في الاتجاه المعاكس..

في الاتجاه المعاكس..

article2-1_24-7-2016

شيء عجيب فعلا، ما يحدث في هذه الأمة شيء عجيب، أمر مثير للغاية ما يحدث أيها السادة والسيدات، هناك خلل وخلل كبير، نحن نتجه في الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ وحركة الحضارة واتجاه المستقبل، ما يحدث في ليبيا مثير للغاية لأنه يؤشر  بكون الشعب الليبي قد فقد عقله وأن ما يفرق الليبيين قد تجاوز بكثير ما يجمعهم وأن نهم السلطة وجمع المال والاستفراد بالرأي  قد بلغ مداه الأقصى، يجب اليوم إن نتساءل دون خجل هل من نراهم يَذبحون ويُذبّحون، يَقتلون و يُقتلون هم ليبيون أولا ومن كنا جيرانهم منذ آلاف السنين ومن اعتبرناهم دائما سندنا في محننا وإخوتنا في أفراحنا، من يتصارعون بكل هذا الحقد والعنف والكراهية فوق الأرض الليبية لا يمكن أن نقبل بأنهم ليبيون أو جيران أو إخوة، من يتصارعون شعب لا نعرفه ولا نريد أن نعرفه أو نكون جيرانه أو إخوته، يجب اليوم أن نقوم بتحليل جيني لهؤلاء القتلة ولهؤلاء الذين يرفضون لغة الحوار لنتثبت مليون مرة من كونهم ليبيون أولا ومسلمون ثانيا وعرب أخيراً.

هناك خلل كبير في العقل الليبي اليوم، وهناك من يحرك هذا العقل في الاتجاه المعاكس لمصالح الشعب الليبي نفسه، وأمام العالم المتحضر يكشف هؤلاء الذين يحتلون الشوارع ويقصفون المطارات ويحتجزون المسافرين ويقطعون الطرق إلى غير ذلك من الأفعال المشينة الماسة بشرف هذا الشعب أنهم لا ينتمون فعلا لجنس البشر ولا لشهامة الليبيين وأن كل وحشيتهم وبربريتهم في قتل الأبرياء ونهش الأعراض والاستيلاء على أموال المظلومين وانتهاك الحرمات والمنازل لن تقنع الوجدان العربي بكونهم يمثلون ثورة أو يؤسسون لمشروع حضاري، وأن عقل قطاع الطرق والقتل لن يزرع وردا في حديقة المسار الثوري الليبي لتغيير وضع هذا الشعب من شعب تعرض إلى سجن مضيق طيلة ما يناهز خمسين سنة من حكم العقيد إلى شعب يتعرض إلى محنة دبرتها أجهزة مخابرات صهيونية وتنفذها للأسف أصابع ليبية مسمومة آلت على نفسها أن تكون جزءا من تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة.

لقد ترك العقيد ليبيا وشعبها في أسوأ حال ثقافيا وحضاريا لأنه كان بالإمكان أحسن مما كان بكثير لولا هوس السلطة وبهرجتها والنزعة الشريرة لتبذير أموال الشعب في نزوات خارجية جلبت لليبيا كثيرا من المتاعب وأخرت نموها وتنفيذ برامج هيكلية تهم البنية التحتية في كل المجالات، ولقد بدأت الثورة الليبية في أبهى حللها وكان بالإمكان أن تنتهي إلى عرس غير أنها تحولت إلى كابوس دموي يؤكد للجميع أن هناك أياد أجنبية عربية، خليجية بالأساس، وصهيونية ماكرة أرادت أن يدفع الشعب الليبي فاتورة جرائم العقيد وأن تصبح ليبيا  المكان المفضل وأرض الميعاد لكل “قبائل” العنف التي صدرها الفكر الوهابي التكفيري ورعتها المؤسسة الدينية السعودية طيلة عقود من الزمن وبالذات منذ نشأة القاعدة واستقرار الراحل أسامة بن لادن في أفغانستان ودخوله في تحالف مع المخابرات الأمريكية لخدمة الأغراض الأمريكية بصد التواجد السوفييتي في هذا البلد.

هناك مفارقة عجيبة تحصل في ليبيا إذ كان العقيد يستورد السلاح على حساب استيراد المعرفة وفتح مجالات البحث العلمي فتحول نفس هذا السلاح اليوم لخدمة الإرهاب وقتل العرب وضرب المصالح العربية في سوريا وتونس والعراق وغيرها من البلدان بعد أن كان من المؤمل أن يحرس هذا السلاح مسار الثورة لينقل ليبيا من عصر الظلام إلى عصر نور المعرفة والتعددية والديمقراطية الحقيقية، فهل كانت الأوضاع الليبية لا تستحق هذه الثورة وهل مات الشهداء بلا ثمن ودون هدف وهل ضاعت الثورة السلمية لتتحول إلى مطية ركبها بعض القتلة وتجار بيع الذمم وهل تحولت الأغلبية الصامتة إلى رهينة في يد هؤلاء القتلة، وهل من حقنا اليوم أن نصلى صلاة الغائب على الثورة الليبية ونصلى صلاة الجنازة على طموحات الشعب الليبي وكل تلك الشعارات التي بلغ صداها العالم، ثم وهذا الأهم متى يقف النزيف ومتى تستيقظ ضمائر القتلة ومتى تعود لغة العقل، هل تعود الساعة الليبية للدوران إلى الأمام وهل ستتخلص ليبيا من هذا الفيروس الدموي القاتل، هذا صعب وصعب جدا في ظل هذا الهذيان الجدلي اليومي الذي نسمعه ونراه في وسائل الإعلام، لقد جاء برنار ليفي، وكان على الليبيين أن ينتبهوا، وجاء ساركوزى وكان على الليبيين أن ينتبهوا، وكشف الإعلام تورط قطر وكان على الليبيين أن يعوا المخاطر، لكن يظهر أن هناك من ثمل ومن تناول جرعات زائدة من الكابتاغون السعودي الشهير والجميع اليوم في انتظار فرج سيأتي أو لا يأتي.

[su_note note_color=”#cdf4f6″]هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن عين ليبيا[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً