دعوة للتصالح والتعايش الإجتماعي في مدينة مزده

دعوة للتصالح والتعايش الإجتماعي في مدينة مزده

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

لقد أن الاوان لأهالي مزده  ان يتصالحوا ويتعايشوا ، بعد ازيد من اربعة سنوات من القطيعة التي سببتها نزاعات قبلية ادت الى التقاتل ، حيث فقدت الارواح وخرَبت الممتلكات الخاصة والعامة. مزده المدينة حاضرة الصحراء التي تحتضن اغلب اطياف قبائل القبلة من المشاشية والقنطرار واولاد بوسيف والزنتان وبعض القبائل الأخرى، لا يمكن لها إلا ان تكون مدينة الجميع وبالجميع ، فلم يعد مقبولا ان نرى سكان المدينة الواحدة تفصل بينهم حدود وهمية ، تقسم المدينة الصغيرة الى شمال وجنوب!

ان حتمية التصالح بين المشاشية من جهة ، وقنطرار والزنتان من جهة اخرى في مدينة مزده ، وهم الجيران والأصهار، أمر تفرضه كل الاعراف والشريعة الاسلامية اولا ، التي تدعو الى ضرورة التعايش السلمي بين الاخوة المسلمين والجيران ..قال تعالى: (….انما المؤمنون اخوة ، فأصلحوا بين اخويكم…) و قوله تعالى : (…..فمن عفى وأصلح فأجره على الله……). ولقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على رعاية حق الجيرة في اكثر من مناسبة وشدد عليها ، ولم يذكر مطلقا اي حق او اعتبار للقبليَة التي قال فيها …اتركوها فأنها نتنة! فأين نحن من دين الاسلام يا ترى!؟

ان التعايش السلمي الاجتماعي في مدينة مزده ، بين كل اطيافها امر لا مناص منه ، ويفرضه الواقع المكاني وحق الجيرة ، اذ لا يمكن ان تستوي الامور في مدينة واحدة تسكنها قبائل مختلفة بدون فضيلة التصالح والتسامح . الحياة مستمرة والبشر منتهون والأيام يداولها الله بين الناس ، والنزاعات والتقاتل امور دنيوية تحدث في كل زمان او مكان ، وحتى في الاسرة الواحدة وتلك سنة الحياة. الذين يموتون من هذا الطرف او ذاك لن يعودوا للحياة من جديد ، فمن مات مات ومن عاش عاش!. الحقوق الشرعية محفوظة للجميع فمن عنده مظلمة في القتل ، تبقى حق قائم لا مساس به ويتم معالجتها من خلال الطرق الشرعية والعرفية والقانونية وهي تخص اولياء الدم الذين يملكون وحدهم حق المطالبة بالقصاص شرعا وقانونا او العفو وأجرهم عندئذ على الله.

ان الذين لا يعجبهم هذا القول كفاهم غضب الله! ، فهم يخالفون شرع الله وهو وليّهم دنيا وآخرة ، لكن الذين يخشون الله لن تثنيهم محاولات الذين يبغون في الارض فسادا ، ولن يمنعهم واجبهم الديني والاجتماعي بالمجاهرة بقول الحق ولو كره المفتنون! اذا هذا نداء لكل اهل الخير من جميع قبائل مزده بضرورة التعاون والتعاضد والسعي الحثيث ، لتحقيق التصالح والتوافق الاجتماعي في مزده وعدم الالتفات الى اصوات الفتنة والفرقة والتقوقع القبلي البغيض! ان التصالح الشرعي الذي نلحَ عليه ، لا يعني ترك المظالم او التنازل عنها بقدر ما يعني التأكيد على حفظ الحقوق والتوافق على اخذها بالطرق الشرعية والقانونية المتعارف عليها دون افراط او تفريط ، بما يضمن استمرار الحياة الطبيعية في المدينة بين سكانها وعودة الوئام والتعايش السلمي فيها وحصر المتابعات القضائية في الجناة دون غيرهم.

ان التعايش السلمي في مدينة مزده يتطلب فتح صفحة جديدة ، يسودها الوئام وروح المسئولية بين كل القبائل والانحياز الى الحق دائما برفع الغطاء القبلي على الجناة ، ومعاملتهم كأفراد لا يمثلون الا انفسهم فقط ، ويقتضي الامر القصاص منهم شرعا وقانونا، وحتى يكون ذلك عمليا يستوجب التوقيع على ميثاق شرف عرفي اجتماعي من كل قبائل مزده ، يحتوى ضوابط التعامل فيما اسلفنا ويحدد اوجه المسئوليات وحدود التصرف ، ويكون ملزما للجميع امام الله والقانون عندما يفعل في المدينة. لقد آن الاوان ولا وقت للتأخير بعد الآن.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • العابر_2015

    اسمحو لى جميعكم ايها السادة ان اقتبس تعليق لاحد رواد هذه الصفحه وهو:
    ” ان الليبيين قد جربوا كل انواع الاعتصامات الا الاعتصام بحبل الله”
    فيا ليتكم ايها الليبيون جميعا دون استثناء او اقصاء ” انكم اخوه وابناء عمومه واخوال واصهار ” يربطكم الدم والعرق والمكان واعظم ما يربطكم هو دين الاسلام السمح الذى ينبذ العنف والاقتتال بين المسلمين وانبذو الجاهلية المقيته المتمثله فى القبلية الرعناء وانصرو اخاكم ظالما برده عن ظلمه .
    ” لقد آن الاوان ولا وقت للتأخير بعد الآن ”
    حفظ الله ليبيا وحفظ شعبها الذى امل من بعد ازالة الطغيان والقهر والاستبداد والظلم ان يهنى بالعيش الرغيد وان يبدأ فى بناء دولة عصريه فاذا به يقع فريسة الاطماع والاحقاد والصراعات السياسيه والعقدية والقبليه المقيته فاتقوا الله يا من يعنيكم الامر واتقوا النار ولو بشق كلمه.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً