من ليون الى كوبلر..تتغير الوجوه والمهمة واحدة!

من ليون الى كوبلر..تتغير الوجوه والمهمة واحدة!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

تعمل الامم المتحدة كمنظمة اممية بأسلوب منظم ومخطط له مسبقا ، وفق سياسة معدة ومتبعة ، فتقوم بتكليف الممثلين وفرق العمل الخاصة بالمهام المختلفة ، ولقد كلفت المنظمة الاممية بعثتها للدعم في ليبيا منذ عام 2011 وتوالى على رئاستها حتى الآن اربعة موظفين ( ايان مارثن – طارق متري – ليون – كوبلر) . وبعدما زادت حدة الخلاف بين الاطراف الليبية رأت الامم المتحدة التدخل كوسيط ، وكلّفت ممثلها السابق “ليون” بذلك وقد بذل جهدا كبيرا في التقريب بين وجهات النظر وتمكن من اعداد مسوّدة لاتفاق سياسي شامل ، وقًع عليها مبدئيا الكثير من اطراف الصراع الليبي ، واختلف عليها اخرون. ولكن بعد الاعلان عن تشكيلة حكومة التوافق التي تتضمنها المسودة ، تعثر الحوار وكيلت الاتهامات لليون من الطرفين ، الى ان نشرت الجارديان تسريبات تواصل ليون مع الامارات وتعيينه رئيسا لمركز الامارات الاكاديمي للدراسات الاستراتيجية وعندئذ وقع ليون في كبوته وغادر المشهد.

ابعض يتجاهل ان مدة تكليف ليون فعليا قد انتهت منذ شهراغسطس 2015 ، وان طبيعة المهمة جعلت الامين العام يمدد له ، املا في اكمال الاتفاق بين الفرقاء الليبيين. والبعض كذلك يتجاهل او لا يدرك ان تغيير مبعوث الامم المتحدة الى ليبيا لا يعني تغير سياستها او اهدافها ، فمهما تغيرت الوجوه تبقى المهمة واحدة . الا ان حكام اليوم يعتبرون تغيير ليون انتصارا! ليعلقوا فشلهم الكبير عليه ، ويتناسون ان عنادهم وعدم تقديرهم المسئولية هو السبب المباشر في فشله ، لذلك قد يرحبون بكوبلر ويعتبرونه منقذا!. الامم المتحدة من خلال التجربة يبدو انها بدأت تتفهم النفسية الليبية المعقدة وتتعاطى معها لذلك قررت ابعاد ليون فورا وقبل ان تكتمل مهمته واستبداله بكوبلر تماهيا مع النفسية الليبية التي ربما تتعاطى مع البديل بشكل مختلف.

الثابت هو ان الاتفاق السياسي الذي مهد له واعده ليون ، سيظل هو خريطة الطريق المتبناة من الامم المتحدة ، ولقد اكد كوبلر ذلك في اول زيارة له لليبيا وأعلن صراحة انه سيتعامل فقط مع ثلاثة اجسام وفق مسودة ليون (مجلس النواب -مجلس رئاسة الدولة – حكومة الوفاق الانتقالية). والثابت ايضا ان العالم يمنح الليبيين فرصة اخيرة تنتهي مع نهاية سنة 2015 للتوافق على حكومة واحدة يرأسها السراج وانه على مجلس النواب والمؤتمر تسمية مرشحيهما مناصفة وان زيد في العدد ليكون 9 بدلا من 6  ، الذي قد لا يدركه البعض او يتغافله ان العالم قد حسم امره في الشأن الليبي وهو دعم وتنصيب حكومة جديدة انتقالية واحدة سواء وافق الفرقاء او لم يوافقوا! ففي حالة الموافقة ستباشر عملها من داخل العاصمة الليبية ، وان لم يتفقوا فستباشر عملها من اي مدينة ليبية يتوفر فيها الحماية الامنية ، وسيعترف بها العالم ويتعامل معها ولن تكون هناك شرعية لأي من الاجسام الحالية.

على الليبيين ان يدركوا ان الاتفاق الدولي حول محاربة الارهاب قد رسمت معالمه ووضعت برامجه للتنفيذ ابتداء من العام الجديد 2016 ، وأن ليبيا محطة اساسية من محطات برنامج مكافحة الارهاب ، وستكون ارضها مسرحا لعمليات حربية كبيرة تستهدف تنظيم الدولة ، الذي صار يتمركز في عديد المدن الليبية . وعلى الارجح فان فرنسا وايطاليا ستقودان العمليات الجوية واللوجستية ، ودول الجوار مصر وتشاد ستمنحان تفويضا امميا بالتدخل العسكري على الارض. ليس امام الليبيين ان ارادوا خيرا ببلدهم الا الاتفاق على حكومة واحدة ، ترعى شئونهم وتكون ممثلة وحيدة لهم امام العالم ، وعليهم ان يختاروا بين دخول الحرب التي ستفرض عليهم مجتمعين موحدين للمحافظة على الحد الادنى من الخسائر بشريا وماديا ،او منقسمين متفرقين حيث  ستكون الخسارة مضاعفة بشريا وماديا وجغرافيا!.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً