الحرب رهان خاسر للمنتصر والمهزوم على السواء

الحرب رهان خاسر للمنتصر والمهزوم على السواء

هناك نوع من الحروب يمكن ان يندلع لأسباب تافهة وتتسبب في خسائر مادية وبشرية. على سبيل المثال الحرب التي وقعت في عام 1925 بين اليونان وبلغاريا.. والسبب “كلب” عبر الحدود اليونانية البلغاريه، وسُميت تلك الحرب بـ “حرب الكلب الضال” واستمرت اسبوعا واحدا وقتل فيها العشرات من الطرفين..

بدأت الحرب يوم 18 أكتوبر 1925 عندما قام جندي يوناني في خفر الحدود بمنطقة (ذيمير كابو)، بالقرب من بلدة بيليس، بمطاردة كلب اجتاز الحدود اليونانية البلغارية، حارس الحدود البلغاري أطلق النار على الكلب وقتله، ووقع تبادل لإطلاق النار بين الجانبين، أدى إلى مقتل قائد دورية حرس الحدود اليوناني واثنين من الجنود.. وهكذا أندلعت بالحرب.

في ظل المناخ السياسي المضطرب في ذلك الوقت،امر القائد العسكري اليوناني “ثيوذوروس بانغالوس” القوات اليونانية بغزو بلغاريه، بالرغم من معارضة السياسيين اليونانيين والدبلوماسين الاجانب..

أعتقد بانغالوس، أن وراء الحادث الحدودي خطة كبيرة وانه كان مجرد ذريعة لأجتياح اليونان، فأصدر اوامره للفيلق الثالث في الجيش اليوناني بغزو الأراضي البلغارية واحتلال منطقة بتريتسي.

اقتحمت القوات اليونانية المنطقة وأحرقت بعض القرى البلغارية، وفي الوقت نفسه، قدمت الحكومة اليونانية احتجاجا للحكومة البلغارية وطلبت منها الاعتذار عن مقتل القائد العسكري اليوناني والجنديين، ومعاقبة القتلة، ودفع تعويض لليونان مقداره (مليوني فرنك فرنسي).

بلغاريا، من جانبها، ناشدت عصبة الأمم المتحدة، العمل على الوقف الفوري للأعمال العدائية وانسحاب القوات اليونانية من الأراضي البلغارية.

بعد الاطاحة ببانغالوس تم التفاوض مع الحكومة اليونانية الجديدة، وشكلت عصبة الأمم لجنة برئاسة دبلوماسي انجليزي ( رابولد) لتحديد مسؤوليات الدولتين، و قدمت اللجنة نتائجها، التي اعتمدتها عصبة الامم، ووفقا لهذا، فقد الزمت اليونان، بدفع تعويضات لبلغاريا ،مقدارها 45.000 جنيه استرليني، عن حرق القرى البلغارية ،في حين الزمت بلغاريا بتعويض عائلة القائد اليوناني، الذي قتل بنيران حرس الحدود البلغارية. رفضت اليونان في البداية حكم اللجنة ولكن بعد ضغوط بريطانيا وافقت..

نستخلص من مغزى هذه الحكاية ان الديكتاتور اليوناني ( بانجلوس) لم يحتكم لصوت العقل، ورفض كل الاصوات المطالبة بالتسوية السياسية والدبلوماسية (وركب دماغه) كما يقول المثل الشعبي المصري، ولم يحسب عواقب فعلته وتاثيرها على مستقبله السياسي وعلى بلاده، واختار طريق الحرب التي هي دائما طريق الهلاك، لأن المنتصر فيها والمهزوم خاسران في النهاية.

وتذكرنا هذه الحكاية بحروب مشابهة خاضها العرب قديما، منها حرب داحس والغبراء بسبب سباق بين جمل وفرس، وحرب البسوس من اجل ناقة..

لهذا فإن خيار الحرب في نهاية الأمر رهان خاسر للمنتصر والمهزوم على السواء.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً