المهجَرون الليبيون.. تجاهل حكومي وصمت شعبي!

المهجَرون الليبيون.. تجاهل حكومي وصمت شعبي!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

انها المرة السادسة التي اكتب فيها عن المهجرين من اهلي وشعبي ولكن وبكل مرارة لا من يقرأ ولا من يهتم! انه من تداعيات الحروب عادة ان يحدث نزوح جزئي او كلي في بعض المدن والقرى التي تجري على اراضيها المعارك ، ولكن بمجرد ان تضع الحرب اوزارها وتتوقف المعارك يعود النازحون بإرادتهم الى ديارهم ومناطقهم ، وتقوم الحكومة بتسهيل وتأمين عودتهم!. لكن لماذا لم يحدث هذا في ليبيا لبعض المناطق المنكوبة التي نزح عنها سكانها ؟! لأن ذلك تجاوز حالة النزوح المتعارف عليه ، فكان تهجيرا قسريا مستمرا حتى الآن! والانكى من ذلك ان يستمر العبث والتخريب الممنهج لممتلكات النازحين في كل المناطق المهجرة حتى بعد انتهاء الحرب!.

اي حكومات تتابعت اولئك الذين  لم يلتفتوا ولو مرة واحدة الى حال جزء من شعبهم مشردا بعيدا عن ديارهم؟! اليس سكوتهم وتجاهلهم وهم المسئولون ، بمثابة الخيانة الصريحة للأمانة الملقاة على عواتقهم!؟ فأي استهتار بالإنسان وحقوق المواطن الليبي امام هذه الحالة المخزية ؟! ألا تختشي حكومات الصدفة وتخجل من نفسها !؟ فأي عار يلحق بهم وهم صامتون خرساء حيال قضايا انسانية جوهرية تمس جزء من مواطنيهم ، يغضون الطرف عن حالهم المزري وأوضاعهم المأساوية اطفالا وشيوخا ونساء ، يعانون غربة داخل وطنهم وخارجها ، محرومون من حق العودة الى ديارهم في مناطقهم  منذ خمس سنوات؟!

هؤلاء الحكام الذين لا هم لهم سوى اصدار القوانين والقرارات ، مفصلة على قياسهم نفعا ماديا وسلطويا ! ، لماذا يبخلون بإصدار قرار واحد يتيم يخص المهجرين في الداخل والخارج يؤكد على حق الرجوع وبشرعية القانون والدولة؟!* التاريخ لن يستثن احدا من حكام الصدفة في هذا الزمن ، ليوثق انهم اسوأ من حكموا ليبيا ، سيسجل التاريخ ان شخوص هذه المرحلة البائسة من المسئولين هم الصامتون عن الحق في زمن الكلام ، وهم من تجمد الاحساس في قلوبهم وماتت فيهم مشاعرالانسانية! كيف يستوي الامر لحكام الصدفة وهم يتجاهلون مصير العديد من الليبيين الذين اجبرتهم ظروف الحرب الشرسة على النزوح من ديارهم منذ 5 سنوات! كيف يستسيغون مصادرة حرية مواطنين ليبيين في مسلسل عقاب جماعي مبعثه الحقد والضغينة وسوء النية؟! كيف يسمح ان يتمترس الحاقدون المعقدون نفسيا خلف سواتر “الثورة” للانتقام الجماعي من مناطق بكاملها في المشاشية العوينية وتاورغاء والقواليش وككلة وغيرها ؟!.

الشنار والعار على اولئك المتواترين على سدة الحكم من حكومات هزيلة عابثة تتجاهل في خبث حال الكثير من المهجرين المبعدين عن ديارهم قسرا وهم يعانون الويلات والشدائد بدون وجه حق ،  ستبقى والله وصمة عار مؤلمة على جبينهم حتى قيام الساعة! تلك حال الحكومات ، لكن ماذا سيكتب التاريخ عن شعب يتنكر لجزء من ابنائه!؟ و يرتضي ان يصادر ابتسامة بريئة ، من على ثغر طفل وطفلة ليبية مهجرة؟! اليس جديرا الان ان يقف الليبييون وقفة عز وشرف؟ ينفضون عنهم ماعلق بهم من ادران الحقد وضغينة تغذيها نوازع عنصرية او ايديولوجية متطرفة؟ ام هل ماتت ضمائر الليبيين حتى لم تحرك فيهم صرخات الاطفال واستغاثة النساء والشيوخ من المهجرين داخليا وخارجيا ساكنا او وازعا من ضمير!! كيف يمكن ان يستسيغ الليبيون العيش واخوة لهم في مدن وقرى كاملة مهجرون مبعدون مشردون؟!..الا يحق ان نسأل بمرارة: اين اصحاب العقول الراجحة والحكماء من هذا الذي يعانيه اخوة لهم اجبروا على مغادرة ديارهم ويمنعون من العودة لها!؟

يا اخوة في الله والوطن, تحسسوا معنا معاناة اخوة لنا مهجرين في الداخل والخارج ، وسارعوا بلم شمل البيت الكبير قبل ان يتمزق ما تبقى من نسيجه ونبقى جميعا في العراء! لقد آن الاوان لتعزيز لحمة الليبيين ، فلنسموا باهدافنا النبيلة فوق كل الاحقاد والضغائن ، ولنتصالح اليوم قبل الغد ، اننا نطمع ان يبدأ الليبيون تظاهرات شعبية عارمة في كل الميادين والساحات مطلبها الوحيد عودة المهجرين والمصالحة الوطنية وان يستمر زخمها حتى تستجيب لمطالبها حكومات الصدفة او يقرر العالم دعم الشعب في هذا المطلب الشرعي الوطني. الوطن يناديكم ولا يحتمل مزيدا من التجاهل والصمت فهل نستجيب؟!

* (كلمة حق لابد ان تذكر في حق مجلس النواب اذ اصدر قرارا بعودة المهجرين في الداخل والخارج في الربع الثاني من عام 2015)

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 5

  • بارك الله فيك على إثارة هذ الموضوع الحساس خصوصا أن أغلب المتضررين من النزوح او التهجير القسري هم من الأسر المعوزة ومحدودة الدخل،، و جميع الحكومات المتعاقبة أو المجالس التشريعية او الحكماء او منظمات المجتمع المدني للأسف لم يكن هذا الموضوع ضمن أولوياتهم
    نسأل الله تعالى أن يعجل برجوع جميع المهجرين بدون قيد او شرط
    وحسبنا الله ونعم الوكيل

  • nagi

    السلام عليكم اتوجه بالتحية الخالصة الى كل ابناء الشعب الليبى والشكر موصول الى كاتب المقال التهجير والابعاد له ابعاد غير واضحة للعيان ولكن هل الدولة تمتلك حل لهؤلاء النازحين فالبيوت بعضها اضرمت فيه النيران والبعض الاخر اصبح فى خبر كان المرافق الاساسية كالكهرباء وغيرها دمرت فهل نجد وقفة جادة لإعادة هؤلاء المهجرين الى ديارهم ام ننشىء صناديق تبرعات لإستعادة إعادة إعماد مناطقهم المهجورة والمدمرة ولكن فى النهاية ان الله ارحم منا جميعآ فهل نستطيع نسيان الاحقاد والنزاعات التى لاتزيدنا الا ضعفآ وتفرقآ ونجتمع على ماأوصانا به ديننا الحنيف التمسك بكتابه وسنة نبيه عليه افضل الصلاة والسلام والعمل بما جاء بيهما نسأل الله الهداية والتوفيق وان يبعد عنا الاحقاد ومنكرات الامور انه على ذلك قدير

  • ابوناصر

    اخ هناك مثل شعبي ايقول
    كيف من ايعل في حلمته لحمارته
    وبعدين انت تسأل وتجاوب في نفسك في نفس الوقت
    اي حكومه وأي أمانه لدى من تخاطب هذيم زنادقة وخربجي سجون ومجرمين وعملاء لقطر وتركيا والإمارات وأمريكية والغري
    احسن شئ تخاطب تركيا وقطر

  • امحمد سعيد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيك يادكتور على مشاعرك النبيلة واحاسيسك الصادقة بألآم ومعاناة الأسر المهجرة من اطفال وشيوخ ونساء في وقت ضاعت فيه الإنسانيه والديانه معا ونتأسف على ردود من اشخاص لاضنهم عقلاء بل اعماهم الحقد والضغينه والكراهيه على قول الحق وهم يقولون مالايفعلون مثلهم مثل الشعراء في كل وادي يهيمون وفي كل حاكم يمدحون هؤلاء هم المنافقون واتمنى من الله ات يستيقضو هؤلاء الغافيلون ويعملوا لمصلحة البلاد والعباد ويتقوا الله في انفسهم وياسرنا من تعليق الشمعات ونحن لبيين ونعرف بعضنا يامن عهود ووثائق مبايعه كتبت بامن هتفات صاحت بها حناجرهم و اليوم نسوا كل هذا … انقضوا انفسكم قبل فوات الآوان وانضرو إلى مصلحة البلد ومصلحتها في نبذ الخلاقاة وتضميد الجروح ولانتزايد على بعضنا فالوطن يسع الجميع … وهناك الكلام كثير يمكن ان نقوله ولاكن خير الكلام ماقل ودل … فلك كل الشكر والتقدير وامدك الله بالصحه والعافيه فلا تخشى في الحق لومة لائم فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

  • fituri

    تحية للجميع وبارك الله فيكم فان مع عودة كافة المهجرين الى مدنهم دون قيد اوشرظ مع مراعاة تطبيق قانون العدالة الانتقالية ومحاسبة المجرمين من كافة المدن .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً