شح الدولار يدفع قناة السويس لبيع خدماتها مقدما

07

وكالات

يقوم وفد مصري يتألف من مسؤولين بهيئة قناة السويس والبنك المركزي بجولة أوروبية لإقناع شركات ملاحة عالمية بدفع رسوم عبور سفنها من قناة السويس مقدما لمدة ثلاث إلى خمس سنوات.

وبحسب ما نشرته صحيفة الأهرام المصرية، فإن الجولة التي بدأت أمس الأول الاثنين تتضمن زيارة فرنسا وسويسرا والدانمارك، لطرح هذه الفكرة بهدف تعزيز احتياطي البنك المركزي المصري من العملات الصعبة.

ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تسمه أن هناك موافقة مبدئية من جانب خطوط ملاحية، موضحا أن العرض المصري يشمل تقديم عدد من المزايا لشركات الملاحة، ومنها تخفيض رسوم العبور.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن رئيس هيئة قناة السويس قوله إن مصر تعرض خصما في الرسوم بنسبة 3% مقابل الدفع المقدم.

وقالت شركة “ميرسك” الدانمركية، وهي من أكبر شركات الشحن البحري عالميا، إنها تلقت العرض المصري وتقوم بدراسته حاليا.

البحث عن الدولار

وتعاني مصر من انخفاض احتياطي النقد الأجنبي في السنوات الأخيرة، لكن البنك المركزي المصري قال مؤخرا إن الاحتياطي ارتفع إلى نحو 19.6 مليار دولار بعد وصول قروض وودائع من بنك التنمية الأفريقي ودول خليجية.

وأدى نقص العملة الصعبة إلى فقدان السيطرة على سعر الصرف، حيث يقترب سعر الدولار في السوق السوداء حاليا من 16 جنيها، بينما يبلغ سعر بيعه الرسمي في البنوك 8.88 جنيهات.

ويبدو أن هيئة قناة السويس تحاول منذ فترة تدارك تراجع إيراداتها ببعض الإجراءات؛ فقد أعلنت في يوليو/تموز الماضي تخفيض رسوم عبور ناقلات النفط العملاقة الفارغة القادمة من أميركا إلى الخليج بنسبة 45%، لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.

وكانت مصر افتتحت توسعة للقناة في أغسطس/آب 2015 بطول 35 كيلومترا، وروج لها النظام بوصفها مجرى ملاحيا جديدا مع وعود بأرباح تصل إلى مئة مليار دولار سنويا، وفق تصريح لرئيس هيئة قناة السويس.

لكن إيرادات قناة السويس انخفضت بنسبة 4.5% لتصل إلى 5.1 مليارات دولار في السنة المالية الماضية في مصر التي انتهت في الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي.

ووسط غموض بشأن المزايا المعروضة على الشركات الملاحية لتشجيعها على دفع الرسوم مقدما، وجدوى هذا الإجراء في توفير العملة الصعبة، يرى منتقدون أن الخطوة الحكومية الجديدة بمثابة تفريط في ثروات مصر.

جدوى الفكرة

ويصف الخبير المصرفي أشرف دوابة اتجاه الحكومة لتحصيل رسوم قناة السويس مقدما بالإجراء “الترقيعي” لتسكين أزمة شح الدولار بالسوق المصري، وعدّه في الوقت نفسه تضحية بثروات البلاد.

وأضاف أن أصل المشكلة الاقتصادية في مصر يكمن في نقص الصادرات، وأوضح أن “إيرادات قناة السويس لا تزيد على خمسة مليارات دولار سنويا، في حين أن وارداتنا من السلع تقدر بنحو 120 مليار دولار في السنة”.

أما المحلل الإستراتيجي أنس القصاص فيرى أن تحصيل رسوم عبور قناة السويس مقدما هو “تفكير إيجابي خارج الصندوق” لعلاج عجز الموازنة العامة للدولة وشح الدولار.

اللجوء لرأس الرجاء

لكن في الأمر بعض الجوانب السلبية حسب رأي القصاص؛ فالشركات التي تحرص مصر على استطلاع رأيها في تحصيل الرسوم اللاحقة هي أكبر خطوط ملاحية في العالم، وهي “سي أم أي-سي جي أم” الفرنسية، و”ميرسك” الدانماركية، و”مديترانيان شيبينغ” السويسرية، وجميعها يعمل بين الصين والهند والخليج وأوروبا.

وربط القصاص بين التعريفة المرتفعة نسبيا لعبور قناة السويس ولجوء بعض خطوط الملاحة للإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح توفيرا للنفقات، وعلى ذلك فإنه يتوقع ألا يحظى العرض المصري بالقبول إلا بخصومات هائلة قد تصل لنصف الرسوم.

وبشكل عام، يرى المحلل الإستراتيجي أن لجوء مصر لنظام الدفع المسبق لن يؤثر على سمعتها الدولية بقدر ما سيؤدي إلى خفض مؤشر ائتمانها.

بدوره، رأى رئيس المنتدي الاقتصادي المصري رشاد عبده أن تحصيل الرسوم المسبق “إهانة لمصر وتشويه لوضعها الاقتصادي أمام العالم”.

وأرجع -في تصريح صحفي- لجوء هيئة قناة السويس لهذه الخطوة إلى “المسؤولين غير المختصين الذين يعرضون مقترحات دون دراسة مسبقة”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً