من ليبيا ثم إيطاليا… حلم العبور إلى أوروبا

349

العربي الجديد 

لا يبدو أن حوادث غرق مراكب اللاجئين في عرض البحر المتوسط يمكن أن تحد من إقدام المزيد من هؤلاء على المخاطرة بأنفسهم للوصول إلى أوروبا. لديهم أسبابهم، أقلها الحروب والنزاعات.

في السياق، يقول الباحث في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، هانس لوكت، إن “اللاجئين الموجودين في ليبيا يدركون أن البقاء في ليبيا فيه مخاطر كثيرة”. يتحدث عن مشاهداته أثناء تواجده في ليبيا لإجراء بحث حول الهجرة غير الشرعية إلى الشواطئ الأوروبية. يقول إن ليبيا تحولت إلى “أرض ترانزيت لهؤلاء اللاجئين إلى أوروبا، وخصوصاً بعدما أصبحت عملاً مربحاً للمليشيات المسلحة التي تسيطر على شواطئ عدة، في مقابل ضعف حكومة طرابلس”.

وتشير منظمات محلية معنية بحقوق اللاجئين إلى أن “البلد الوحيد المتبقي للاجئين إلى أوروبا هو ليبيا بعدما شددت تركيا الرقابة البحرية، وعمدت السلطات البلغارية إلى تسييج حدودها لمنع اللاجئين من العبور براً”.

من جهتهم، يقول عدد من اللاجئين السوريين والفلسطينيين لـ”العربي الجديد”، والذين وصلوا إلى الدنمارك عن طريق البحر انطلاقاً من ليبيا ثم إيطاليا: “يستغل المهربون الأوضاع السيئة في ليبيا، ويقررون فجأة صعودنا إلى المراكب من دون أن ندري عدد راكبيها حتى اللحظات الأخيرة”. يشيرون إلى أنه “لا يعود بمقدورهم رفض الصعود تحت تهديد الضرب والشتائم”.

يحكي عبدالرازق، وهو لاجئ سوري، تجربته في هذا الإطار، يقول: “نعيش في ظروف صعبة جداً بانتظار وصول مزيد من الراغبين في الهجرة. وبعدما نكون قد دفعنا جزءاً من المبلغ، نضطر إلى العيش تحت رحمة المهربين إلى حين الانطلاق. نقطن بيوتاً متهالكة مع العديد من الأفارقة، وأكثرهم من أريتريا، علماً أن الخروج من تلك المنازل يعد خطراً. وعلى الرغم من أن الأفارقة هم الأكثر عرضة للابتزاز من العصابات، لكن هذا لا يعني أن اللاجئين العرب بمنأى عن أمور مماثلة. وهذا بحد ذاته يجعلك لا تتردد في الإبحار بأي طريقة”.

يقول عبدالرازق بعدما أنقذت باخرة شحن دنماركية قاربهم الذي كان يغرق نهاية العام الماضي: “لم أكن أعرف إن كنت سأبقى حياَ. العواصف كانت قوية وكنت أرتجف قبل أن ألمح باخرة تحاول الاقتراب منا. رموا بعض المياه والخبز، وهدأوا من روعنا ثم جروا المركب بعدما طلبوا منا عدم الحراك حفاظاً على توازن المركب”.

في السياق، تقول نقابة البحارة الدنماركية إنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أنقذت البواخر التجارية التي عبرت المتوسط نحو 1124 مهاجراً من دون تنسيق مسبق مع البحرية الإيطالية. وتوضح مديرة النقابة للتلفزيون الدنماركي أنه “على الرغم من تدخل بواخرنا، إلا أن الوضع في الآونة الأخيرة بات خارج السيطرة، وهناك فوضى حقيقية في خط الملاحة الدولي”. تضيف: “إنه لأمر محزن أن يخبرنا البحارة عن مشاهداتهم لأطفال غرقى ويافعين لا يرتدون سترات الإنقاذ. هذا أمر مخجل للمجتمع الدولي الذي يجب أن يعمل على الحد من معاناة هؤلاء في بلادهم”.

وتلوم مؤسسات ومنظمات معنية بشؤون الهجرة حكومات الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بمأساة الغرق في المتوسط. في السياق، يقول مركز دراسات الهجرة في جامعة “كوبنهاغن” إن “التذرع بالتكاليف المادية للاستعانة بدوريات إنقاذ إضافية في عرض البحر المتوسط أمر يدعو إلى الاشمئزاز، وخصوصاً أن الأمر يتعلق بحياة هؤلاء المهاجرين”.

من جهتها، انتقدت منظمة مساعدة اللاجئين الدنماركية تخفيض الاتحاد الأوروبي عدد الدوريات البحرية. ويقول مدير المنظمة أندرياس كام إن “الآلاف سيحاولون العبور إلى أوروبا. يجب على المجتمع الدولي إزالة الأسباب التي تدفع هؤلاء إلى الهجرة، على غرار محاربة الفقر والبطالة والنزاعات. يجب أيضاً العمل على زيادة حملات الإنقاذ في البحر”.

القصص كثيرة. ماهر عيد كان قد فقد شقيقه أمام عينيه في رحلة الهرب عبر المتوسط نحو الدنمارك. كان يبحرُ مع 700شخص بينهم أطفال حين بدأ القارب بالغرق. يقول: “سعيت جاهداً لإنقاذ الناس، لكنني لم أستطع. كان أخي يغرق أمامي. جل ما أردته هو الوصول إلى الدنمارك لطلب اللجوء، وكنت أدرك أن الرحلة خطرة. لكن انتهت حياتي حين رأيت أخي يغرق أمام عيني”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً