علماء نفس: رفض زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى له أضرار نفسية

547628-513x340

يرى علماء النفس أن اشتراط زواج الأخت الكبرى ورد الخاطب لهذا السبب يخلق مشكلات نفسية وعداوة بين الأخوات، نتيجة إحساس إحداهن بأن الأخرى تقف أمـام سعادتها، وهـنا تصبـح المشكلة أكثر تعقيدا.

وفي هذا الإطار، يوضح الدكتور أحمد عسكر، استشاري الطب النفسي، أن رفض الوالدين تزويج الأخت الصغرى قبل الكبرى ليس من الشرع، بل ضمن سلسلة من الموروثات الاجتماعية القديمة التي تخلق مشاكل للأسرة، والتي تؤدي إلى تعقيد العلاقات الأخوية، وخلق فجوة نفسية بين الأخوات.

وتابع: هذه العادة تفرض على الكثير من الفتيات أن يقعن فريسة للعنوسة، فالأمر لم يقف عند هذا الحدّ، بل يمتدّ إلى التأثير السلبي على الأخت الصغرى، مما يجبر الكبرى على الموافقة على شخص قد لا يكون مناسبا لإرضاء شقيقتها، وعدم الوقوف في طريق سعادتها، وهنا يزداد الأمر تعقيدا، لا سيما وأنها قد تفشل في حياتها الزوجية التي اختارتها دون اقتناع، فضلا عن الحالة النفسية السيئة التي تسيّطر عليها، لمجرد شعورها بأنها مرفوضة من الجميع، وليس هناك رغبة من أحد للزواج بها.

ومن جانبها، تؤكد الدكتورة مها العمروسي، استشارية الصحة النفسية، أن سيّطرة هذه الفكرة لا تنم إلا عن جهل وإعلاء لقيم وموروثات قديمة وخاطئة ضد المبادئ الشرعية.

وتوضح أن فكرة زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى لها أضرار على المستوى النفسي، خاصة وأن الأخت الكبرى تشعر بالرفض ممن حولها، وهذا يوقعها في أزمات نفسية متكررة.

وترى أن هذه الظاهرة لا تزال في المجتمعات الريفية والقبلية تسيّطر على عقول الوالدين، حيث يرون أن زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى “عيب اجتماعي”، رغم أنه قد يفتح الباب أمام تفشي العنوسة بين الفتيات.

خروج الفتيات إلى العمل والتعليم ساهم في إيجاد حل لظاهرة زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى

وتقول الدكتورة زينب عيسى، استشارية الطب النفسي: إن الأم لابد أن تلعب دورا فعّالا تجاه الأخت الكبرى من خلال احتوائها واحتضانها، حتى لا يتأزم الموقف بمشاعر العداوة والبغضاء بين الأختين، نتيجة إحساس إحداهما بأن الأخرى سبب في عدم زواجها، لا سيما وأن الأم هي الأجدر على احتواء الموقف النفسي بين الأخوات.

وتشير إلى أن الأب قد يرى أن ابنته الصغرى أجمل من الكبرى، وهو ما يدفعه إلى رفض من يتقدّم لخطبتها، حتى وإن كان حسن الخلق ومناسبا لمتطلبات الزواج، وتوضح أن هذه الحالة قد تؤدي إلى مشاكل نفسية تجعلها ترفض الزواج مستقبلا.

ومن جانبه، يوضح الدكتور عبدالخالق حسنين، أخصائي الطب النفسي، أن مخاوف الوالدين من أحاديث الناس عن تخطيهم لهذه العادة الاجتماعية، تجعل من الصعب عليهم قبول المتقدم لابنتهم الصغرى، واعتبار ذلك معيبا لشقيقتها الكبرى، لذلك تلجأ الأم إلى اصطحاب البنت الكبرى إلى الحفلات والمناسبات للفت الأنظار إليها.

ويضيف: إن ثقافة الأجداد والآباء تمرّد عليها الأجيال في الوقت الحاضر، نظرا لأن خروج الفتيات إلى العمل والتعليم ساهم في إيجاد حل لظاهرة زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى، بالإضافة إلى أن الفتاة قد تختار الشاب الذي يناسبها وتحاول إقناع والديها بالزواج منه، ويرى أن الأخوات يقع عليهن الدور في القضاء على هذه الظاهرة نهائيا، وذلك من خلال مواجهة الموروث الأسري التقليدي القديم.

وأوضح علماء النفس أن زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى قد يجعل هذه الأخيرة عرضة للقلق النفسي والإحباط والاكتئاب، وهي عوامل تصيبها بخلل كبير في الشخصية، خصوصا إذا كانت أقل أخواتها حظا من ناحية الجمال أو مستوى التعليم، فتتولد لديها عقدة النقص وتحاول جاهدة الخروج منها، إما بتكوين صداقات غير سوية مع فتيات يقاسمنها الظرف نفسه أو عبر الانطواء والشعور بعدم أهمية الحياة وإهمال مظهرها بشكل ملفت من منطلق شعورها بأنها غير مقبولة.

فكرة زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى لها أضرار على المستوى النفسي، لأن الكبرى تشعر بالرفض ممن حولها

وأكدوا على أن دور الأهل يحتل أهمية قصوى من خلال رفع معنوياتها وتعزيز الشعور لديها بأنها ذات قيمة ومكانة والحرص على إشراكها في شؤون الأسرة واستشارتها في أمور تخص شقيقاتها وإحاطتها بالحنان والرعاية.

كما شدد الخبراء على أهمية دور الأم في التخفيف من معاناة ابنتها الكبرى وليس في تعييرها إذا طالت مدة بقائها في المنزل. ويؤكدون في هذا المجال على أن احتواء الأم لابنتها ينسيها حزنها وغيرتها من أخواتها المتزوجات، كذلك يجب عدم التفرقة في المعاملة بينها وبـين شقيقاتها الأصغر سـنا.

وأكد علماء النفس على ضرورة ألا يتصرّف الأهل بأنانية فيربطون مصير ابنة تريد الزواج والاستقرار وتحلم بالأمومة بمصير أخرى لا لشيء إلا لأنها هي الكبرى.

وأشار المختصون إلى أن الحل المثالي لهذه المشكلة يتمثل في أخذ رأى الأخت الكبرى وإشراكها في الموضوع بشكل مباشر، وجعلها المتحدث باسم أختها الصغرى في كثير من الأمور فتختار معها فستان الزفاف مثلاً أو ترافقها في رحلة شراء متطلباتها وهي أمور بسيطة ولكن أثرها في إزالة المشكلة كبير.

كما يرى علماء الاجتماع أن قضية رفض تزويج البنت الصغرى قبل الكبرى ينبع من تراكم أعراف وتقاليد توارثتها الأجيال داخل المجتمعات العربية. وأكدوا على ضرورة تجاوز هذه المسألة لأسباب اجتماعية وأخلاقية. وبينوا أن المجتمع تقع عليه مسؤولية مراعاة مشاعر الأخت الكبرى بتخفيف حدة النظرات والهمسات، ودعمها نفسيا واجتماعيا.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً