تمييز التبو في بلادنا.. الانتخابات العامة مثالا

تمييز التبو في بلادنا.. الانتخابات العامة مثالا

تؤكد دلائل وإثباتات ملموسة أن التبو يتعرضون للتمييز، فمثلا، أصدرت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات القرار رقم (2) لسنة 2015 بتاريخ 26/4/2015، من خلال رئيس اللجنة الانتخابية بالبيضاء بشأن اعتماد مرشِّحين لانتخابات مجلس النواب عن الدائرة الانتخابية الفرعية الكفرة، حيث نصت المادة رقم (1) ” يعتمد اختيار كل من المرشّحين المذكورين فيما بعد لشغل المقعدين الشاغرين بدائرة الكفرة الانتخابية الفرعية بالتوافق الاجتماعي..”.

استوقفتنا عبارة “التوافق الاجتماعي” طويلا، لقد جعلتنا نرجع لدفاتر الماضي وللواقع الحاضر، حيث التباوي بالكفرة يحرم من حق المشاركة بالحياة العامة، بعدم إشراكه في مراكز تقسيم السلطة وتوزيع الموارد، وتقرير مصير المنطقة بدون مشاركته في صنع القرار وتنفيذه، يعاملون اجتماعياً وسياسياً معاملة الدرجة الثالثة، أصبح المجتمع التباوي الذي يعتبر حسب المعايير الدولية من الشعوب الأصلية، غريباً فوق أرضه التاريخية، لا يشارك ولا يستفيد، بل يهان بقرارات وسياسات عنصرية تقوم بها الدولة. هذا القرار وغيره من القرارات المماثلة تؤكد عدم حيادية المفوضية الوطنية للانتخابات، وخاصة عندما تكون هناك إجراءات تمييزية على أساس الانتماء والهوية، تتكرر أكثر من مرة من مؤسسة تشرف على تنظيم حق من حقوق المواطنة، التي ينادي العالم بأن تكون حرة ومستقلة ونزيهة وشفافة، وخاصةً في المجتمعات المتنوعة ثقافيا، حيث المعايير الدولية تؤكد أخذ هذا البعد بعين الاعتبار، حتى تكون نتائجها مقبولة من الجميع وهو شرط نجاح أي انتخابات معترف بها عالميا، وتبعد شبح الصراع. ومثلاً في انتخابات المؤتمر الوطني العام 2012 خصص القانون الانتخابي لمنطقة الكفرة مقعدين، وأجريت الانتخابات بالدائرة الفرعية الكفرة في ظل أوضاع صعبة، وما زاد الوضع صعوبة هو التمييز المؤسسي، فقد أصدرت محكمة الكفرة حكماً بشطب قيد (1008) ناخباً تباوياً من سجل الناخبين، كلهم من التبو، وعملت المفوضية بحكم المحكمة، رغم كونه ممنهجا، وخارج الآجال القانونية المحددة في قانون الانتخاب، أي بعد مدة الطعون المقررة قانونا، ونفذت المفوضية الحكم بشكل فوري، وحرمت مواطنين من ممارسة حق أساسي لأسباب عنصرية. ولقد علّقت باستغراب منظمتان دوليتان، فريق الاتحاد الأوروبي لتقييم الانتخابات، ومركز كارتر لمراقبة الانتخابات في تقريريهما، بأن هذا الحكم الوحيد الذي قضى بشطب ناخبين من سجل الانتخابات في ليبيا، وأنه خارج الآجال القانونية. ورغم معارضة هذه الإجراءات العنصرية من قبل التبو، أُجريت الانتخابات وظهرت النتائج بغياب تمثيل المجتمع التباوي، ولم يُسمع صوته.

وفي عام 2014 أجريت انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، حيث تمت الانتخابات في بعض المراكز الانتخابية بمنطقة الكفرة، بدون مشاركة التبو في العملية الانتخابية، فأعلنت المفوضية عن نتائج الانتخابات بحكم من محكمة الكفرة عن تلك المراكز الانتخابية واعتبرتها نتائج نهائية، وبعد استئناف الانتخابات بالمنطقة تفاجأ التبو من حرمانهم بالمشاركة في المقاعد العامة، بسبب هذه النتائج التي اعتبرتها المفوضية نهائية، وفي الحقيقة هي مخالفة لقانون الانتخاب. لم يستغرب التبو من هذه الأحكام التي تصدر ضدهم، فهم معتادون عليها، ويعتبرون أن المحكمة سُخرت لتكريس الظلم، وأخرجت من فلك العدالة، وكذلك فزعت المفوضية وفقاً للمثل العربي ” أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب”، وهذه هي معايير العدالة ” العربية”.

في انتخابات مجلس النواب خصص قانون الانتخاب لمنطقة الكفرة ثلاثة مقاعد عامة، أي زيادة مقعد عن انتخابات المؤتمر الوطني، ويقول التبو إن هذه الانتخابات لم تخلوا من تلك الإجراءات التمييزية بغض النظر عن مسألة التلاعب قي توزيع المقاعد فهي قضية أخرى، لقد شارك التبو في هذه الانتخابات وقاطع الآخرون، فرفضت المفوضية إعلان النتائج، وسعياً لبعض الإنصاف من القضاء، اتجه التبو إلى محكمة اجدابيا، التي فصلت بأن تعلن النتائج، ولكن المفوضية لم تصدر قراراً باعتماد النتائج، بل راوغت وعللت بعدم وجود “توافق اجتماعي”، وعرضت على مستشاريها القانونيين لعلها تجد ما يبرر عدم تنفيذها للحكم، وبعد مضي عدة أشهر، أصدرت قراراً بالنتائج وقيدتها بقرار مجلس النواب، وكان الفائزين بالمقاعد الثلاثة من التبو.

بعد شهور من دس هذا الملف بالأدراج وحذفه من مكتب لآخر، تم اعتماد نائب واحد من الثلاثة الفائزين بالكفرة، ولم يتم اعتماد النائبين الآخرين، وجعلهما مجلس النواب قيد الانتظار، إلى أن خرجت المفوضية بقرارها الأخير المذكور أعلاه، ضاربة عرض الحائط قانون الانتخاب، ومتجاوزةً حكم المحكمة، ونتائج الانتخابات، ومكنت مرشحّين آخرين لم يفوزا في النتائج المعتمدة، واعتمدهما مجلس النواب كأعضاء، وحرمت الفائزين الشرعيين من حقهما في تمثيل الأمة في مجلس النواب، وذلك بموجب ” التوافق الاجتماعي”، الذي لا يفسر، إلا بأنه رجوع لآلية التصعيد الشعبي، التي كانت أقوى من القانون، بارتجاليتها التي لا توصف، لأجل الظفر بالغنيمة.

إن هذا التوافق المزعوم الذي ذكر بقرار المفوضية لم ينطلي على التبو، ويدركون أن هذا المفهوم التي يترك أثراً طيباً بنفس كل من يسمعها، هو مجرد شعار أو غطاء استخدم لتمرير سياسات إقصاء الآخر، التي اشترك في وضعها أطراف عدة من مؤسسات الدولة، ويعرفون جيداً أن القانون يخالف عندما يكون في صالحهم، والعكس هو الصحيح.

إن هذه الأمثلة التي سُردت هي حلقة واحدة من سلسلة العنصرية التي تعرض ويتعرض لها التبو من قبل مؤسسات الدولة المختلفة، وقد أُخذت الكفرة كنموذج بحكم أن قرار المفوضية يخص هذه المنطقة التي اسمها التاريخي تازر، كما يحب التباوي أن يناديها، باعتباره الاسم الحقيقي الذي توارثه من أجداده ويسكنه، هذه العينة التي أخذت في جانب المشاركة السياسية للتبو، تُعد أكبر دليل على ضرورة إيجاد ضمانات وفقاً للمعايير الدولية للشعوب الأصلية والأقليات في دستور ليبيا القادم بحيث تكون هناك آليات محددة في المشاركة بالسلطة وفي المؤسسات العليا كالمفوضية وغيرها من المؤسسات الصانعة للقرار الإداري والسياسي، حتى تكون المواطنة واقع معاش وليس شيء نظري فقط.

تمييز التبو في بلادنا.. الانتخابات العامة مثالا

تؤكد دلائل وإثباتات ملموسة أن التبو يتعرضون للتمييز، فمثلا، أصدرت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات القرار رقم (2) لسنة 2015 بتاريخ 26/4/2015، من خلال رئيس اللجنة الانتخابية بالبيضاء بشأن اعتماد مرشِّحين لانتخابات مجلس النواب عن الدائرة الانتخابية الفرعية الكفرة، حيث نصت المادة رقم (1) ” يعتمد اختيار كل من المرشّحين المذكورين فيما بعد لشغل المقعدين الشاغرين بدائرة الكفرة الانتخابية الفرعية بالتوافق الاجتماعي..”.

استوقفتنا عبارة “التوافق الاجتماعي” طويلا، لقد جعلتنا نرجع لدفاتر الماضي وللواقع الحاضر، حيث التباوي بالكفرة يحرم من حق المشاركة بالحياة العامة، بعدم إشراكه في مراكز تقسيم السلطة وتوزيع الموارد، وتقرير مصير المنطقة بدون مشاركته في صنع القرار وتنفيذه، يعاملون اجتماعياً وسياسياً معاملة الدرجة الثالثة، أصبح المجتمع التباوي الذي يعتبر حسب المعايير الدولية من الشعوب الأصلية، غريباً فوق أرضه التاريخية، لا يشارك ولا يستفيد، بل يهان بقرارات وسياسات عنصرية تقوم بها الدولة. هذا القرار وغيره من القرارات المماثلة تؤكد عدم حيادية المفوضية الوطنية للانتخابات، وخاصة عندما تكون هناك إجراءات تمييزية على أساس الانتماء والهوية، تتكرر أكثر من مرة من مؤسسة تشرف على تنظيم حق من حقوق المواطنة، التي ينادي العالم بأن تكون حرة ومستقلة ونزيهة وشفافة، وخاصةً في المجتمعات المتنوعة ثقافيا، حيث المعايير الدولية تؤكد أخذ هذا البعد بعين الاعتبار، حتى تكون نتائجها مقبولة من الجميع وهو شرط نجاح أي انتخابات معترف بها عالميا، وتبعد شبح الصراع. ومثلاً في انتخابات المؤتمر الوطني العام 2012 خصص القانون الانتخابي لمنطقة الكفرة مقعدين، وأجريت الانتخابات بالدائرة الفرعية الكفرة في ظل أوضاع صعبة، وما زاد الوضع صعوبة هو التمييز المؤسسي، فقد أصدرت محكمة الكفرة حكماً بشطب قيد (1008) ناخباً تباوياً من سجل الناخبين، كلهم من التبو، وعملت المفوضية بحكم المحكمة، رغم كونه ممنهجا، وخارج الآجال القانونية المحددة في قانون الانتخاب، أي بعد مدة الطعون المقررة قانونا، ونفذت المفوضية الحكم بشكل فوري، وحرمت مواطنين من ممارسة حق أساسي لأسباب عنصرية. ولقد علّقت باستغراب منظمتان دوليتان، فريق الاتحاد الأوروبي لتقييم الانتخابات، ومركز كارتر لمراقبة الانتخابات في تقريريهما، بأن هذا الحكم الوحيد الذي قضى بشطب ناخبين من سجل الانتخابات في ليبيا، وأنه خارج الآجال القانونية. ورغم معارضة هذه الإجراءات العنصرية من قبل التبو، أُجريت الانتخابات وظهرت النتائج بغياب تمثيل المجتمع التباوي، ولم يُسمع صوته.

وفي عام 2014 أجريت انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، حيث تمت الانتخابات في بعض المراكز الانتخابية بمنطقة الكفرة، بدون مشاركة التبو في العملية الانتخابية، فأعلنت المفوضية عن نتائج الانتخابات بحكم من محكمة الكفرة عن تلك المراكز الانتخابية واعتبرتها نتائج نهائية، وبعد استئناف الانتخابات بالمنطقة تفاجأ التبو من حرمانهم بالمشاركة في المقاعد العامة، بسبب هذه النتائج التي اعتبرتها المفوضية نهائية، وفي الحقيقة هي مخالفة لقانون الانتخاب. لم يستغرب التبو من هذه الأحكام التي تصدر ضدهم، فهم معتادون عليها، ويعتبرون أن المحكمة سُخرت لتكريس الظلم، وأخرجت من فلك العدالة، وكذلك فزعت المفوضية وفقاً للمثل العربي ” أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب”، وهذه هي معايير العدالة ” العربية”.

في انتخابات مجلس النواب خصص قانون الانتخاب لمنطقة الكفرة ثلاثة مقاعد عامة، أي زيادة مقعد عن انتخابات المؤتمر الوطني، ويقول التبو إن هذه الانتخابات لم تخلوا من تلك الإجراءات التمييزية بغض النظر عن مسألة التلاعب قي توزيع المقاعد فهي قضية أخرى، لقد شارك التبو في هذه الانتخابات وقاطع الآخرون، فرفضت المفوضية إعلان النتائج، وسعياً لبعض الإنصاف من القضاء، اتجه التبو إلى محكمة اجدابيا، التي فصلت بأن تعلن النتائج، ولكن المفوضية لم تصدر قراراً باعتماد النتائج، بل راوغت وعللت بعدم وجود “توافق اجتماعي”، وعرضت على مستشاريها القانونيين لعلها تجد ما يبرر عدم تنفيذها للحكم، وبعد مضي عدة أشهر، أصدرت قراراً بالنتائج وقيدتها بقرار مجلس النواب، وكان الفائزين بالمقاعد الثلاثة من التبو.

بعد شهور من دس هذا الملف بالأدراج وحذفه من مكتب لآخر، تم اعتماد نائب واحد من الثلاثة الفائزين بالكفرة، ولم يتم اعتماد النائبين الآخرين، وجعلهما مجلس النواب قيد الانتظار، إلى أن خرجت المفوضية بقرارها الأخير المذكور أعلاه، ضاربة عرض الحائط قانون الانتخاب، ومتجاوزةً حكم المحكمة، ونتائج الانتخابات، ومكنت مرشحّين آخرين لم يفوزا في النتائج المعتمدة، واعتمدهما مجلس النواب كأعضاء، وحرمت الفائزين الشرعيين من حقهما في تمثيل الأمة في مجلس النواب، وذلك بموجب ” التوافق الاجتماعي”، الذي لا يفسر، إلا بأنه رجوع لآلية التصعيد الشعبي، التي كانت أقوى من القانون، بارتجاليتها التي لا توصف، لأجل الظفر بالغنيمة.

إن هذا التوافق المزعوم الذي ذكر بقرار المفوضية لم ينطلي على التبو، ويدركون أن هذا المفهوم التي يترك أثراً طيباً بنفس كل من يسمعها، هو مجرد شعار أو غطاء استخدم لتمرير سياسات إقصاء الآخر، التي اشترك في وضعها أطراف عدة من مؤسسات الدولة، ويعرفون جيداً أن القانون يخالف عندما يكون في صالحهم، والعكس هو الصحيح.

إن هذه الأمثلة التي سُردت هي حلقة واحدة من سلسلة العنصرية التي تعرض ويتعرض لها التبو من قبل مؤسسات الدولة المختلفة، وقد أُخذت الكفرة كنموذج بحكم أن قرار المفوضية يخص هذه المنطقة التي اسمها التاريخي تازر، كما يحب التباوي أن يناديها، باعتباره الاسم الحقيقي الذي توارثه من أجداده ويسكنه، هذه العينة التي أخذت في جانب المشاركة السياسية للتبو، تُعد أكبر دليل على ضرورة إيجاد ضمانات وفقاً للمعايير الدولية للشعوب الأصلية والأقليات في دستور ليبيا القادم بحيث تكون هناك آليات محددة في المشاركة بالسلطة وفي المؤسسات العليا كالمفوضية وغيرها من المؤسسات الصانعة للقرار الإداري والسياسي، حتى تكون المواطنة واقع معاش وليس شيء نظري فقط.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً