ليبيـا ولبنـان.. وظرف المكان

ليبيـا ولبنـان.. وظرف المكان

فى معرض حذيثى هذا عن الأسودين (الشرق الجديد، وربيعه)، فأن ظرف مكان أنطلاقهما، شاء أن يكون توئمتاً للحرف الأول (اللام) من أسمى (لبنان وليبيـا) وبكليهما طرابلس، وتنسحب التوئمة على ما نُكبا به البلدين أيام الحرب الباردة، من أصحاب الفيل المُعاصرإياهم (المُلاك الفعليين) لعالمنا الثالت، بما يحويه من جماد، بحارٌ وأنهار، نبات، حشرات، حيوان ثم أنسان، فكامل موكونات/ثروات  أراضينا..أنهم يرون ملكيتهم لذلك كُله، وهو الواقع.

فكان نظام قمعى شبه شيوعى فى ليبيـا (الجمعيات وكيس الفراعى)للحد من المد السوفيتى، رُغم تمنى الناس الآن ليوم من أيام (فقط آمن) القذافى..وبالتوازى وفى نفس الحُقبة، كانت الحرب الأهلية فى لبنان (حماية لدكتاتورييهم العرب الذين شاركوا فيها بما أستطاعوا) من موجة ديمقراطية كما فى لبنان، كأن يُقال لنا “أنظروا ماذا جنى اللبنانيون جراء الديمقراطية؟!”، هل تريدون ديمقراطية مثلهم؟، لنقول”لالا”.. نعنى وكأن ظرف مكان الأنطلاقة الأكبر لمشروع الشرق الجديد، لابد له من (إما لبنان وإما ليبيـا).

بوشر التطبيق الفعلى، لخارطة طريق مشروع الشرق الجديد، على بُلداننا المضحوك عليها دائماً، من بداية التسعينيات، حيث كانت أنطلاقته الأولى، بتوريط العراق فى أحتلال بلد عربى شقيق، والمَقصد الرئيسى هو تدمير العراق بضربة ثانية قاسمة ونهائية، إذ لم تكن الضربة الأولى كافية لهد حيله، عندما قذفوه فى آتون حرب الثمانى سنوات مع إيران؟!.

فالمُعادلة تقول”لا تدمير لمشرق العالم العربى إلا بتدمير العراق وشَردَمته شعباً وأرضاً أولاً”، و”لا تدمير لمغرب العالم العربى، إلا بتدمير ليبيـا وشَردَمتها شعباً وأرضاً ثانياً” للوصول الى سوريا(الجولان وجنوب لبنان).

وهكذا فعلاً فعلوا ويفعلون، وشاركناهم كلنا أهل العالم العربى من عرب وعرقيات اُخرى، المفعول بنا جميعاً، فى تدمير العراق، تماماً وكما بنفس العرقيات شاركناهم ونُشاركهم ربيع تدمير ليبيـا وسوريا فى آن، أى أخطر/اصعب، 3 شعوب(بكل عرقياتها) يمكن أن تواجه ولوج الشرق الجديد، ويا قلبى لا تسال عن بقية الدواب منا (الدول العربية اللاحقة بنا لا محالا).

أما الضرب بالجملة، أو بالأحرى الحشان الجماعى لرؤسنا العرب، آرادوا له أن يبدأ بلبنان فى 2006، وكون نظام لبنان ديمقراطى، فلا مجال لأستعمال ذريعة بسط الديمقراطية فيه، إذاً فالأسطوانة البديل كانت، أختلاق الحرب على حزب ألله، الذى بآياديه وفر لهم ذريعتها حينها، فأستعملوها شرارةً، كما أستعملوا لاحقاً حاذتثنا بجنوب تونس.

وللأسف مُوِلَت الحرب على لبنان بالكامل مع الفوائد والبقشيش، من قبل دولة عربية بترولية (تعرفونها جميعاً)، طبعاً عن طمع فتخاذُل..إذ بَلَعت طـُعم الوعِد بالأمان، (آمان مين يا عم)، فما نحن إلا السابقون وأنتم  اللاحقون بنا، بباقات ربيع قادمة تشريداً وتقسيماً لبلدانكم مثلنا وأسوأ (دنتوا حتكلوا ضرب، ما كلوش حُمار فى مطلع) حتى ينسسوكم الأمان والأمن معاه.. (عليك مشروع ربيع رابح، ياسسى.. التمويل بالكامل عربى والدم المسفوك عربى)!!!، أى”من دهنو، سققيلو”.

وكما تعرفون، بُدأ المشروع بأدارة كوندوليسا رايس، من جهة لبنان التى كانت الهدف والمدخل الأول للربيع العربى (تسمية الربيع) كانت جاهزة مُنذ ذلك الحين! وكانت ستُطلق فور سقوط بيروت، ولكن لم تأتى الرياح بما اشتهت سُفنهم.

فبعد الهزيمة المدوية لأصحاب الربيع بلبنان فى 2006. حيث كانت دائماً سوريا الهدف، ومن ثم ما يليها من ضحايا المُخططات الجهنمية، التى ما فتأ تطبيقها على أرض أوطاننا، يقسم ظهورها أستعماراً وأستحماراً وحروباً، مُنذ أكثرمن قرن ونيف وحتى2015 هذا، والى أن نغيرما بأنفسنا.

أخذت عملية الأعداد للخطة البديلة(من 2006حتى 2011) خمس سنوات ونيف لتعديلها (أى بدأ جريمة الشرق الجديد من ليبيـا بدل لبنان، وعند أكتمالها بدأت من جديد ومن جهة المغرب العربى، الذى اُطلُق عليه أنا دائماً (البطن الرخو للعالم العربى).

حيث وبعد أن أستعدوا، أى حتى قناصتهم دخلوا وأخذوا مواقعهم بتونس، أقتنصوا أول فرصة يمكن لها أن تكون شرارة أشعال نارهشيم ما أسموه (هم وليست ببغاوات إعلامنا) الربيع العربى، والتى تمثلت فى أحراق مواطن لنفسه بالنار، ولعلكم تذكرون (شاهدت بنفسى على محطة تونسية) كيف ان القناصة الأمريكان، عندما قُـُبض عليهم فى بوابة تفتيش بطريق المطار مع بنادق القنص الطويلة الغريبة، وهم فى طريقهم للهرب، سألوهم، فقالوا، كنا نصطاد الخنزير البرى فى بنزرت؟!.

لم يكن البوعزيزى رحمه ألله، أول تونسى ولن يكون الأخير يحرق نفسه هرباً من ضنك الحياة؟! فها هو شعب ليبيـا بكامله يُحرق ويُذبح، لماذا لم يهبوا لأنقاده؟! وها هى بنغازى تحديدأً التى قال لنا الناتوا أنه أتى من أجلها، تُحرق وتُدمر دون هوادة وتكاد تصبح أثر بعد عين، أين هبتهم لها؟.

لم نعُد نسمع عن/ ولا نرى منهم أى هبة، عدا مفاوضات مقبرة جنيف للقضايا الدولية، والتى لا تعدوا كونها مُجرد حبل، لتطويل مأساتنا، محاولين ما اُتوا للأتيان على نهايتنا النهائية (بآيادينا)، أذ سارالسناريو ولا يزال يُتَمَم على دولنا العربية المنكوبة، بشكل تراتُبى وبدقة شديدة، منذ بدايته فى يناير 2011 وحتى  يومنا هذا فى عامنا هذا، وسيستمر ما أستمر كرمنا فى التخاذُل.

وحتى لا نناقض أنفسنا بأتيان السقوط لكل الدول العربية فى مشرق العالم العربى ومغربه، ولاحقاً الأسلامية مع الوقت، إلا أن أولوية سقوط ليبيـا بعد العراق، كان هو الأساس، لتليها سوريا لعلل فى نفس يعقوب ابن اُم يعقوب.

وما كان سقوط تونس ومصر فى تلك الفترة، إلا لزوم الحبكة لتقع ليبيـا اُم الفرائس وما حدش سمى عليها، وأن كانت الدول الثلاتة المذكورة مثل باقى الدول العربية جمعاء، تتَقاطَعَ أبتلائآتها بدكتاتوريات عريقة، فتقاطعت رغبات أصحاب فيل الربيع، مع رغبات شعوبنا المُنهكة أصلاً، فى تغيير رؤس الباقة الأولى (التى منها ليبيـا)، والتى هى فى الأصل من صناعة أصحاب الفيل أنفسهم (عليك ضحك!!).

وعلى ذكر أن ليبيـا هى المَعنى الأول بعد العراق، من ضمن الباقة الأولى من باقات تساقط أوراق خريفنا، عَلمتُ لأول مرة بتوجه الشرق الجديد تحديدا فى صيف 2002 (ُوأن بُدأ التنفيذ فى العراق بداية التسعينييات)، عندما كان لى بمعية صديق دولى، لقاء غذاء مع آحد أساطين اللعب بالعالم، ومن باب خيال أى كاتب سياسى، تسرح دائماً بذهنه ليل نهار، تساؤلات تخُص الحراك السياسى بكل الدُنيا، وبالذات ما يعنى وطنه.

سألته ما هى الشعوب العربية، التى تمثل تحدياً أو بالأحرى تكون عصية فيما يتعلق بالشرق الجديد القادم.. فقال ومباشرة، أولاً: الشعب العراقى بدايةً ومن ثم الشعب السورى فى شرق العالم العربى، وثانياً: الشعب الليبى فى غرب العالم العربى، وفعلاً فأن التنكيل بالشعب العراقى والأمعان فى طمسه بدأ من فجر 1990.

وسيستمر تدمير العراق والعراقيين ألى ما أقله 33سنة (متوسط عمر الجيل) الى أن تختفى عقول الجيل السابق، وتتحول بواقى الشعب العراقى الى شعب مَسخ، تأتى أهمية الراقصة فيه قبل صاحب الِعلم، وهكذا ما هو مُخطط لنا ألشعبين الليبى والسورى بالضبط.

إذ سيصل أصحاب الربيع  ألى نهاية مُبتغاهم، وفق ما نرى أنفسنا عليه اليوم من ذبح وسلخ لبعضنا البعض، مما يؤكد بدقة ما سمعت بدقة فى 2002، أى بعد الأتيان على الشعب العراقى، لابد من الأتيان على شعب ليبيـا ومن ثم شعب سوريا، الشعوب الثلاتة التى تُمثل جسرالعبورالهين لأهل الضاد وتخصيب داعش أهم آدواتهم حالياً وفيما بعد، (تأملوا التماثل فى التنكيل بالشعوب الثلاتة)؟!.

لا خسارة لأصحاب الفيل فى ربيعهم هذا، كما كانوا فى الأزمنة الغابرة وحتى حرب العراق، عندما كانوا يحاربون على الأرض، ولكن هذه المرة، تركوا لنا قتل بعضنا، فأجدنا أكثر منهم فضاعةً! (من دهنو، سققيلو)، أى أهم مساهمات آيادينا من المغرب العربى حتى سوريا.. مالاً وبشراً، كانت من آحد الشعوب الضحايا (ليبيـا).

ولعلنا نذكُرأن ليبيـا أتت فى المرتبة الأولى، ككأبر ممول للحرب على سورية، وأكبرعدداً من أموات تلك الحرب من غيرالسوريين، هم من الليبيين؟؟!!، فليبيـا هذه المرة أسوأ حَضاً/نكبتاً من لبنان، التى كانت الحرب عليها بتمويل كامل من دولة عربية اًخرى، والأرواح فقط! لبنانية (يا بلاش.. جَتهم سيهلة يا را).

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً