أفكار سهلة لتكون جزءاً من الحل.. بدلاً من الإنتظار

أفكار سهلة لتكون جزءاً من الحل.. بدلاً من الإنتظار

حتى عند الحديث عند تصنيف الأمم ثمة أمم شابة وأخرى أقل شباباً. ليبيا بلاد فتيّة رغم ما تمر به الآن من أوجاع وجروح.. إذ تُقاسُ البلاد الشابة بعُمر غالبية سكانها، وفي ليبيا  أكثر من 60% من السكان هم في الأعمار بين 24 وحتى 34   من العمر.

الشباب هم الطلبة والطالبات، هم الأكاديميون والحرفيون، هم بائع الذرة المشوية والموظف المُحبَط والسائق المتهور أو الذي يحترم الإشارة…  الشباب من الجنسين هم أكثر من تأجلت طموحاتهم وتعذرتْ دراستُهم. بعضهم تورّط في هذه الحرب إما برغبته أو باستدراج الآخرين له، وبعضُهم يعاني من ويلاتها، والكثيرون غيرُهم يسعون بما يتاح لديهم لمقاومة العنف والفرقة داخل المجتمع.

الثاني عشر من أغسطس سنوياً هو اليوم العالمي للشباب، وهو ليس يوما للاحتفال والبهجة بقدر ما هو يوم للوقوف على اهتماماتنا المشتركة أو لنقل همومنا. هذه السنة يحل علينا هذا اليوم  ونحن لازلنا ننتظر جولات الحوار والمصالحة، ننتظر الضمانات، ننتظر من يغير حياتنا للأفضل، ننتظرُ أشياء كثيرة تعرقلت في حياتنا، ولكن وأنت تنتظر احذر من سرعة مرور الايام.

لأجل أن لا نمضي أعمارنا ننتظر، هذه مجموعة من الأفكار البسيطة والقصص، لعلها تكون مُلهمة لمن يقرؤها، ولعها تنقذ من أوشك على فقدان آخر جرعات الأمل لديه.

• شارك في عمل تطوعي

العمل التطوعي مع هو وسيلتُك للتأثير في مجتمعك، للشعُور بأنك تقومُ بشيء مفيد وتُحدثُ أثراً على حياتك وعلى غيرك… “الشباب في المجتمع المدني” هو شعار اليوم العالمي للشباب لهذا العام… قد تستهدف في عملك التطوعي مجالات مختلفة كالإغاثة أو دعم المصالحة أو خدمة الطفل أو دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، أو حتى في مجالات أوسع كالبيئة والصحّة والنظافة وتطوير القطاع العام ومكافحة البطالة وغيرها…  في ليبيا هناك تجارب رائدة كثيرة يمكنها أن تشجع من لايزال متردداً قبل الانضمام لفكرة ما…

توفيق بن سعود (1996-2014)أحد الأمثلة الإيجابية والمشجعة على العمل التطوعي رغم صغر سنه… عمل توفيق في مجالات التطوع منذ سن مبكرة في كل الظروف، كان دوماً يبحث عن فكرة يحققها بدل الانتظار والتذمر… توفيق قبل أن يبلغ الثامنة عشر من عمره حقق أثراً كبيرا في قضية المفقودين والمهجرين وهما من الألويات في مدينته. شارك توفيق في خدمة بلده وتنميتها عبر نشاطه في نشاطات جماعية كثيرة في ثقافية أو اجتماعية أو غيرها. وآمن بالعمل التوعي ونجح في تركك أثر إيجابي بعمله… وحتى عندما استهدفته أيادي الغدر واغتالتهُ في 2014، لازال توفيق حياً بأفكاره، ونموذجاً مُلهما لغيره.

مهما اختلفت أهداف التطوع  فإنه يمنحنا فرصة تعلّم العمل الجماعي والتنظيم ومهارات الإدارة والقيادة والتعامل مع شرائح مختلفة من الناس..كما أنه سيفتح أمامك فرص تعاون أكبر واستثماراً لأوقات فراغك وطاقتك..

• استفد من الإنترنت

الوقت الذي يمضيه كل منا على مواقع التواصل الاجتماعي ليس بالوقت القصير خاصة مع بطء الإنترنت وتكرار انقطاعه… قد تمضِ ثلاث أو أربع ساعات من النهار قبل أن تلاحظ أنك لم تفعل شيئاً سوى مراقبة تحديثات الفيس بوك وتويتر وغيرهما… هذه مجموعة من المواقع المفيدة جداً وهي نوع من التواصل وتطوير الذات… بعضها يجمع خلاصة تجارب ملهمة جداً من حول العالم (بعضها يوفر ترجمة باللغة العربية) وبعضها يوفر فرصة لتعلم وفهم الكثير من المجالات في دروس  ودورات مجانية على الإنترنت: (www1  –  www2  –  www3  –  www4  –  www5  –  www6)

• لغة واحدة لا تكفي

اليوم لن تكفيك لغتك الام وحدها. بدلاً من الانتظار سابِق الأيام التي تُسرع وطور لغتك الإنجليزية أو تعلم لغة أخرى… لقد أصبح متاحاً لك اليوم أن تعلم نفسك بنفسك.

وفاء السيفاو (33سنة) طبيبة وأم لطفلين درست الطب في جامعة طرابلس لا تجيد اللغة الإنجليزية بشكل جيد. تمكنت من تطوير لغتها الإنجليزية بنفسها بشكل مكثف. تمكنت وفاء من اجتياز امتحان الـ IELTS العالمي للغة الانجليزية بمعدل6  وهو مُعدل ليس سهلاً بالنسبة لمن لا يجيد اللغة… وهو يمكّنك من الحصول على قبول جامعي أو منحة تدربية أو وظيفة عند السفر للخارج. تقول وفاء “وجدتُ أني بحاجة ماسة لتعلم اللغة لاستكمال دارستي،فكثفتُ جهدي ودرستُ من بيتي بواسطة الYoutube  فقط، لم أرد  الانتظار حتى تتحسن الامور…”.

• التقديم على منح دراسيّة وزمالات 

يفكر الكثير من الطلبة في الاتجاه نحو حلول بديلة بعد مشاكل الإيفاد الخارجي المقدم من الحكومة. المنح الأجنبية المقدمة من الجامعات تُعد حلاً جيداً، وهي نوع من المساعدة والدعم يقدم من الحكومات الاجنبية أو الجامعات للطلبة الأجانب. ولكن مازال هناك قلق دائم وعدم ثقة في أن ينجح الطالب في نيل هذا النوع من المنح لمحدودية العدد الذي يتمكن من الفوز بها.

وفاء مرجان (33 سنة) مهندسة ليبية، تمكنت قبل عامين من الحصول على منحة دراسية مدفوعة التكاليف في المملكة المتحدة وأتمتها بنجاح وعادت للوطن. تقول وفاء حول تجربتها  ” أُشجع اي راغب للتقديم ودراسة الموضوع بجدية حتي لم تكن كافة المتطلبات متوفرة في البداية،سيكون من الفائدة معرفتها والتخطيط لها مبكراً كالتحضير لامتحان اللغة والبدء في مخاطبة الجامعات. خاصة مع ظروف ليبيا حالياً. حصولي علي المنحة كان عبر تقديم طلب لمنحة الChevening وهي منحة مقدمة من الحكومة الانجليزية… التزمتُ بما طلب من أوراق وخطوات، لم يسبق لي ان درست بالخارج وانا متحصلة على شهادتي الجامعية من طرابلس”… الدراسة في الخارج مكلفة جداً ولكنها أصبحت تتعذر أحياناً بسبب ظروف البلاد… ربما تساعدك هذه الروابط في الحصول على منحة تساعدك في التحرك للأمام بدل الانتظار: (www1  –  www2  –  www3  –  www4)

• حلّق بأحلامك… كن جاهزاً لكل شيء

قد تتوقف الحياةُ بسبب المعارك أو بسبب الأوضاع المالية لبلادك أو بسبب الأزمات السياسية التي تخنقنا من وقت لآخر. المنح الدراسية للطلبة الموفدين للخارج على سبيل المثال هي إحدى الأزمات التي قد تهدر جزءا من شبابك وطاقتك..

ملاك بوعود شابة من بنغازي سافرت بمنحة حكومية من وزارة المواصلات في منحة دراسية لدراسة الطيران في إيرلندا..شغفت بالطيران والتحليق، وحلّقت بأحلامها ورفضت أن تسقط أو تتوقف عن الارتفاع رغم كل من يحاول شدها لأسفل. منذ الاشهر الاولى بدأت المنح بالتعثر شهراً بعد آخر ، ثم ازدادت الأمور سوءا وانقطع المبلغ واضطر معظم الطلبة للمغادرة بعد أن قررت المدرسة فصلهم بسبب عدم دفع مصاريف دراستهم، وكل ذلك بسبب مشاكل مالية لا ذنب لهم بها. “لقد تحملتُ كل المشقة والتعب لأحقق حلمي ولن أتخلى عنه بهذه البساطة…” تقول ملاك. ملاك التي عاشت كل حياتها في ليبيا لم تدرس إلا في بنغازي ولم تتعلم سوى في ليبيا، تمسكت بهذا الحلم رغم كل العقبات والتأجيل. اليوم الاحتمالاتُ أمامها محدودة من أجل تحقيق حلمها.. ليس أمامها سوى التسمك بالحلم أو الانضمام لصف المنتظرين! هناك مئات يمرون بمعضلات مشابهة، أمامها الآن الانتظار أو خوض التجربة رغم أن الحلول المتاحة محدودة وغير سهلة، الانتقالُ لبلد أخر أمر صعب ومعقد وغير مضمون مع بيروقراطية الإجراءات، والاتجاه للعمل في الغربة بظروف صعبة أو حتى لمواقع التمويل الجماعي، كل ذلك لن يكون سهلاً لكنه يستحق العناء.

• كن مرناً أكثر وتأقلم

لأكثر من مرة وفي أكثر من مدينة أوقفت المعارك الدراسة وعطلت الكثير من الطلبة، قد يمر شهر أو اثنان أو قد تطول المدة… علينا حينها أن نسبق الوقت.

رجاء الصلابي طبيبة ليبية (27سنة) كانت طالبة في بنغازي توقفت دراستها في 2011  بسبب المعارك… تحولت إلى العمل متطوعة في المستشفى خاصة مع ظروف المعارك وحاجة المستشفى للعاملين… تقول رجاء عن تجربتها: “في 2011  كنت في السنة الخامسة طب بشري عندما توقفت الدراسة اتجهت ومجموعة من زملائي للمستشفيات بسبب مغادرة بعض الكوادر الطبية ونقص في طاقم التمريض اكتسبنا خبرة أكبر مما توقعنا.. لقد تعرفتُ أكثر على التخصص الذي أريد أن أواصل فيه. وهناك من الزملاء من حصل على تزكية من مكان التطوع فضمِن مكاناً للعمل بعد التخرج”. رجاء أنهت دراستها عندما استقرت الاوضاع وأوقفتها الحرب مرة أخرى بعد سنتين عن مواصلة تقدمها… فانتقلت لمدينة أخرى وهي الآن تعمل طبيبة في مركز طرابلس تؤدي عملها وتُحرز تقدماً بدلاً من الانتظار.

• قراءة الكتب..نتائج سريعة

لو قرأنا على لهيب شمعة في كل مرة انقطع فيها الكهرباء للاحظ كل واحد منا الفرق الإيجابي الذي تحدثه القراءة في نفسه. لا تحتاج الكتب لشرح فوائد قراءتها… جرّب أن تناقش ما قرأت بعد أن تنتهي منه عبر مجموعة على Facebook أو مع في نقاشات حية مع المهتمين، وهذه تساعد على تحليل نفس الكتاب من وجهات نظر مختلفة، وتعزز فكرة الاختلاف واحترام الآراء.

نادي النواة للقراء هو مؤسسة مدنية تشجع على القراءة والاطلاع. يقرأ أعضاء النادي كتباً منوعة ويتناقشون حولها معاً. بدأ النادي كتجربة منذ 2012 وحتى اليوم… بدر الدين المختار (27 سنة) من الشباب الذين أسسوا الفكرة قال لنا “إن  اكثر فائدة تحققت لأعضاء النادي هي أنهم أصبحوا متناغمين ومنسجمين معاً بغض النظر عن اختلاف أرائهم.. النقاش بيننا هو نقاش ثقافي عن مضمون ما نقرأه ونحن نتجنب الجدال والنقاش في أي مواضيع لها علاقة بالاحتقان في الشارع رغم أن كل منا لهُ رأيه الخاص به في ما يحدث في البلاد”.

• حوّل شغفك لمشروع حياتك

قد لا ينطبق هذا الامر على مهن معينة، لكنه يبقى حلاً محتملاً يستحق أن تخبأه ليوم ما… حول شغفك لمشروع مُربح. قد تنجح مثلهم مبكراً وبسهولة وقد يتعذر الأمر.

ريم عودة (33 سنة) درست التسويق وعملت في مجالات كثيرة حققت لها حياة عاديّة لكنها لم تكن كافية. ريم إلى جانب دراستها تتقن فن “الكروشيه” منذ صغرها، بدأت مشروعها الخاص لتعليم السيدات هذه الهواية  بطريقة  تتماشى مع أحدث الأفكار في هذا المجال. بدأت ريم  بداية صغرى كمغامرة بدون الكثير من المقومات.. تقول ريم عن تجربتها: “بدأت بمبلغ لا يتجاوزُ150 ديناراً فقط.. لم أكن أتوقع أن ينجح الأمر بهذا الشكل.. أنا أواجهُ صعوبات حتى اليوم لابد من بعض العراقيل لكن المشروع يحقق أهدافه وعدد المستفيدات من مشروعي يزيد..” وقد ساعدتها الـ facebook في نشر فكرتها وتسويقها.

• أخيراً.. إذا لم تفعل كل ما سبق.. وآثرت الانتظار، فعلى الأقل لاتحمل سلاحاً ولا تسمح لمن حولك بأن يكونوا شريكاً من العنف.. فإذا لم تكن جزءا من المشكلة لا بد أن تكُون جزءاً من الحل.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 2

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً