كفى عبثاً بمصير الوطن

كفى عبثاً بمصير الوطن

د. نعيم الغرياني

الدكتور نعيم الغرياني أستاذ الهندسة النووية بجامعة طرابلس وسابقا شغل منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في أول حكومة انتقالية. وهو عضو مجلس النواب وأحد المشاركين في الحوار عن النواب المقاطعين.

لم يبق هناك من خيار لدينا نحن الليبيين سوى الحوار والتوافق وفي أسرع وقت، فوضع البلد المأساوي لم يعد يحتمل أي تأخير أو مماطلة أو ديموغاجية مقززة، وصارت المناورات السياسية من أي طرف كانت سلوكا مستهترا يدعو إلى الإشمئزاز. ينبغي على المخلصين من أبناء الوطن من نشطاء وقيادات سياسية ودينية واجتماعية وعسكرية وطلابية ومهنية ومجتمع مدني ومن أهل الثقافة والفكر والمال ومن كل الليبيين والليبيات، وقبل هؤلاء وأولئك، الوطنيين من أعضاء مجلس النواب والمؤتمر الوطني، أن ينحازوا جميعا، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الفكرية أو الجهوية، الى الوطن، وأن يدعموا مساعي السلام والوفاق عبر الحوار الوطني الجاد والشريف، وأن يرفضوا كل المحاولات التي تهدف إلى عرقلة جهود الحوار وإن تسترت هذه المحاولات وراء شعارات نبيلة ومبررات في ظاهرها وجيهة، وكم من كلمات حق يراد بها باطل، فلا معنى للقول بأننا مع الحوار من حيث المبدأ أو أنه “خيار استراتيجي” ثم نسوق سيلا من المبررات، تنسف الحوار أو تميعه أو تعطله أو تؤخره تحت أي ذريعة.

إن الإنقسام السياسي والصراع المسلح المصاحب له وما نتج عنهما من تدهور أمني وفراغ سياسي وغياب حكومة وطنية مقبولة من كل الأطراف، حكومة مؤهلة وقادرة على بناء وإدارة الدولة، أدخل ليبيا في حركة متسارعة نحو الإنهيار الكامل. فبالإضافة إلى تواصل مسلسل القتل والتشريد وما يجسده ذلك من مأساة إنسانية ومن استنزاف لأهم مورد وطني وهو الإنسان وخاصة الشباب، ومن اضاعة لفرص التنمية والبناء، فإن ليبيا اليوم تواجه الإفلاس ماليا والتقسيم والتدخل الخارجي سياسيا، وارتهان مستقبلها ومصيرها وارادتها لدول إقليمية صاحبة أطماع معروفة، أو لدول أجنبية لن نستطيع حينها أن نلومها على تقديم مصالحها الأمنية والإقتصادية على مصلحة ليبيا والليبيين.

إذاً الوضع خطير ولايطيق مزيداً من التهاون والتأخر في حل المشكلة السياسية والأمنية والمؤساستية. وإذا كان الصراع القائم الآن شديدا ومدمرا، فلكم أن تتصوروا ما يمكن أن يصل إليه الأمر في حال توقف المرتبات والدخول ونقص السيولة المالية وتفاقم أزمات الكهرباء والوقود والغداء والدواء وتوقف الخدمات الأساسية. إن الأمر في منتهى الخطورة، والذين لايرون هذا أو يرونه ويتجاهلونه ويصرون على عبثهم بمصير الوطن والمواطن ويستخفون بجدية الأمر عليهم أن يستعدوا لتحمل المسؤولية أمام الليبيين عن عبثهم هذا ولن تغني عنهم عندئذ دعاوى الشرعية أو الجدالات القانونية. وكذلك سيذكر الليبيون وسيذكر التاريخ مواقف الوطنيين من رجاله ونسائه الذين يتحملون مسؤليتهم في هذه المرحلة الحرجة بتجرد وشجاعة واضعين مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات أخرى.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. نعيم الغرياني

الدكتور نعيم الغرياني أستاذ الهندسة النووية بجامعة طرابلس وسابقا شغل منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في أول حكومة انتقالية. وهو عضو مجلس النواب وأحد المشاركين في الحوار عن النواب المقاطعين.

التعليقات: 3

  • nasser

    السلام عليكم . لمادا لانسمي الاشياء بمسمسيتها وونبد كل من قال فلتدهب الي الهاوية وكل مدنب يتحمل دنبة وشماعة عودة نظام فاشل وكل من يحلم به انتهي مفعولها . شعب لم يتعود علي الحوار وحتي من كنا نظن انهم نخبة للاسسف الشديد مجرد ادوات تبحث عن مصالح شخصية لااكثر.

  • ابو عبد الله

    تعود الليبيون ان يعمل الاخرون لهم كل شئ , منذ استقلال 24 ديسمبر وحتى اليوم مرورا بحقبة القذافى , كل شئ من عمل الاخر ونحن الليبين نعرف ونفهم كل شئ ولا نعمل اى شئ !!!
    ( حكت لى احداهن من باب الدعابه انها طلبت من ابنها الاكبر 6 سنوات ان يمرجح اخاه الاصغر , رد عليها قولى لاباه ان يأتى بمصرى يمرجحه ).
    نعم هكذا نحن , والان ليبيا كما ذكر مقال الدكتور نعيم فى احرج مراحلها فى وقت ضائع لا تتحمل فيه ان يمرجحنا احد اخر اما ان نستيقظ واما لا نستحق ان نعيش فى وطن نحن نفرط فيه اذن لا نستحقه .

  • محمد الابيض

    هل يمكننا ان نحول هدا الحديث الي واقع ، عبر تعبئه واسعه ميدانيه وإعلامية وكدلك من خلال جهد يظهر في شكل مدكره ووفد من النشطاء والوطنيين وعرضه علي البعثه الامميه وكدلك الاتحاد الاوربي واغل فريقي والدول الاقليميه والجوار ،كي نضع أمامهم خطاب قوي وصريح معبرا عن حقيقة مشاعر وضمير الليبيين الدين لا يعنيهم الا سلامة الوطن وليس التفاوض من اجل المصالح الشخصيه والإبقاء علي مناصبهم علي حد سوي في الموتمر او مجلس النواب المنحل هذين الجسمين يتحملا المسووليه كامله عما أصاب البلاد من اقتتال وانقسام وضياع وانهيار بل وافلاس اقتصادي قادم لام حاله ،ينبغي ان نسرع ونضم الصفوف

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً