في الذكرى الخامسة لتهجير المشاشية (العوينية)، هل ننتظر ثورة المهجّرين لإنقاذ ليبيا؟!

في الذكرى الخامسة لتهجير المشاشية (العوينية)، هل ننتظر ثورة المهجّرين لإنقاذ ليبيا؟!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

لقد كُتب الكثير عن المهجرين من شعبنا، ولكن يبدوا انه لا من يقرأ ولا من يهتم من حكام الصدفة العابثين! انه من تداعيات الحروب عادة ان يحدث نزوح جزئي او كلي في بعض المدن والقرى التي تجري على اراضيها المعارك، ولكن بمجرد ان تضع الحرب اوزارها وتتوقف المعارك، يعود النازحون بإرادتهم الى ديارهم ومناطقهم، وتقوم الحكومة بتسهيل وتأمين عودتهم! لكن لم يحدث هذا في ليبيا للمناطق المنكوبة التي نزح عنها سكانها ؟! مما يعني أنه كان تهجيرا ممنهجا مستمرا حتى الآن! والانكى من ذلك ان يستمر العبث والتخريب الممنهج لممتلكات النازحين في كل المناطق المهجرة حتى بعد انتهاء الحرب من قبل عصابات إجرامية مدفوعة بالحقد القبلي والمناطقي!.

في هذا العام 2016 توافق يوم الأربعاء 15-6 مع ذلك اليوم الأربعاء 15-6 عام 2011، فكانت الذكرى السنوية الخامسة لنزوح وتهجير اهلنا من المشاشية من سكان منطقة العوينية وزاوية الباقول قد حلت، لا شيء تغير، فالأطلال هي الاطلال والخراب هو الخراب والمتغير المستمر هو حال الضنك وشدة المعاناة التي يقاسيها المهجرون من أبناء المشاشية وأبناء ليبيا اجمالا! خمس سنوات مضت وتطل السادسة و”العوينية”  ومدن وقرى اخرى من ليبيا بأكملها مهجورة ومستباحة!، خمس سنوات ويزيد ولا يزال الكثير من ابناء شعبنا يعيشون حياة الشتات والاغتراب مهجّرين مشرّدين داخل الوطن وخارجه!! فكم هو مؤلم رؤية طفل ليبي او شيخ مسن او امرأة ضاقت بها رحب البسيطة، تتسول العيش متنقلة بين هذه المدينة او تلك، داخل الوطن وخارجه بحثا عن مأوى تمضي فيه شيء من وقتها المشوّه عمدا بقوة الطغيان، وجبروت السلاح المسروق من ثروة الليبيين!!

اي عار هذا الذي يوصم به من يسمّون أنفسهم زيفا ودجلا ثوارا وشيوخ دين؟!، لينقش على جباههم وشما اسودا لا يزول!! واي شنار يعلّقه التاريخ قلائد من سخيم الخبث، ونياشين مرصعة بالحقد اللئيم على صدورهم ؟!، اولئك الذين كانوا سببا في التهجير في أوله، وأولئك الذين يصرَون على استمراره بتلذذ سادي، ينافي ابسط مشاعر الإنسانية حيث لا ضمير يؤنب ولا هم يستحون!! بكل اسف ومرارة تتجاهل حكومات العبث التترى المستنسخة، موضوع المهجّرين الخطير، ولم يكن يوما من اولوياتهم فلم يعيروه أدني اهتمام! ولا عجب فهم بدلا من تسريع عودة المهجرين، يغذّون تقاتل بشع بين الاخوة في الوطن، ليتعاظم بذلك عدد المهجّرين مطلع كل يوم جديد! وهذا ما عشناه واقعا حيا طبلة سنوات العبث الماضية، حتى صرنا نقتنع ان عملية التهجير ممنهجة، وتستهدف تفريغ ليبيا من سكانها الحقيقيين ليصبح الشعب الليبي كله بين مهجر ومشرد وبائس وفقير! وأن التهجير في عرفهم صار من انجازاتهم التي قد يشيدون بها ويفتخرون!

وانا اتحسس عمق معاناة أهلنا المهجرين من المشاشية، وغيرهم من اهلي الليبيين في تاورغاء وككلة وبنغازي وطرابلس واوباري وسبها وسرت المجروحة، ومن جميع المناطق، أدرك تماما ان فعل التهجير قد طال كل الليبيين بدون استثناء وانه لا جريرة الا انهم ليبيو الاصل والانتماء! وهذا ما يدفعني لأن ادعو ملحا الى تشكيل تجمع للمهجّرين الليبيين في الداخل والخارج والاستعداد لخوض معركة استرداد الديار والوطن المنهوب! قد يستغرب البعض هذا لكن قراءتي للواقع الليبي المؤلم، تجعلني اجزم ان استرداد ليبيا من مختطفيها، لن يكون الا من خلال قوة المهجّرين، حيث انه وبكل مرارة واسف لم يعد ممكنا نهوض غيرهم من الليبيين، الذين فرضت عليهم مذلة الخنوع وسطوة الخوف ممن ارتضوا التكيف مع الواقع رغم قسوته، مفضلين البقاء في ديارهم مقابل التنازل عن حقوقهم الاخرى في المواطنة!

المهجّرون أرى فيهم وحدهم من يستطيعون خوض المعركة ، فهم ليس لديهم ما يخسرونه أكثر مما خسروا، وهم وحدهم من يعيشون الآن حالة التشرد والتهجير وحيل بين رجوعهم لديارهم، المهجرون هم أكثر من صاروا يدركون قيمة الوطن والدار، وبالتالي هم الاقدر والاقرب على التضحية في سبيل عودتهم واسترجاع كرامتهم، وبالتالي انقاذ ليبيا الوطن الذي ينهار! المهجّرون من ابناء ليبيا هم المؤهلون لقيادة ثورة العودة التي تنطلق دوافعها من وسط ركام مناطقنا المهجورة، تلملم جراحات الزمن، فيتدفق نهر العطاء السخي للوطن، عبر تضاريس وعرة لكنه ينساب في سيل جارف مهيب، يجسد ارادة لليبيين حين يعلنون حالة الصفر والنفير! لا حل يبدو امامي في افق الازمة الليبية غير ردة فعل عنيفة لكنها ضرورية بحجم ثورة غضب عارمة يقوم بها المهجّرون، ليسترجعوا ديارهم ومناطقهم بالقوة ثم لينطلقوا جميعا في اعادة نشكيل فسيفساء الوطن الممزق من جديد!

أقول هذا ليس من موقف اليأس، ولكنه الموقف الصحيح في حركة التاريخ، حين يصاب جزء من الشعب بالوهن فيتقاعس  عن رد الظلم عن بعضه الآخر، لن يكون رد الفعل الا بأن ينتزع ذلك البعض المظلوم القيادة، ويبادر بالثورة فيقدم التضحيات الجسام ثمنا للعودة المظفرة لدياره ومناطقه، عندها فقط ستوقظ صدمة الثورة ضمير الشعب، وتجعله يحس بمعاناة المهجرين أولا، وبحجم الكارثة التي تنحدر اليها ليبيا ثانيا، ولن يكون امامه من خيار، سوى الالتحام مع ثورة المهجّرين، التي اجدها الخيار الوحيد للخروج من أزمات ليبيا المستحكمة وانقاذها مما فيه من عبث ووهن.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 2

  • Ali solaiman

    ننعم لم يبقى امام المهجرين الا شحد الهمم ورص الصفوف لمواجهة الظلم
    يمكن الناس ان تصبر وتتحمل لكن الصبر والمعاناه عندما تتجاوز حدودها تصبح التضحيه واجبه لان الظلام لايردعهم الا العنف المضاد …حسبنا الله ونعم الوكيل فى الظالمين

  • على الكرتيحي

    الظلم ظلمات ولعنة الله على من رضى بالظلم من اي كان وأم يضع حق ومطالبيه على قيد الًًٌحياة. لعل حكام ليبيا والمتنفذين في ليبيا سلموا بما قاله ( المناضل) الشمام بعد سقوط ليبيا ان المدن المنتصرة هي من تكتب الدستور. وايضاً ما ساهم في عدم تدويل قضية مهجري المشاشية والريياينة ودرج وأولاد سليمان( القريات) ان نكبتهم كانت بسبب الظلام من الزنتان وان من دعم وساهم في تدويل قضية مهجري تاورغاء وكانت لديه القدرة المالية الهائلة ليس حبا في تاورغاء وإنما نكاية في مصراتة ونسى او تناسى معاناة بقية المهجرين الذين لا تقل معاناتهم ومآسيهم على اهلنا في تاورغاء

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً