وضع اللغة العربية في ندوة بالدوحة

img.kooora.com

 

وكالات

انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة أعمال ندوة بعنوان “اللغة العربية في بيئات ومجالات مختلفة” تستمر يومين، وناقشت الجلسة الأولى وضعية العربية ومآلاتها، مؤكدة أنها ما زالت تحتل مكانة مرموقة كواحدة من أهم وأكثر ست لغات انتشارا بالعالم، وإن كانت رقميا لمّ تصل إلى المكان اللائق بها.

وهيمنت على جلسات اليوم الأول للندوة التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بمناسبة الاحتفال بـ يوم اللغة العربية مواضيع تتعلق بموقع لغة الضاد ضمن خريطة اللغات في العالم وتحديد مفهوم العربية انطلاقا من النظر في مفهوم اللغة المعاصرة والفصحى والعاميات، بالإضافة إلى بيان مدى تأهيلها لاستعمالها في بناء العلوم والمعارف ونقلها وتداولها.

وفي ورقته البحثية بعنوان “مؤشرات عالمية اللغة العربية ووضعها الراهن” قال أستاذ اللسانيات بمعهد الدوحة للدراسات العليا محمد بلبول إنه من الصعب وصف لغة من اللغات بالكمال بناء على معايير موضوعية، لكن يمكن تحديد موقع لغة ما في النطاق العالمي استنادا إلى مجموعة من المؤشرات تشبه إلى حد كبير تلك المعتمدة في قياس التنمية.

وأكد بلبول أن هذه المؤشرات والمعايير تفيد أن العربية لغة عالمية، مقدِّما مسألة الازدواج اللغوي بوصفها مؤشرا رئيسا في عالمية لغة ما، حيث تصنف اللغات وفق مركزيتها إلى أربعة مستويات تمثل الإنجليزية قمتها بوصفها اللغة فائقة المركزية، وفي المستوى الثاني لغات عالية المركزية نجد من بينها العربية إلى جانب الفرنسية والإسبانية والمندران والهندية والأوردو.

عصر المعلومات

واعتمد الباحث -لمعرفة مكانة العربية- مقاربة تعتمد على السلوك الإنساني لاستخدام اللغة في عصر مجتمع المعلومات، حيث احتلّت العربية مكانة جيدة في هذه المقاربة، على الرغم من بعض المعوقات، فالمؤشرات في تحديد الوضع العالمي للغات تقوم على دراسة مؤشر الديموغرافيا (عدد المستخدمين) ومؤشر ذيوع اللغة باعتبارها لغة ثانية، والمؤشر الجيوسياسي (تأثير الجغرافيا)ومؤشر اللغة والمعرفة.

وخلص إلى أن المؤشرات الديموغرافية والإستراتيجية ومؤشر اللغة ومجتمع المعرفة تبين أن مكانة العربية تتأرجح بين الصعود والهبوط لاعتبارات مختلفة، فعلى الجانب الديموغرافي والإستراتيجي تكتسب العربية مكانتها الجيوسياسية من انتشارها، وعلاوة على أنها لغة رسمية في 22 دولة، فإن لها حضورا في مناطق عديدة من أفريقيا، إذ يستعملها ثلث سكان القارة لغة أولى أو ثانية، إضافة إلى امتدادها جنوب آسيا في كل من إيران وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش.

أما المؤشر الإستراتيجي، فيكفي أن العربية ترتبط بثقافة وعقيدة لها إشعاع روحي عالمي، كما ترتبط بمنطقة لها أهميتها الاقتصادية والإستراتيجية في العالم، وهذا ما يجعلها متقدمة على مستوى اللغات في العالم.

وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المتكلمين العربية كلغة ثانية يبلغ سبعة ملايين أي ما نسبته 3.4% من مجموع من يتحدثون لغة ثانية، وهو ما يدعو للقلق. أما بخصوص المؤشر الجيوسياسي، فإن وضع العربية جيد، إذ تتقدم في الترتيب على اليابانية التي على الرغم من كونها لسان حضارة عريقة ومجتمع صناعي متطور تظل لغة محلية بامتياز.

وأوضح بلبول أن مشكلة العربية الحقيقية تعود إلى تدني مؤشر مجتمع المعرفة الذي يكشف عن وجود هوة رقمية يجب سدُّها عن طريق تأهيل العربية لكي تصبح لغة تقنية ولغة علم تستطيع منافسة اللغات المتقدمة في هذا المجال.

تحول كبير

وفي نفس السياق، أوضح الخبير اللغوي في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية حسين السوداني في ورقته “اللغة العربية والمشهد اللغوي الكوني” أن وضع اللغات يشهد تحولا كبيرا، إذ تفيد الدراسات أن العالم يفقد واحدة من لغاته الخمسة آلاف كل 14 يوما، وأن هناك نحو ستمئة لغة قد أخذت طريقها التدريجي نحو الانقراض.

وكشف عن وجود جهود دولية تتزعمها الأمم المتحدة من أجل وقف هذا النزف اللغوي، لذا أقرت المنظمة عام 1999 تاريخ 21 فبراير/شباط من كل عام يوما عالميا للغة الأم، حفاظا على عشرات اللغات التي يتخلى عنها الناطقون بها ويستعيضون عنها بلغات أخرى ذات تداول أوسع وإنتاج علمي وفكري أكبر.وأضاف السوداني أنه في ظل هذا الوضع لا تزال العربية تحظى بمكانة جيدة بعيدًا عن خطر الاندثار، كما تشير إلى ذلك أغلب التوقعات للمستقبل البعيد المرتبط بانتشار التقنية والترابط الشبكي على الرغم من ضعف المحتوى العربي حتى الآن.

وقال إن للعربية إمكانيات استثمار مثالية، فقد أشارت دراسة أميركية أصدرتها رابطةُ اللغات الحديثة عام 2010 إلى أنّ العربية تعد من أكثر اللغات الأجنبية تعلما في الولايات المتحدة الأميركية، إذ زاد عدد دارسيها بنسبة 86%.

وعلى هامش الندوة، عبّرَ المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية عز الدين البوشيخي عن تفاؤله بمستقبل العربية، مؤكدا أنها ظاهرة اجتماعية وتاريخية تخضع للتحولات التي تطرأ على المجتمع، وهذا ما يبشر بمستقبل لغتنا التي “لديها عوامل بقاء كلغة عالمية رائدة”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً