إعلان الحرب العالمية الثالثة

إعلان الحرب العالمية الثالثة

يوم أمس، الموافق 20/11/2015، وفي يوم لاشك بأنه سيُذكر في تاريخ البشرية الحديث، أعلنت الامم المتحدة قرارها رقم 2249، والذي صدر بالإجماع، والذي ينص على دعوة كافة الدول الاعضاء في الامم المتحدة إلى القيام بكل ما في وسعها، لمضاعفة و تنسيق جهودها لمنع و قمع الاعمال الإرهابية التي يرتكبها على وجه التحديد تنظيم الدولة الاسلامية و جبهة النُصرة و جميع الافراد الاخرون و الجماعات والمؤسسات و الكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة، و محاسبة و معاقبة كل من له علاقة بذلك، والذي يعتبر بمثابة إعلان حرب شاملة على الارهاب.

أتى هذا القرار بطلب من فرنسـا، والذي سبقه يوم 16/11/2015، إعلان فرنسي مماثل بالحرب على الارهاب، حيث تعهد رئيسها في خطاب رسمي له أمام البرلمان في قصر فرساي، بالقضاء علي الارهاب أينما وجد، داعياً بلاده لتعديل و إقرار القوانين التي تسمح له بذلك.

لا أود  الدخول هنا في تعريف الارهاب و الحرب عليه وإشكالية ذلك، و التي أختلف فيها الكثيرون، حتى داخل أروقة الامم المتحدة و التي ليس لديها تعريف واضح للإرهاب،  فهي حرب غير واضحة المفاهيم و المعالم، و ذات جوانب عديدة متداخلة ، فمثلا لا زالت هناك اعمال  يصنفها البعض بأنها إرهابية، بينما يراها آخرون حق مشروع لمقاومة الإحتلال و للدفاع عن النفس، كما يحدث اليوم في فلسطين المحتلة، من مقاومة  للعدوان والقمع الاسرائيلي المسلط على شعبها.

يشابه ما حدث يوم أمس و إن كان على نطاق أوسع ،  إعلان الرئيس الامريكي جورج بوش الابن  الحرب على الارهاب ، ذلك عقب هجمات سبتمبر 2001  ، في فارقة تاريخية،  تُعلن فيها ولأول مرة  دولة عظمى وهي الولايات المتحدة الامريكية ، الحرب على رجل واحد متمثل في أسامة بن لادن ،  والتي تنج عنها مباشرة تدمير و إحتلال دولتان إسلاميتان هما إفغانستان والعراق.

تلك الحرب التي  تم تعديل هدفها المُعلن سنة 2010، في عهد الرئيس باراك أوباما ،  بعد أن تداركت الولايات المتحدة خطأها ، لتصبح حرب على تنظيم القاعدة ، و التنظيمات الارهابية المرتبطة به ، وليس حرب  على الاسلام ، كما كان قد  ظهر للكثيرين.

حرباً  أستمرت و لسنوات طويلة و ما زلت مستمرة إلي يومنا هذا ، والتي وإن قُتل الشخص الاول المطلوب  فيها ،  إلا أنها  لازالت مستمرة ، بل إزدادت عنفاً وضراوة ، ولم تنجح في تحقيق هدفها الُمعلن ، وهو (( القضاء على الارهاب )) ،  بل بالعكس تماماً   فقد إزداد ما يسمى بالارهاب إنتشاراً ، ليتجاوز دولة إفغانستان التي بدأ فيها ،  ليصل إلى  العراق وسوريا و تونس و مالي و النيجر و نيجيريا و ليبيا واليمن و لبنان ومصر ، و القائمة مرشحة لأن تطول أكثر و أكثر  لتضم دولا عديدة أخرى ، ليس  هناك من  شك في أنها ستكون في معظمها دولاً إسلامية.

مهما إختلفنا في تعريف الحرب على الارهاب  وأهدافها و  أبعادها ، وما إلى ذلك ، فإننا سنتفق على الاقل في ثلاثة أشياء رئيسية هي:

أولا: أن هذه الحرب تدور خارج أراضي الدول التي تُعلنها ، حتى و أن كانت بدايتها علي أراضي الدولة المُعلنة للحرب ،  و بسبب أخطاء منها أو بأفعال من مواطنيها ، أي أنها حرب في أرض الغير.

ثانياً: أن هذه الحرب منذ إعلانها سنة 2001 ، فإنها لم تنجح سوى في زيادة عدد الدول المتورطة فيها ، سواء بإعلان الحرب و الدخول فيها  أو التضرر من هذه الحرب ، كذلك في زيادة أعداد القتلي التي وصلت إلى  مائات الاف من  الارواح ، والخسائر التي وصلت إلى آلاف المليارات.

ثالثاً: أن هذه الحرب تدور في أراضي دول إسلامية ، و إن معظم ضحاياها هم من المسلمين.

من الملفت للنظر أن  الدول التي  تحدث فيها عمليات ارهابية ، تتجه مباشرة  إلى حمل السلاح و القاء اللوم على الغير و مهاجمته ، بدل أن تتوجه إلى نفسها و تحل مشاكلها الداخلية والتي هي السبب الاساسي لظاهرة الارهاب و إنتشارها ، ففرنسا مثلا تتجاهل و منذ مدة طويلة إنتشار الفقر والتهميش وعدم توفر فرص العمل  داخل سكان مدنها كما هو الحال في ضواحي باريس ،  والذين هم في معظمهم من أبناءها  من ذوي الاصول المغاربية ، بالرغم من النداءات المتكرره لذلك ، و علاماتها الدالّة  مثل ألإضطرابات التي حدثت في العديد من  مدنها  سنة 2005 ، والتي أضهرت للعالم عدم عدم تطبيق شعارات الثورة الفرنسية من حرية و مساواة و أخوة، داخل فرنسا نفسها ،  الرافعة  لهذه الشعارات  ، فما بالك لدى الغير.

لذا وجب الدعوة لمعرفة الأسباب الرئيسية لظاهرة الارهاب و معالجتها ، بدل الدخول في حرب طويلة و باهظة الثمن ، خاصة بالنسبة لنا نحن ، والتي أكتوينا بنارها و لا زلنا نعاني منها إلى اليوم ، وسنجد أنفسنا في الغالب طرفاً متظرراً و خاسراً فيها ، بدون حول ولا قوة لنا في ذلك ، و ما سنحصل عليه منها لن يكون  سوى إنتصارات و أمجاد للاخرين ، و دمار وخراب لبلادنا.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “عين ليبيا”

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • تخيل موسسة استخباراتية وعندها دولة زي امريكا روسيا برطانية فرنسة الاستخبارات هي ترسم وتخطط للعالم وكيف يكون مثلاً في الفترة السابقة معظم العرب يعبدون حكامهم ولذلك قرر لهم العالم الاستقرار فقط دون أزدهار عندما حسوا الغرب بنوع من تحرير الذات من الاصنام في الوطن العربي قرروا الا استقرار ولاازدهار في العالم العربي خير دليل العراق سوريا اليمن مصر ليبيا وايضاً حتى في تونس اما الدولة التي مازالت تحكم فيها الاصنام تظل مستقرة الى حين سعار أخر والله يسلم .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً