ملاحظات على مسودة الإتفاق السياسي الليبي

ملاحظات على مسودة الإتفاق السياسي الليبي

د. نعيم الغرياني

الدكتور نعيم الغرياني أستاذ الهندسة النووية بجامعة طرابلس وسابقا شغل منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في أول حكومة انتقالية. وهو عضو مجلس النواب وأحد المشاركين في الحوار عن النواب المقاطعين.

في الوقت الذي نثمن فيه دور فريق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ورئيسها المبعوث الخاص للأمين العام السيد برناردينو ليون على ما بذلوا ويبذلون من جهد كبير ومضني في رعاية وتيسير الحوار السياسي الليبي لإخراج ليبيا من أزمتها العميقة والمعقدة، والتي صارت تمثل تهديدا وجوديا لليبيا وشعبها، وفي الوقت الذي نقدر فيه موقف المجتمع الدولي ومواقف عدد من الدول الصديقة والشقيقة الداعمة لمسيرة الحوار الليبي ولجهود الأمم المتحدة في هذا الشأن، وفي الوقت الذي نحيي فيه جهود كثير من الليبيين الوطنيين المشاركين في الحوار من كل الأطراف ورغبتهم الصادقة في إنجاحه والوصول به إلى توافق يحقق الأمن والإستقرار لليبيا ويعينها على العودة إلى مسارها الصحيح نحو بناء الدولة الليبية الحديثة التي تحقق آمال وتطلعات الشعب الليبي إلى مستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة، والتي ضحى في سبيلها الآلاف من أبنائه، فإننا نخشى على هذا الجهد، وعلى ما حققه حتى الآن من تقدم، من الفشل والضياع وبالتالي فوات الفرصة التي قد لا تتكرر في المدى المنظور لإنقاذ البلد من مزيد من التدهور والإنهيار. ولذا فإنني أدعو كل الأطراف المعنية إلى استصحاب عظم المسؤولية الوطنية والتاريخية عند التعامل مع جهود الحوار وما ينتج عنه من مقترحات وحلول بعيدا عن أساليب التهييج والتشهير والتوظيف السياسي الرخيص، وبمنأى عن الانسياق وراء ثقافة الرفض واستحضار نظريات المؤامرة. ولا يعني هذا التقليل من شأن النقد الموضوعي والمنصف لهذا الجهد ولا من أهمية محاولات تطويره بما يخدم المصلحة الوطنية الكبرى، وأحسب أنه في هذا الإطار تأتي مساهمتي هذه.

لقد شارك كاتب هذه السطور في هذا الجهد منذ بدايته وتابع تطوره عن كثب وتعرف على أطرافه المشاركة والراعية والداعمة عن قرب، وأحسب أن النسخة الحالية لمسَودة الإتفاق تعكس تطورا كبيرا عما كان عليه الأمر في بداية هذا الجهد بما حوته من ايجابيات كثيرة وأفكار قيمة، وأنها تمثل إطارا واعدا تقتضي المسؤولية الوطنية الحفاظ عليه وتعزيزه وتطويره. ومع هذا فإن الوثيقة لا تخلو من فجوات وبعض نقاط الأختلاف، تتحمل مسؤوليتها في رأيي الأطراف الليبية المتحاورة، قد تفضي إلى رفضها ما لم يتم، وقبل طرحها في جولة الحوار القادمة، تدارك تلك الفجوات ومعالجة نقاط الإختلاف بما يبدد مخاوف الأطراف التي ترى أن الوثيقة في صورتها الحالية تجاهلت بعض مطالبها الجوهرية والمشروعة واستهانت بحقها في رؤية ضمانات كافية تحفظ التوازن بين كل الفرقاء وتحول دون استحواذ أحد الأطراف على الأمر واستفراده بالقرار بعد المصادقة على الإتفاق. ويمكن إجمال هذه الفجوات ونقاط الإختلاف والتخوف في ثلاثة عناوين رئيسية هي وضع مجلس النواب، وكيفية اعتماد وإقالة حكومة الوفاق الوطني، وإشكالية الجيش وكتائب الثوار والتشكيلات المسلحة الأخرى. وفيما يلي بعض التفصيل حول هذه العناوين الثلاثة.

أولا: وضع مجلس النواب

إن أهم الأسباب التي كانت وراء مقاطعة عدد من النواب المنتخبين للمجلس، وكاتب هذه السطور من بينهم، منذ انعقاده الأول مازالت قائمة. ولقد عزز سلوك المجلس خلال التسعة شهور الماضية وماصدر عنه حتى الآن من قرارات وبيانات ومواقف تتحدى الضمير الوطني وتستفز مشاعر قطاعات كبيرة من الليبيين، عمقت من حدة الإنقسام وزادت من استعار الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد في شرق البلاد وغربها وجنوبها، عزز هذا السلوك العبثي من فقدان المجلس لأساسه الديمقراطي باعتباره كيانا منتخبا من قبل الشعب الليبي، وتهافتت شرعيته باعتباره ممثلا لكل الشعب الليبي بعد تبنيه للإعتداءات العسكرية على مدن وقرى ليبية قيل أن بعضها شارك فيها طيران دول عربية، ودعمه للأعمال العدوانية التي يقودها واحد من بقايا انقلاب سبتمبر لم يخف نواياه الإنقلابية على ثورة فبراير وشرعية الدولة ولا استهتاره بالإعلان الدستوري والخيار الديمقراطي للشعب الليبي. بل وازداد تمادي المجلس في تحدي المشاعر الوطنية عندما كافاء ذلك الإنقلابي بتعيينه قائدا عاما لما يزعم أنه “جيش وطني” مضفيا عليه بذلك رداء من الشرعية الزائفة جعلته يُستقبل من بعض الأنظمة العربية المناوئة للثورة الليبية استقبال رؤساء الدول.

كل هذا السجل الحافل بمواقف العداء لثورة الشعب الليبي ولقطاعات كبيرة من أبنائه، وبتسليم المجلس لإرادته إلى انقلابي يراه الكثيرون مجرم حرب، وبتحالفه مع أنظمة عربية لاتُخفي نيتها في القضاء على الثورات العربية، كل هذا يجعل الحديث عن شرعية المجلس الإنتخابية عبثا مالم يتم تقويم وضعه وتوفير ضمانات تمنع ارتهانه مرة أخرى لأعداء الوطن والمتربصين به وبأبنائه الشرفاء. ولذا فإنه يتعين على مجلس النواب قبل أن يأمل في كسب الشرعية واستعادة الحد الأدنى من الثقة لدى الليبيين اتخاذ جملة من الإصلاحات العملية وبأسرع وقت ممكن، والتي يمكن اجمالها في تعزيز مبدأ المشاركة الشاملة لكافة أعضائه، وترسيخ نهج التوافق في صناعة قرارته، والرجوع عن قراراته وسياساته السابقة المثيرة للجدل. وفيما يلي خمسة اجراءات محددة نرى أنها ضرورية لتصحيح وضع المجلس، تمثل الأربعة الأولى منها مطالب النواب المقاطعين منذ بداية الأزمة سبق طرحها مع السيد ليون في اللقاءات التشاورية قبل اجتماع غدامس الأول، والإجراءات هي:

  1. تغيير مقر انعقاد المجلس بما يضمن مشاركة كافة اعضائه، ويمكن أن يكون ذلك في طرابلس في حال توفر الشروط الملائمة أو في أي مدينة أخرى يتم التوافق عليها بين الأعضاء،
  2. إعادة انتخاب هيئة رئاسة المجلس في أول اجتماع للمجلس في مقر انعقاده الجديد وبحضور كامل أعضائه، وكذلك إعادة تشكيل لجان المجلس،
  3. تعديل النظام الداخلي للمجلس بما يعزز مبدأي الشمولية والتوافق وذلك بالنص على أغلبية موصوفة في القرارات المهمة لا تقل عن ثلثي أعضاء المجلس المنتخبين،
  4. تعليق التشريعات والقرارات والتعيينات التي أصدرها المجلس في المرحة السابقة وعرضها على المجلس المكتمل من جديد لإقرارها أو إلغائها أو تعديلها،
  5. قصر عمل المجلس في المرحلة الإنتقالية على النشاطات التشريعية وفي حدود الضرورة وعدم تدخله في الأمور التنفيذية للدولة إلا باعتباره جهة رقابية.

ويمكن أن تتولى بعثة الأمم المتحدة وبمشاركة فريق الحوار السياسي الإشراف على الترتيبات اللازمة لإنعقاد مجلس النواب مكتملا بالشروط المبينة أعلاه والتأكد من استكمالها والإلتزام بها. وينبغي أن تبين الوثيقة النهائية للإتفاق السياسي دون أي لبس بأن “مجلس النواب” المقصود في الإتفاق السياسي هو المجلس بهذه المواصافات.

قد يعترض البعض بأن في هذه الشروط تقييدا مخلا للمجلس يتنافى مع كونه أحد سلطات الدولة الدستورية الرئيسية وهو السلطة الوحيدة المنتخبة بخلاف السلطتين التنفيذية والقضائية. وهذا اعتراض وجيه ولكن في ظل الظروف الإستثنائية في هذه المرحلة الإنتقالية، والتي اتسمت بحدة الإستقطاب السياسي وشراسة واتساع الصراع المسلح وانعدام الثقة وانهيار مؤسسات الدولة التنفيذية، فإن المرحلة ليست في حاجة إلى نشاط تشريعي موسع بل لا تحتمله. ولذا ينبغي أن ينحصر النشاط التشريعي في هذه المرحلة في الحد الأدنى كاعتماد حكومة الوفاق الوطني والميزانية وما تقترحه الحكومة من قوانيين ضرورية لتسيير هذه المرحلة، وإصدار قانون الإستفتاء على الدستور واعتماد الدستور، وإصدار قانون الإنتخابات الدستورية. إن حاجة المرحلة الملحة الآن هي إلى حكومة وفاق وطني فاعلة وقوية تقوم على الكفاءة وتمتلك القدرة على الاستجابة للتحديات والمشاكل المعقدة التي تواجه ليبيا في هذه المحطة الحرجة. وما الحرص على إنقاذ واستمرار مجلس النواب إلا من باب تفادي أن يكون هناك انقطاع في المؤسسات الديمقراطية وفراغ مؤسسي وغياب الرقابة على الحكومة.

ثانيا: إعتماد وإقالة الحكومة

ورد في المادة الثالثة من مسَودة الإتفاق أن مجلس النواب هو المعني باعتماد “قائمة أعضاء حكومة الوفاق الوطني وبرنامج عملها” وأنه “يمارس أعمال الرقابة على الحكومة” وأنه “لايمكن له إقالة حكومة الوفاق الوطني دون موافقة ثلثي أعضائه”، الأمر الذي يعني ضمنا أن مجلس النواب هو أيضا من له صلاحية إقالة الحكومة. كما نصت المادتان الخامسة والسادسة على أن مجلس النواب هو من يمنح الثقة لأي اختيارات لاحقة لنواب رئيس الحكومة أو لأي من وزرائه في حالة خلو منصب أي منهم لأي سبب كان.

إن أغلب صلاحيات المجلس في هذا الشأن لا ينبغي في رأيي أن تمثل مصدر تخوف أو قلق لأطراف الحوار المقابلة للمجلس وذلك باعتبار أن اعتماد الحكومة لا يكون إلا بعد توافق شركاء الحوار على تشكيلة الحكومة، وأن اعتماد أي نائب بديل من نواب رئيس الوزراء أو أي من الوزراء في حالات خلو أي من هذه المناصب كما نصت عليه الوثيقة هو اعتماد لاختيارات يقترحها رئيس الوزراء أو رئيس الوزراء ونائبيه، وليس هناك في الوثيقة ما يعطي للمجلس صلاحية الإقالة الفردية لأعضاء مجلس الوزراء.

أما فيما يخص إقالة الحكومة بكاملها، والتي أعطتها المادة الثالثة لمجلس النواب، فقد اشتُرط فيها موافقة ثلثي أعضاء المجلس. وهذا شرط يصعب تحققه في حال معالجة وضع المجلس بالصورة التي سبق تفصيلها. بل أكاد أجزم بأن حكومة توافقية أخذت كل هذه المدة من المفاوضات ومن الجهد الوطني والدولي، وتحضى بالإهتمام والدعم الدولي الواسع، ولها كل الإختصاصات المنصوص عليها في مسودة الإتفاق بما فيها اختصاصات رئاسة الدولة كما وردت في مقترحات لجنة فبراير، لن يستطيع مجلس النواب إقالتها بسهولة، حتى وإن رغب في ذلك، وخاصة إذا ما بقي على وضعه الحالي معزولا في طبرق والحكومة في طرابلس، واستمر موقف النواب المقاطعين على ماهو عليه. وبالتالي لا أرى أن تخوف الأطراف المعارضة لمجلس النواب من أن المجلس قد يقيل الحكومة لاحقا له مايبرره. ولكن لقطع الطريق على من يريد أن يُفشل الحوار ويعرقل التوصل إلى توافق كي لايستخدم هذه الفجوة، فإني أرى أن يشترط، في حال تصويت مجلس النواب على إقالة الحكومة بأغلبية ثلثي أعضائه المنتخبين حتي تصير الإقالة نافذة، موافقة مجلس الدولة على الإقالة بأغلبية موصوفة، ولتكن هي أيضا ثلثي أعضائه. وأضيف بأن هذا لا ينبغي أن يكون محل اعتراض من مجلس النواب أيضا ولايمثل تنازلا كبيرا، لأن أمر إقالة الحكومة هو مسألة نظرية يصعب على المجلس تحقيقها في الواقع على كل حال. أما في الحالات الإستثنائية التي تستدعي بحق إقالة الحكومة فمن المفترض أن يتوفر الدعم للإقالة من كل الأطراف المعنية.

ثالثا، الجيش والمجموعات المسلحة

إن ما تميزت به عقود حكم القذافي هو ضعف مؤسسات الدولة وترهلها نتيجة نهج الإستبداد والعبث الذي كان السمة الأبرز لتك الحقبة. ولم تنج من هذا المؤسسة العسكرية ولا غيرها من المؤسسات مثل الأمنية والقضائية وقطاعات حيوية مثل الإقتصاد والتعليم والإسكان، والتي عانى جميعها من اطروحات القذافي العبثية. ولقد عجزت الحكومات المتعاقبة منذ الإطاحة بنظام القذافي عن إعادة بناء هذه المؤسسات وإصلاح تلك القطاعات بما يمكنها من المساهمة في اخراج ليبيا من حالة الفساد والفوضى ودوامة العنف وغياب الإستقرار.

لقد شهدت المؤسسة العسكرية في عهد القذافي تضخما لا يتناسب مع احتياجات ليبيا ولا مع عدد سكانها ولا قدرتها الإقتصادية، وكان ذلك على حساب قطاعات أكثر أهمية كالتعليم مثلأ، حتى أن طرابلس الكبرى تضم اليوم عشرات المعسكرات وليس بها إلا جامعة واحدة! وبالرغم من هوس القذافي بعسكرة ليبيا والمجتمع الليبي منذ بداية حكمه إلا أنه كان يخشى الجيش، وهو الذي أتى بانقلاب عسكري، فقام بإفساد الجيش وتفتيته وأخيرا إهماله، واتخذ لحمايته ونظامه كتائب خاصة تحت قيادة أبنائه ومواليه المقربين، ووفر لتلك الكتائب، دون غيرها من مكونات المؤسسة العسكرية، مستويات تدريب وتسليح وامتيازات أفضل نسبيا.

وعندما انطلقت الثورة استماتت كتائب القذافي في مواجها الثورة وفي قتال الثوار والدفاع عن القذافي ونظامه، بينما تفاوتت مواقف تشكيلات الجيش الأخري بين داعم للثورة ولازم لبيته ومقاوم لها. ولاتخلو بقايا المؤسسة العسكرية اليوم من هذه الفئات الثلاث. وكنتيجة لأي ثورة شعبية مسلحة في وجه نظام دموي شرس لم يكن ليتردد في القضاء على الثورة بكل ما أوتي من قوة، وجدت ليبيا نفسها أمام مجموعات كبيرة من الثوار والتشكيلات المسلحة تملك كميات هائلة من كافة انواع الاسلحة، ويرى كثير من المنتسبين لها أنهم من قام بالثورة وأنهم معنيون بحمايتها ضد أعدائها وخاصة المحسوبين منهم على النظام السابق. وخوف الثوار على الثورة وعلى أنفسهم من عودة العناصر والفئات المعادية للثورة تحت غطاء شرعية الدولة، جيشا كانت أو شرطة، له ما يبرره. وبالتالي لايمكن أن نتكلم عن الجيش والشرطة بالإطلاق على أنها مؤسسات وطنية مهنية محايدة، فهذا مخالف للواقع ولا يمكن أن تؤتمن هذه المؤسسات على الثورة ولا على مشروع الدولة المدنية قبل إعادة بناء تلك المؤسسات أو إصلاحها، ولنا في “عملية الكرامة” وقائدها السيد حفتر ومن انضم إليه ممن هو داخل تحت مسمى “الجيش الوطني” خير مثال على وجاهة هذه المخاوف وعلى خطورة تبني الجيش على علاته وتمكينه من السيطرة، في الوقت الذي يراد فيه تفكيك مجوعات الثوار والتشكيلات المسلحة دون تمييز بينها وتجريدها كلها من أسلحتها. وبالتالي لا يُنتظر أن تقبل مجموعات الثوار بهذه المخاطرة الكبيرة.

وتأسيسا على ما سبق فإن إشكالية الجيش والثوار والمجموعات المسلحة حساسة وينبغي أن تدرس بعناية وأن تعامل معاملة متوازنة وحذرة، فكلها تضم عناصر وطنية يمكن أن تكون نواة يبنى عليها جيش جديد وأجهزة امنية حديثة على أسس ونظم متطورة وعقيدة وطنية صحيحة، وكلها أيضا تضم أناسا ينبغي استبعادهم من المجال العسكري والأمني وإعادة تأهيلهم واستيعابهم في مؤسسات ونشاطات مدنية، حكومية كانت أو خاصة، وإحالة من هم في سن التقاعد أو القريبين منها إلى المعاش. إن هذا الإجراء ضرورة ليس فقط للأسباب التي سبق ذكرها، ولكن أيضا لتخفيف العبء الذي يشكله تضخم هذه الأجسام والمؤسسات المفرط على ميزانية الدولة وعلى حساب تنمية القطاعات المنتجة وما يمثله ذلك من استنزاف وتعطيل للثروة البشرية في مجتمع محدود العدد وفي حاجة إلى طاقات كل أبنائه في معركة البناء بدلا من تعطيلها في المعسكرات وحرمانها من المشاركة في التنمية وفي الحياة المدنية. وبالتالي ينبغي أن يُترك بناء الجيش والأجهزة الأمنية من أساسه لحكومة الوفاق الوطني وفق جملة من المبادئ تتواضع عليها أطراف الحوار. ولا مناص في هذا الصدد من الإستفادة من العناصر العسكرية الوطنية المحترفة والنظيفة والملتزمة بالخيار الديمقراطي والدولة المدنية. وكباقي مؤسسات الدولة، فإن بناء الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى في المرحلة القادمة يتطلب دعما كبيرا من المجتمع الدولي وعلى الأخص الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة صاحبة الخبرة في هذا المجال.

إن الأزمة الليبية سياسية بامتياز، ولابد لأطراف النزاع من الإبتعاد عن التوظيف السياسي لما تتوهم أنه في يدها من أوراق فإن ذلك لا يزيد الأزمة إلا تعقيدا، وحتما لن يساعد في حلها. ولابد أن يتنازل الجميع من أجل الخروج بالبلد من هذه الأزمة التي تهدد وجوده وتنذر بدخوله في حرب اهلية مدمرة قد تطول. لابد من التعامل مع الأزمة بواقعية وتغليب الخيارات العملية بعيدا عن الرومانسية والمراهقة السياسية، وعن التصعيد بكل أشكاله، وبعيدا عن الجدل القانوني والتعلق بدعاوى الشرعية وأوهام الحسم العسكري القريب، وبمنأى عن الديموغاجية السمجة. وعلى الجميع إدراك أن التوافق يحتاج إلى تنازلات حقيقية ومن كل الأطراف، وأنه في حالات النزاع لاتوجد حلول مثالية تلبي جميع رغبات كل طرف من الأطراف المتنازعة، وإنما هو التقريب والتسديد من أجل مصلحة أكبر، لأن في استمرار الصراع خسارة للوطن وفي ذلك خسارة للجميع.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. نعيم الغرياني

الدكتور نعيم الغرياني أستاذ الهندسة النووية بجامعة طرابلس وسابقا شغل منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في أول حكومة انتقالية. وهو عضو مجلس النواب وأحد المشاركين في الحوار عن النواب المقاطعين.

التعليقات: 15

  • Salim sadeg

    لا يا أستاذ نعيم انك تريد ان تحيي جسدا عليلا لا أمل فيه ،وله خمسة اشهر ويموت ،لا أمل في علاجه ،وحتي وان عولج سيسبب خللا في التوازنات التي تخرج ليبيا من ازمتها ،اليس الاجدي من الوزارة الجديدة التوافقية ان يكون من مهامها الإشراف علي انتخابات لمجلس نيابي جديد بدلا من مجلس مريض والآخر وصل من العمر عتيا .

  • مسعود محمد

    انا كمواطن ليبي اري ان الصراع الان ليس له علاقه بمصلحه ٩٠./. من الشعب الليبي وإنما هو صراع علي السلطه والمال بين مجموعات متناحره لا تزيد نسبتها علي ١٠./. من السكان في ليبيا وبالتأكيد الدول الخارجيه لها يد في إزكاء وإشعال هذه الفتنه من اجل تحقيق أطماعها في ليبيا وبالتالي لا اري نهايه قريبه لهذا الصراع الا في حاله واحده بقيام هبه شعبيه عارمه في جميع أنحاء البلاد وهذا ممكن جداً وقد بدا الشعب في التململ ٠

  • سالم احمد

    يا دكتور : نعيم لماذا النفاق السياسي —– برلمان جمهورية طبرق ومرسى مطروح الشقيقة جسم غير شرعي ولا قانوني ولا دستوري اصلا —– لماذا نحاور في ما هو غير شرعي —- الشرعية حسب الاعلان الدستوري الذي هو الدستور المؤقت لليبيا للمؤتمر الوطني — اما برلمان طبرق اللقيط فهو ناتح عن بلطجه وسرقة ونهب واختطاف وتهديد بالانقلاب من عدة اطراف — ارغم المؤتمر الغبي ان ينصاع ويسلم ما هو ليس بملكه للخونه والمرتدين والازلام والانقلابييين والجهويين والقبلييين وعباد الغنائم — هذا لا يقبله الشعب الليبي راجع نسبة المشاركة في االانتخابات القسريه ولا يقبله الدستور راجع الاعلان الدستوري لا يوجد تاريخ ينهي مهام المؤتمرالا ان تنهي مهامه كاملة راجع القانون الانتخابات كانت مزورة ومخترقه راجع المنطق لالالا للتمديد حركة مدعومة من الامارات ليس الغرض منها انهاء مهام المؤتمر ولكن الغرض منها الاستلاء على مهامه —- هذه هي الحقيقة كاملة اما النفاق السياسي لن ينفع ليبيا في شيء === انا لا ادافع عن المؤتمر المتخلف فهو برئاسته جاهل واسواء من معمر بغبائه وجهله للامور ولكن كلمة حق اقولها ولا انافق كما تفعل يا نعيم انت وغيرك

  • علي سالم

    السيد الغرياني كنت وزيرا في حكومة الكيب فماذا قدمت اكثر من قرار ضم طلبه في الخارج اغلبهم يحملون جنسية مزدوجة نحن معرف ان سبب مقاطعتك لا علاقه لها بالوطن بل بحزب الاخوان بعز خسارة الانتخابات فلا داعي للعب علي وتيرة الثورة التي نظر اليها أمثالك علي انها فرصة الاخوان للقفز الي الحكم اتقوا الله في هذا الشعب وأرجعوا من حيث أتيتم فكفاكم عبثا بالوطن فهو ليس غنيمة تتقاسمها احزاب او مزدوجي الجنسية ضحكتم علينا في انتخابات المؤتمر ولن نسمح لكم اما مقاطعتك فتدل علي الاستهتار بالناخبين وما حفتر الا ذريعة ونعرف ان خلافكم معه هو تصفية حسابات قديمة لا علاقة لها بالوطن تعود الي طيبة الذكر جبهة الإنقاذ

  • مجمد على

    كل المقال يشرعن لمجلس النواب المنحل والدكتور نعيم لم يتناول حكم المحكمة الدستوريه ولو بتلميح عموما انا مع التنازلات من اجل الدين والوطن والعباد ومن احل ما ذكرت اعتقد ما قام به جماعة طبرق الغير شرعيين بالمحكمة وبما ذكره الدكتور نعيم ساوكيات وقرارات تلغي شرعيتهم وتجعلهم مطلوبين امام النائب العام وما قاموا به يصل بل وصل لدرجة الخيانة العظمى نعم بعض الشروط التى ذكرت لعودة مجلس النواب ممكن في الايام الاولى او الشهر الاول من انعقاده بطبرق اما الان وبعد حكم المحكمة وما فعلوه من استفزاز لقاعدة عريضه من الشعب الذي انتخبه واخلاله بالاعلان الدستورى ورضاءه بمجرم قائد لجيش كل المعايير تنطبق عليه وشرعن لقتل الليبييبن واحتلال وطن وتزوير وكذب وارجاف اي اتفاق لا يلغي هذا الجسم الهزيل الملئ بالخونة هو عبث اخذت وقت لقراءة المقال لعلي اجد فيه امل لكنني اصبت بالاحباط عندما وجدت ان الدكتولر نعيم وممكن من معه من النواب المقاطعين يبحثون على عودة للمجلس وندموا على مقطعتهم وهم من قدم هذه المسودة

  • Ibrahim karnafoda

    اني احترم وجهأت نظركم جميعا……..في نهاية اﻻمر ﻻ يصح أﻻ الصحيح……حفظ الله ليبيا.

  • مراقب غريانى

    اول ملاحظة د نعيم انك انتحلت صفة ممتل عن النواب المقاطعين وبالأمس خرجوا النواب المقاطعين فى قناة النباء وقالو انهم لم يفوضوكم لا انت ولا ابوشاقور وبذلك هذه تعتبر خيانة الامانه ، تانيا تقول انك تعلم كل شى هذا لا يتاتى الا اذا كنت تبع فى ليون بصفة خاصة وهذا معروف ، لأنك لا تحضر مع كل الأطراف والجلسات تعقد كل مجموعة لوحدها ، وهذا ادعاء عنترى ومعروف عند الليبيين ، وبعدين لا اخد من المتحاورين وانت منهم قال الصدق لأنكم بداءتم فى نقد شىء المفروض أنتم عملتوه ، انا اجزم أن البعثة وليون يقومون بكل شىء وأنتم الصدرات فقط للتصوير والتصفيق ، احترمو انفسكم وقولو ان كل شىء اجى جاهز ، انا أسالك سوْال كيف تقوم حكومة وفاق ووضعنا غير مستقر (حكومة كرزاى أفغنستان ، ام حكومة علاوي العراق ، ام حكومات الصومال ) . نعم ترددون ما يقوله الآخرين وتخرجو علينا وكانكم أنتم من قام بهذا العمل والحقيقة المرة أنكم تبع فقط وليس لكم دور فى الحوارالا دور ساعى البريد يا مناضلى المعارضة وخربجى منتدى الموارد البشرية وخططه ايام الطاغية والآن ، لك الله يا ليبيا

  • الحل من وجهة مع تقديم الشكر على محاولتك التي اجتهدت فيها . أن يقررمجلس النواب استلام السلطة بطريقة قانونية بالاتفاق مع المؤتمر الوطني ويتم ذلك بانعقاد المجلس بكامل أعضائه في المكان الذي يتم الاتفاق عليه وتجرى مراسم التسليم والاستلام بحضو ر السلطة القضائية . عند ذلك تكون جلسات البرلمان قانونية .ويتم بعدها انتخاب الرئاسة .وهذا كله يحب أن يسبقه اعتبار كافة القرارات والإجراءات السابقة موقوفة وتعرض على المجلس من جديد لإقرارها أو تعديلها أو إلغائها . هذا بإختصار حل قانوني لا يحتاج إلى الأمم المتحدة ولا غيرها بل إرادة قوية من الجهتين التشريعيتين في ليبيا .هناك تفاصيل تركتها في هذه العجالة . أكرر الشكر لصاحب الإقتراح د نعيم وهو جهد طيب

  • أشرف الثلثي

    بارك الله فيك دكتور نعيم
    دائما في الموعد كما عهدناك أثناء الثوره بملاحظاتك العقلانيه والمتوازنه

    أنها فعلا فرصه تاريخيه علي الجميع أن يتمسكوا بها قبل فوات ألاوان والانزلاق نحو حرب اهليه تدمر ما تبقي من بلادنا الحبيبه
    نسأل الله أن العزيز القدير أن يحفظ ليبيا من كل سوء

    أشرف الثلثي

  • د صالح عبد الله

    تحليل ناضج وواقعي لبعض اطراف الازمة ويشكل اساس عقلاني يمكن الانطلاق منه لحل مشكلة ليبيا.

  • م.احمد حسن

    البرلمان موجودفي مدينه طبرق اول مدينه ليبيه اطاحت برمز من رموز القذأفي كتابه الاخضر ياساده يامحترمون وليست مدينه خارج ليبيا اومدينه مصريه وذا اردتموها مصريه فمصر دوله قويه وهذأ شرف لنا ليست ليبيا الفاشله المليشيات

  • أبو محمد الدرناوي

    أستغرب أنا كمواطن ليبي أحمل نفس شهادة الكاتب مع إختلاف التخصص أن أري شخصا مثله تبوأ مركزا مرموقا في أول حكومة بعد التحرير وكان أحد معاول الهدم في ليبيا الجديدة يعطينا دروسا في الديمقراطية وهو من الذين هدموا هذه الديمقراطية الوليدة برفضه الإنضمام لمجلس نواب منتخب ديمقراطيا وتمسك بجسم عفن ميت إنتهت صلاحيته لا لشئ إلا تمسكا بالسلطة و بالقوة.يا سيد نعيم أنت عشت في بلد ديمقراطي وتعلم جيدا معني أن تخسر الإنتخابات هذا يعني أن الشعب لا يريدك و أنت غير مقنع له. هل لاحظت في ذلك البلد أن الخاسر للإنتخابات يقيم الدنيا و لا يقعدها مثلكم أم ينزوي ليعيد حساباته ليكون مقنعا إذا قرر العودة لتلك الإنتخابات. حجتكم ضعيفة و ربي يجيرنا منكم.

  • ليبي حر

    انت بهذه الاراء نسفت الحوار من جذوره و ارجعتنا الى المربع الاول و الغرض كما هو واضح استمرار سيطرة الاسلام السايسي على المشهد في ليبيا بحجج بعيدة عن العقل و المنطق ،، نعم لدولة المؤسسات و القانون لا للفوضى لا للمليشيات تحت المسميات الحلوة و المنمقة من قبيل الثوار و غيرها

  • ابن برقة

    والله انا قرات مقالة وعندى عدة نقاط اريد ان اعلق عليها
    1- انت من احد الاسباب الازمة حين قاطعت البرلمان المنتخبة من الشعب الليبيى
    2- كيف عضو فى البرلمان يكون حامل جنسية اخر غير الليبي ويكون عضو فى برلمان الليبي هل فى مجلس الشيوخ الامريكى عضو مجلس الشيوخ يحمل جنسية ااخر غير الامريكية
    3-انت فشلت كالوزير ومسؤل فى الادارة التعليم العالى ماذا قدمت للجامعات الليبية لم ارى شئ يذكر فى مستوى الجامعات من ناحية الجودة ولا من ناحية تطوير ولا تطوير فى التعليم الجامعى ولا تعليم العالى ولم تضع خطط او تصور للتطوير التعليم الجامعى و التعليم العالى ولا يوجد مخرجات تذكر من جامعات لا فى الرسائل ولا البحوث ولا حتى ارتفع مستوى الجامعات الليبية فى الترتيب
    4- انت عملت مافيا للسرقة و للسي

  • ابن برقة

    والله انا قرات مقالة وعندى عدة نقاط اريد ان اعلق عليها
    1- انت من احد الاسباب الازمة حين قاطعت البرلمان المنتخبة من الشعب الليبيى
    2- كيف عضو فى البرلمان يكون حامل جنسية اخر غير الليبي ويكون عضو فى برلمان الليبي هل فى مجلس الشيوخ الامريكى عضو مجلس الشيوخ يحمل جنسية ااخر غير الامريكية
    3-انت فشلت كالوزير ومسؤل فى الادارة التعليم العالى ماذا قدمت للجامعات الليبية لم ارى شئ يذكر فى مستوى الجامعات من ناحية الجودة ولا من ناحية تطوير ولا تطوير فى التعليم الجامعى ولا تعليم العالى ولم تضع خطط او تصور للتطوير التعليم الجامعى و التعليم العالى ولا يوجد مخرجات تذكر من جامعات لا فى الرسائل ولا البحوث ولا حتى ارتفع مستوى الجامعات الليبية فى الترتيب
    4- انت عملت مافيا للسرقة و للسيطرة الاخوان و الاسلام الساسية على مفاصل الجامعات و وزارة التعليم العالى مثل جو معمر و اللجان الثورى
    5- اما حكومة الليبية الشرعية هى نتاج من البرلمان الليبي وليس للصعاليك القاعدة و الاخوان و داعش و ليبيا الغد الحق فى فرض شروطهم على الشعب الليبي
    6- عندك حقد على برقة وعلى بنغازى و علي البرلمان و عليش يذهب البرلمان الى طرابلس ؟؟؟ على اى الاساس تحكى انت انا اعرف سلالة اقليم طرابلس من سرت الى حدود تونس لم يشاركوا فى جهاد الفاشية ولا تحرير برقة فى الحرب العالمية الثانية ولا تاسيس الامة الليبي انما كانوا عملاء و خانوا مثلك واى شخص يحمل لقب مدينة غريان و حمد الله شواهد التاريخية من 1911 الى يومنا هذا
    6- الجيش فى برقة هو جيش حارب معمر اما صعاليك فجر ليبيا و قسورة و الشروق كانوا فى الايام الحرب معروفين شنو كانوا و خاصة مصراته حمد الله الفيديوات موجود و شارع طرابلس و شارع بنغازى و جوجل موجود و حفتر حارب اما انت يا صعلوك الغريان وين كنت ؟؟؟؟ ومن انت حتى تحكى على مصير امة الليبية و على جيش ولا على البرلمان

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً