تحذير وتذكير.. الوضع الاقتصادي والمالي لليبيا في خطر!

تحذير وتذكير.. الوضع الاقتصادي والمالي لليبيا في خطر!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

article1-1_8-9-2016

ليس من باب التشاؤم لكنه نبض الإحساس بالواقع الذي تعيشه ليبيا اليوم والذي ينذر بالخطر الداهم والمصير المجهول لبلد يعاني شدة ازمة مستحكمة منذ ست سنوات! ان ما تعانيه ليبيا اليوم ليس استثناء فهي البلد الذي لايزال يعيش حالة حرب مستمرة لم تتوقف حتى الآن ومنذ ست سنوات كاملة فما ان تخمد نارها في بقعة ما حتى تندلع في بقعة أخرى على امتداد خارطة الوطن

الطبيعي ان تأكل الحرب البشر والحجر وان تلتهم الثروات مهما كبرت التهاما لا حدود له فليس اكبر من تكلفة الحروب ماليا اذ تأكل كل ما يقدم لها ولا يمكن وضع حدودا للصرف في ظل واقع المعارك لان كل معركة تفرض تكلفتها البشرية والمادية فرضا لا خيار فيه وشاهد القول ان التقاتل في ليبيا منذ 2011 قد حصد الكثير من أرواح الليبيين بالألاف واضعافها مضاعفة من المصابين والجرحى ناهيك عن المليارات من الأموال التي تصرف ولا يزال نزيف الدم والمال مستمرا بلا انقطاع خلال رحلة ست سنوات كئيبة! وامام هذا الوضع المأزوم يكون لزاما التنبيه الى حجم المصاب والدعوة أولا الى وقف التقاتل مراعاة لمصلحة الوطن والتحذير ثانيا من مغبة الاستمرار في هذا المسلسل التراجيدي الحزين

لقد نبهت كما نبه غيري الى خطورة الامر وحذرنا كثيرا من اثار ونتائج كارثية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والمالي لليبيين وها انا اعيد الكرة مذكرا ومحذرا في ان واحد من الاستمرار في الانزلاق الى المجهول اقتصاديا وماليا في ليبيا ، ان معالجة الأمور الاقتصادية والمالية تتطلب وقتا طويلا فهي تستلزم الكثير من المال الذي يكون الحصول عليه صعبا ومكلفا للدولة، اذ قد يترتب على ذلك الدخول في نفق الاقتراض من البنوك الدولية وما يعنيه ذلك من ارتهان سياسة الدولة لمتطلبات وشروط البنك الدولي التي قد يصعب الوفاء بها الا بعد زمن طويل! وحتى اضعكم في صورة تلك الصعوبات المالية والاقتصادية التي تواجه ليبيا اليوم علينا ان ندرك ان المتطلبات المالية كثيرة ولا يمكن الوفاء بها الا من خلال جدولة زمنية قد تستمر لعقود ويتمثل ذلك فيما يلي:

  1. لنعيد انتاج النفط وتصنيعه الى مستواه قبل الانتفاضة نحتاج الى حوالي مليار دولار كدفعة أولى وذلك حسب ما صرح به رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، اذ ان إعادة التشغيل تحتاج الى صيانة وتأهيل لكل الابار والحقول النفطية وكذلك الانابيب الناقلة والخزانات والموانئ.
  2. نحتاج الى مبالغ مالية كبيرة بالمليارات لإعادة تفعيل الجيش والشرطة والمنظومات الأمنية ويشمل ذلك صيانة المقرات والمعسكرات وتوريد الأسلحة والأجهزة والمعدات المختلفة بالإضافة الى مصاريف إعادة التأهيل والتدريب للأفراد.
  3. نحتاج الى المليارات لتغطية تكاليف جرحى التقاتل والتي تقدر بالمليارات وهي الآن في هيئة ديون مستحقة علينا من عديد الدول في تونس والأردن وتركيا وغيرها
  4. نحتاج الى المليارات لتغطية تكاليف المشروعات المتوقفة ويكفي ان نعرف ان الكلفة الاجمالية لهذه المشاريع كانت في حدود 70 مليار دينار سنة 2011 م وقد كانت نسبة الإنجاز فيها تتراوح بين 10% الى حوالي 80% . ضف الى ذلك تكاليف التأخير المستحقة لشركات التنفيذ وتكاليف التخريب والعبث بالمعدات والمشاريع!
  5. نحتاج الى مليارات الدولارات لتغطية مستحقات السفارات المتراكمة في الخارج مضافا اليها مخصصات البعثات الدراسية التي وصلت حدا لا تحتمله ميزانية دولة مثل ليبيا حتى ولو كانت مستقرة كنتاج لسياسات عابثة بعد الانتفاضة
  6. نحتاج للمليارات لإعادة تأهيل واعمار البنية التحتية المخربة المتهالكة وخاصة في مجال الطرق والكهرباء والاتصالات وشبكات المياه والصرف الصحي

وأخيرا وليس آخرا وبحسب التقديرات الأولية فإننا نحتاج الى ما قيمته حوالي 15 مليار دينار سنويا كميزانية طوارئ لمعالجة ما ذكر أعلاه ولمدة قد تصل الى 10 سنوات هذا من غير الميزانية العادية التي تشمل الأبواب الثلاثة المعروفة فمن اين سنوفر كل هذه المبالغ!؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بقوة عليكم الآن يا ليبيين فانظروا ماذا أنتم فاعلون! وأدركوا أيضا ان قيمة عائدات بيع النفط السنوية وفق الأسعار الحالية حتى ولو تمكنا من تصدير الكميات التي كنا نصدرها قبل الانتفاضة لن تتجاوز سنويا 22 مليار دولار (1.5 مليون برميل × 40 دولار× 365 يوم = 21.9 مليار دولار)، اذا علينا ان نتخيل كيف يمكن ان نعالج وضعنا المالي المتدهور اذا الميزانية التقديرية السنوية تساوي تقريبا 22 مليار دولار واكثر من نصفها مرتبات وربعها للدعم السلعي!

ان الأمر في غاية الخطورة وعلى الليبيين جميعا ادراك ذلك والتفكير الجدي في معالجة الامر قبل ان يستفحل الخطر وتتعذر المعالجة وان المعالجة الحقيقية تبدأ من نقطة الادراك والاحساس بهذا الخطر ثم التفكير العلمي في معالجته من خلال وضع الخطط العلمية الكفيلة برسم خارطة عمل فعلية عن طريق تكليف نخبة من المختصين لوضع التصور ودعم ذلك من اعلى السلطات والتسريع في التطبيق اليوم قبل الغد، لقد آن الأوان للتفكير بعقل وادراك لإنقاذ ليبيا اقتصاديا وماليا والا فأن خطر الانهيار الكبير قد بات وشيكا!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • احمد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    كلام صحيح و الحل يكون في سلة واحدة و هذا يحتاج الي ان تكون الحكومة المقبلة رشيدة تتفهم الواقع و تبحث عن حل جذري للمشكلة. و الحلول المقترحة:

    1- حكومة الوفاق تكون مهامها الامن و الاستقرار و توحيد المؤسسات السيادية و توفير احتياجات المواطنين الاساسية.

    2- الحكومة المقبلة مهامها:
    – غلق القطاع العام مصدر استنزاف المال العام و فتح المجال للقطاع الخاص ليعلب دوره في النهوض بالاقتصاد.(الشركات العامة تقفل من خلال انشاء هيئة او جهاز بيع او التصفية).
    – اعادة فرض الضرائب خاصة علي العمالة الوافدة (تنظيمها وفق المهن كل مهنة تفرض عليها ضريبة).
    – اعادة صياغة القوانين وفق المستجدات.
    – استدعاء ضباط الجيش و الجنود و اعادة هيكلته.
    – هيكلة جهاز المخابرات و الجهات الامنية الاخري.
    يتبع……

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً