القمة العربية وما حصدته ليبيا… لماذا لا شيء

القمة العربية وما حصدته ليبيا… لماذا لا شيء

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

في مطلع السبعينيات والثمانيات من القرن الماضي، كنا ننتظر بشغف القمة العربية وكنا ننتظر من سيكون بطل تلك القمة من العرب المهزومين في حرب أكتوبر. هذا القائد  ربما ينمي روح الوطنية والعروبة لدي شباب الامة العربية المغلوب على أمره وتحكم شلة من الدكتاتوريين والعائلات المالكة وبعض الانتهازيين في هذا لوطن والذي يزيد عدد سكنه على 400 مليون نسمة. لم يكن حظ ليبيا دائما قوي في هذه القمة سوء أيام المملكة أو عهد القذافي ، كان أم بالتغيب أو بخروج القذافي بشطحات هزيلة أدت الى اهانته عدة مرات من قبل القادة العرب. حاول مراراً أن يخطف الأنظار بلباسه المعهود والذي كنا نطلق عليه “البوسعدية” أو بالتدخين داخل القاعة، وهناك صورة وعبد الرحمن شلقم يولع له في السيجارة ويقول له كلمات تشجعيه. عندما وبخه ملك السعودية وقال له كلمته المشهورة “من اتي بك الى هذا المكان”. من يومها ونحن نتلهف بأن يكون هناك قمة اخري ويتم فيها توبيخ القذافي مرة أخري وعلى ما أظن أن اخر مرة تكلم فيها وقال أنا ملك ملوك افريقيا.  مات القذافي ومات الكثير من الزعماء العرب والذين كنا نقول عنهم بأنهم ديولا للغرب ولا قيمة للقمم العربية فهي لن تؤخر أو تقدم شيء للمواطن العربي والذي انهزم بداخله واقتلعت العروبية من داخله بفضل هذه القمم وهؤلاء الاوباش من رؤوسا وملوك وسلاطين.

القمة رقم 26 والتي عقدت قبل يومين بمصر وتزعمتها مصر كالعادة وحضور معظم الامراء والسلاطين والملوك والرؤساء. جميعهم قدم خطب عصماء من الكلام القوي وخرجوا علينا بتوصيات واهمها كما يقولون هو محاربة الإرهاب بأنشاء جيش عربي. طبعاً ليبيا ضاعت وتم تيتمها كالعادة. ضاعت بين هذا الكلام وتم ذكرها بأن تتعاون وتساند الحكومات العربية ليبيا في وقوفها ضد الإرهاب وتم حث العالم بالسماح لليبيا باستيراد السلاح للجيش. كلام هزيل لا ينفع ولا يغني عن شيء. كان من المفروض أن تطلب الجامعة العربية وهؤلاء الرؤساء والملوك والسلاطين من أمريكا والدول الكبرى وبقرار جماعي بأن يتم مساعدة ليبيا للقضاء على الاسلامين المتشددين أمثال داعش وأنصار الشريعة والقاعدة وإعادة الامن والأمان للشعب الليبي والذي ترهبه هذه المليشيات يوميا وخطر امتداد داعش أصبح يهدد كل أراضي ليبيا.  كان المفروض أن يكون هناك دعم عسكري لليبيا وذلك بتسليح الجيش الليبي وهو قرار يمكن أن تتخذه الجامعة العربية في هذه القمة ولكنهم فضلوا ارسال توصية فقط.  فضلوا كلام فضفاض ليس به أي نوع من الأهداف المنشودة والتي كان جميع أبناء الشعب الليبي يتطلعون لها. هكذا ومرة اخري يتم خذلان الشعب الليبي من قبل العرب حيث لا ينظرون لليبيا بجدية ولها رب كريم. صحيح كان التركيز على اليمن وخوف السعودية من تغلغل إيران بها وامتداد الثورة للسعودية، قررت السعودية ومن معها الهجوم على الحوثيين ولكن هو هجوم على اليمن ولا نعرف الى أي مدي ستصل هذه الحرب.

أسباب عدم وضع ليبيا على اوليات القمة العربية رقم 26

– ضعف الدبلوماسية الليبية حيث أن الحكومة ضعيفة وقليلة الخبرة في العمل السياسي.  هذا يحتاج الى عمل جبار وكثيف لأقناع المجتمعين بالخطر والذي يداهم الليبيين والليبيات. للأسف هذا لا يوجد وكالعادة ضعف الأداء يولد خيبة أمل لدي الشعب الليبي من هذه الحكومة بقيادة السيد الثني والذي يؤتمر ولا يستطيع أن يأمر أو ينفذ.

– البرلمان الليبي والذي قاد الوفد الليبي رئيسه عقيلة قدور. شخصية ضعيفة جداً تنقصها الحنكة والخبرة وعاش في أحضان اللجان الشعبية والمؤتمرات وهو لم يتعود على استعمال الدبلوماسية حيث عرب 1980 ليسوا عرب 2015م من الناحية السياسية والولاء والمصالح. للأسف هكذا دائماً يكون وضع ليبيا طالما لا توجد القيادات الجيدة.

– ضعف وعدم دراية مندوب ليبيا لدي الجامعة العربية حيث كان عليه أن يرتب كل هذا ويشتغل ليل نهار من أجل أن يضمن صدور قرارات قوية لأجل ليبيا. للأسف وجوده من عدمه فهو لن يقدم ولن يؤخر شيء ويحتاج هذا المنصب الى شخص دبلوماسي أكثر من سياسي.

– كذلك تطاحن وتردي الاعلام الليبي في إيصال الصورة الحقيقية للساسة العرب. حيث جميع المحطات والإذاعات والصحف موالية لأشخاص وليس للقضية الليبية مما جعل طرح القضية الليبية عالميا ضعيف جداً رغم أن عدد المحطات والصحف يفوق عدد سكان مدينة طبرق والتي بها البرلمان.

– وقوف قطر والجزائر ضد أي مشروع لتسليح الجيش ومصر ورئيس القمة لا يريدون فقدان قطر والجزائر والسعودية والامارات والمغرب. كلهم لهم مصالحهم الشخصية وليبيا لا تهمهم الان طالما الضوء الأخضر لم يبدا من أمريكا. جميعهم ينتظر في الإشارة من أمريكا وبريطانيا.

الأن ليبيا والشعب الليبي في حيرة بعد أن تخلي عنه العرب وليبيا في ايدي الغرب. صار الشعب الليبي حيران وخائف من المستقبل الأسود والذي رسمته الحرب في كل مدينة ورسمه القتل والخطف والتعذيب وقطع الرؤوس والأطراف من قبل بعض الجماعات الإسلامية المتشددة. الحوار متعثر جداً والمؤشرات لا تبشر بنجاحه رغم أننا جميعاً متفائلين بأنه يسير بخطوات بطيئة ولكنها جيدة وهو أحسن من أنه يسير بسرعة ويفشل.  البرلمان الليبي خائف من أن يسحب البساط من تحت قدميه بمقترحات الأمم المتحدة. تصريحات الجميع بما فيهم عقيلة وجبريل تشير بأن العد التنازلي قد بداء وهو ليس في صالح البرلمان. لقد بدوءا يتخددون في جملة قرارات وهي ليست في صالح الحوار. أذا فعلا تريدون أن ينجح الحوار وأن تخرج ليبيا من هذا المأزق، عليكم بالعمل مع الأمم المتحدة وليس ضدها أيها البرلمانيون بليبيا.  البرلمان شرعي ومهامه سوف تحدد ولن تخسروا المناصب وتكونوا جزء كبير من العملية السياسية.

التطاحن بين البرلمان والمؤتمر لكسب الهيئة التأسيسية  لصياغة الدستور الى صفهم حتى يكونوا الأقوى في الحوار أو الطرح القادم. لن يفديكم هذا وأتركوها تعمل من أجل ليبيا، لأن الهيئة مستقلة ويجب أن تكون مستقلة وهذا ما أكده لي د. على الترهوني قبل يومين وانه ماضي في الدستور وبخطوات جيدة وأنا سعيد جداً عندما سمعت اخبار جيدة عن لجنة الستين وعملها وقريبا سيكون هناك عمل يطرح للشعب الليبي وهو ممتاز وليس كما الذي نشر بالسابق. لا تتصارعوا على هذه الهيئة وأتركوها تعمل وسوف تنتج لأنها الجهة الوحيدة والتي يبني الليبيين والليبيات والمجتمع الدولي امال كبيرة.

القمة العربية انتهت وليبيا خرجت من المولد بلا حمص وهذا ليس بغريب حيث هذه القمم وليبيا لا تحتاج الى قرارات هذه القمة طالما قطر ومصر  هما من يقرر،  ومند أن نعرفها لن تقدم ولن تؤخر في شيء الا إذا أراد الغرب مصلحة أو تمرير شيء، فسيكون اول الضوء الأخضر يبدا من هذه القمة. لكن يبدوا أن الضوء الأحمر بخصوص ليبيا مازال لم ينطفئ والغرب بصفة خاصة يريد ليبيا له وليس لغيره وليس كاليمن أو سوريا حيث ترك هاتين الدولتين للعرب لكي يتوهموا  ويقنعوا أنفسهم بأنهم قوة ضاربة وقوية تحمي شعوبها من إيران وليس من إسرائيل أو الإرهاب المتشدد.

ليبيا قوية وأن شاء الله قادمة بعون الله…

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

التعليقات: 2

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً