى مثل قطر والامارات فهي دول قزمية ولا يجب أن نعير لهم أي اهتمام والأيام القادمة ستبرهن بأن ليبيا ستخرج من هذه المحنة وتترك هاتين الدولتين لمزبلة التاريخ. مصر لن تقع في فخ الدواعش وجرهم لحرب برية ونتمنى ألا يحدث هذا وإذا حدث فأن كل الليبيين سيتوحدون ضد مصر.

ماذا يريد الليبيون من الحوار

ان تكون ليبيا دولة واحدة ويحدد هذا من خلال الدستور على نوعية وكيفية الحكم
أن يكون هناك جيش ليبي وطني يحمى الشعب والوطن وولائه لهم وليس لأفراد
أن تحل جميع المليشيات وتكون هناك الية لجمع السلاح وتحت رعاية دولية
أن يعاقب كل من قتل وساهم في قتل الليبيين حسب القانون
ان تكون هناك حكومة موحدة من كل الليبيين بعيدة عن المحاصصة والقبلية وتكون الكفاءة والوطنية ومخافة الله أحد شروط من يتولون هذه المناصب بالحكومة
لا وجود لقوات اجنبية على الأراضي الليبية واتلنديد باي عدوان تقوم به أي دولة على التراب الليبي ومتابعتهم دوليا
أن تعود الحياة الطبيعية لكل بيت ليبي ومدرسة وجامعة وشارع وقرية ومسجد
أن يعم الامن والأمان كل ربوع ليبيا من خلال وجود رجال الشرطة والقضاء الشرفاء ومن يضعون القانون فوق الجميع

بهذه الطلبات البسيطة والتي يريدها كل ليبي وليبية ممن يتحاورون من أجل انقاذ ما تبقي من هذا الوطن أو ممن يتأمرون على ليبيا وعليهم الابتعاد عن المؤمرة والفتن ومساعدة المتحاورين في الوصول الى وفاق يجمع الليبيين جميعهم. أن وحدة الصف هذه الأيام مطلوبة وما جلوس الزنتان ومصراته هذه الأيام للتحاور وتبادل الاسري وما قامت به الزنتان من تبادل أسرى مع غريان ومناطق اخري أنما دليل واضح بأن الجميع يريد الحل الأنسب والاقل ضرراً لليبيين والى ليبيا. وحدة الصف ضد الدواعش ومن يساندهم هذه الأيام وعدم ترك الطريق مفتوح امامهم لتفريق هذه الوحدة من خلال عملياتهم القذرة ومحاولة ارباك المشهد السياسي في ليبيا والذي صار أكثر تعقيداً هذه الأيام بتعنت بعض الدول ومحاولتها التدخل في الحوار القائم بين الاشقاء.  ليبيا قادمة بعون الله ولن تستطيع لا مصر ولا تركيا  ولا دويلة قطر والامارات ولا الدول العظمي أن تقف عائق في وحدة الصف الليبي والأيام القادمة ستثبت هذا أن شاء الله لأن العدو الان أصبح واحد وله هادف واحد وهو تفريق الليبيين وجعل ليبيا دويلات.

الهم ارحم شهداء القبة وكل شهداء الوطن ممن دافعوا على هذا الوطن والشعب وليبيا قادمة أن شاء الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

التعليقات: 1

  • الصديق يوسف الجعراني

    شكراً دكتور على طرحك لهذا الموضوع ، في النقاط التي دكرتها “ماذا يريد الليبيون من الحوار” اريد أن أظيف نقطة هامة وهي عندما تفشل القيادات السياسية فشلاً دريعاً مثل فشل المؤثمر الاوطني الذي أستلم ليبيا من المجلس الإنتقالي في وضع لا باس به، ولكن ال 200 عضو الذين غذروا الشعب وخانوه بعد أن أثمنهم على مستقبله ومستقبل ليبيا،من خلال عدم وضع مصلحة الوطن والشعب أمام بصرهم، بل أصابهم العمآء وظهرت حقيقيتهم من خلال الصراع على السلطة ونهب المال العام، وحكومة الكيب وزيدان مشاركين في ما آل اليه وضع ليبيا. لاحظنا إن الخلافات بين أعضاء المؤثمر لم تكن تهذف الى علاج قضايا الدولة ولا في بناء مؤوسساتها وخاصة العسكرية والامنية، بلكانت خلافاتهم على مصالح حزبية اوشخصية او جهوية،ولم يكن هناك محاولة لبناء الثقة، وسارع كل حزب بتكوين مليشيات مسلحة ودعمها من خزينة الدولة، لحماية مصالحهم الخاصة وأهمل بناء مؤوسسات الدولة. الأخوان او ما يعرف بحزب العدالة والبناء وحزب التحالف هم شركآء في ذمار وخراب ليبيا.
    مجلس النواب الذي كنا نطمع أن يستفيذ من أخطاء المؤثمر، ويعمل على توحيد الدولة الليبية وجدناه يسارع في إستصدار قرارات وبيانات وأختيارهم الغير موفق عبدالله الثني رئيساً للوزراء ،ثم قبول ما فرضه حفتر عليهم، وغرتهم الأعترافات الدولية ، مثل ما غر المؤثمر حكم المحكمة الدستورية. مجلس النواب أيضاً فشل في توحيد ليبيا نتيجة خيارته التي لم تبني على أسس بناء الدولة. لذا لا نريد حوار يتم فيه عقد صفقات بين جانبين فشلوا سياسياً في الحفاظ على أمن وأقتصاد وارواح الليبيين. لا نريد أخطاء الماضي تتكرر بالخروج من هذ الحوار بغنائم للمؤثمر ولحزب النواب ورؤساء أحزاب ورؤساء حكومات ووزراء و الشعب الليبي يستمر في دفع الثمن. نريد حوار تعاد فيه السلطة للشعب الليبي وهو صاحب الشرعية، وتهاد فيه حقوق المواطنين، ولا يتم ذلك الا بابعاد هولاء عن الساحة، ولو يملكوا درجة من الوطنية إستقالوا من زمان وأبعدوا أنفسهم عن الساحة.

    إنني كمواطن اريد من هذ الحوار النتائج التالية:
    اولاً) يتنازل المؤثمر عن شرعيته التي أكتسبها من القضاء الليبي، ويتنازل مجلس النواب عن شرعيته الدولية
    تانياً) حل المؤثمر الوطني وحكومة الحاسي، وحل مجلس النواب وحكومة عبدالله الثني، وتفويض ممثلي المجالس المحلية ومجلس القضاء الاعلى بآستلام السلطة مؤقتاً، وتكوين حكومة إنتقالية من شخصيات وطنية مستقلة لم يسبق لهم أن أستلموا مناصب قيادية من بداية ثورة فبراير.
    ثالثاً) الأسراع فى طرح مقترح الدستور مباشرة على الشعب، والأستفتاء عليه من خلال إشراف المجالس المحلية للمدن والقري الليبية، وتحت مظلة دولية. إذا لم يتم الحصول على النصاب القانوني، يتم تبني دستور مؤقت حتى يتم إعادة صياغة البنوذ التي لم يتم التوافق عليها.
    رابعاً) يتم إلغاء كل الأحزاب السياسية وتجميد أرصدتها وأرصدة قياداتها وتجميد نشاطاتهم وتحويل ملفات هذه الأحزاب الى المدعي العام للنظر في قاونية تكوين هذه الأحزاب ونشاطاتها وعلاقتها بالمليشيات المسلحة، وعلاقتها مادياً او سياسياً بدول او جهات أجنبية، ولا يسمح لاى حزب بمزوالة نشاطه حتى يتم الحصول على قرار من المحكمة بذلك.
    خامساً) بعد تبني الدستور يتم إجراء الأنتخابات على مستوي أفراد مع الحرص على تحديد نسب معينة للمرأة والأقليات مثل الامازيغ والطوارق والتبؤ.
    سادساً) يتم تجميد العلاقات الدبلوماسية مع مصر وتركيا وقطر والأمارات والسعودية وأيران والسودان وتشاد والنيجر نتيجة تدخلهم في الشؤون الداخلية الليبية، وتعاد العلاقات بعد أن تتعهد هذه الدول باحترام سيادة الدولة الليبية والشعب الليبي.
    سابعاً) إبعاد كل الأجانب الذين ليس لديهم إقامة قانونية خارج ليبيا، او يتم وضعهم في مخيمات تشرف عليها الدولة الليبية والمنظمات الدولية حتي يتم معرفة قانونية إقامة هولاء الأجانب ووضعهم في دولهم، ويتم السماح لهم اما بالبقاء وتشجليهم رسمياً او بابعادهم الى دولهم حسب المواثيق الدولية.

    هذه النقاط او المطالب لن تحدث بسهولة وعلى كل الشعب الليبي أن يساهم في رفض وجود وجوه خانوا أمانته، وساهموا بصورة مباشرة او غير مباشرة في تعطيل تكوين الدولة مما أذي للآنحلال الأمني وتغلغل عصابات إرهابية داخل الوطن. أموال الدولة الليبية نهبت من قبل وتحت رعاية من سلمناهم الأمانة. لا نريد نتيجة هذا الحوار أن تكون هناك محاصصة بين عصابات سياسية،لأن الخاسر سيكون الشعب.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً