مقترح بإنشاء جهاز الشرطة الاجتماعية في ليبيا

تجمع ليبيا الديمقراطية [ت ل د]

 مقترح بإنشاء

جهاز الشرطة الاجتماعية

مقدم إلى المجلس المحلي لمدينة بنغازي

 يونية  2012

تجمع ليبيا الديمقراطية [ت ل د]

إننا حين نؤكد على دور المجتمع والدولة في الضمان والتكافل الاجتماعي، فإننا إنما نعود بهذه الفكرة إلى مصدرها الأصيل الذي اشتقت منه، وهو تعاليم الدين كما نجدها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وكما وجدناها تجسد فعلاً عملياً وممارسة فعلية تحت حكم الخلفاء الراشدين، ثم بلغت قمة تجسدها الفعلي على يدي الخليفة عمر بن عبد العزيز، حين انتهت سياساته الفذة في مجال قيام ولي الأمر بواجباته في رعاية شؤون الرعية، وسد حاجة المحتاج من أفرادها، إلى أن لم يعد في كل أنحاء الدولة فقير أو محتاج.

ومن هنا فإننا لن نكون طامحين إلى تحقيق أمر مستحيل إذا وضعنا في صميم سياساتنا التطلع إلى بلوغ هذا النموذج الرائع الذي نجده في تراثنا الإسلامي، ثم نقتبس ما نجده ملائماً من البرامج والسياسات التي نشاهد الآن كيف نجحت مجتمعات كثيرة في الدول المتقدمة في تنفيذها وتطبيقها وتجسيدها واقعاً ملموساً، وليس مجرد طموحات وأحلام.

وانطلاقا من هذا نصمم ما يلزم من البرامج لمتابعة ورعاية شؤون الشرائح التي تحتاج إلى العون والمساعدة من المجتمع، وتأتي في مقدمتها: الأرامل والأيتام ومجهولو النسب، الشيوخ والعاجزون، الفقراء وذوو الدخل المحدود.

ويهمنا أن نؤكد أن المجتمع المتكافل الذي نحلم بالقدرة على المساهمة في تحقيقه، يجب أن يفعل الممكن لكي:

  • يجد الأرامل والأيتام ومجهولو النسب المؤسسات الاجتماعية التي تتكفل بتوفير كل  ما يحتاجون إليه لكي يعيشوا عيشة كريمة لائقة، ولكي يجد الصغار الرعاية العلمية والمهنية اللازمة لإعدادهم للحياة العملية، وأن تتكفل تلك المؤسسات بتوفير هذه الخدمات للمحتاجين إليها حيث يوجدون، ودون تعريضهم للمهانة والمشقة في البحث عنها وطلبها لدى إدارات حكومية تخنقها البيروقراطية والعقلية المتخلفة في الإدارة.
  • لا يُرَى في المجتمع متسول، سواء أكان عاجزاً أم غير عاجز، وعلى المجتمع أن يوجد المؤسسة المختصة التي تبحث وراء الأسباب والظروف التي تدفع مواطناً للجوء إلى هذا الفعل، فإذا وجد أنه محتاج فينبغي أن يكون ذلك مؤشراً ودليلاً على أن المؤسسة الاجتماعية المسؤولة عن الضمان الاجتماعي لم تقم بوظيفتها. ومن ثم يحاسب المسؤولون فيها، قبل أن يحاسب الفرد نفسه.
  • لا يُرَى في المجتمع أطفال قبل سن البلوغ يمارسون تلك الأعمال التي هي أقرب إلى التسول المبطن، مثل بيع الأشياء لسائقي السيارات عند مفترقات الإشارات الضوئية، ناهيك عن الأعمال الشاقة التي تعتبر إهانة بالغة للطفولة وبراءتها وحقوقها؛ إذ ينبغي أن ينظر إلى هؤلاء كما ينظر إلى المتسولين، ومن ثم على مؤسسات الرعاية الاجتماعية أن تنظر في حالاتهم وحالات عائلاتهم، وتوفر لتلك العائلة ما يكفيها ويغنيها عن الدفع بأبنائها إلى الشارع، من أجل كسب ما يعين على المعيشة.
  • لا يُرَى في المجتمع أثناء العام الدراسي أطفال في سن الدراسة يتجولون في الشوارع، متسولين مباشرين أو مبطنين؛ في الوقت الذي ينبغي أن يكونوا فيه على مقاعد الدراسة في مدارسهم. وعلى المؤسسة الاجتماعية المسؤولة أن يكون لها فِرَقٌ متجولة للتفتيش والمراقبة، تكون وظيفتها التحفظ على أي طفل في سن الدراسة يوجد أثناء العام الدراسي في أوقات الدراسة خارج المدرسة، حتى تبحث في حالته وحالة عائلته، وتعالج الظروف التي تدفعه إلى عدم الانتظام في دراسته.

من هذا المنطلق أتقدم إلى مجلس مدينتنا الموقر بهذا المقترح، وهو يتعلق بإنشاء جهاز، يتبع وزارة الشؤون الاجتماعية مثلاً، ويمكن أن نطلق عليه “جهاز الشرطة الاجتماعية“، يتكون من عناصر مختارة من كلا الجنسين (رجال ونساء)، يدربون تدريباً خاصاً، ويؤهلون للتعامل مع الفئات التي سيكون عليهم التعامل معها: المتسولون، الأطفال المشردون أو المجبرون على العمل قبل سن الرشد..إلخ. يُقَسَّم العاملون والعاملات في هذا الجهاز إلى دوريات راكبة، يفضل أن تكون لهم سيارات مميزة بألوانها ومسماها، وتتكون كل دورية من اثنين على الأقل: شرطي وشرطية، يكون لهم قيافة خاصة بهم مميزة. وتقوم هذه الدوريات بما يلي:

1-  التجول في شوارع المدينة وأحيائها السكنية ومفترقات الطرق فيها وحيثما توجد المساجد، وبوجه عام الأماكن التي يعتاد المتسولون الوقوف فيها لممارسة التسول، والأماكن التي يكثر فيها تشغيل الأطفال قبل سن الرشد.

2-  ضبط أي متسول/متسولة، صغيراً كان أم كبيراً، ونقله إلى مركز  الشرطة الاجتماعية، حيث يسلم إلى قسم الدراسة الاجتماعية، فيقوم اختصاصيون بسؤاله عن حالته وما إذا كانت له أسرة أم لا عائل له، ثم القيام بزيارة ميدانية لتقصي أحوال الأسرة على الطبيعة، ومعرفة عدد أفرادها والمسكن الذي يسكنون به، ودخلهم العام، ومدى سده حاجاتهم الضرورية. ثم إعداد تقرير مفصل عن الحالة وتوصياتهم بشأنها.

3-  ضبط أي طفل قبل سن الرشد (الخامسة أو السادسة عشرة) يوجد في الشارع أو في الأسواق الشعبية أو في الورش الصناعية أو في المزارع وغيرها، في أوقات الدوام الدراسي خارج صفه الدراسي الذي يجب أن يكون فيه، ونقله إلى مركز الشرطة الاجتماعية، كي يقوم الاختصاصيون بدراسة حالته الاجتماعية وتقدير الظروف والأسباب التي دفعت الطفل إلى الخروج من المدرسة أو الاضطرار إلى التسول أو العمل.

4-  بعد إجراء الدراسة الاجتماعية والزيارة الميدانية لأسر هؤلاء المضبوطين يقدم الاختصاصيون تقريرهم عن الحالة، وتقدير التعويض أو الراتب الشهري الذي يفي بحاجات الأسرة، ويحمي أفرادها من اللجوء إلى التسول وأطفالها من الاضطرار إلى مغادرة صفوف الدراسة إلى ميادين العمل.

5-  في حالة العود، أي إذا عاد الرجل أو المرأة الذي ضبط متلبساً بالتسول، أو الطفل الذي ضبط خارج المدرسة في أوقات الدراسة إلى نفس الفعل مرة أخرى، يقدم إلى القاضي المختص للنظر في تحرير مخالفة تسول ضده، والأمر بإيداعه السجن أو تقرير أي عقوبة مناسبة. وفي حالة الأطفال، يحاكم ولي أمر الأسرة، وينزل عليه العقاب.

6-  ينظم هذا الجهاز حملة إعلامية مناسبة للإعلان عن الجهاز وأهدافه وبرامجه، وحملة توعية للتأكيد على روح التكافل الاجتماعي، من خلال برامج لتمتين صلة الرحم بين الأهل والأقارب، وتوظيف رابطة الانتماء إلى القبيلة كي تقوم القبيلة بدورها كشريك أساسي في قضية التكافل الاجتماعي.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً