كلمة قبل الحكم على “أبوزيد عمر دوردة”

كلمة قبل الحكم على “أبوزيد عمر دوردة”

ان بقاء شخصيات وطنية لم يثبت تورطها الفعلي  في سفك  دماء الليبيين او استباحة  اموالهم في السجن هو خدمة للمشروع المضاد للوطن …نحن في امس الحاجة الى جهود وامكانيات  امثال ابوزيد دوردة لصياغة المشروع الوطني الجامع فهذا الرجل اقدر من الثوار وما افرزته الثورة من سياسيين حتى اللحظة في كيفية التصدي والتعامل مع المتربصين بالوطن مما لانملك الخبرة الكافية لمجابهتهم …ايجاد القاسم المشترك بين الدولة اليوم وبين رجالات النظام السابق المشهود لهم بالوطنية هو ما يفترض ان يعمل عليه رجالات الثورة …في يقيني ان هناك ايادي سوداء تعمل وبكل قوة على ابعاد اولئك الوطنيين واصدار احكام قضائية ستزيد في ابعادهم ان لم يكن القضاء عليهم.

ان متصدري المشهد وبعد مرور سنوات عامرة بالفساد والتخريب الممنهج الذي طال اقوات الليبيين وارزاقهم وامنهم واستقرارهم هم في الحقيقة مكشوفين تماما لرجل مثل ابوزيد دوردة فهو يعرفهم بحكم خبرته وعمله السابق ولعل تاريخه الوطني المشرف والذي جعله من القلة الذين كانوا يعارضون وبوضوح تلك السياسات التي حاول النظام السابق ترسيخها او تمريرها تجعلنا نستشف حقيقة ان هناك قواسم مشتركة من حيث توفر الوازع الوطني والغيرة على الوطن والتي بامكاننا العمل عليها للتقارب مع هذه النماذج الوطنية  خدمة لصالح الوطن.

الثوار مخترقين هذا امر لاشك فيه ودليله هذا التعاطي البائس سياسيا  حيث نرى هذا الفقر الشديد من حيث عدم القدرة على انجاز المشروع الوطني الجامع ويكفي هذه الحكومات التي لم يرضى عنها الثوار يوما ومع هذا وجدت وعبر اجسام يؤكد الثوار دائما انها تمثلهم وتحكي وجهة نظرهم.

لايختلف الليبيون جميعا على وطنية هذا الرجل وقد كان له فضل كبير وعظيم على الكثير من المعارضين عندما سوى لهم اوضاعهم ومكنهم من العودة للبلاد بضمانته الشخصية كما قام بأرجاع كل من سجن سياسيا الى عمله السابق او ما يجيده من عمل مع صرف كافة حقوقه ومستحقاته …المزايدة على ابوزيد دوردة في حبه واخلاصه لوطنه تثير الاسف والاستهجان … ….لو اننا ابتعدنا عن الحسابات الشخصية والحزازات الخاصة والنظرة القصيرة الضيقة وكنا كما ندعي امناء شرفاء لوجدنا ان بقاء رجل كبوزيد دوردة في السجن وهو الذي لم تثبت عليه أي جريمة دموية كانت او مالية لعلمنا ان هذا من الظلم الذي لاينتظر صاحبه مهما تحجج الا الغضب والانتقام من رب العالمين ….ثورة 17 فبراير ليست ربا بل هي مشروع لرفع الظلم وتحسين الاوضاع او هكذا يفترض فإذا ما حدتث انتكاسة او وقع خطأ فزادت ظروف الناس سؤ فليس امامنا الا المراجعة والتصحيح والبحث عن صيغة اخرى فلا قدسية الا لله وشرعه ومن ثم لايمكن ان نستعبد الناس بشعارات لانستطيع تحقيقها مستغلين عدم قدرة الناس على دفعها ..اننا حينها نكون عونا للشيطان على اهلنا وبني وطننا فنرغمهم على خوض غمار طريق لايرضونها ولايفكرون فيها.

ان اتهام جبريل اوعبدالجليل او حفتر وغيرهم بالعمالة  او الفساد  يعني بطريقة او اخرى تبرئة لساحة  ابوزيد  دوردة فهو كان يدرك حقيقة ما يحدث وبالتالي معارضته ل 17فبراير لم تكن بدون فهم وعلم وهو الفهم والعلم الذي احاط به الثوار فيما بعد وجعلهم يكيلون الاتهامات لرموزهم السابقة  …فالذي علمه ولم يعلموه في حينه هو الذي جعل الثورة تتراجع وهو ماجعل الحرب تحصل وهو ما جعل خيرة ابناء الوطن يقصفون وهم نيام … هذا ما علمه ابوزيد دوردة وجعله لايناصر ثورة 17 فبراير حيث تلبست الخيانة بالنوايا الحسنة  وهو ما اكتشفه الثوار فيما بعد من انقلاب شركائهم عليهم واستدعاء العدو الاجنبي لقتلهم واستباحة البلاد وانتهاك  سيادتها دون ان نغفل الانقلاب المالي الناعم الذي فضحته اوراق ديون المحاسبة ….. ابو زيد عمر دوردة كان يدرك حقيقة  تلك الرموز التي ظهرت علينا تلفزيونيا وقادتنا بلحن القول فتبعناهم وانتخبناهم  فعاثوا في الارض فسادا وقد استغلوا براءة الثوار وطهرهم ورغبتهم الصادقة في رؤية بلدهم ينعم بالعدل والرخاء .

لايستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون …كان ابوزيد من الذين يعلمون وكان الثوار بنواياهم الحسنة من الذين لايعلمون وتصوروا معي ان الذي لايعلم يحاكم من يعلم ..كيف ستكون الاحكام وكيف ستكون دفوعات من يعلم على علمه وهو المتهم في عمله بعلمه ومدى استيعاب من لايعلم وهو المدفوع من قبل ذلك الاخر الذي يعلم لكي يكيد لهذا الذي عمل بعلمه .

الايام اثبتت ان الثوار  فقراء في فهم الخدع  السياسية وطرق اختلاق المكائد وطرح الحجج لانتزاع مواقف يبنى عليها واقع لايخدم المصالح الوطنية الحقيقية للشعب والبلد …في تصوري ان وجود بعض الوطنيين في السجن اليوم بتهمة انتمائهم للنظام السابق دون ان يستثمر وجودهم هذا لتقريب وجهات النظر وبناء استراتيجية تخدم الوطن ككل هو عقم سياسي وسير خلف العصبيات وخدمة لاولئك الانقلابيين الذين استغلوا الوضع العام لخدمة اغراضهم الخاصة  فهولاء لايهمهم لا الوطن ولا السيادة بل مصالحهم.

الثوار مع نصاعة نواياهم بحاجة الى الاتفاق مع من يملك التجرد تجاههم ولايملك الا وطنيته يواجههم بها فاليوم يوم الوطن لاغيره ….بوزيد لابس بوزيد عريان كلمات طالما رددها وصدق فيها فلم يتغير امام القضبان او خلفه وعلى الثوار ان يحفظوا له اياديه البيضاء على ليبيا كلها فهو من وقف في وجه مشروع توطين المصريين بصحراء السرير رغم الاتجاه القوي للقذافي حينها للاستفادة منهم وتسخيرهم في خدمة اغراضه ..اصر وهو يومها امين اللجنة الشعبية العامة (رئيس الوزراء ) على رفض التوقيع وبقي في الفندق ولم يحضر رغم الحاح عاطف صدقي وعندما رجع لليبيا  وبخ على هذا التصرف …واليوم نجد من يدعي الثورة ومحاربة الارهاب يقبل بأنتهاك السيادة من قبل المصريين ويرضى لهم الاساءة لليبيا ويقبل ما يقومون به حتى لو كان فيه هلاك ليبيا …نظرته يومها للامر كانت صائبة ونظرة الثوار اليوم خائبة فالعوز والفاقة هي التي تلم بثورة 17 فبراير كونها لم تدرك مبكرا ما يخطط لها فكانت التضحيات جسيمة مما جعلها في وضع لاتستطع من خلاله اقناع الكثير من الوطنيين امثال ابوزيد للانضمام اليها.

ابوزيد كان رافضا للتدخل الدولي في شئون ليبيا مثله مثل أي ثائر وطني حر وكان ضد النيتو جملة وتفصيلا بينما الثوار قبلوه جملة ورفضوه تفصيلا فكان جويا دون البري الا ان رفضه لهذا التدخل كان اوجه بسبب علمه باتصالات اولئك ممن ادعى بانه جالب للاعترافات الدولية وهم  في الحقيقة متأمرون على الوطن واهله واستغلوا رغبة الناس في التغيير فكان انقلاب من طرف اولئك مخالفة لنوايا الناس بالثورة والتغيير ….كان هدف الخونة بيع البلاد والاستحواذ على الثروة ولو بالتقسيم وهذا ما اكدته الايام وصرح به الثوار وانهم وقعوا ضحية مؤامرة من القريب الذي يدعي انه منهم واذ بهم  يريدون تقسيم البلاد فلا ثورة ولا دماء ولاشهداء.

لقد فعل سيدنا عمر رضي الله عنه وارضاه اكبر مما سنفعل اذا حكمنا عقولنا …قام بأصدار اوامره لسيدنا سعد ابن ابي وقاص بالاستعانة بطليحة الاسدي ذلك الذي ادعى النبوة وحارب الاسلام والمسلمين وقتل منهم من قتل أمره بجعله مستشارا خاصا له كونه خبيرا متمرسا تحتاجه الدولة في تلمس طريقها مشترطا الا يتيح له من الصلاحيات ما يقوض به اسس الدولة الاسلامية …سياسة ثاقبة جعلت الدولة الاسلامية تتوسع على حساب امبراطوريات وممالك فمعارك بناء الاوطان تحتاج الى افكار وافهام خاصة لاتخضع للاهواء.

على ولاة الامر ان يتحلوا بالذكاء السياسي الذي يستطيع بسعة أفقه ان يستغل كل الامكانيات لخدمة البلد خاصة ونحن بأمس الحاجة الى من يعيد لنا التكاثف والتأزر ولم الشمل …ابوزيد ومن على شاكلته يجب ان يكون لهم مكان لائق في ليبيا كونهم من الشرفاء المناضلين….لايجب ان نضرب وطنيينا فقط لاننا نختلف معهم او يذكروننا بزمن لانحبه ونبغضه بل يجب علينا ان نتحلى بالحكمة وعدم التفريط فيمن قد يكون صمام امان للبلاد ككل.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

التعليقات: 1

  • فرج احمد

    الكلمة للقضاء الليبي حامي حمى الشرعية وسيادة القانون. ولا اعتقد بان القضاء في بلادنا سيظلم احد. وفي كل حال ستعيد المحكمة العليا الامور لنصابها الصحيح.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً